الشارع المغاربي – حملة الانتخابات الرئاسيّة: قراءة في حرب الشعارات !

حملة الانتخابات الرئاسيّة: قراءة في حرب الشعارات !

10 سبتمبر، 2019

الشارع المغاربي – معز زيّود : 26 شعارًا بعدد المترشّحين للانتخابات الرئاسيّة تناثرت هذه الأيّام على الجدران والمعلّقات واللافتات والمنصّات الشاهقة في شوارع معظم المدن التونسيّة، كما جابت صفحات الميديا الاجتماعيّة. وقد بدت متشابهة حينا ومتدافعة في حرب ضروس أحيانا، فبشّرت بأفكار أصحابها ووعودهم الانتخابيّة، لكنّها جسّدت نرجسيّة معظمهم وتضخّم ذواتهم واعتبار أنفسهم في أحيان أخرى الأقدر والأجدر بمنصب رئيس الجمهوريّة والأكثر وطنيّة!.
نعتمد في ما يلي إذن الترتيب الرسمي للمترشّحين لنسوق قراءتنا لحرب الشعارات…

1- المنجي الرحوي: “نعم.. نُغيّر”
يزعم الرحوي من خلال هذا الشعار أنّه الأقدر من غيره على فعل التغيير، غير أنّه يُحيل أيضا إلى تغيّر الحال في الجبهة الشعبيّة على إثر أزمة انقسام كان أوّل من تزعّمها وكما غيّر وضع هذا الائتلاف الجبهوي فإنّه قادر على تغيير أحوال البلاد برمّتها. ومن الطريف أنّ مجرّد حذف “الشدّة” أو “التضعيف” عن الياء في فعل “نُغيّر”، يقلب معنى الشعار تماما ويُحوّل دلالاته من “التغيير” إلى “الإغارة” بهدف “السطو” على “ممتلكات الغير…

2- محمد عبّو: “دولة قويّة وعادلة”
يعكس هذا الشعار خطابا سياسيّا لم ينفكّ عبّو عن ترديده منذ سنوات، ويتمثّل في دعوته إلى ضرورة استعادة الدولة هيبتها والقطع مع مظاهر الاستقواء عليها، داخليا وخارجيا. كما يُقدّم الشعار هذا المرشّح على أنّه الشخصيّة الأكثر قدرة على تطبيق القانون من أجل إرساء العدالة حيال الجميع.

3- عبير موسي: “ديمقراطية مسؤولة.. حريّات مضمونة”
سمّت نفسها في لافتاتها بـ”عبير الوطن” رغبة في التأكيد على أنّها سليلة التراب التونسي، حتّى تتميّز عن بعض خصومها التي تعتبر أنّهم يُبشّرون بأفكار مستوردة. ومع ذلك حرصت على أن يكون شعارها الرسمي رصينا، دون استهداف مباشر لمنافسيها على خلاف ما تعوّدت عليه سابقا، سعيا منها إلى توسيع قاعدة ناخبيها.

4- نبيل القروي: “في قلب تونس”
اختار القروي أن يُدمج اسم حزبه ضمن شعار حملته للانتخابات الرئاسيّة، ممّا أتاح له إطلاق حملة للانتخابات التشريعيّة قبل أوانها الرسمي. وهو تكتيك تسويقي ذكيّ لم يتفطّن له غيره من المترشّحين ممّن لهم أحزاب تسندهم. ولا شكّ أنّه قد أعدّ لهذا التمشّي قبل أن يودع في سجن المرناقية. ويعكس هذا الشعار رغبة القروي في الترويج لكونه يمثّل شخصيا القلب النابض للبلاد، لكنّه يكشف أيضا أنّه لا معنى ولا مستقبل لهذا الحزب من دون مؤسّسه…

5- محمد لطفي المرايحي: “صوت العقل”
قدّم المرايحي نفسه على أنّه يُمثل “صوت العقل”، بمعنى أنّ منافسيه يعوزهم العقل وتغيب عنهم النباهة والفطنة، غير أنّ هذا الشعار يبدو غامضا ولا يعطي فكرة واضحة عن مضامين اقتراحات لا يمكن عمليا تطبيق بعضها على غرار مسألة تأميم الشركات الوطنيّة، وكأنّها لا تزال تحت الحكم العسكري الأجنبي…

6- المهدي جمعة: “مستقبل تونس مع مهدي جمعة”
يطرح هذا الشعار فكرة أساسيّة، وهي أنّ مهدي جمعة هو المترشّح الوحيد الذي يتبنّى مشروعا واضحا للمستقبل، اعتمادا على الخبرات التي كوّمها خلال عام واحد حين تولّى منصب رئاسة حكومة التكنوقراط، وكذلك انطلاقا من الدراسات التي أعدّتها مؤسّسته للاستشارات قبل أن يُحوّلها إلى حزب البديل. ورغم هذا التضخّم فإنّ البرنامج الانتخابي لجمعة لم يتضمّن برامج ملموسة تعكس اتّساع هذا الشعار وتتّسق مع صلاحيات رئيس الجمهوريّة.

7- حمادي الجبالي: “هيّا.. تونس تستنى”
يعني شعار الجبالي لو عبّرنا عنه بعبارة مرادفة: “هيّا نلتحق بالركب قبل أن يفوتنا القطار”. وكان بالإمكان أن يعبّر عن المعنى نفسه بعبارة “تونس تنتظر كفاءاتها”. ويهدف اختيار الجبالي صياغة شعار حملته باللهجة التونسيّة إلى “تونسة” توجّهاته، بعد أن عُرف قياديّا من الصفّ الأوّل لحركة النهضة الموسومة باستنساخ خطّ أيديولوجي مستورد من جماعة الإخوان المسلمين بمصر.

8- حمة الهمامي: “يلزمها حمّه”
إذا فكّكنا هذا الشعار المختزل باللهجة التونسيّة، لأمكننا تعويضه بالعبارة التالية: “لا يمكن إصلاح أوضاع البلاد وإخراجها من عنق الزجاجة بعد فشل المنظومة الحاكمة إلّا من قبل ابن تونس البار حمّه الهمّامي”. كما يمكن لهذا الشعار أن يُحيل إلى ما تعرّض له الهمّامي من خذلان من أقرب المقرّبين إليه في الجبهة الشعبيّة، علما أنّه أتى في المرتبة الثالثة في انتخابات عام 2014.

9- محمد المنصف المرزوقي: “المستقبل يجمعنا”
حاول المرزوقي التخلّي، من خلال هذا الشعار، عمّا عُرف به من استخدام خطاب إطلاقي كالذي اعتمده في انتخابات 2014 والقائل آنذاك “ننتصر أو ننتصر”. ويعود ذلك إلى إدراك المرزوقي أنّه من الصعب أن يحظى هذه المرّة بنصيب وافر من أصوات أنصار حركة النهضة، كما كان الحال في الانتخابات الماضية، في ظلّ اختيار الحركة مرشحا من أبنائها. ولذلك يبدو من الواضح أنّ تركيز الشعار على “تجميع” التونسيّين يهدف إلى محاولة تعويض الأصوات النهضوية التي قد يخسرها، وهو أمر في غاية الصعوبة.

10- عبد الكريم الزبيدي: الفايدة في الفعل

اعتمد الزبيدي على شعار يرد به على اهم انتقاد يوجه اليه منذ اعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية ، وهو ضعف الخطابة وافتقاره لقدرات اتصالية  تعد من شروط الزعامة التي تمثل بوابة التفكير في الترشح لمثل هذه المناصب ، والشعار فيه رد ايضا على من يذكره بتصريحه السابق الشهير “منيش متاع سياسة” والشعار يعكس ثقافة المؤسّسة العسكريّة المبنية على الفعل والوفاء للوطن. والمقصود بذلك أنّ مسيرة الزبيدي تندمج في حدّ ذاتها في عقيدة الوفاء لتونس.

11- محسن مرزوق: “نحميها ونعلّيها”
من الواضح أنّ مرزوق قد اختار اعتماد شعار باللهجة التونسيّة من أجل التأكيد على أنّه منصهر في بلاده لحمًا ودمًا. وهو بمثابة الردّ على من يتّهمه بخدمة أجندات أجنبيّة خليجيّة وغربيّة، لاسيما أنّ مضمون الشعار ينصّ على حماية البلاد (نحميها) والإعلاء من شأنها . كما يُحيل هذا الشعار أيضا إلى النشيد الوطني التونسي الذي يبدأ بعبارة “حماة الحمى”.

12- محمد الصغير نوري: “السياسة الناجعة هي التي تخدم الاقتصاد”
يبدو هذا الشعار متسرّعا وقاصرًا إلى حدّ ما لأنّه يُركّز على مجال أساسي واحد يتمثّل في “خدمة رئيس الجمهوريّة للاقتصاد الوطني”. وهو ما لا يعكس الصلاحيات الأساسيّة لرئيس الدولة، وذلك على الرغم من أنّ من دوره تعزيز ما يُعرف بالدبلوماسيّة الاقتصاديّة، وذلك بالتنسيق مع رئيس الحكومة.

13- محمد الهاشمي الحامدي: “أنا ضد السيستام ومع الإسلام والعدل والتأميم”
اعتمد الحامدي شعارًا مطوّلا ومغرقا في “الشعبويّة”. فقد أعطى لنفسه الحقّ في الحديث باسم الإسلام، وجعل نفسه محورا مركزيّا لإقامة العدل. كما يتضمّن الشعار بعدين آخرين متلازمين، وهما أوّلا: الإقرار بأنّه ضدّ طبيعة نظام الحكم السائد الذي يُسمّيه بـ”السيستام”، ومن ثمّة فإنّه يطرح على نفسه بناء نظام جديد على أنقاض النظام الذي يريد هدمه، وثانيا: تضمين الشعار اقتراح إجراء عملي يكمن في “تأميم” الثروات والشركات الوطنيّة. وهو ما يعكس خطابه المعروف بالديماغوجية والمغالطة…

14- عبد الفتاح مورو: “انتخب الأقدر لتونس أفضل”
يبدو الشعار الذي اختارته حركة النهضة لمرشحها عبد الفتّاح مورو تقليديّا بدوره، ومغرقا في العموميّة. ويعتمد خطابا إطلاقيا ينبني على تقديم المرشح على أنّه هو “الأقدر” على تحقيق غد “أفضل” لتونس والتونسيّين. وقد صيغ الشعار في شكل رسالة أساسيّة تنبني على دعوة الناخبين إلى التصويت له، دون أدنى إشارة يمكن أن تُحيل إلى مرجعيّات مورو والحركة التي رشّحته.

15- عمر منصور: “عمر بالشعب منصور”
جعل هذا المرشح من اسمه شعارًا لحملته الانتخابيّة عبر دمج كلمة “بالشعب”، وكأنّ اللقب العائلي الذي ورثه يتجسّد على أرض الواقع. فحاول تذكير الرأي العام بجولاته وصولاته في الأسواق وبعض الأحياء الراقية حين كان واليا على أريانة ثمّ تونس العاصمة لمنع فوضى الباعة المتجوّلين وإزالة واجهات مقاه تخالف القانون، غير أنّ شعبيّته تلك تقلّصت كثيرا بمرور الزمن.

16- يوسف الشاهد: “تونس أقوى”
أراد الشاهد من خلال هذا الشعار أن يعطي الانطباع بأنّ تونس ستُصبح أقوى في مواجهة الأزمات في ظلّ حكمه، بدليل أنّه تفوّق على خصومه، ولاسيما نجل الرئيس الراحل حافظ قائد السبسي الذي فشل في الإطاحة به من رئاسة الحكومة. كما يُحيل هذا الشعار إلى تلبية مطمح عام يتمثل في التخلّص من مظاهر الاستقواء على الدولة، وأنّه هو الأقدر على تحقيق ذلك.

17- قيس سعيّد: “الشعب يريد”
استخدم قيس سعيّد أهمّ شعار راج أيّام الثورة بل وجاب بلدان المنطقة، وهو “الشعب يريد إسقاط النظام”. والمقصود أنّ هذا المرشح قادر على تحقيق هذه الإرادة الشعبيّة. وهو ما يعني إذن أنّ الشعب يريد بل واختار قيس سعيّد للقيام بتلك المهام، فالشعب هو قيس وقيس هو الشعب. وهو أكثر شعارات الحملة الانتخابيّة شعبويّة، أي الحديث باسم الشعب واختزال تحقيق انتظاراته في هذا المرشح دون سواه.

18- إلياس الفخفاخ: “واثقين”
يبدوا شعارًا هلاميًّا يكتنفه الغموض لأنّه يزعم تحقيق ثقة مزدوجة، سواء في النجاح في نيل ثقة الناخبين أو الثقة في تحقيق برامج تستجيب لتطلّعات التونسيّين. ومع ذلك يبدو الشعار قاصرًا لأنّ إلياس الفخفاخ ليس شخصيّة معروفة شعبيّا، حتى حين تقلّد منصب وزير الماليّة خلال حكم الترويكا. وهو ما لا يُعطي الانطباع بوجود مثل هذه الثقة.

19- سليم الرياحي: “بالحق نبدلوها”
جاء هذا الشعار متجانسا مع أسلوب سليم الرياحي، على غرار سليم “وليدها” وسليم “مريقل”. وهي من طينة الشعارات التي كانت منتشرة بالخصوص في أوساط المنحرفين، ثمّ امتدّ استخدامها لدى فئات واسعة من التونسيّين. كما يُذكّرنا بشعار “توّا” الذي استخدمه الرياحي في انتخابات المجلس التأسيسي عام 2011، للإيهام كعادته بأنّه يمتلك “عصا سحريّة” لتغيير كلّ شيء في لحظة واحدة…

20- سلمى اللومي: “نصنع الأمل”
اشتقّت المرشحة شعار حملتها الانتخابيّة من اسم حزبها المستجد “حزب الأمل”. وهو شعار جميل، لكنّه قيمته كانت يمكن أن تتأتّى لو اقترن بحملة اتّصاليّة واسعة قبل فترة طويلة من الانتخابات للتعريف بمشاريع حقيقيّة للشباب وللفئات المحرومة والمهمّشة. والمقصود بذلك أنّ هذا الشعار يبدو مفرغا من أيّ محتوى عملي، باستثناء أنّه ورد بجوار صورة سلمى اللومي التي منحتها تقنيات الصورة الأمل في الإبقاء على شباب دائم.

21- سعيد العايدي: “لنجرؤ”
يستبطن شعار سعيد العايدي غايتين، أوّلهما ضرورة اكتساب الجرأة على مواجهة الصعوبات التي تعيشها تونس والتغلّب عليها، وثانيهما الجرأة على ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسيّة، فبالرغم ممّا يتحلّى به من كفاءة في مجال التجديد الاقتصادي فإنّه يفتقر للحدّ الأدنى من الشعبيّة التي تحتاج إلى آليات دعائيّة أخرى يفتقدها…

22- أحمد الصافي سعيد: “نحن هنا”
اكتسب صافي سعيد شهرته، لا فقط من كتبه السياسيّة ورواياته، ولكن خصوصا من فصاحة لسانه ولكنتِه المميّزة وحضوره الذهني الدائم واستفزازاته المتواترة لمخاطبيه. فهو شخصيّة ديماغوجيّة بامتياز، وهذا الشعار يعكس ملامح شخصيّة تعتبر نفسها الأفضل على الإطلاق. ويبدو من خلال شعار “نحن هنا” وكأنّه يُخاطب منافسيه قائلا: “حين أكون هنا ..يصمت الجميع”. وهذا ما يوظفه أيضا باستخدام صيغة الجمع “نحن”، بما يعكس شخصيّته النرجسيّة المتضخّمة. كما أدرج للغرض نفسه صورة نسر في لافتته الانتخابيّة محاولا نبش المخيال الجمعي المتعلّق بنسور قرطاج.

23- ناجي جلول: “قوّة الإرادة”
تشبه ملابسات ترشيح ناجي جلول للانتخابات الرئاسيّة خلفيّات ترشّح عمر منصور. فكلّ منهما بلغ شهرة واسعة منذ عامين تقريبًا، لكنّها انطفأت بمرور الوقت، مع فارق أنّ جلّول متحدّث فطن وذا حضور ذهني وقدرة على التلاعب بالخطاب على خلاف منصور. ويمكن فهم شعاره (قوّة الإرادة) على أنّه يحمل شخصيّة “عناديّة” في أوج الاستعداد لمواجهة كلّ ما يُفرض عليها من ضغوط من أجل تحقيق وعودها.

24- حاتم بولبيار: “تونس الجديدة”
مرشّح آخر لحظة، يحاول بكلّ ما أوتي من إمكانات أن يُعمّق الصورة المروّجة عنه بأنّه نهضوي “لايت” و”قافز”، وفق التعبير العامي التونسي. وضع في معلقته الدعائيّة صورة مسروقة من الانترنت، تُظهر خلفه أنوارًا متلألئة لإحدى العواصم العالميّة. وهذه هي الصورة المزيّفة لـ”تونس الجديدة” التي يدافع عنها بلحيةٍ خفيفة لا تحجب تواضع تكوينه الفكري.

25- عبيد البريكي: “غدوة خير”
استمدّ المرشح شعاره من عبارة شعبية تونسيّة، وهو يريد من خلاله القول إنّ من شأن التعويل عليه ومنحه الثقة أن يجعل الغد أفضل، لكنّه يبقى شعارًا محدود التأثير بالنظر إلى قصر فترة حقيبته الوزاريّة، كما أنّه يُعدّ شخصيّة مجهولة تماما بين الأوساط الشعبيّة، ولا تُعرف إلّا لدى النخب والنقابيّين…

26- سيف الدين مخلوف: “انتخب 26”
تخلّى عن حقّه في أن يكون له شعار قائم الذات مثل غيره من المرشحين. فاختزل نفسه في مجرّد رقم، واكتفى بتوجيه دعوة مباشرة إلى انتخابه عبر التصويت لرقمه، دون طرح أيّة مضامين. وهو معروف باعتماد خطاب راديكالي متعصّب للإسلاميّين، كما يختصّ أصلا بالدفاع عن المتّهمين بالإرهاب.

 

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING