الشارع المغاربي – بورتري "الرئيس" : سليم الرياحي رجل الصفقات "المريقلة "

بورتري “الرئيس” : سليم الرياحي رجل الصفقات “المريقلة “

قسم الأخبار

6 سبتمبر، 2019

الشارع المغاربي-بقلم خالد النوري : خلال سنة 2011 استقطب حزب الاتحاد الوطني الحر وشعاره “توة” اهتمام التونسيين ليس بسبب تميز برامجه او رصيد مؤسسيه النضالي ولكن بفضل ضخامة حملته الدعائية والتي كادت ان تضاهي احتفالات السابع من نوفمبر لولا تأكيد المعطيات لاحقا ان اموالا طائلة ضخت من “جيوب” رئيس الحزب “الملياردير “سليم الرياحي وذلك على عكس حملات النظام السابق التي كانت ممولة بالكامل من اموال المجموعة الوطنية “ومن رجال المال والاعمال.

في تلك الفترة كان الملياردير سليم الرياحي نكرة تماما لدى التونسيين وحتى محرك البحث الشهير “غوغل” كان يقف عاجزا عن مد الفضوليين ولو بالنزر القليل من المعلومات عن هذا الوافد الجديد لعالم السياسة والمال في بلادنا.

تشير المعطيات التي اصبحت متوفرة بكثافة عن السيرة الذاتية للمترشح للرئاسة سليم الرياحي انه من مواليد 13 جويلية 1972 ببنزرت والى ان جذوره تعود الى جهة النفيضة من ولاية سوسة موطن والده المرحوم محمد الرياحي الذي فارق الحياة قبل اشهر قليلة .

كما يرتبط سليم الرياحي بجهة صفاقس بحكم علاقة مصاهرة بما ان زوجته الثانية “صفاقسية” وهي امراة اعمال مقيمة بلندن …

عاش الرياحي على ما يبدو طفولة صعبة خاصة بعد ان انتقل  والده الى القطر الليبي “هربا من تتبعات النظام البورقيبي” مثلما يروج..  وقد حتمت عليه ظروفه العائلية القيام بعملية “حرقة” الى هذا القطر الشقيق سيرا على الاقدام (طبعا) وهو في سن الطفولة وهذه الواقعة اكدها الرياحي بنفسه في اطلالة من اطلالاته التلفزية .

وجد الرياحي في القطر الليبي المأوى والدفء العائلي والاستقرار حيث درس وتحصل على ماجستير في الاقتصاد من جامعة طرابلس او على الاقل هذا ما تشير اليه البيانات المتوفرة كما تسنى له الانتقال الى العاصمة البريطانية لندن خاصة بعد ان توطدت الصلة بينه وبين أفراد عائلة الزعيم الراحل معمر القذافي .. ومن الواضح ان نفس هذه الصلة مكنته من دخول عالم المال والاعمال من اوسع الابواب ولكن من يدري لعلها كانت السبب في اقتحامه المفاجىء والسريع عالم السياسة …

في انتخابات المجلس الوطني التاسيسي لسنة 2011 لم تشفع له المليارات الكثيرة التي ضخها في حملته الدعائية تحت شعار “توه” حيث لم يظفر حزبه الا بمقعد واحد في البرلمان عن دائرة سليانة حتى ان حزبه اضحى محل تندر..

مشاريع لا ترى النور 

غير ان اللافت للانتباه ان دائرة سليانة التي منحت اصواتها الى ممثل حزبه لم تتاثر على الارجح بالحملة الدعائية بل الاغلب على الظن انها تعلقت بامل انجاز مشروع ضخم بالجهة ظل سليم الرياحي يروج له طيلة سنوات الثورة الاولى ويؤكد انه سيوفر 5 الاف موطن شغل مباشر ومثلها غير مباشر قبل ان يتبخر الحلم ويتأكد اهالي سليانة أن ذلك المشروع كان مجرد وهم.

ولئن حاول الرياحي ان يرمي بمسؤولية عدم انجاز هذا المشروع على عاتق حكومة الترويكا الاولى ورئيسها حمادي الجبالي فان رد هذا الاخير يؤكد عكس ذلك …

تفطن الرياحي من خلال الفوز بمقعد عن دائرة سليانة  الى حرص الناخب على منح صوته للمترشح الذي يكون قادرا اكثر من غيره  على بعث المشاريع وتحقيق التنمية وتوفير مواطن الشغل وربما لذلك اطلق وعودا اخرى كثيرة ببعث المشاريع في عدد من الجهات على غرار الكاف وزغوان وجرجيس وغيرها  بل انه حرص على وضع ججر الاساس لبعض هذه المشاريع والترويج لها على نطاق واسع الا انها لم تر النور …

ملياردير وقضايا مالية 

حصل ذلك طبعا قبل ظهور يوسف الشاهد الخصم السياسي “اللدود” للرياحي على الساحة السياسية وحتى قبل انطلاق التتبعات القضائية في شأنه من  تحجير السفر وتجميد أرصدته وأمواله وهي قرارات صدرت ضده في جوان 2017 . كما تم اصدار بطاقة ايداع بالسجن في حقه في افريل 2019 بينما كان الرياحي في الخارج .

وبدا من الواضح  ان الرياحي ” مليادير منكود الحظ” فالبرغم من مظاهر الثراء الفاحش فان القضايا والنزاعات المالية ظلت تلاحقه وقد برز ذلك جليا خلال فترة رئاسته النادي الافريقي من سنة 2012 الى غاية شهر نوفمبر 2017 وقد تأكد من خلال التقارير المالية ان الرياحي اغرق الفريق في ديون كثيرة وكذلك من خلال النزاعات المالية مع اكثر من طرف.

ومن القضايا المالية التي عادت لتطفو على سطح الاحداث قضية “الذبذبات “بين الرياحي وصاحب قناة الحوار التونسي سامي الفهري وهي قضية مالية بين الطرفين موضوعها 4 ملايين دينار ومن الصدف ان قضية بنفس المبلغ كانت قد نشبت بين الرياحي وصاحب قناة نسمة ورئيس قلب تونس القابع حاليا في سجن المرناقية نبيل القروي .

اهتمام بالاعلام وبالرياضة 

ولسائل ان يسأل ما الذي يجعل رجل سياسة يتورط في مثل هذه القضايا التي لا طائل من ورائها بل ربما تضره اكثر مما تفيده في مشواره السياسي وقد شاهدنا كيف ان قناة نسمة كانت قد بثت تقاريرا متحاملة عليه في تلك الفترة ؟

الحقيقة ان الرياحي ومنذ اقتحامه عالم السياسة ابدى اهتماما كبيرا بالاعلام حيث بعث جريدة ورقية لم تعمر طويلا ثم اقتنى اذاعة كلمة التي كانت قد بعثتها سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة كما اراد الدخول في شراكة مع صاحب قناة الحوار التونسي الا ان هذه الصفقة تحولت الى قضية مالية .

ومن الواضح ان اهتمام الرياحي بالاعلام وكذلك بالرياضة يندرج ضمن استراتيجية توخاها لتحقيق اهدافه وطموحاته السياسية التي لم تعد تخفى على احد.

ومن الواضح كذالك ان هذه الاستراتيجية بدات تؤتي اكلها اذ صعدت اسهم حزبه الوطني الحر في انتخابات سنة 2014 ليحصل على 16 مقعدا ويحتل المرتبة الثالثة في البرلمان بعد حزبي النداء والنهضة .

ومكنت هذه النتائج سليم الرياحي من بلوغ مراكز صنع القرار السياسي والمشاركة في تشكيل حكومة الحبيب الصيد الاولى الا ان الصراعات السياسية ما لبثت ان دبت صلب هذا الحزب .وقد اجمع كل من غادره على ان سياسة التفرد بالرأي و”دكتاتورية” الرئيس هي السبب الرئيسي في ما أصابه من وهن.

وبعد الاطاحة بحكومة الحبيب الصيد وتعيين يوسف الشاهد خلفا له ذهب في الاعتقاد ان اسهم الرياحي ستشهد ارتفاعا ملحوظا لا سيما أنه كان الوحيد تقريبا الذي بارك الاقتراح علنا في الاجتماع الذي اشرف عليه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي .

لكن جرت الرياح بما لا يشتهي الرياحي فقد خرج من المحاصصة في التشكيلة الحكومية وقد قيل انذاك ان طموحه الجارف وشروطه التعجيزية هي السبب اذ يبدو انه طالب بعدد مهم من الحقائب الوزارية من ضمنها حقيبة وزارة سيادية قد يكون اراد توليها هو بنفسه قبل ان يؤكد هو شخصيا انه طالب بوزارة لمقاومة الفساد ، بما وضعه في موقع تندر في المشهد .

وفي السنتين الاخيرتين اراد الرياحي ان ينقذ حزبه وربما نفسه بالدخول في صفقة مع حافظ قائد السبسي للحد من “تمدد” كتلة برلمانية جديدة يقودها يوسف الشاهد ، وكان الحل في اندماج حزبه مع شق “حافظ” مقابل تعيينه امينا عاما للحزب الا ان هذه التجربة منيت الفشل ليعلن اثر ذلك وبالتحديد في جوان 2019 عن بعث حركة جديدة تحمل اسم “الوطن الجديد”.

واستعدادا للانتخابات التشريعية والرئاسية لسنة 2019 اعلن الرياحي ترشحه للانتخابات التشريعية من الخارج وبالتحديد على راس قائمة ائتلافه الجديد  بدائرة فرنسا 1 كما اعلن عن ترشحه للانتخابات الرئاسية وهذه المرة تحت شعار “بالحق نبدلوها ” وهو الذي كان قد اختار قبل 8 سنوات شعار “توه” ، ومنذ دخوله عالم السياسة حتى اليوم ، كان الرياحي “رجل الصفقات” والاستشرافات الفاشلة ، اولا بسياسة قائمة بقوة المال والشركات العربية ، فمنيت بالشفل في 2011 ثم باستعمال النادي الافريقي ، فكان نصف نجاح سرعان ما مني بالشفل أيضا ، ثم بصفقة مع الشاهد ، فكان نصف نجاح برائحة كريهة سرعان ما تحولت الى خصومة وحرب جعلته يغادر البلاد خوفا من السجن ، فصفقة مع “حافظ” ، لم تصمد طويلا .. واليوم لا يُعرف مع من سيبُرم الرياحي  صفقة لانتخابات سيخوضها من الخارج ..

الرياحي ، لا يعلم ان كان يمكن توصيفه بالسياسي ، شخصيات غير مألوفة ، لُقب بـ “سليم ذبذوبة” ، واليوم ادخل مصطلح ” مريقل” بعد ما كشف في حواره مع سامي الفهري على قناة الحوار التونسي ، ومن المفارقات انه فات الرجل وهو يتحدث عن صفقاته مع الشاهد ، انه مذنب مثله بالضبط وربما اكثر ، وان عالم السياسة ليس ادارة شركات.. ولا  عقد صفقات قذرة ..

 

 

 

 

 

 

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING