الشارع المغاربي – مرض "السرطان" عبر التاريخ: الفراعنة اكتشفوه.. وملكة فارسية أجرت أول استئصال ثدي !

مرض “السرطان” عبر التاريخ: الفراعنة اكتشفوه.. وملكة فارسية أجرت أول استئصال ثدي !

قسم الأخبار

12 أغسطس، 2018

الشارع المغاربي-وكالات  وأخيرا ، مثلما يقول البعض ، صدرت ترجمة كتاب “إمبراطور المآسي ” لمؤلفه الأمريكي من أصل هندي، سيد هارتا موكرجي ، باللغة العربية ، بما يمكن غير المتمكنين من اللغة الانقلزية من اكتشاف  أهم وأمتع الكتب التي تتطرق لموضوع مرض السرطان في كتاب كان أصل صدوره عام 2010، وصنّف من بين أكثر الكتب تأثيراً في الـ100 عام الأخيرة ، وهو سيرة لمرض السرطان، كما أشار مؤلفه الذي هو طبيب مختص في علاج هذا المرض، ومترجم الكتاب السوري أيهم أحمد، طبيبٌ هو الآخر.

 ورغم جميع الأوصاف المرعبة التي أطلقها المؤلف على الداء الخبيث ومنها “امبراطور جميع الأمراض” التي أصبحت عنواناً أصليا لكتابه، وعبارة “ملك الرعب”، وعلى الرغم من إقراره بأن كتابه “سيرة ذاتية بكل ما لهذه الكلمة من معنى” فأنه يفتح باب الأمل والحياة أمام المصابين، معلناً أن كتابه ليس مجرد سردٍ، بل لإثارة هذا السؤال: “هل الخلاص من السرطان أمرٌ ممكن في المستقبل؟ هل نستطيع أن نستأصل هذا المرض من أجسامنا ومجتمعاتنا إلى الأبد؟”.
طبيب فرعوني أول من شخّص سرطان الثدي

الكتاب حصيلة خبرات مؤلفه المهنية، كطبيب ممارس معالج للسرطان، وفي الوقت نفسه، تجميع تاريخي لأصل المرض وأول ظهور مدوّن له. ولهذا، تحدث المؤلف عن السرطان، تماماً، كما أعلن سيرة ذاتية له، فيقول: “أين ولد؟ كم يبلغ من العمر؟ من كان أول من سجّله كمرض؟”.

ويؤكد موكرجي أن أول من شخص السرطان، كمرض، هو الطبيب الفرعوني “إمحوتب”، من خلال مخطوط يعود إلى عام 2500 قبل الميلاد، معلناً “الظهور الأول للسرطان كمرض متميّز” على يدي “هذا الجرّاح القديم” الذي قدّم أول تشخيص لسرطان الثدي على بردية فرعونية قائلاً: “إذا صادفتك حالة فيها كتل بارزة، منتشرة في الثدي، وكانت باردة، ودون تحببات، ولا تحتوي على سوائل، ولا ينزّ منها سائل، فيجب أن تقول عنها: هذه حالة كتل بارزة ينبغي علي أن أواجهها وأتغلب عليها.. الكتل البارزة في الثدي تعني وجود تورّمات كبيرة”. خالصا بالقول عن هذا التورّم: “لا يوجد علاج!”.

ملكة فارسية تأمر عبدها أن يستأصل ثديها

ويشير المؤلف إلى أن العام 500 قبل الميلاد، شهد تسجيل الظهور الثاني للسرطان، من خلال الملكة الفارسية أتوسا التي أصيبت بسرطان الثدي، وعانت منه طويلا، فطلبت من عبد لديها يدعى ديموسيدس، أن يستأصل ثديها المصاب، بمدية، وفعل! ثم اختفت تفاصيلها من تاريخ اليوناني “هيرودوس” ناقل الحادثة، إلا أن المؤلف رجّح شفاء الملكة شفاء تاما من مرضها، كونها قامت بحملات عسكرية واسعة بعد تاريخ إصابتها واستئصال ثديها.

وكان عام 400 قبل الميلاد، هو العام الذي قام فيه الطبيب اليوناني الأشهر، أبقراط بإطلاق اسم كاركينوس على الورم الذي أصاب الملكة الفارسية، مانحاً “إياه، اسماً التصق به حتى الآن”. وشهد عام 168، بعد الميلاد، فرضية أن للسرطان سبباً كلّياً، على يد كلاوديوس غالين. ثم بعد ألف سنة، حسب المؤلف، وبتاريخ 1778، للميلاد، وفي عيادة الدكتور جون هانتر، في لندن، تم إطلاق تصنيف “سرطان ثدي موضعي مبكر”. وبمجيء عام 1890، للميلاد، أجري استئصالٌ جذري للثدي، شمل استئصال العضلات الصدرية العميقة والعقد اللمفاوية تحت الإبط. أما في أوائل القرن العشرين، فقد حاول أطباء، القضاء على الورم في شكل موضعي، باستخدام أشعة إكس.

جِين بدائي ورَمي يتسبب في السرطان

يعتبر مؤلف الكتاب، إضافة إلى عمله طبيباً وباحثاً، واحداً من العاملين العالميين في الهندسة الوراثية، وواحداً من المتخصصين في ما يعرف بجينات السرطان وصدر له كتاب بعنوان (الجِين، تاريخ حميم). وقد منحه هذا التخصص، المقدرة والجرأة على مناقشة ونقد من سبقه من علماء كبار كان قد اقتبس منهم في كتابه المذكور.

ويصب انتقاد موكرجي، على نقطة حاسمة في علاج مرض السرطان، حسب رأيه، وهو عجز من سبقوه عن إدراك أن سبب الاضطراب الحقيقي الذي تصاب به الخلية السرطانية، بتكاثرها غير المنضبط، يكمن داخل الخلية السرطانية ذاتها، لا حولها. هنا يقول إنه “الجين الورَمي البدائي” وأنه ينمو بالمزج بين العوامل المسرطنة والمطفِّرات الجينية. مؤكداً في هذا الباب، وجود “جينات ورَمية بدائية داخلية أخرى متناثرة في الجينوم الخلوي البشري”، وأن السرطان ليس جينياً في منشئه فقط، بل في كليته، وبأن الجينات “الشاذة” تتحكم في جميع مظاهره السلوكية، محددا حركتها على الشكل التالي: “تيارات من الإشارات الشاذة الناشئة من جينات طافرة، تنتشر داخل الخلية السرطانية، لتعزز بقاءها، وتسرّع نموها، وتمكنها من الحركة”.

يذكر أنه بين عامي 1980 و1990 تم اكتشاف أعداد كبيرة من الجينات السرطانية بلغ عددها في ذلك الوقت، 100 جين، حسب الكتاب. وشكك علماء في الأصل الجيني المسبب للسرطان، فقالوا: إذا كان الجسم البشري مليئا بكل هذه الجينات الورَمية، فلماذا لا تنفجر في كل دقيقة داخل الجسم البشري؟ وينقل المؤلف تشكيكهم السالف ويرد: “الجينات الورَمية البدائية تحتاج تفعيلاً بطفرات لكي تنتج السرطان، والطفرات حوادث نادرة”.

هذا هو مستقبل القضاء على إمبراطور الرعب

هناك ثلاثة اتجاهات ينبغي على طب السرطان، أن يسلكها، مستقبلاً، وفق موكرجي. الأول، هو في تحديد “الطفرات السائقة (القائدة) الأساسية في أي سرطان”. الثاني، هو الاتجاه نحو طب السرطان الوقائي، باعتبار أن هناك عوامل مسرطنة هامة يمكن الوقاية منها. أما الاتجاه الثالث، ويعتبره الأكثر تعقيداً، فهو محاولة تجميع ما وصلت إليه معرفتنا عن الجينات ومسارات إشاراتها الشاذة، لتفسير سلوك السرطان ككل حسب مؤلف الكتاب الذي يضم 584 صفحة، وصدر عن دار “التنوير” في العاصمة اللبنانية، بيروت، عام 2018.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING