الشارع المغاربي – المؤمل أن يكون توجّها سياسيا جديدا - بقلم أحمد بن مصطفى

المؤمل أن يكون توجّها سياسيا جديدا – بقلم أحمد بن مصطفى

10 ديسمبر، 2018

 الشارع المغاربي : لا شك ان الموقف الحازم الذي تبناه رئيس الجمهورية يشكل محطة قد تكون فاصلة في الحياة السياسية التونسية خاصة في ظل تأكيد الرئيس أن بيان الحركة شكل تهديدا له وأن هذا الملف سيحال إلى القضاء.

بوادر هذا التحول ظهرت بعد أن أعلن الرئيس عن فك الارتباط وإنهاء ” التوافق” مع النهضة جراء اصطفافها إلى جانب رئيس الحكومة في الصراع القائم بين الرئاستين والمجاهرة في ندوته الصحفية بانزعاجه الشديد من الأسلوب ألصدامي والمتعالي، المفعم بنشوة الانتصار على الرئاسة، المتوخى لفرض التحوير
الوزاري الأخير بعيدا عن التقيد بأخلاقيات العمل السياسي والتقاليد المعمول بها التي تحتم الحصول على التزكية المسبقة لرئيس الدولة وعدم السعي لتهميش دوره بهدف احتكار السلطة وإقصاء الرئاسة من المشهد السياسي.

المؤمل أن لا يكون هذا الموقف منطلقا لمزيد تأجيج الصراع في أعلى هرم السلطة بل توجها سياسيا جديدا يعيد الاعتبار لدولة القانون والمؤسسات ويقطع مع سياسة “التوافق” والتحالفات المتقلبة بين زعامات الأحزاب الحاكمة المرتبطة بالصفقات المشبوهة مع الأطراف الخارجية الماسكة بخيوط اللعبة السياسية بتونس والمتحكمة في سياستها الاقتصادية وهي مسؤولة إلى حد كبير عن أزمة الحكم الحالية بحكم اصطفافها إلى جانب رئيس الحكومة مقابل تعهده بمواصلة السياسات التي تخدم مصالحها بما فيها تسريع التوقيع على اتفاق “الآليكا”.

الحقيقة أن عديد الأطراف السياسية المعارضة تشكك، استنادا لتجربة الحكم “التوافقي” التي مرت بها تونس منذ الانتخابات،في إمكانية حصول تغيير جذري في سلوكيات الفاعلين السياسيين باتجاه التزام السلطات العليا ببنود الدستور واحترامها للاسقلالية السلطة القضائية حتى يتسنى لها الفصل بسرعة في
ملف الغرفة السرية وغيره من القضايا الحساسة العالقة ومنها خاصة قضية الاغتيالات السياسية.

هذا الموقف المحترز مبرر إلى حد كبير باعتبار أن جوهر الخلاف القائم بين الأحزاب الحاكمة لا يتعلق بمضمون التوجهات الكبرى الاقتصادية والدبلوماسية ولا بأسلوب ممارسة السلطة بل يتعلق بالطرف الداخلي الماسك بخيوط المشهد السياسي في الحدود المسموح بها من قبل الأطراف الخارجية الحريصة
على استمرار السياسات التي تتناسب مع مصالحها مما اضر بالانتقال الديمقراطي في تونس وحوله إلى صراع عقيم على احتكار سلطة محدودة وشبه وهمية لا تتحكم في مصير البلاد ومجردة من مقومات السيادة واستقلالية القرار.

لكن الأمل يبقى قائما بإمكانية إنقاذ الانتقال الديمقراطي في تونس بفضل ما تبديه القوى الوطنية من يقظة وثبات في نضالها المستميت من اجل استرداد التونسيين لحقهم في تقرير مصيرهم وبناء ديمقراطية حقيقية قائمة على علوية الدستور و تكريس دولة القانون والمؤسسات وهو ما بدا يتجسد على ارض الواقع في قضية الاغتيالات السياسية والغرفة السرية بفضل نضالية هيئة الدفاع عن الشهيدين واستماتتها في الكشف عن الحقيقة وإقرار العدالة. يبقى أن نشير إلى أن قضية الأمن القومي التونسي لا يمكن أن تقتصر على التعاطي مع مصادر التهديد الداخلية لأمن وسلامة التونسيين بل يفترض أن تتسع لتشمل أيضا مصادر التهديد الخارجية لأمننا القومي بمفهومه الشامل السياسي والاقتصادي بما فيها المخاطر والاختراقات من أطراف داخلية وخارجية  تستهدف التجربة الديمقراطية بتونس والمصالح العليا للبلاد.

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING