الشارع المغاربي – الشاهد رئيس حكومة ورئيس حزب /بقلم: كوثر زنطور

الشاهد رئيس حكومة ورئيس حزب /بقلم: كوثر زنطور

12 ديسمبر، 2018

الشارع المغاربي : انطلقت مجموعة الشاهد منذ أسبوع في الكشف عن تفاصيل المشروع السياسي الجديد الذي تتضارب التصريحات حول الموعد الرسمي للاعلان عنه ، بعض من التشويق وترتيبات ونقاشات مستمرة يقول احد اهم الناشطين من نواب الائتلاف الوطني ، إنها تقتضي التريث في الافصاح عن خارطة طريق ” الحزب وقياداته المؤسسة واسمه”. أما الملامح الكبرى لهذا المشروع فستقدم على لسان ” زعيمه” رئيس الحكومة يوسف الشاهد في حواره التلفزي الذي سيدلي به قبل نهاية الأسبوع الجاري.

يبدو ان النقاشات الداخلية و”الاستشارات” افضت الى اقرار انهاء الصمت التكتيكي للشاهد بظهور اعلامي سيحمل الجديد بخصوص ملفات فضّل رئيس الحكومة الاجابة عنها على هامش حضوره في مجلس نواب الشعب أو خلال مشاركته في أنشطة رسمية ، بما جعلها منقوصة ومفتوحة بالتالي على كل التأويلات .
الجديد اذن سيأتي على لسان الشاهد ، فالرجل سينطق أخيرا وسيدلي بدلوه بخصوص مشروعه السياسي وسيعلن حسب الدوائر المحيطة به فك ارتباطه بنداء تونس الحزب الذي كان قد أعلن عن تجميد عضويته في 14 سبتمبر المنقضي بتهمة عقد لقاءات مع نواب من النداء واستقطابهم للانضمام لكتلته “الائتلاف الوطني” .

إعلان فك الارتباط سيكون مصحوبا ،وفق نفس المصادر ـ باعلان انطلاق مسار تأسيس حزب جديد سيكون هو رئيسه وسيقدم الاسباب التي جعلته يتوخى هذا الخيار خاصة انه سبق له ان نفى قطعيا في حوار مع وكالة تونس افريقيا للانباء بتاريخ 24 جويلية 2018 اعتزامه تأسيس حزب واعتبر ان كل ما يُتداول في هذا الشأن “مجرد لغو” مشددا على انه “متمسك باصلاح نداء تونس وبإعادة اشعاعه”.
زعيم واحد لحزب “فيلة الفاشلين”
منذ انطلاق الجدل حول بقائه على رأس الحكومة ، والذي قاده في مرحلة اولى الاتحاد العام التونسي للشغل واتهم به نداء تونس قبل ان يتبناه رسميا ، اتبع الشاهد سياسة ” دعهم يثرثرون” واعتبر ناطقه الرسمي اياد الدهماني مثلما لقبه رئيس الجمهورية ، الانتقادات الموجهة للحكومة والدعوات لرحيلها ” تشويشا”.
صمت الشاهد طيلة اشهر طويلة ، ويعود اخر حوار تلفزي له إلى يوم 25 فيفري 2018 على القناة الوطنية الأولى ، وبعدها توجه بكلمة اثارت جدلا واسعا في المشهد السياسي ادلى بها للقناة الوطنية الاولى يوم 29 ماي 2018 واتهم فيها حافظ قائد السبسي بتدمير نداء تونس هو والمجموعة المحيطة به مذكرا بأن الحزب خسر في انتخابات ماي 2018 ( التي شارك فيها) ما يقارب مليون صوت .

بعدها أصبح الشاهد لا يتحدث الا على ” المنصات الرسمية ” في الانشطة الرسمية أو في مجلس نواب الشعب اين كان له حضور في 3 مناسبات طيلة الـ5 اشهر الأخيرة التي تعتبر الاسوء والادق منذ تسلمه العهدة ، ومحطاته البرلمانية انطلقت بجلسة منح الثقة لوزير الداخلية يوم 28 جويلية ثم يوم 12 نوفمبر 2018 خلال جلسة منح الثقة للوزراء الجدد ويوم 24 نوفمبر 2018 بمناسبة تقديم مشروع قانون المالية .

يقول المحيطون بالشاهد ان ” سياسة الصمت” كانت أكثر من ” مجدية” ، اذ انه انكب خلالهاعلى عقد لقاءات أفضت في مرحلة اولى الى ابرام شراكة مع حركة النهضة واحالة رئيس الجمهورية على ” التقاعد السياسي” ثم الى تحالف مع حزب سليم الرياحي الذي لم يدم الا شهرين اثنين فتحالف مع حزبي مشروع تونس والمبادرة وقبلها تشكيل كتلة برلمانية حملت اسم ” الائتلاف الوطني”.

واليوم يُقدّر ” العقل المدبر” للشاهد ان الظروف أصبحت مواتية للتحرك بتحرر في المشهد بعد ” تجديد شرعية الحكومة” والادعاء بانتهاء الأزمة السياسية” ، ليتم المرور لمرحلة ” الفعل الحزبي المباشر” الذي انطلق ببيان لكتلة الائتلاف الوطني التي أعلنت في بيان موفى شهر اكتوبر المنقضي بدء مشاورات تشكيل ” مشروع سياسي جديد”.

لكن ما لم تعلن عنه الكتلة ، ان زعيمها مثلما يلقبه عدد من نوابها ، هو من كان يقود تلك المشاورات التي أفضت الى إقرار الاعلان عن تأسيس حزب قبل موفى 2018 ، سيتزعمه يوسف الشاهد وتؤول أمانته العامة إلى المدير السابق للديوان الرئاسي سليم العزابي وستضم قياداته المؤسسة ورئيس الكتلة مصطفى بن احمد ومكتبها والوزير السابق المهدي بن غربية والوجه التجمعي القريب من النهضة منذر الزنايدي.

ويتجه الحزب بعد اعلان التأسيس الى التحول الى “قطب سياسي” يجمع “الاحزاب الوسطية” بعد اتفاق مبدئي على انصهار كل من مشروع تونس الذي يقوده محسن مرزوق وحزب المبادرة لرئيسه كمال مرجان وفتح باب المشاورات مع حزب افاق تونس وحزب البديل التونسي .

والتقى الشاهد خلال الفترة المنقضية بشكل متواتر المنذر الزنايدي الذي عدل عن فكرة تأسيس حزب سوّق له لأشهر ووُئد مشروعه في المهد ، والتقى أيضا المهدي جمعة وياسين ابراهيم وعددا من الناشطين في الجهات وفي المجتمع المدني الذين بدأ بعضهم ينشط في الجهات لاعداد سلسلة الاستشارات الجهوية التي يعتزم مجمع الشاهد القيام بها قبل الاعلان عن الحزب في ندوة وطنية ستعقد بالعاصمة.

القراءة الاولية للتركيبة القيادية للحزب الذي قد يحمل اسم الائتلاف الوطني او النداء الجديد تبرز ان جلهم من ” الفيلة الفاشلين” . فعلاوة على ان الكتلة البرلمانية لا تضم الا 3 او 4 من رؤساء القائمات ، فان بقية الوجوه المرشحة لقيادة المشروع الجديد لم يعرف عنها تجربة في العمل الحزبي او باتت بلا مصداقية بسبب التلون المتواصل والتغيير المتتالي في المواقف ( محسن مرزوق) أو تلاحقهم شبهات التنسيق مع النهضة ويلقبون بالغواصات ولا ثقل لهم في عائلاتهم السياسية. والصنف الاخير من يسمون بالانتهازيين وجماعة ” اللوبيات” .

ومن الاسماء المرشحة لان تكون ضمن القيادة المؤسسة نجد منذر الزنايدي ، احد وزراء بن علي الذي فشل في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014 ومن المفارقات انه تحصل على عدد أصوات اقل من الأصوات التي زكته ،وكمال مرجان رغم ثبات حزبه في المشهد مقارنة ببقية مكونات العائلة الدستورية لم يخرج هو الأخر من ” دوائر الساحل” وتحول الى ما يشبه الحزب الجهوي بـ 3 نواب في انتخابات 2014 وفشل كبير في الانتخابات البلدية التي خاضها في تحالف ” الاتحاد المدني” .

اما المهدي جمعة الذي أصبح صدفة بعد 4 سنوات من عزله واقصائه من كل المناسبات الوطنية ، محل مغازلة من الرئاسة والقصبة ، ففشله مضاعف اذ ان حزبه الذي لا يظهر حتى في نتائج سبر الآراء فشل في ايداع 4 قائمات في انتخابات 6 ماي وأسقطت كلها من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، وتبقى تساؤلات بخصوص حقيقة دخول رئيس حزب افاق تونس في مشاورات مباشرة مع الشاهد بعد ان التقى في وقت سابق ” منشط المشروع السياسي” سليم العزابي.

ورغم ان جل الفاعلين في “المشروع السياسي الجديد” يؤكدون ان النقاشات متواصلة وان قائمة القيادة المؤسسة لم تحدد بشكل بات ، فان الثابت الوحيد يتمثل في زعامة يوسف الشاهد الذي يعول على” شعبيته” جميع من التحق بالسفينة ، ويعول على منصبه المحوري الذي يعد التمسك به حتى الاجال الاخيرة قبل الانتخابات القادمة ” جوكر” الفوز ” الحتمي” والاغلبي وفق تقديرات جماعته .
لخبطة ..
ستكون ولايتا القصرين وسيدي بوزيد المحطة الجهوية القادمة لجماعة الشاهد ، ووفق مصدر منها فان اللقاءات الجهوية لا تزال شبه مغلقة ومحدودة الحضور وان التركيز الكامل مُنصبّ في هذه المرحلة على استقطاب ” جماهير نداء تونس ” ، من ذلك ان الاجتماعات الجهوية او الاستشارات تضم مستشارا بلديا عن النداء ونواب الجهة والوزراء المحسوبين عليها والمنسقين الجهويين والمحليين للنداء تونس ممن استقالوا في فترات سابقة من النداء او ممن حافظوا على الانتماء ويحملون ” حلم الاصلاح”.

ولا يخفى ان التركيز الكلي لأصحاب المشروع الجديد هو البناء على القديم باستمالة الغاضبين من رئيس الهيئة السياسية لنداء تونس حافظ قائد السبسي وممن لا يرون ان الحزب سيكون منافسا جديا في الانتخابات القادمة ان استمر بقيادته الحالية مصحوبة بشبه قناعة بصعوبة نجاح رئيس الجمهورية في السباق الرئاسي المرتقب حتى ان اعتزم تجديد العهدة الرئاسية.

وعلم “الشارع المغاربي” ان كلا من المهدي بن غربية وسليم العزابي أعلما الرئيس قائد السبسي بتفاصيل المشروع السياسي الجديد ، الذي قدماه كمسار “اصلاحي” لنداء تونس وليس كمسار تأسيس حزب جديد ، ويبدو ان قائد السبسي انطلق بدوره في التحرك لاحتواء هذا الحراك داخل الحزب الذي أسسه منذ 6 سنوات ، حراك يصفه النداء بالتمرد ومحاولة جديدة للاستحواذ على الحزب.
الا ان تحرك قائد السبسي لحماية حزبه ونفوذ نجله حافظ لا يقلق جماعة الشاهد ، التي ستواجه الاهم خلال الايام القادمة وهي ردود الفعل على اعلان رئيس الحكومة صراحة عن مشروعه الحزبي وتحوله الى “زعيم الاغلبية البرلمانية” ، وان كان للخروج من فترة بناء شخصية “رجل الدولة” و”ضحية مؤامرات تعطيل عمل حكومته” الى صاحب طموح حزبي سيؤثر على عمله على رأس الحكومة ام لا خاصة ان دوائره تؤكد انه لن يتعهد بعدم الترشح للاستحقاقات القادمة وهذا سيضع أهلية قيادة الحكومة سنة انتخابية على المحك.

نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” في عددها الصادر بتاريخ 11 ديسمبر 2018.

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING