الشارع المغاربي – محمد عبو في نعي مُؤثر: لم يتسنّ لي أن أقول للباجي إني أكن له محبّة

محمد عبو في نعي مُؤثر: لم يتسنّ لي أن أقول للباجي إني أكن له محبّة

31 يوليو، 2019

 الشارع المغاربي : عاد رئيس حزب التيار الديمقراطي والمرشح للانتخابات الرئاسية، محمد عبو اليوم الاربعاء 31 جويلية 2019، للحديث بطريقة مؤثرة  عن رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي واهم المحطات التي جمعتهما معبرا عن شديد حزنه لأنه لم يستطع ان يقول للرئيس الراحل قبل  وفاته إنه يكن له المحبة .

وكتب عبو في تدوينة نشرها اليوم على صفحته ” التقيت بالأستاذ الباجي قائد السبسي لأول مرة في أواخر سبتمبر 2003 في أروقة المحكمة، بادرته بالتحية وذكرته بدعوة جمعية المحامين الشبان له لندوة حول ذكرى الاعتداء الصهيوني على حمام الشط. أكد بضحكته الجميلة التي لا تنسى وبدعابته المعروفة أنه سيكون حاضرا. توقعت أنه لن يأتي، ففي تلك الفترة يتجنب الجمعية الكثيرون من جيله وغيرهم، لكثرة مشاكلنا مع النظام، ولتزعم الجمعية حملة التصدي لتنقيح الدستور لتمكين بن علي من البقاء في السلطة”.

واضاف ” تمت دعوة سي الباجي وقتها باعتباره كان وزيرا للخارجية وقت الاعتداء الصهيوني الغاشم على الفلسطينيين والتونسيين في غرة أكتوبر من سنة 1985، ليقدم شهادته. حضر سي الباجي وحضر معه السادة عبد المجيد العبدلي ورشيد خشانة، وممثل سفارة فلسطين المرحوم جمعة ناجي. يومها فاجأ الباجي الجميع بمعلوماته وبقوة ذاكرته التي جعلته يسرد مسار المرحوم جمعة ناجي الذي استغرب من ذاكرة السبسي فأجابه : لا تنس أني كنت وزير داخلية، وضحك الجميع لذلك. أذكر أن بعض المدعوين قاطعوا الندوة احتجاجا على دعوة وزير داخلية بورقيبة، وهناك منهم من أصبح من الفاعلين في نداء تونس بعد تسع سنوات من ذلك التاريخ. هكذا هو الإنسان، قد تتغير أفكاره أو ينسّبها مع الوقت أو يضع سلم أولويات مرحلية”.

وتابع “قال الباجي فيّ كلاما جميلا لصحافية، أبلغتني إياه سنة 2012، وكان الرجل يفرح للقائي به في بعض المناسبات السياسية، ولكني أفسدت علاقتي به بعد تأسيسه الحزب، بتصريحات تدخل في إطار رأي مازلت محافظا عليه يخص هذا الحزب، بقطع النظر عن شكل الخطاب. وقال بعض نواب حزبه لسامية أنه رغم هجوماتها الشديدة عليه، فإنه يحبها، ويوم وفاة والدها اتصل بها معزيا. وينقل لي من حضر المكالمة أنه أبكاها قبل أن يضحكها بكلامه الذي لا يمكن أن يتقنه غيره”.

واشار إلى أنه لم يحضر طيلة فترة رئاسته أي موكب دعي إليه لخلافه معه أساسا حول موضوع العدالة الانتقالية وقانون المصالحة، وإلى أنه بعد تجاوز تلك الأزمة، أعلمه صديق من التيار أن موظفا في القصر سأله عند لقائه به صدفة إن كان يوافق على زيارة الرئيس، وأنه تم إعلامه بالموافقة، وأن  مصالح الرئاسة اتصلت  بهم للقاء الرئيس “.

واستطرد عبو قائلا “ولكن لتجنب التأويلات – وأنا نادم على ذلك الآن- قلنا أننا نفضل أن يكون اللقاء في إطار جملة من اللقاءات مع ممثلي الأحزاب، وطبعا ما كان لسي الباجي بما له من تصور لهيبة الدولة، أن يقبل شروطا. عندما مرض الرئيس، رأيت سامية متأثرة وهي تطلب مني أن اتصل بالرئاسة لطلب زيارته في المستشفى. اتصلت بأحد مستشاريه، وهو صديق سابق، وقلت له أننا نريد أن نطمئن على الرئيس، وقلت له لا تستغرب، هي السياسة جعلتنا نكثر النقد له، ولكني والله أحبه، وأتمنى أن يكون تمكن من أن يبلغه ذلك قبل وفاته”.

وقال ايضا” لما خرج الباجي من المستشفى العسكري، ونُشرت صورته مبتسما، تبين لي أن شيئا في نفسي يدفعني لضعف شديد تجاه هذا الرجل، بعض الأصدقاء من خصوم الباجي السياسيين أسروا إلي بأحاسيس غريبة تجاهه، هي عاطفة قوية تتجاوز منصبه وتتجاوز السياسة، بل وتتجاوز حدود ما هو عقلاني. ..تذكرت يومها ما نقل إلي منذ سنوات أحد الوزراء الذين رافقوه في رحلة إلى الخارج من أنه لما كان في الطائرة قال له قل لصديقك محمد عبو أني “لاباس علي” وأني اليوم عملت لساعات طوال كما ترى وأن صحتي جيدة . تذكرت هذا وندمت على تكراري لمسألة السن والصحة بعد أن صوتت الأغلبية له وأصبح رئيسا. …ليلة خروجه من المستشفى، وفي مكالمة مع أحد المحيطين به، اقترح علي أن نطلب زيارته في بيته سامية وأنا، وتأخرنا في الطلب خشية ألا يكون راغبا في أن يراه الناس في حالة ضعف. ثم كان ما كان، وتوفي الرجل ولم يتسن لي أن أقول له أني كنت أكن له محبة، حتى وأنا انتقده بحدة، وأني كنت أفعل ذلك للضغط عليه تخوفا من عودة الاستبداد، تخوفا أجزم بأنه كان يفهمه جيدا”.

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING