الشارع المغاربي – ملف السرقات العلمية والأدبية : "ما أخيبك يا صنعتي عند غيري" - بقلم أنس الشابي

ملف السرقات العلمية والأدبية : “ما أخيبك يا صنعتي عند غيري” – بقلم أنس الشابي

7 نوفمبر، 2018

الشارع المغاربي : تناولت أسبوعية “الشارع المغاربي” في عددها الصادر يوم 30 أكتوبر 2018 موضوع السرقات الأدبية والعلمية استنادا إلى بعض الأمثلة ولكن دون ذكر أسماء المتهمين باللصوصيّة. فقد عرفت بلادنا لصوصا كثرًا في مختلف المجالات والميادين الأدبية والفنية وغيرها، بعضهم افتضح أمره وكتبت عنه الصحافة وبعضهم الآخر تحصل على الأوسمة الثقافية رغم ذلك. وفي السنوات الأخيرة افتضح أمر العديد من الجامعيين غير أن اثنين حازا قصب السبق وكانت فضيحتهما مثلما يقول المصري بجلاجل أحدهما هو محمد الكحلاوي الذي نسب لنفسه مقالا مطوّلا نشره في كتاب واعترف بذلك على أعمدة الصحافة(1) والثاني هو محمد بوزغيبة الأستاذ في الجامعة الزيتونية ورئيس وحدة الفقهاء فيها الذي سطا على جهد الأستاذ محمد السويسي حيث نشر فتاوى الشيخين محمد الطاهر ابن عاشور ومحمد العزيز جعيط في كتابين بعد أن استلهما من أطروحة الشيخ السويسي وافتضح أمره في الصحافة(2).

للصوصيّة في مجال الفكر وسائل وأساليب متعدّدة غير أنها لا تخفى على اللبيب المتابع كأن يعمد اللص إلى إعداد أطروحة سبق أن أعدت بلغة ويكتفي بترجمتها إلى لغة أخرى أو أن يستولي على الإطار الفكري الذي ضمنه أُعِدَّت الدراسة بحيث يجد اللص الطريق ممهّدا أمامه وأبرز الأمثلة على ذلك أطروحة محمد أركون عن مسكويه المنشورة سنة 1970 باللغة الفرنسية التي استند فيها بشكل كامل على أطروحة الدكتور عبد العزيز عزت “(ابن) مسكويه وفلسفته الأخلاقية ومصادرها” المنشورة في جزئين سنة 1946 بمصر(3).

في هذا الملف الذي أعدّته الأستاذة عواطف البلدي لفتت انتباهي شهادة السيّدة آمال القرامي التي أدلت بدلوها في المسألة مؤكدة أنها تعرضت إلى السرقة والحال أنها هي نفسها متهمة بالاستحواذ على جهد الغير ونسبته إلى نفسها، ففي أطروحتها “الاختلاف في الثقافة العربية الإسلامية” التي أعدّتها تحت إشراف عبد المجيد الشرفي ونشرتها في دار المدار سنة 2007 تناولت العديد من المسائل والقضايا بدءا باللباس إلى الصلاة إلى الختان إلى الشيخ اللوطي إلى التخضيب… بحيث يمكن تشبيه هذه الأطروحة بسفينة نوح من كل شيء زوجين اثنين، وفيما يخصّ العلاقات الجنسية كاللواط والمساحقة اعتمدت آمال على كتابين لإبراهيم محمود الأول صدر سنة 1994 عنوانه “الجنس في القرآن” والثاني صدر سنة 2000 وعنوانه “المتعة المحظورة، الشذوذ الجنسي في تاريخ العرب” وقد أشارت إليهما بتخف واحتشام في مرات قليلة رغم أنها نهبت منهما الإطار الفكري والمصادر والمراجع والمفاهيم والنتائج بحيث خلطتها وأعادت ترتيبها متوهمة أنها بذلك تموّه على القراء، إلا أن الأستاذ المسروق تفطّن للأمر فنشر مقالا في جريدة “الزمان” الدولية العدد 3023 بتاريخ 17 جوان 2008 فضح فيه ما حاولت آمال التستر عليه ذاكرا أرقام الصفحات المنهوبة مختتما ذلك بقوله: “حيث في وسع القارئ أن يلاحظ مدى الاقتباس الحاصل والتحوير الجاري دون التذكير بذلك إطلاقا… إن كل ذلك يقلل من مصداقية الباحثة، وجانب الأمانة البحثية، ولا أظن أن الإشارة الإحالية (وهي أكثر من إحالية، بالتأكيد) كانت ستقلل من طرافة موضوعها وقيمته، ولكن الذي يظهر وكما أرى هو أن صياغات كثيرة لأهم فقرات من كتابها وكما سميت ومن خلال التفاوت في البنية اللغوية أو طريقة التعبير من فصل إلى آخر أو فقرة إلى أخرى تظهر الارتباط غير المسمى بكتابيَّ (المتعة أوّلا) واختلاسها العديد المهمّ من أفكارها منه، إنه اختلاف في الاختلاف ولكنه اختلاف يبرز حالة تجاهل جهد الآخر واعتبار الجهد المتحصل جهدها هنا، ويا لها من حالة تزييف للذات هذه، وفي الوسط الأكاديمي” ومع كل هذا فإن آمال لم تدفع عن نفسها هذه التهمة الخطيرة الماسة بشرفها العلمي مفضلة الصمت ومقرّة ضمنيا بصحة الاتهام ووجاهته رغم مرور عشر سنوات كاملة على الفضيحة.

الهوامش
1) جريدة “الصباح” 25 أكتوبر 2007 و27 أكتوبر 2007.
2) جريدة “الصباح” 25 جانفي 2013 وجريدة “الوقائع” العدد 68 بتاريخ 28 ديسمبر 2012 والعدد 70 بتاريخ 11 جانفي 2014.
3) انظر مجلة “الهداية” عدد شهر جانفي 1978.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING