الشارع المغاربي – صواب: "فسادات" وليس فساد بملف الكمامات والرقابة أحيلت لهيئة محدودة الصلاحيات

صواب: "فسادات" وليس فساد بملف الكمامات والرقابة أحيلت لهيئة محدودة الصلاحيات

قسم الثقافة

1 مايو، 2020

الشارع المغاربي-كوثر زنطور/ نقل عواطف البلدي: قدم المحامي والناشط المدني احمد صواب اليوم الجمعة 1 ماي 2020 قراءة قانونية وسياسية لما بات يعرف بقضية المليوني كمامة عاد خلالها الى الهيئة التي أجرت الرقابة ومدى مشروعية تكليفها بهذه المهمة والى التصريحات الاخيرة لوزير الدولة المكلف بمكافحة الفساد محمد عبو ولموقف كل من رئيس الحكومة الياس الفخفاخ ووزير الصناعة .
رد صواب في هذه القراءة على 5 أسئلة أساسية ، تم طرحها بقوة منذ تفجّر ملف الكمامات ودخول الحكومة على الخط وتحديدا وزارة مكافحة الفساد والوظيفة العمومية  ، بالاعلان عن تكليف فريق رقابة ثم باحالة الملف على القضاء من قبل هيئة مكافحة الفساد .
 سر تكليف الهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية.وليس هيئة رقابة المصالح العمومية 
في ردّه عن سؤال حول ما اذا كانت الهيئة التي تمّ تكليفها بانجاز الرقابة تعتبر مختصّة في مثل هذه الملفات قال صواب ” هناك هيئة اخرى مختصة هي الاصلح والاقوم والملائمة اكثر لهذا العمل وهي هيئة رقابة المصالح العمومية التابعة لرئاسة الحكومة وهي الانسب مقارنة بهيئة رقابة المصاريف العمومية وهنا أذكر بالقراءة الجدية والمختصة التي قدمها ياسر التوكابري والتي اتبناها وتؤكد ان الهيئة الاصلح هي هيئة رقابة المصالح العمومية لسببين الاول ان مجال تدخل المصاريف العمومية يخص مبدئيا الوزارات فقط بينما رقابة المصالح العمومية تهمّ كل شيء الوزارات والمنشآت العمومية خاصة ان ملفنا يهم الوزارات وجامعة النسيج والصيدلية المركزية والسبب الثاني والاهم يكمن في ان رقابة المصالح العمومية تتولى النظر في كل المسائل بما في ذلك حسن التصرف في المال العام والحوكمة ومراقبة المشاريع العمومية بينما رقابة المصاريف العمومية تهتم فقط بالاجراءات وبشرعيتها ولا يمكنها التوسع ولها ايضا الحق في مراقبة حتى “الملاءمة”  l’opportunité… علاش عملت هكّة وعلاش ما عملتش هكّة؟ ويمكنها ايضا التقييم بالمال واذكر انني كتبت لها تقريريْن ممتازين صادرين عنها من الناحية القانونية ومن ناحية حسن التصرف والملائمة  على غرار ملف “شيراتون غايت”… وملف اخر اطلعتُ عليه عندما كنت في لجنة المصادرة عام 2012 يتعلق بشركة sprt بالبحيرة”.
وتابع  صواب “طريقتا البحث والتحقيق بين الهيئتين تختلفان الاولى اوسع.. وهنا تطرح فرضيتان أخشاهما حول اسباب اختيار هيئة اقل ملائمة في مثل هذه الملفات من هيئة اخرى.. امّا من اوْكل هذه المهمة غير عارف بدواليب الدولة ام أن هناك توظيفا سياسيا باحالة الرقابة لهيئة محدودة الصلاحيات حتى لا يترك لها المجال للتوسّع..” مضيفا “هناك ايضا اشكال يتعلق بمن اعطى الاذن بمأمورية هي من مشمولات رئيس الحكومة فقط وهو المخوّل الوحيد لإمضائه”.
وقال “هيئة رقابة المصاريف العمومية وهيئة مقاومة الفساد تضم تقريبا كل الاطراف خاصة وزارات الصناعة والصحة والتجارة ومركز النسيج والصيدلية المركزية وجامعة النسيج وقد تابعت كثيرا تصريحات النائب الزياتي بقناة قرطاج بلوس الخاصة يوم 16 افريل واستمعت لما جاء على لسان كل من وزير الصناعة ورئيس الحكومة ومحمد عبّو.. وايضا اطلعت على ملخّص تقرير الهيئة الصادر منذ أيام والذي تضمن 3 نقاط أساسية هي خرق تقريبا كل الاجراءات والتراتيب وتعدد اللجان ولا نعلم ما هي حدود كل واحدة والمشتري العمومي غير واضح علما انها ذكرت شيئا هاما هو الاتفاق بين الوزير والزيّاتي الذي لم يتم فيه احترام الاجراءات… وهنا أيضا يعترضنا اشكال على مستوى النص القانوني وقد صدر في تقرير هيئة مراقبة المصاريف العمومية من يهتم بالملف وزير الصناعة او الصيدلية المركزية…  عندما نقول الصيدلية المركزية يعني المشتري العمومي وهنا لابد من الاشارة الى اننا قد خرجنا من أمر 2014 للصفقات العمومية الذي تقول نصوصه التطبيقية “وزير الصحة مطالب بتكوين لجنة شراءات يقرر تركيبتها ومجالها ومدة عملها”.. موضحا “لو تم تكوين هذه اللجنة منذ بداية افريل ولو كانوا أيضا على دراية بالقانون لتفادينا 1000 مشكلة.. “.
محمد عبو اكد وجود اخلالات ونفى الفساد .. فهل يمكن القول ان هناك فسادا في ملف المليوني كمامة ؟
أكد أحمد صواب حالات الفساد والخروقات التي شابت الملف وان 4 أخطاء رافقته مفسرا بالقول ” يتمثل الخطأ الاول في تعدد اللجان وعدم وضوح صلاحياتها وحدودها وهذا خرق للمبادئ القانونية العامة وخرق لمبادئ تنظيم المرفق العام وخرق لاجراءات الصفقات العمومية ولقوانين الصيدلية المركزية.. والخطأ الثاني تمثل في خرق قواعد المنافسة والمساواة (قانون سنة 2015) وخرق في تعديل مبدأ المساواة والشفافية. اما الخطأ الثالث يفتعلق بالمعلومة الممتازة وهو اخطر مما سبق وقد ذكرها قبل صدور كراس الشروط  بـ 3 ايام وفيها وفيه نوع من التوجيه وهي نفسها (المعلومة الممتازة) يجرّمها القانون استنادا إلى القانون الاساسي لسنة 2017 المتعلق بالابلاغ عن الفساد وحماية المبلغين ومن حالات الفساد حسب الفصل 2 : استغلال المعلومة الممتازة..”.
وتابع: “اما الخطأ الرابع والاخير فقد ذكرته هيئة رقابة المصاريف العمومية وهو تضارب المصالح الممنوع بقانون 2018 … وهنا تعلل النائب بعدم معرفته المسألة والحال ان الفصل يقول من الفصل 545 من مجلة الالتزامات والعقود جهل القانون لا يكون عذرا في ارتكاب ممنوع أو في ما لا يخفى حتى على العوام ولا نقصد هنا بالعوام الرعاع وعامة الشعب اذ بالعودة الى النص الفرنسي لاحظنا ان الامر يتعلّق بالأمّيين وحتى هؤلاء لا يمكنهم التمسّك بجهلهم القانون..” مضيفا ” ما يثير الدهشة حقا ان نائبين عن حركة الشعب وعن حركة تحيا تونس كانا حاضرين بالبرنامج التلفزي مع الزياتي يوم 16 افريل هما من صاغا القانون لكن فاتهما تفاصيله .. حتى نرى درجة الجهل من قبل رجل السياسة بالقوانين التي يصدرها وهو نائب بمجلس الشعب”.
وتطرق صواب الى إشكاليتين أخرييْن تعلّقتا بعمل الهيئة قائلا “هناك اضرار بالصحة العامة وهذا الملف ادى الى تهديدات للصحة العامة .. بدأ عمل الهيئة على هذا الملف اواخر مارس او بداية افريل وبقي ملف الكمامات مجمّدا ومعطّلا لثلاثة أسابيع ثم ان حدوده غير واضحة نظرا لان هناك ملف بمليونين وملف بـ 30 مليون كمامة ..  وقد قال الوزير اليوم اننا خسرنا اسبوعين وقال ايضا حصل ارتفاع في عدد المرضى والوفيات .. من يتحمّل السؤولية هنا؟ الحكومة ووزير الصناعة خاصة في ما تعلق بملف الكمامات وقد حدثت تهديدات جدّية للمرفق العام”.
واشار صواب الى ضرر اخر معنوي متسائلا “من سيثق مجددا في الوزارات وفي الادارة بعد هذا الملف؟ .. هناك مبدأ قانوني عام في القضاء الاداري والمس من مصداقية الدولة والنيل من ثقة المواطن في مؤسسات بلاده وادارتها”.. مضيفا “الاخطر من هذا وبالنظر الى الملف وكل ما حدث خاصة انني على دراية ببعض تفاصيله كالجانب المالي.. نحن على مشارف من الجانب الجزائي خاصة الفصل 96 من المجلة الجزائية”.
كيف يمكن الجديث عن جانب جزائي في الملف ؟
ردا على هذا السؤال اوضح صواب أنه “ورد بالفصل 96 من المجلة الجزائية : الموظف العمومي او شبهه الذي يستغل صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات…” مشيرا الى ان ” المحاولة كما اقتراف الجناية … قالوا لنا ان السعر الاول  تفاصيله كالاتي 100 مليم مصروف نقل عن كل كمامة و115 مليما تكاليف تصرف و115 مليما عن القطع الفاسدة.. هذا الاقتراح الاول الذي لا يمكن لاحد ان يكذّبه يكلفنا مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة 2300 مليم  وكلفة الاقتراح الثاني 2035 مليما دون احتساب TVA  وبعد ايام اعترف النائب ببرنامج تلفزي على قناة “قرطاج+”  ان السعر اصبح 1900 مليم دون احتساب  TVA وتم منذ أيام تعديل الاقتراح الثالث ليصبح 1850 مليما”. (2300 -2035 -1850).
واضاف: “اذن بين السعرين الثاني والثالث لـ32 مليون كمامة تكبّدت الدولة خسارة بقرابة 6 مليارات وبين الاول والثالث تكبدت 14 مليارا” متسائلا “هناك فرضيات اولها اما انّه وقع تضخيم قيمة المكونات الحقيقية في تركيبة الاسعار وامّا لم يقبل التخفيض فيها او تم التضخيم بدافع الربح او لأسباب اخرى نجهلها مع التاكيد على وجود مبدأ قانوني ينص على عدم جواز البيع بالخسارة “.
وتابع: “من الناحية القانونية لا اتهم الوزير ولا اعتقد انه حقق منفعة لنفسه ولكن نتيجة خرق القوانين ونتيجة المعلومة الممتازة كان من الممكن ان يكون  النائب الزياتي قد حقق مرابيح غير شرعية واضرّ بالادارة.. ثم من الناحية السياسية ألم يقولوا اننا في حرب؟ اذن هذا غير مقبول.. ومن الناحية الاخلاقية الناس حبّت تربح على ظهر الدولة..”.
هل هناك خرق للدستور ؟
وعن مدى وجود خرق للدستور في هذا الملف رد صواب قائلا “خرق مبدأ الحوكمة الرشيدة الموجود بالتوطئة وخرق الفصل 10 من الدستور الذي يتعلق بحسن التصرف في المال العام وبمنع الفساد وخرق الفصل 21 لمبدأ المساواة (بين الصنايعيّة) وخرق خاصة الفصل 15 الذي يقر بان الوزارة مرفق عام والادارة مرفق عام والصيدلية المركزية مرفق عام …خرقوا مبادئ الحياد والمساواة والشفافية والنجاعة والمساءلة والنزاهة “، متابعا “الفساد في هذا الملف ليس فسادا عاديا او بسيطا او ذا بعد واحد بل هو “فسادات” ومركب ومكثّف ومتعدد الاوجه والابعاد ..ثم من حصر الفساد قانونا؟ عرّفه المرسوم القديم لعبد الفتاح عمر رحمه الله ثمّ تم حصره قانونا في قانون الابلاغ عن الفساد لسنة 2017….. الفساد هو كل تصرّف مخالف للقانون وللتراتيب الجاري بها العمل والاضرار بالمصلحة العامة او من شأنه سوء التصرف في الاموال العمومية وتجاوز او سوء استعمالها وتضارب المصالح واستغلال المعلومة الممتازة وعليه فإن كل المعلومات التي ذكرت تتطابق مع عديد حالات الفساد التي حصرها القانون الاساسي والمعلوم ان القانون الاساسي ليس اي قانون  .. “.
القراءة السياسية .. لماذا وزير الصناعة وليس وزير النقل؟
اعتبر صواب ان فتح بحث تحقيق إداري بالتوازي مع البحث القضائي بخصوص وزير الصناعة مقابل عدم القيام بنفس الشيء مع وزير النقل انور معروف في ملفي السيارة والمنزل الوظيفي ،”كيل بمكيالين” جماعة فرض وجماعة سنة  مبرزا انه لا يمكن تفسير ذلك الا بغياب عطاء سياسي عن واحد وتوفره لآخر .
وفي ما يتعلق بالمسألة السياسية قال صواب “اثبت التقرير ان الفخفاخ ووزير الصناعة اخطآ لما تحدّثا عن الملف وكأنه فارغ وقالا ما ثمة شيء واننا لم نخرق القانون..” مستنتجا “ان الحرب على كورونا لا تبرر اغتصاب دولة القانون والحكومة خالفت الدستور والقوانين الاساسية والعادية وخالفت الاوامر الترتيبية  خاصة المتعلقة بالصفقات العمومية وخرقت عديد المبادئ القانونية ..اعتبروها حرب وانا ضدّ استعمال هذا المصطلج ولكن حتى الحرب منظمة باجراءات قانونية وحتى جماعة هتلر تمت محاكمتهم علنا في محكمة نورمبارغ وهناك معاهدات دولية تتعلق بالحروب منها ما يتعلق بحقوق الاسرى واجراءات وقوانين ومجلة الجنايات الدولية وكلها لفرض تطبيق القانون وفي تونس هناك المجلة الجزائية العسكرية “..
وتابع ” تتمحور الاشكالات في هذا الملف حول 3 مؤسسات هي رئاسة الحكومة ووزارة الصناعة وايضا وزارة مكافحة الفساد والرابح الاكبر ولو ضمنيا هو النهضة لان لا وجه تابع لها في الملف ..فتراها تنتقد وزير الصناعة ثم رئيس الحكومة ومحمد عبو بالبرلمان وتتهمهم باساءة ادارة الملف” .
واضاف ” أقول في الختام أنه سواء وقع الابقاء على خيار الشراء العمومي أو وقع الالتجاء الى منطق السوق ( السرغة والتوزيع من قبل الصناعيين والصيدليات وما يشبهما مع وجوب التقيد بكراس الشروط ) فالنتائج هي ذاتها في الحالتين وما يهم هو استخلاص العير بالمعنى الخلدوني” .
 
 
 
 
 
 
 
 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING