وبعد شتاء إسكندنافي طويل ومظلم، ومع تغلغل جائحة فيروس كورونا في العالم وضربه بقوة بلدان اوروبية على راسها ايطاليا واسبانيا والتحقت بهما فرنسا، فإن السويديين لا يبقون في منازلهم، حتى في الوقت الذي “يحجز” فيه المواطنون في أجزاء كثيرة من العالم أنفسهم طوعا وكراهية في أماكنهم.

اما عن الاجراءات في هذه الدولة ، فهي بعيدة عن الصرامة ، اذ ان السلطات اكتفت بنصح المواطنين بممارسة “البعد الاجتماعي” و”العمل من المنزل”، إن أمكن، وحثت أولئك الذين تزيد أعمارهم على 70 عاما على العزل الذاتي كإجراء وقائي.

 وعلى الرغم من حظر الوقوف في الحانات في السويد ، فإنه لا يزال بإمكان نوادل المطاعم تقديم الطعام على الطاولات بدلا من الاضطرار إلى أخذه إلى المنزل.وبينما أغلقت المدارس الثانوية والجامعات، فإن رياض الأطفال والمدارس الابتدائية لا تزال تدار بشكل طبيعي وبالحضور الشخصي.

وحول ذلك، يقول كبير أخصائي الأوبئة في البلاد، يوهان جيسكي، وهو حاليا مستشار لوكالة الصحة السويدية الحكومية “إن السويد خارجة عن المشهد الأوروبي.. وأعتقد أن هذا أمر جيد”، مؤكدا أن دولا أوروبية أخرى “اتخذت إجراءات سياسية وغير مدروسة” بدلا من تلك التي يمليها العلم.

ويوم الجمعة الماضي، حذر رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين من “العديد من الأسابيع والأشهر الصعبة المقبلة”، وقال إنه حتى يوم الأحد فإن التجمعات ستقتصر على 50 شخصا بدلا من 500، فيما أشارت الحكومة إلى أن حفلات الزفاف والجنازات واحتفالات عيد الفصح ستتأثر بهذه الإجراءات.

وتؤكد الحكومة السويدية أنه يمكن الوثوق بالمواطنين لممارسة المسؤولية، وأنهم سيبقون في المنزل إذا واجهوا أي أعراض مرتبطة بكورونا فيما يحافظ العديد من السويديين بالفعل على المسافة الموصى بها من الآخرين.

وانتقد بعض العلماء نهج وكالة الصحة العامة السويدية باعتباره “غير مسؤول خلال جائحة عالمية” قتلت بالفعل أكثر من 21 ألف شخص في أوروبا، ففي رسالة مفتوحة إلى الحكومة، دعا حوالي 2000 أكاديمي إلى مزيد من الشفافية والمزيد من التبرير لاستراتيجيتها للتوقي من العدوى.

وقال الأستاذ ستين لينارسون، في معهد كارولينسكا، وهي جامعة طبية بارزة في السويد، إن القلق يتركز على “التقييمات والمسار الذي اتخذته الحكومة السويدية لمواجهة هذا الوباء، خصوصا لأنه يوجد بالفعل نقص في الأدلة العلمية التي تم وضعها لتنفيذ هذه السياسات”.

وشبه لينارسن تعامل السويد مع تفشي فيروس كورونا الجديد بمن يحاول إشعال حريق في المطبخ بقصد إخماده لاحقا، مضيفا “هذا لا معنى له.. والخطر بالطبع هو أن يحترق المنزل بأكمله”.

وجادل كبير علماء الأوبئة الحالي في السويد، أندرس تيغنيل، بأنه حتى إذا كان ينظر إلى سياسات الدولة المتساهلة نسبيا باعتبارها “شاذة”، إلا أنها أكثر استدامة وفعالية في حماية صحة الجمهور من التحركات “القاسية” مثل إغلاق المدارس لمدة 4 أو 5 أشهر.

ووفقا لإحصائيات جامعة جونز هوبكنز، فإن السويد، التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، سجلت، حتى اليوم الأحد، ما مجموعه 3447 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس و105 وفيات، فيما يعتقد أنه كانت هناك اختبارات محدودة للمشتبه بهم، اذ انه تم إجراء حوالي 24500 اختبار حتى يوم الأربعاء، وفقا للإحصاءات الرسمية.