الشارع المغاربي – المساكني يغيب عن المونديال: ربّ ضارة نافعة ؟

المساكني يغيب عن المونديال: ربّ ضارة نافعة ؟

12 أبريل، 2018

الشارع المغاربي – العربي الوسلاتي:  يمكن القول إنّ الأسبوع الأخير الذي عاشته جماهير كرة القدم التونسية يعتبر الأسوأ تقريبا منذ سنوات طويلة إن لم تخنّا الذاكرةبدايةالأسبوع الاسودمثلما وصفه البعض كانت بالإصابة الخطيرة التي تعرّض لها حارس النادي الافريقي عاطف الدخيلي والتي كادت تودي بحياته لولا لطف الله ثمّ جاءت حادثة مقتل محب الافريقي عمر العبيدي الذي قضى نحبه غرقا في وادي مليان المتاخم لملعب رادس حيث لا صوت يعلو على أصوت الكرّ والفرّ بين الجماهير وبعض قوات الأمنثمّ أخيرا ونتمناها آخرا فزعنا لاصابة نجم المنتخب التونسي يوسف المساكني الذي أصيب في ركبته على مستوى الأربطة المتقاطعة وهي الاصابة التي ستحرمه من المشاركة رسميا في مونديال روسيا.

وبعيدا عمّا حصل على المستوى المحلّي وما تابعناه جميعا من تطوّرات وتقلبات ومزايدات في حادثة وفاة محبّ النادي الافريقي عمر العبيدي ودون الخوض في البراهين والتهم جاءت إصابة يوسف المساكني لتحتّل كلّ العناوين وتستأثر باهتمام الشارع الرياضي بحكم المكانة الكبيرة التي يحتلها هذا النجم في قلوب الجماهير التونسية المحبّة للمنتخب وللراية الوطنية.

ضربة موجعة

لا يختلف عاقلان على القيمة الفنيّة ليوسف المساكني الذي يعتبر دون منازع أفضل لاعبي جيله ولا يشكّ اثنان في أنّه لعب دورا كبيرا في تأهّل المنتخب الوطني الى نهائيات كأس العالم حيث كان رقما فاعلا في تشكيلة المدرّب نبيل معلول وكان اسما حاسما في كلّ المباريات التي خاضها منتخبنا الوطني في مشوار التصفيات الافريقية المؤهلة الى المونديال. المساكني الذي تطوّر مردوده كثيرا قياسا بما كان عليه الحال في فترات سابقة أًصبح في نظر كثيرينسوبر مانكرة القدم التونسية وتصنّفه كلّ العناوين العربية والاجنبية على أنّه  فلتةهذا الجيل ووصفته السحرية لدخول التاريخ في المونديال الروسي المرتقب الذي رسمنا له عناوين مغايرة لكلّ المشاركات السابقة وعلى قدر المكانة التي كان يحظى بها المساكني في صفوف محبيّه وخاصة عشّاق المنتخب كان حجم الألم بسبب هذه الاصابة اللعينة.

غياب يوسف المساكني عن المنتخب خلال الفترة القادمة تأكّد رسميا وعدم مشاركته في كأس العالم أصبح حقيقة لا مفرّ منها وهي الحقيقة التي لخبطت بعض الحسابات الفنّية والتكتيكية لمدرّب المنتخب نبيل معلول الذي كان يعوّل كثيرا على لاعبه المفضّل لصنع الفارق ولم لا تحقيق المفاجأة التي ننتظرها جميعا وهي الترشّح الى الدور الثاني من كأس العالم. الاصابة كانت موجعة للمساكني وموجعة أكثر لجمهور المنتخب الذي صدم لغياب نجمه الأوحد عن المونديال بعد أنّ رفّعنا في سقف الطموحات وحجزنا مكانا عاليا في خانة الامنيات.

أحكام اللعبة

صحيح أنّ يوسف المساكني يعتبر أفضل لاعب في المنتخب الوطني وصحيح أنّ وجوده مع المجموعة كان سيعطي داعمة فنية ومعنوية كبيرتين خاصة في مثل هذه المواعيد الكبرى التي تتطلب مهارات من نوع خاص وأقداما ثابتة لا تهتز في حضرة الكبار. لكن المنتخب التونسي ليس يوسف المساكني فقط والمنتخب لم ولن يكون فردا واحدا بل هو مجموعة تستمد قوتها وتماسكها من لحمتها وتجانسها وهذا ما يعيه الاطار الفنّي للمنتخب الذي يعرف أكثر من غيره أن المنتخب التونسي كان دوما ولازال بنيانا متماسكا وجسدا متلاحما أقوى ما فيه هو وحدة أقدامه وسواعده.

قانون اللعبة لا يحتكم الى لغة العاطفة وأحكام اللعبة فيها الكثير من الاصابات والغيابات وربّما يدخل ذلك  في سحر الكرة التي لا تعترف بالأحكام المسبقة وعليه فإنّ إصابة المساكني لا يجب أن تحبط العزائم أو أن تكبّل أقدام عناصرنا الوطنية لأنّ الهدف اليوم يبقى ذاته سواء حضر المساكني أو غاب نجمه والهدف هو تشريف كرة القدم التونسية واللعب بامكاناتنا والتأكيد على أن هذا المنتخب من منتخبات الصفّ الاوّل ولا يتأُثّر بغياب أيّ لاعب مهما كانت قيمته ووزنه.

ربّ ضارة

المنتخب التونسي ظهر في مباراتين الأخيرتين أمام ايران وخاصة كوستا ريكا بمستوى متميّز وقدّم مؤشرات واعدة توحي بأنّه يسير على الطريق الصحيحة واللافت في الأمر أنّه رافق تطوّر مردوده غياب نجمه الأوّل يوسف المساكني الذي كان تحت طائلة الاصابة في ذلك الوقت. وبما أنّ غيابالنمسبات عاملا أساسيا وجب التعامل معه في قادم المواعيد التحضيرية للمونديال فقد تكون الاصابة اللعينة نافعة للمنتخب ولطريقة لعبه. المقصود هنا ليس التقليل من قيمة ونجومية يوسف فهذا يكون من باب الجحود والنكران وتزييف الحقائق لأنّ المساكني قيمة ثابتة لا غبار عليها ولكن المقصود هو أنّ المنتخب سيصبح مجبرا على توظيف كلّ طاقاته الفنيّة والتكتيكية لتعويض هذا الغياب المؤثّر وهي النقطة التي سيشتغل عليها معلول حتما في قادم المواعيد.

في مباراة كوستا ريكا افتقدنا خدمات يوسف المساكني تماما كما هو الحال للاعبي المنتخب الذين سعوا لملء الفراغ الكبير الذي خلّفه غيابالنمسمن خلال التعويل على امكاناتهم الذاتية وقد شاهدنا كيف تألّق أكثر من اسم في تشكيلة المنتخب وكيف خنق منتخبنا نظيره الكوستاريكي ولم يترك له المجال للعب مستغلاّ في ذلك أسلوب اللعب الجماعي الذي اعتمد أكثر على استغلال كلّ الطاقات الفردية وتوظيفها لخدمة المجموعة وهو ما جعلنا نشاهد منتخبا أكثر تنظيما وأكثر انضباطا.

هذه النسخة المميّزة للمنتخب هي التي نحبّذ أن نشاهدها في روسيا وبما أن غياب المساكني سيطول أكثر من اللزوم فإنّه من شأن التجربة الوديّة في اختبار كوستا ريكا وكذلك في الاختبارات الوديّة القادمة أن تصبح أسلوب اللعب الخاص بمنتخبنا والذي قد يجعله أكثر قوّة وصلابة وبالتالي قد يصبح غياب المساكني شرّا محمودا.

حتى لا ننسى

على الصعيد الفردي وبعيدا عن حسابات المنتخب يعتبر يوسف المساكني المتضّرر الأوّل والأكبر من الغياب عن مونديال روسيا لأنّالنمسكان شريكا فاعلا في ملحمة العبور وكان يأمل أن تكون روسيا بوّابة الاحتراف الحقيقي له. لكن جرت الرياح بما لم تشته سفننا وقدّر الله وما شاء فعل وغيابالنمسلا يجب أن يجعله يخرج من دائرة الضوء حتى لا تخونه الذكريات. المساكني يجب أن يكون مع المنتخب في روسيايجب أن يكون روحا وجسدا مع المجموعةقد لا يمكن له أنّ يمدّ يد العون للمجموعة فوق الميدان لكن حضوره المعنوي قد يكفي لتعويض أكثر من حسرة في النفوسحسرة غيابه عن عرس الكباروحسرة فنيّاته التي ستعتزل وقتيا عناوين الأخبار


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING