الشارع المغاربي – على هامش زيارة الرئيس الفرنسي الأخيرة: ما لم يُوٓضّح في مسألة إنعاش الفرنكفونية

على هامش زيارة الرئيس الفرنسي الأخيرة: ما لم يُوٓضّح في مسألة إنعاش الفرنكفونية

22 فبراير، 2018

 

الشارع المغاربي- محمد لطفي الشايبي صٓحِبٓ زيارة الرئيس الفرنسي “إيمانوال ماكرون” الأخيرة إلى تونس دفقا من التعاليق والتصاريح المتباينة، منها ما ثمّن درجة الشراكة الراقية التي بلغتها علاقات التعاون بين البلدين ولاحت ملامحها في غمار التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي في الندوة الصحفية المشتركة مع الرئيس قائد السبسي وخلال مداخلته أمام نواب الشعب وما وقع الاتفاق عليه بين الطرفين التونسي والفرنسي إبان انعقاد المنتدى الاقتصادي المشترك والذي كُلّل بمضاعفة حجم الاستثمارات الفرنسية بتونس ومنها ما أبدى خشيته من رجوع ديبلوماسية اللغة أو الرابطة الفرنسية l’alliance française

ou la diplomatie de la langue بقوة في الوقت الذي تشهد فيه اللغة العربية تراجعا مُريعا في كيفية تدريسها وتلقينها للنشء من جهة وخبشها ونهشها عبر بعض وسائل الإعلام السمعية والبصرية الخاصة ذات الحضور المؤثرمن جهة أخرى. فقد أصبح مضمون اللافتات والملصقات الإشهارية الحائطية والضوئية المنحوت بالدارجة والعامية والفرنكو عربية يكرّس واقعا جديدا مُضرّا لمُقوّم اللغة العربية مقوّمات شخصيتنا الوطنية.

وتزداد هذه الريبة وقعا بعد التوضيحات التي أدلى بها السفير الفرنسي بتونس أثناء لقائه مع ممثلي الصحافة حيث صرح ” في إطار الاتفاق والشراكة مع وزير التربية أن ما لا يقل عن 12000 مدرس لغة فرنسية في المرحلتين الابتدائية والثانوية للنظام العمومي سوف ينتفعون بتربّصات تكوين سريعة لمدة 15 يوما أثناء عطلة الصيف لسنوات 2018 و 2019 و 2020 “. وهو ما سيدخل تحسينا مرتقبا في تدريس اللغة الفرنسية ويرفع من مستواها الذي ما فتئ يتدنّى منذ أن وُضع حدّا لتجربة وزير التربية لدولة الاستقلال ) 1956 – 1968 (،أ. محمود المسعدي في سياسة الازدواجية اللغوية bilinguisme .

ولكن أشار السفير إلى إنشاء خمسة “رابطات” ( alliances ) تابعة” للرابطة الفرنسية” ( alliance française) بتونس التي ستشمل مدن قفصة والقيروان وجربة وقابس وبنزرت. وأكد من جهة أخرى ما جاء في خطاب الرئيس الفرنسي حول انخراط الطرفين التونسي والفرنسي في مشروع جامعة فرانكفونية نموذجية في تونس ودعوته للطرف التونسي احتضان القمة الفرنكفونية المقبلة، وهو إيحاء جلي في قبول الطرف التونسي خدمة ” ديبلوماسية اللغة (الفرنسية) ” التي نظّرت لها” الرابطة الفرنسية” منذ سنة 1883 .

وهنا لا بد من التذكير بالخلفية التاريخية لهذه الرابطة ووثوق علاقتها بالاستعمار ماضيا وحاضرا ومستقبلا. أجل، تأسست “الرابطة الفرنسية” يوم 21 جويلية 1883 في باريس بقاعة “منتدى سان سيمون” ( Cercle Saint-Simon )، بعد شهر من إمضاء معاهدة المرسى التي أقرّت انتصاب الحماية الفرنسية بتونس. واسمها الكامل هو “الجمعية القومية لنشر اللغة الفرنسية في المستعمرات وفي الخارج”. وجمعت هيئتها المديرة الشخصيات التالية يتقدمهم : “بول كمبون” Paul Cambon أول مقيم عام لفرنسا

بتونس ( 1882 – 1886 ) و”لويس ماشوال” Louis) Machuel )، أول مدير للتعليم العمومي بتونس ( 1883 – 1908 ) و”بول بارت” Paul Bert و”بيار فونسان” Pierre Foncin و” الأب فليكس شارمتان”( l’abbé Félix Charmetant) و”جان جول جوسران” ( Jean Jules Jusserand ) و”إدماند برنار” ( Edmond Bernard ) و” ألفراد مايرارغ” ( Alfred Meyrargues ). ويظهر من

خلال ” نشرية الرابطة الفرنسية” Bulletin de l’alliance française (عدد 170 ، لسنة 1888) أن كل من ” بيار فونسان” و” بول كامبون” تقاسما الدور الأول في التأسيس للرابطة. علما أن الهيئة المديرة ضمت شخصيات دينية ولائكية )ماصونية( مقرة العزم ومؤمنة بوجوب ” تمدين الأعراق السفلى بواسطة اللغة الفرنسية”. ويشير” بيار فونسان” متحدثا عن ظروف النشأة: ” كُنّا تسعة مجتمعين حول طاولة… من ضمنهم ديبلوماسي فريد من نوعه، بول كمبون، حينذاك مقيم عام بتونس، وقد جمّعنا لتكوين هيئة قادرة على إيصال منحة وزارية لمدارسنا الإفريقية العزيزة. في هذه اللجنة ولدت فكرة واسم الرابطة الفرنسية”. ولم تخل رغبة الجغرافي “بيار فونسان” في تحمّسه للفكرة من “تعويض الهوّة الديموغرافية التي طالت فرنسا حينذاك باحتضان وفٓرْنٓسة الأعْراق الجديدة أي المُسْتٓعْمٓرٓة”.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING