الشارع المغاربي – في ظل المناورات السياسية السريعة والمفاجئة لاحتواء الأزمة: ماذا يريد الباجي؟/ بقلم : كوثر زنطور

في ظل المناورات السياسية السريعة والمفاجئة لاحتواء الأزمة: ماذا يريد الباجي؟/ بقلم : كوثر زنطور

12 أبريل، 2018

الشارع المغاربي: سُئل نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل خلال أحد لقاءاته الأخيرة عن  موقف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي من رئيس الحكومة يوسف الشاهد وإن كان مع أو ضدّ رحيله، الطبوبي أجاب ببساطةلا أحد يعرف ماذا يجُول في ذهن الباجي” .. 

أعاد الاجتماع الخماسي المُنعقد في قصر قرطاج بين الرئاسات الثلاث ( قائد السبسي والشاهد ومحمد الناصر) وأمين عام المنظمة الشغّيلة ورئيس منظمة الأعراف، خلط الأوراق، وزاد البلاغ الخشبي الصادر عن مؤسسة رئاسة الجمهورية عقب الاجتماع المذكور من الضبابية السائدة في وسط سياسي ينتظر الحسم في المشاورات الجارية وتحديد مصير حكومة يوسف الشاهد.

هذا الحسم مُتوقف على موقف الرئيس قائد السبسي الذي فتح باب المشاورات من جديد ومهّد لدخول البلاد في مسار تغيير لا يُعرف إن كان سيكون جذريا أم ترقيعيا، وجعل الشاهد بين فكّي كماشة ووضع مستقبله السياسي رهين مخرجات حوار قرطاج 2. وإن مكنه اليوم من جرعة أوكسجين بتشريكه في الاجتماع الخماسي فان ذلك لا يعني تمسك الرئيس به.

ماذا يريد ؟

يوم 6 جانفي 2018 عاد قصر الرئاسة لاستقبال الموقّعين على وثيقة قرطاج لأول مرة منذ 20 أوت 2016 ، استئناف للقاءات مجموعة الموقعين جاء اثر تصاعد وتيرة الاحتجاجات التي شملت عددا من الولايات مع انطلاق تفعيل قانون المالية الذي دشّن عهد زيادات في الاداءات والأسعار .

غُيّب يوسف الشاهد عن ذلك الاجتماع بقرار من رئيس الجمهورية ، وتحدثت الكواليس بقوة عن وجود سيناريو لتشكيل حكومة جديدة في اطار مخطط يقوده نداء تونس مثلما وُصف ونبّه من خطورته سياسيون ونواب، لكن موقف الطبوبي الرافض بقوة لطلب طرحه حافظ قائد السبسي المدير التنفيذي للنداء ويقضي بتشكيل حكومة من رحم انتخابات 2014 حال دون المسّ من الشاهد ومن حكومته .

خرج معارضو الشاهد وتحديدا النهضة ونداء تونس ومنظمة الاعراف ومعهم أيضا الرئيس قائد السبسي من اجتماع 7 جانفي بخفّي حُنين ، ومكنت المنظمة الشغيلة رئيس الحكومة من سند هام ، لتتغير المعطيات رأسا على عقب 4 بعد أشهر بعد ذلك الموعد  وأصبح اتحاد الشغل من داعم ومساند للشاهد إلى أهم معارض وحتى خصم له ، وبات النداء والنهضة والرئيس قائد السبسي في صف المساندين بتكتيكات مختلفة لـيوسف“.

الواضح  ان مساندة الرئيس للشاهد ظرفية وتتعلّق أساسا بالانتخابات البلدية ، اذ تشير المعطيات المتوفرة الى ان اهم النقاط الخلافية المطروحة في المشاورات والتي ضعّفت نسبيا من موقفي الأعراف والشغالين هو تمسكهما بتغيير عاجل يستبق حتى موعد الاستحقاق البلدي.

ويسعى قائد السبسي الذي يعلم جيدا حجم الضغوطات الدولية لتنظيم انتخابات بلدية في موعدها ، الى حماية المسار الانتخابي وترحيل النقاشات حول مصير الحكومة الى ما بعد موعد 6 ماي 2018 . وفي هذا السياق كشف قيادي بارز من نداء تونس لـالشارع المغاربيان الرئيس قائد السبسي أكد ان تقييم عمل الحكومة سيتم بعد الانتخابات القادمة.

ماذا يريد الرئيس اذن؟ حماية المسار الانتخابي أم حماية رئيس الحكومة ؟ من الصعب القول إن الرئيس قائد السبسي سينزل بثقله لإنقاذ يوسف الشاهد أو للمغامرة بالدخول في أزمة مع الاتحاد العام التونسي للشغلمن أجل عيون الشاهد، الأرجح ان الرئيس يرفض القبول بسيطرة المنظمة الشغيلة على مسار المشاورات والقبول بالتبعية للاتحاد بما سيزيد من تغوله في المشهد السياسي وتحوله الى حاكم فعلي للبلاد .

بما يعني ان قائد السبسي افتك زمام المبادرة وسيجعل المشاورات تتم على مقاس رئاسة الجمهورية ، التي تبحث عن ربح الوقت والتمطيط دون الدخول في مواجهة مع الاعراف والشغالين اللذين تحولا الى شريكين وحليفين يتقاسمان نفس الموقف ليس من الحكومة فقط بل من رئيسها يوسف الشاهد.

الى ذلك يكشف غياب القرارات الصادرة عن اجتماع 7 أفريل الذي تقول مصادر مطلعة انه تواصل طيلة ساعتين الى وجود حرص على عقده وتشريك يوسف الشاهد أكثر من أي شيء آخر من قبيل التوصل الى توافقات حول خارطة طريق وأجندة واضحة المعالم والآجال والأولويات أيضا .

أكثر من ذلك ، تشير المعطيات الى أن ملف الحكومة لم يطرح بالشكل الذي يُتداول ، وأن الخماسي المتكون من قائد السبسي والشاهد والناصر والطبوبي وماجول تداول الوضع العام للبلاد دون الدخول في التفاصيل ، ودون الخوض في دقائق الامور ، وان الانطباع الذي خرج به ممثلا الاعراف والشغّالين ان اللقاء كان للاستهلاك الخارجي بعد تعدد استفسارات حولتحكم الاتحاد في القرار الوطني“.

وقائد السبسي صاحب سياسة تأجيل الحسم وترك الأمور حتى تصل الى التعفن ويأتي الحل من رحمه ، لم تتبلور في ذهنه حلول واضحة أو بديل عن يوسف الشاهد في الوقت الراهن ، ومن غير الممكن أن يكون مستعدا للمضي قدما في تغيير قد يمس من نفوذه الحالي في ظل اعلان الشاهد الولاء التام للرئاسة ولنداء تونس أي لمديره التنفيذينجل الرئيس“.

العائلة.. والاصلاحات

العائلة أصبحت معطى ثابتا في المعادلة السياسية ، ومن يؤكد اليوم ان التقارب الحاصل بين الاخوين قائد السبسي ويوسف الشاهد وراء جرعة الاوكسيجين التي قدمها الباجي قائد السبسي لرئيس الحكومة ، لا يجانب تماما الخطأ وقد تكون لروايته مصداقية نسبية .

اذ ان هذا المعطى لا يغيب عن نقاشات المركزية النقابية، التي كانت حتى وقت قريب متيقنة من مساندة حافظ قائد السبسي موقفها خاصة مع الاتصالات التي باتت كثيفة بين الطبوبي ونجل الرئيس قائد السبسي ، ودخول العلاقة بينهما الى ما يشبه الشراكة.

لكن حسابات السياسة والانتخابات عدّلت من المواقف إلى حدّ ما ، فالعائلة تدفع للمحافظة على يوسف الشاهد حتى 2019 ، ولا نخال ان قائد السبسي الأب سينجرّ وراء ذلك في ظل تدهور الوضع الاقتصادي ودخوله مرحلة خطيرة وغير مسبوقة تتطلب التعجيل بالتحرك لانقاذ ما يمكن إنقاذه .

وهنا مربط الفرس ، فالإصلاحات الاقتصادية الكبرى تتطلب دون شك توافقا سياسيا واسعا، وحكومة الشاهد بل والشاهد في حد نفسه عاجز عن تجميع الأحزاب ولاسيما المنظمات حول مشروعهالاصلاحيأو إملاءات صندوق النقد الدولي مثلما يسميه الاتحاد العام التونسي للشغل وجل الأحزاب المعارضة.

هذا يعني أن القادم بأولوياته وبمن سيطبقها يبقى رهينة التوافق حتى تتحرك عجلة البلاد، والخروج من عنق الزجاجة مثلما يقول الباجي قائد السبسي ، الذي لم يخف في آخر خطاب له يوم 20 مارس 2018 بمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال خطورة الوضع بالأرقام وبالمؤشرات .

ماذا يريد قائد السبسي ؟ لا احد يعلم ذلك كما قال الطبوبي وكما يقول كل من يعرفه عن قرب ، هل يفكر في المصلحة العامة ؟ وفي حماية ما تبقى من أسس لدولة أصبحت منهكة بفعل تتالي أزماتها ؟ أم لحماية نفوذ ومصالح الابن حافظ قائد السبسي الحمل الثقيل على حزبه وعلى والده؟

الغضب متزايد داخل منظمتي الاعراف والشغالين الرافضتين لأية حلول ترسم لحفظ مكانة نداء تونس وحظوظه في الفوز بالانتخابات ، والرئيس قائد السبسي نزل بثقله وأصبح معهودا عليه تقديم حلول في حجم الصعوبات والمخاطر التي تحدق بالبلاد بعيدا عن حسابات العائلة ، وحلم الترشح لولاية جديدة .


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING