الشارع المغاربي – الاتحاد حامي الديمقراطية والسيادة الوطنية والطبقة العمّالية/ بقلم ابراهيم بوغانمي

الاتحاد حامي الديمقراطية والسيادة الوطنية والطبقة العمّالية/ بقلم ابراهيم بوغانمي

21 نوفمبر، 2018

الشارع المغاربي : لا يمكن أن نُخضع الاتحاد العام التونسي للشغل للتحليل السوسيولوجي للمنظمات, كما يحاول البعض, نظرا وبالأساس للدور المركّب للاتحاد الذي يرواح بين الوطني والنضالي والنقابي والاجتماعي.

فمنذ التأسيس مرّ الاتحاد بمراحل عديدة وتلاقحت صلبه مدارس فكرية وثقافية متنوعة إلى أن نجح في ممارسة دور تعديلي توافقي في تونس عندما كانت البلاد على شفا حفرة من حرب أهلية غداة اغتيال الشهيد محمد البراهمي.

وبعد الثورة أعادت بعض الأطراف السياسية في تونس التساؤل حول ماهية دور اتحاد الشغل مُعيبة عليه انخراطه في الشأن السياسي. والحقيقة أن أبناء حشاد لم يخوضوا يوما في الشأن السياسي بمعناه الضيق بقدر التزامهم بدور منظمتهم الوطني وهو دور عكفت على ممارسته منذ زمن الاستعمار الفرنسي. ولا يفوتنا هنا التذكير بأن الزعيم الوطني فرحات حشاد مارس في بداية خمسينيات القرن الماضي الكفاح المسلح ضد المستعمر الفرنسي وهو من كلف المناضل أحمد التليلي بتجميع السلاح.

وقبلها أرسل حشاد المناضلين إلى فلسطين لما حدثت النكبة عام 1947 في إشارة إلى البعد النضالي العربي للاتحاد. وبعد عقود من التحامه بأبناء شعبه الذين كان حشاد يحبهم كثيرا وهو القائل “أحبك يا شعب” نال التونسيون استقلالهم الوطني. وبمناسبة الحديث عن الاستقلال الوطني نجد الاتحاد اليوم مشمرا عن ساعده للدفاع عن السيادة الوطنية التي باتت مرتهنة للقرار الأجنبي من دوائر المال والسياسة في العالم. وهو أمر لا يعلمه الكثيرون
ولا تخفيه قيادات الاتحاد وقاله بصريح العبارة أمين عام المنظمة نور الدين الطبوبي السبت الماضي ببطحاء محمد علي. وما التفويت في عدد من مؤسساتنا الوطنية إلا تنازل عن جزء من سيادة وطننا وذلك من أهم الأسباب التي دفعت المنظمة الشغيلة إلى إعلان الإضراب العام إلى جانب تدهور المقدرة الشرائية لأكثر من 700 ألف شغال يُعيلون الملايين حسب الأرقام المسجلة لدى اتحاد الشغل.

وإلى جانب كونه منظمة عريقة فإن اتحاد الشغل يتميز عن باقي المنظمات –حتى العريقة منها- بممارسة دور تعديلي يمنع من بموجبه أي سلطة سياسية من التغول وهو دور بدا بارزا عندما قاد الحوار الوطني مع منظمة الأعراف ورابطة حقوق الإنسان وهيئة المحامين.

وفي الحقيقة فإن هذا الدور التعديلي مارسه الاتحاد منذ فترة طويلة خاصة إذا ما علمنا أنه كان مشاركا في المجلس القومي التأسيسي ب 17 نائبا شاركوا في صياغة دستور الجمهورية الأولى. وكان مشاركا في الحكومة عن طريق أحمد بن صالح الذي فرض برنامجه الاقتصادي والاجتماعي الذي كان يراعي مصلحة العمال والأجراء. وهذا يدخل في صميم عمله النقابي.

إذن نتبين بوضوح أن الفصل بين السياسي والنقابي لا يمكن تطبيقه إلا بشكل نظري لأسباب منهجية. لكن واقع الأمر يفرض تداخلا أضيف له اليوم دور في غاية الخطورة ألا وهو حماية المسار الديمقراطي للبلاد الذي تهدده أطراف داخلية وخارجية خاصة وأن تونس منذ 2011 وإلى اليوم لا تزال تعيش أزمة حكم وحوكمة.

ونذكر جيدا أن الاتحاد في إطار دوره الحمائي للديمقراطية بمناسبة الاستحقاق الانتخابي للبلديات, كان متواجدا باعتباره سلطة فعلية أقرها الدستور ويكون
من خلالها الفاعل الاجتماعي الحقيقي في إدارة الشأن المحلي وتكريس البعد الاجتماعي في إدارة الشأن العام المحلي فضلا عن تطبيق الخيارات الاقتصادية في المجال المحلّ. وانطلاقا من المحلي يمارس الاتحاد دوره على المستوى الوطني لا يمكن اليوم المزايدة على الاتحاد لأنه يقوم بدور يدخل في صميم توجهاته الوطنية.

ولعل البعض ممن يحاولون تشويهه اليوم هم أنفسهم من التجؤوا إلى قلعته للتحصن بها في أشد أزمات البلاد سواء في 2013 إثر اغتيال الشهيد البراهمي لإدارة الحوار الوطني بين الفرقاء السياسيين أو بمناسبة صياغة وثيقة قرطاج لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقبلها في جانفي 2011 للمشاركة في حكومة الثورة عندما كانت البلاد تعيش فراغا في السلطة السياسية.
إن إعلان الإضراب العام وسيلة وليس غاية في حد ذاتها, ولو أمكن تجنبه مع تحقيق المطالب العادلة فذلك هو المبتغى. وإن تعذر فلكن يكون إلا بداية لمرحلة جديدة ستعيشها تونس في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي يمرّ بها التونسيون.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING