الشارع المغاربي – دخلنا وقت المحاسبة وعلى الباجي تحمل المسؤولية ../بقلم بوجمعة الرميلي

دخلنا وقت المحاسبة وعلى الباجي تحمل المسؤولية ../بقلم بوجمعة الرميلي

قسم الأخبار

12 مايو، 2019

الشارع المغاربي -بقلم بوجمعة الرميلي: مفارقتنا التونسية الكبرى اليوم هي بين جانب أول نجد فيه أحزابا وجمعيات ومبادرات وشخصيات تعد أنفسها لتحقيق الانتصار الانتخابي الساحق وجانب ثان نجد فيه بلادا تعاني من التراكم التصاعدي لشتى أنواع الصعوبات ومواطنين أصبحوا في أغلبيتهم فاقدين لكل ثقة في النخب وفي حالة احباط لا فقط جراء التكديس اللامتناهي للسلبيات ولكن أيضا نتيجة غياب أي أفق يمكن أن يعلقوا عليه آمالهم.

وإذا تواصل اتساع هذه الهوة بين تصورات وحسابات وأوهام هؤلاء والواقع الشعبي والوطني فإن الحصيلة ستكون كارثية لأنها لن تشمل الانتخابات القادمة فقط وإنما مجمل التجربة الديمقراطية التونسية وستشجع دعاة ‘نرجعوا وين كنا’ بينما حتى مثل ذلك الرجوع ليس إلا من باب المستحيلات، لكن يسوق له كمخدر لتسكين الأوجاع وبيع الأوهام.

أقل من خمسة أشهر تفصلنا عن الموعد الانتخابي والبلاد في هذه الحالة من الانفصام الذي لا ينبئ بأي خير ولم يظهر إلى حد الآن في الأفق أي طرح ينادي بتلافي الكارثة التي نسير في اتجاهها والتي تتسابق في ربح رهاناتها الانتخابية الوهمية إما جمعيات ماكرونية تريد تلفيق تجربة أجنبية على الواقع التونسي، وإما حركة تسمي نفسها دستورية تنادي بالسير عكس اتجاه التاريخ في تناقض تام مع روح الإصلاح الدستوري، أو ‘شلة’ متفرعة عن نداء تونس تكتشف لنفسها زعماء وهميين بينما مجمل نداء تونس الأم بزعمائه الأصليين ينهار أمام صعوبات البناء، أو الأشلاء المتبقية من نفس الحزب التي تتقاتل يوميا عن طريق القرارات الإدارية والبلاغات الشتائمية.

وهكذا تعيش التجربة التونسية شيئا يشبه الانتحار المبرمج نتيجة المستويات التي عليها النخب والتي أظهرت على أكثر من واجهة أنها ليست في مستوى الرهان التاريخي. ولو تتواصل الحالة على ما هي عليه ستكون المحطة الانتخابية القادمة محطة فشل. وعوض أن تمثل تلك الفرصة انطلاقة جديدة نحو مرحلة متقدمة على التي عشناها إلى حد الآن في إطار التجربة الديمقراطية الصعبة فإنها ستنقلب إلى عملية ارتدادية لا أحد يعرف تبعاتها على مستقبل البلاد القريب والبعيد.

والسؤال المطروح هو: هل ما يجري على تونس قضاء وقدر لا حول ولا قوة لها عليه أم مازالت هناك روح وطنية لم تنقرض وقادرة على المواجهة رغم القتامة ومظاهر اليأس نتيجة الفشل الشامل والتعنت في المسك بتلابيبه؟ .

عامل الزمن يعقد المسألة بعد أن ضاع وقت كبير رغم تنبيهنا المركز ومنذ البداية على الطابع المغشوش لمجمل العملية المتسببة في ما يجري علينا والتي سميت آنذاك بمبادرة حكومة الوحدة الوطنية ووثائقها القرطاجية بينما كانت في الاصل مبادرة انتهازية غير مدروسة وملفقة لم تنتج إلا التأزم والتفكك والتشتت والاندثار.

لم يبق اليوم أي خيار آخر إلا الانتفاض على هذا السير الحثيث والثابت نحو الاغتيال المعلن للتجربة التونسية التي علق عليها التونسيون آمالا عريضة لكن خذلتهم نخبهم ومن أعطوهم ثقتهم في انتخابات 2014، ولذلك من الطبيعي والمطلوب أن يكون المبادر الأول هو الباجي قائد السبسي وقد دخلنا بعد مرحلة المحاسبة على مجمل الحصيلة والتي سيتحمل فيها أكبر جزء من المسؤولية في خصوص ما ستفضي إليه من نتائج المحطة الانتخابية القادمة.

ولا نرى أي خيار آخر على مطالبة الوطنيين المخلصين لتونس وتاريخها وتجربتها الوطنية والديمقراطية الرائدة، رغم الصعوبات، وهويتها التقدمية وروحها الانفتاحية ومساهمتها الحضارية، لكي يتجاوزا التناقضات الثانوية والصراعات المقيتة والفارغة على الزعامات والمواقع والمناصب، وأن يتحدوا حول برنامج اجتماعي ووطني وديمقراطي مشترك قادر على انتشال البلاد من البئر العميقة من الصعوبات التي تردت فيها، بما يعيد الأمل للنفوس ويدفع بالتونسيين نحو قطع محطة جديدة على طريق الرقي والعزة والكرامة.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING