الشارع المغاربي – حصري /بالوثائق والتواريخ والأسماء : مُراسلات تكشف تهاونا خطيرا وراء إدراج تونس بالقائمات السوداء ..بقلم كوثر زنطور

حصري /بالوثائق والتواريخ والأسماء : مُراسلات تكشف تهاونا خطيرا وراء إدراج تونس بالقائمات السوداء ..بقلم كوثر زنطور

23 فبراير، 2018

 

. من هو الديبلوماسي «مايكل » الذي نبّه الخارجية التونسية من تصنيفات تونس الأخيرة؟ 

 

الشارع المغاربي- كوثر زنطور: سيرورة الوصول الى كارثة تصنيف وزراء مالية الاتحاد الاوروبي تونس في القائمة السوداء للبلدان المصنفة كملاذات ضريبة ، تكشف عمق التهاون واللامسؤولية في التعاطي مع ملف التصنيف وغياب التنسيق بين مختلف الوزارات ومؤسسات الدولة المعنية، ونوم “رئيس الحكومة في العسل” .

دخلت رئاسة الحكومة وعدد من مستشاريها في مواجهة مع وزارات ومؤسسات للتنصل من مسؤوليات التصنيفات السوداء التي ادرجت فيها البلاد من قبل الاتحاد الأوروبي ، هذا الهيكل الذي يُعدّ الشريك الاقتصادي والسياسي الرئيسي لتونس اصبح بدوره محلّ تهم من قبل “ارباب الحكم” في وقت تُبين فيه وثائق تحصل عليها “الشارع المغاربي” ان وحدهما التهاون وضعف التجربة وأخطاء أخرى قاتلة كانت وراء “السواد” الذي لحق بتونس من قبل أصدقائها الاوروبيين.

المضحكات المبكيات

يكشف التسلسل الزمني للمراسلات التي تمت بين الجانب التونسي ومجموعة ” مدونة السلوك” التابعة لمجلس الاتحاد الاوروبي ، أن ملف إمكانية إدراج تونس بقائمة الدول المُصنفة كملاذات ضريبية بلغ إلى رئاسة الحكومة يوم 14 نوفمبر 2017 ، اي بعد 10 أشهر من أول مراسلة من مجلس الاتحاد الأوروبي وجهت للسفارة التونسية ببروكسال حول هذا التصنيف المُرتقب.

فيوم 25 جانفي 2017 تلقت السفارة مراسلة تتعلق بقرار “تقييم النظام الجبائي التونسي وملائمته مع معايير “مدونة السلوك” ، مراسلة بقيت دون ردّ، ليبادر الاتحاد بإرسال تذكير بتاريخ 12 جوان 2017 ، لتتحرك بعدها بـ 16 يوما ( 28 جوان) وزارة الخارجية وتوجه إعلاما لوزارة المالية تُطالبها فيه بالرد على استفسارات مجلس الاتحاد الأوروبي قبل غرة جويلية 2017 وتشير في نفس المراسلة إلى موافاتها وزارة المالية ببرقيتين ارسلتا يومي 19 أفريل و 8 جوان.

والمعلوم ان وزارة المالية شهدت خلال فترة ورود ثاني المراسلات ( 8 جوان 2017 ) فراغا على رأسها بعد إقالة يوسف الشاهد لمياء الزريبي يوم 1 ماي 2017 ، منصب بقي شاغرا (من نكد الزمان) الى حين تعيين رضا شلغوم يوم 6 سبتمبر 2017 ، وطيلة 6 اشهر بقيت تلك الحقيبة السيادية تسيّر بالنيابة من قبل فاضل عبد الكافي قبل أن يستقيل بدوره (18 اوت 2017 ).

ذلك الفراغ كان له تأثير في عملية التفاوض مع الاتحاد الأوروبي ، إذ لم يرد الجانب التونسي منذ أول مكتوب مرسل من الكتابة العامة لمجلس الاتحاد الاوروبي، الا يوم 18 جويلية 2017 ، ووافت وزارة المالية وزارة الخارجية التونسية بمراسلة تضمنت اعلاما رسميا بتكليف سامي الزبيدي مدير عام الاداءات صلب وزارة المالية بالملف.

الرد الأوروبي لم يتأخر اذ ورد بعد 5 أيام من مراسلة الإعلام بتكليف الزبيدي ، وتضمن مكتوب الاوروبيين بتاريخ 23 اكتوبر 2017 طلبا بالتزام سلطة سياسية عليا بمعالجة الاخلالات التي تمت معاينتها من قبل مجموعة “مدونة السلوك” في ما يتعلق بالمعايير المعتمدة من قبل الاتحاد حول النظام الجبائي.

وأمام سكوت الجانب التونسي ، وتأخره الغريب في الردّ على المراسلات ، طلبت البعثة الدائمة للإتحاد الاوروبي من سامي الزبيدي (المكلف بالملف) يوم 1 نوفمبر 2017 عقد اجتماع بين ممثلي الوزارة وخبراء مدونة السلوك ، مذكرة بان أخر اجل للرد على طلب الاتحاد الاوروبي والتزام سلطة سياسية عليا بمعالجة الاخلالات بالنظام الجبائي يجب أن يكون قبل 17 نوفمبر 2017 .

وهنا نلاحظ كيف تسبب تهاون المسؤولين في ظهور تونس في موضع “القاصر” العاجزة عن احترام الآجال ، لتتواصل الفضائح التي تجاوزت التأخير الفظيع في الرد على المراسلات لتصل حد عقد اجتماع مع خبراء الاتحاد الاوروبي وسط غياب تام لكبار مسؤولي وزارتي المالية والتنمية في فضيحة غير مسبوقة، اذ تبين وثيقة تحصل عليها “الشارع المغاربي” ان اجتماع 29 نوفمبر غابت عنه الاطارات العليا لوزارتي المالية والتنمية والاستثمار والتعاون الدولي والبنك المركزي.

ولم تنته الفضائح عند هذا الحد ، اذ قام الجانب التونسي بتوجيه مراسلة جديدة لرئيس فرقة مدونة السلوك الأوروبي تتضمن ردا على ملاحظات الاتحاد حول النظام الجبائي مُوقعة من سامي الزبيدي(مدير عام الادءات صلب وزارة المالية) ، ليأتي الرد الاوروبي بعد يومين ( 17 نوفمبر) ساخرا بشكل مُهين لتونس من امضاء الزبيدي للتقرير في حين طالب الاتحاد في مراسلتين توقيع سلطة سياسية عليا.

ولم تتجاوب تونس مع الطلب الاوروبي القاضي بالتزام سلطة سياسية الا يوم 2 ديسمبر 2017، تاريخ ارسال تقرير حمل توقيع وزير المالية رضا شلغوم ، اي قبل 4 ايام فقط من اجتماع وزراء مالية الاتحاد الاوروبي للتصويت على قرار تصنيف تونس في القائمة السوداء.

الحكومة.. ومايكل

الغريب في ملف الوثائق الذي تحصل عليه “الشارع المغاربي”، ان ادراج تونس المحتمل في القائمة السوداء، والمفاوضات الجارية لم يُوضع ضمن اولويات رئاسة الحكومة الا يوم 14 نوفمبر 2017 ( 10 أشهر بعد أول مراسلة من الاتحاد الاوروبي) ، وحسب نفس الوثائق تم إعلام رئاسة الحكومة عن طريق مكتوب من وزارة المالية وجه الى مصالح مستشار القانون والتشريع. ولا نعلم كيف قبل رئيس الحكومة يوسف الشاهد ان يترك ملفا بهذه الاهمية بين مجموعة من الاداريين والتقنيين وتغيب السلط العليا في البلاد عن التخطيط الاستراتيجي لكيفية مواجهته؟ وكيف لوزارة المالية ان تُبقي الملف بين إدارييها ولا تبادر بإعلام رئاسة الحكومة الا يوم 14 نوفمبر، للاستئناس برأيها ؟.

الى ذلك تُبين الوثائق ان التقرير الممضى من قبل وزير المالية (2 ديسمبر) أعده المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالإصلاحات الجبائية ، الذي تم تكليفه رسميا يوم 22 نوفمبر 2017 بصياغة الردود وإعداد الاستبيان.

ونشير في سياق متصل الى ان إمكانية عدم الإدراج كانت أكثر من ممكنة لو توفر الحد الادنى من المسؤولية ،اذ يكفي ان نعلم ان آخر مرسول وجهته وزارة المالية للإتحاد الأوروبي يوم 4 ديسمبر 2017 والمتضمن ردود حول توضيحات طلبها الاتحاد ، لم يتم أخذه بعين الاعتبار بلماذا ؟ لانه وصل في تمام  الساعة التاسعة ونصف مساء يوم 4 ديسمبر .

اما سبب التأخير في الإرسال الذي كان سيقلب المعادلة برمتها ، فهو انشغال وزير المالية رضا شلغوم وكامل إطارات الوزارة باجتماع في مجلس نواب الشعب حول مناقشة مشروع ميزانية هيئة الحقيقة والكرامة .

ووسط هذا التهاون والاستخفاف المخجل والشنيع ، يظهر أن لتونس اصدقاء فعلا ، ومنهم السيد مايكل كوهلر المدير الإقليمي بالاتحاد الاوروبي، الديبلوماسي الذي وجه مراسلة شخصية لسفارة تونس ببروسكال بتاريخ 24 نوفمبر 2017 يحث فيها على التسريع بالرد على المراسلات للحيلولة دون تصنيف تونس في القائمة السوداء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING