الشارع المغاربي – الشاهد بين الاستقالة وسحب الثقة والزبيدي قريب من القصبة/ بقلم: كوثر زنطور

الشاهد بين الاستقالة وسحب الثقة والزبيدي قريب من القصبة/ بقلم: كوثر زنطور

24 مايو، 2018

الشارع المغاربي: ينتهي اليوم الثلاثاء 21 ماي 2018 مسار صياغة وثيقة قرطاج 2 بالإعلان رسميا عن ميلادها، وباستكمال هذا المسار تنطلق لجنة الرؤساء بإشراف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في مشاورات جديدة لتحديد الشخصية الأكثر أهلية لتنفيذ مضامين الوثيقة.

يحتضن قصر الرئاسة بقرطاج اليوم موكب التوقيع على وثيقة قرطاج 2 ، التي تتضمن أولويات المرحلة القادمة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تم الاتفاق حولها في لجنة فنية تواصلت اجتماعاتها لما يقارب الـ3 أشهر، وكانت مسودّة الوثيقة قد أحيلت إلى هياكل الأحزاب والمنظمات للمصادقة عليها قبل موعد التوقيع.

ميلاد الوثيقة سيضع على طاولة النقاش بقاء رئيس الحكومة يوسف الشاهد من عدمه، لاسيما انه تم الاتفاق منذ بدء المشاورات على تأجيل النقاشات حول ملف التركيبة الحكومية إلى حين استكمال مرحلة صياغة الوثيقة. ومن هذا المنطلق سيُخصص اجتماع الرئيس الباجي قائد السبسي بالموقعين على وثيقة قرطاج يوم غد الأربعاء أو بعد غد الخميس لأول مرة للحسم في مصير الشاهد.

المسودة .. ثم الشاهد

خلال  الأيام القليلة الماضية، كانت للباجي قائد السبسي لقاءات غير مُعلنة جمعته بقصر الرئاسة بقرطاج براشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة ونور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وسمير ماجول رئيس منظمة الأعراف وحافظ قائد السبسي المدير التنفيذي لحزب حركة نداء تونس.

والتكتم الذي رافق الاجتماعات وعدم كشف رئاسة الجمهورية ليس فقط عن فحواها بل عن حدوثها أصلا، يؤكدان أن وراءها تحضيرا للإعلان عن أمر هام تطلب إجراء مشاورات ثنائية، ولا نخال ان هذا الامر الهام بعيدا عن النقاشات الجارية حول بقاء يوسف الشاهد من عدمه.

ما يُتداول في الدوائر القريبة من رئاسة الجمهورية، يشير الى ان الباجي قائد السبسي استمع الى اقتراحات الرباعي ماجول والطبوبي والغنوشي وحافظ حول الشخصيات المرشحة لتنفيذ مضامين وثيقة قرطاج 2 ، وان استقباله عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الوطني عقب سلسلة اللقاءات غير المعلنة، يبرز ان الرئيس حدّد خليفة الشاهد وانه لن يكون سوى الوزير الزبيدي.

ويُقدم الزبيدي اليوم كأبرز مرشح لرئاسة الحكومة، المنصب الذي كان قد رفضه ثلاث مرات سابقا، إبان فوز حزب حركة نداء تونس في الانتخابات التشريعية ثم في مشاورات تشكيل»حكومة الوحدة الوطنية» ، وقبلها في الحوار الوطني عقب اغتيال الشهيد محمد البراهمي.

ورغم وجود مؤشرات تكشف إعداد الرئيس قائد السبسي العُدّة لما بعد الشاهد، فان المسألة لا تزال غير محسومة بالنسبة للطبوبي وحافظ قائد السبسي مثلا ، هذا الثنائي الذي التقى بشكل غير معلن بمقر الاتحاد المغاربي بحضور المستشار برئاسة الجمهورية نور الدين بن تيشة، يُواصل الضغط  للتسريع في تشكيل حكومة جديدة.

ولا يفسر تحالف الطبوبي وقائد السبسي الابن للضغط  في ملف الشاهد  إلا وجود ضبابية في موقف رئيس الجمهورية من الشاهد ، وهنا تتعدّد الروايات ، مقربون من الشاهد يؤكدون انه تحصل على «تزكية» جديدة من الرئيس في اخر لقاء جمعهما منذ أيام وُأعلم الشاهد خلاله بأنه سيواصل المسك بمقاليد الحكم، مقابل روايات اخرى تفند تماما إمكانية تمسك قائد السبسي بالشاهد خاصة انه « آيل للسقوط» وغير مسنود من قبل أحد.

الاستقالة .. أو سحب الثقة

دخل مجلس نواب الشعب في دائرة المؤثرين في المشاورات الجارية، فهذه السلطة التي  كانت مستبعدة تماما من حسابات المشاركين في اجتماعات قرطاج ، سيكون لها دور محدد في الأيام القليلة القادمة ، وتحديدا للنواب خاصة في صورة رفض يوسف الشاهد تقديم استقالته من رئاسة الحكومة.

ويبدو ان جسّ نبض أُجري في رحاب البرلمان كشف استحالة تجميع أغلبية تُمكن من سحب الثقة من الشاهد ، على ضوء انقسام كتلة نداء تونس ورفض جزء هام من نوابها مساندة حافظ قائد السبسي في مساعي إبعاد الشاهد من جهة ، ولاهتزاز التحالف النيابي بين النهضة والنداء من جهة اخرى.

الى ذلك علم «الشارع المغاربي» ان حافظ قائد السبسي طلب من فاضل بن عمران الرئيس السابق لكتلة نداء تونس والنائب المعروف بمعارضته لرئيس الحكومة، الإعداد لسحب الثقة من الشاهد طالبا منه الكشف عن المدة الزمنية التي تتطلبها العملية ، وطبعا لم يكن توجه قائد السبسي الابن لبن عمران  متجاوزا بذلك رئيس الكتلة سفيان طوبال دون دلالات سياسية.

والأهم مما يعتمل داخل نداء تونس من انقسامات، هي أسباب طرح سحب الثقة من الشاهد، وان كان هذا التوجه الذي وضع في الحسبان وأصبح محل نقاش حتى داخل منظمتي الأعراف والشغالين ، يعني ان الشاهد أعرب بشكل صريح عن رفضه تقديم استقالته.

هذا ما تم فعلا وفقا لما أكد لـ«الشارع المغاربي» مصدر مطلع كشف ان رئيس الحكومة أخبر كل من التقاه انه مستعد لتقديم استقالته فقط ان دعاه رئيس الجمهورية الى ذلك ، وانه باستثناء رئيس الجمهورية الذي اختاره بنفسه للمنصب «لن يقبل ضغوطات من أحد» وأنه سيقبل مغادرة القصبة «بآلية سحب الثقة».

انقسامات

تجتمع كل الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج على تقييم سلبي لحصاد حكومة الشاهد، وتتفق على ضرورة المضي قدما في إصلاحات اقتصادية وفي تغيير شامل يشمل كل مفاصل الدولة بما فيها رؤساء مديرين عامين ومديرين عامين وولاة ، وهو طلب كان قد اقترحه اتحاد الشغل.

لكن هذا الاتفاق لا ينفي وجود اختلافات جوهرية بين اهم الفاعلين في المشاورات، بين اتحاد الشغل الذي يريد الأقصى، ونداء تونس الباحث عمّن يحمله مسؤولية فشله في الانتخابات، والأعراف الداعين لحكومة كفاءات، والنهضة المتمسكة بمنفذ في الحكم وبالإبقاء على مكاسبها في السلطة التنفيذية.

وحسب المعطيات المتوفرة من داخل الأحزاب والمنظمات، تسبب التأخير الحاصل في حسم ملف وثيقة قرطاج 2 والتركيبة الحكومية في انقسامات داخل الأحزاب والمنظمات ، باعتبار انه تم التركيز على هذا المسار مقابل استحقاقات ترى الشقوق الغاضبة في النهضة والنداء والأعراف واتحاد الشغل أنها أهم من معركة مع الشاهد تدور رحاها قبل أشهر من انطلاق الاستعدادات لانتخابات 2019.

في المقابل يواجه رئيس الجمهورية مطالب داخل «العائلة «تدعوه  للابقاء على الشاهد الى حين انتخابات 2019، باعتباره وفق منظورها  الافضل وربما الوحيد الذي سيقبل بدور وزير أول تحت إمرة رئيس ُيشرف على نهاية عهدته وقد لا يترشح لعهدة جديدة ، وأنه لن يجد في اي رئيس حكومة قادم من سيقبل بطريقة التدبير الحالي للحكم.

وقائد السبسي الأب يواجه أيضا تعنت الابن «حافظ» وإصراره على ابعاد رئيس الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على محو خيبة الانتخابات البلدية، وتبعد «الشاب المغامر» من القصبة وتنهي بالتالي طموحاته في خوض غمار انتخابات 2019 وهو رئيسا للحكومة.

فصل المشاورات والتخمينات حول مصير الشاهد سينتهي قريبا بتشكيل حكومة جديدة، لا نعلم ان كانت ستشكل لانقاذ تونس من مخاطر انهيار اقتصادها، أم انها ستشكل لإنقاذ رئيس الجمهورية وحزبه وطبعا ابنه، ولمحافظة البقية  وخاصة النهضة على مكاسب الحكم  وتعزيز حضورها فيه.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING