الشارع المغاربي – سعيدان: قرار البنك المركزي إجراء معزول .. والأسعار سترتفع بنسق سريع جدا

سعيدان: قرار البنك المركزي إجراء معزول .. والأسعار سترتفع بنسق سريع جدا

20 فبراير، 2019

الشارع المغاربي – نقل عربية الخماسي : قال الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، اليوم الأربعاء 20 فيفري 2019، في تعليقه على قرار البنك المركزي التونسي الترفيع في نسبة الفائدة المديرية بـ 100 نقطة “أوّلا لا بدّ من التذكير بالأرقام التي تمّ نشرها في بداية السنة.. الرّقم الأوّل تعلّق بالتضخّم المالي الذي بلغ نسبة 7.1% مقارنة بشهر جانفي من السنة المنقضية.. هناك زيادة في نسبة التضخّم المالي بما يعني تواصل ارتفاع مستوى الأسعار بنسق سريع جدّا وطبعا من شأن ذلك التأثير على القدرة الشرائية للمواطن لأنّ غلاء المعيشة يشهد نسقا تصاعديا.. ويتعلّق الرّقم الثاني بعجز الميزان التجاري الذي كان قياسيا باعتبار أنّه شهد ارتفاعا بـ30% مقارنة بالرّقم المُسجّل خلال شهر جانفي من العام الماضي وطبعا هذا سيخلق طلبا كبيرا على العملة وعرضا كبيرا على الدّينار وبالتالي يواصل الدينار انحداره.. أمّا الرّقم الثّالث فيتعلّق بمعدّل النموّ الذي بلغ نسبة 2.5% والمتأتّي أساسا من قطاع الفلاحة وخاصة من زيت الزيتون والتمور.. وهذا يعني ان النمو لا يزال هشّا الى حدّ بعيد ولا يكفي حتى لتسديد فوائد الدين الأجنبي وليس أصل الدين”، واصفا الأوضاع الراهنة بـ”الصعبة جدّا”.

وأضاف سعيدان في تصريح لـ”الشارع المغاربي” اليوم “البنك المركزي هو المسؤول عن السياسة النقدية وأهم أداء في السياسة النقدية هو سعر الفائدة المديرية.. البنك المركزي طالب بإصلاح اقتصادي شامل لكنّه ليس المسؤول عن ذلك بل الحكومة والأداة الوحيدة بيد البنك المركزي لمقاومة التضخم المالي هي سعر الفائدة ولذلك أقرّ هذه الزيادة الكبيرة”، مذكّرا بأن البنك المركزي رفّع في سعر الفائدة 3 مرات في أقل من سنة.

واعتبر هذه الزيادة “إجراءات معزولة تترتّب عنها أشياء كثيرة منها ما سيتحمّله المواطن”، موضّحا بقوله “سترتفع كلفة كل قرض (قديم أو حديث) أُسند لمواطن تونسي وسيزيد ذلك بالطبع في الإضرار بقدرته الشرائية أي أنّ كل من تحصّل على قرض قبل هذه الزيادة سيتأثّر حتما بها لأن كافّة القروض تُمنح على أساس مؤشّر متوسط معدّل سوق المال “taux moyen du marché monétaire) “TMM) زائد هامش ربح البنك”.

وأوضح أنّ “ما تغيّر الآن ليس الـ”TMM” مثلما يُروّج وإنّما سعر الفائدة المديري للبنك المركزي والذي تُحدّد على أساسه كل أسعار الفائدة الأخرى ومن ضمنها الـ”TMM”، لافتا إلى أنّ “سعر الفائدة المديرية كان في حدود 6.75% بينما كان الـ”TMM” في حدود 7.24%” وإلى أنّه من المنتظر أن تتجاوز نسبته (الـTMM) بهذه الزيادة 8% وإلى أنّها قد تصل ربّما إلى 8.20 أو 8.24%، متوقعا أن ينجرّ عن ذلك الترفيع في كلفة الإنتاج عند المؤسسات بما يعني ارتفاع الكلفة المالية للإنتاج ملاحظا في هذا الصدد أنه من المنطقي أن ترفّع المؤسسات في أسعارها وأنه من شأن ذلك “تغذية التضخم المالي”.

وتابع “هنا يمكن القول إننا دخلنا في دوامة التضخم المالي الذي بات يُغذّي نفسه بنفسه لأن أي إجراء يُتّخذ لمقاومة التضخم المالي يؤدي أيضا إلى الزيادة في التضخم المالي… هناك أيضا نتيجة سيئة جدا عن الاستثمار ونحن في أوكد الحاجة الآن إليه ولكن بالزيادة في سعر الفائدة بهذا الشكل يُصبح الاستثمار مُكلفا جدا… كما ستكون نتيجة هذه الزيادة سلبية على الدولة لأنّها تقترض بالدينار بما يعني أن كلفة الاقتراض سترتفع والضغط على الميزانية سيرتفع كذلك وعندما نلاحظ كل هذا نُقرّ فعلا بأنّنا في معادلة صعبة جدا.. هناك إجراءات لا بدّ من اتخاذها ولكن لها نتائج سلبية كبيرة.. وهنا أريد أن أؤكد على شيء في غاية الأهمية برأيي ألا وهو أن مثل هذه الإجراءات المعزولة لا تؤدي الى النتيجة المرجوّة”.

ولاحظ سعيدان أن الوضع الاقتصادي والمالي الراهن صعب ويتطلّب إصلاحا شاملا قال إنه لا يمكن أن يكون في حجم هذا الإجراء (الترفيع في الفائدة المديرية)، مذكّرا بأن اجراءات مماثلة اتُّخذت خلال السنوات المنقضية وانّها لم تؤد الى مقاومة التضخم المالي وإنّما أدّت الى “نتيجة عكسية”.

وختم قائلا “تونس في حاجة أكيدة جدا للدخول في عملية انقاذ للاقتصاد وتجنّب اتخاذ إجراءات معزولة كهذه”.

وكان مجلس إدارة البنك المركزي التونسي قد أعلن يوم أمس الثلاثاء 19 فيفري أنه قرّر الترفيع في نسبة الفائدة المديرية بـ100 نقطة أساسية معلّلا هذا الترفيع بـ ”استمرار الضغوط التضخمية التي تشكل خطرا على الاقتصاد وعلى القدرة الشرائية للمواطنين بما يستدعي اتخاذ الاجراءات الملائمة للحد من آثاره السلبية“.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING