الشارع المغاربي – تقرير وزارة المالية والتعيينات: الصناديق الاجتماعي…وتتواصل المهزلة

تقرير وزارة المالية والتعيينات: الصناديق الاجتماعي…وتتواصل المهزلة

قسم الأخبار

25 مايو، 2020

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي:  كان “الشارع المغاربي” قد نقل مؤخرا إعلان الوزير الحبيب الكشو تعيينه، في سياق إصدار بلاغ مقتضب، لـ 3 رؤساء مديرين عامين على رأس الصناديق الاجتماعية، في حدود الساعة الحادية عشر ليلا وعشر دقائق مساء يوم 22 ماي 2020 أي قبل منتصف الليلة بقليل بما يشكل مسخرة اتصالية “تعييناتية” باتم معنى المصطلح، من ناحية ويؤكد أن المسائل الحيوية لتسيير المؤسسات الحساسة للدولة تدبر عموما بليل في زمن شديد الرداءة تعيش على وقعه تونس منذ مدة، من ناحية أخرى.
ومن المفروض ألا نتوقف على حيثيات التعيينات وأشخاص من جرى تقليدهم المناصب، إذ يعلم القاصي والداني في البلاد اليوم أن هذه الوضعيات مرتبطة بالموالاة و “التعليمات” خارج نطاق الكفاءة وحتى مجرد الأهلية وهو ما عاشت على وقعه تونس في حقب وأزمات عديدة على غرار أزمات 1983 و 1986  وأواخر 2010 والتي يعلم الجميع نهايتها المأساوية.
غير أن المثير للاستغراب، يتمثل في تزامن هذه التعيينات مع صدور تقرير عن وزارة المالية حول المؤسسات العمومية كان غير محين على غرار سائر التقارير الحكومية المنشورة في الفترة القريبة الماضية بشكل خاص، وابرز مؤشرات نشاط هذه المؤسسات خلال الفترة 2016 – 2018 حيث خصص محورا للصناديق الاجتماعية. ولم يتوسع التقرير كثيرا في هذا المحور وذلك على الأغلب، درءا لسقوط ورقة التوت عن وضعيتها القاتمة.
ويندرج  نشر هذا التقرير حسب الوزارة ضمن مقتضيات الفصل 46 من القانون الأساسي للميزانية عدد 15  لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري و 2019 والمتعلق بالتقارير المرفقة لقانون المالية.
وأوضحت وزارة المالية أن إيرادات الاستغلال الفنية لكل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية لسنة 2018 بلغت ما قيمته 6887 مليون دينار في حين ناهزت أعباء الاستغلال الفنية نحو 8186 مليون دينار مسجلة بذلك عجزا في نتيجة الاستغلال الفنية بما قدره 1299 مليون دينار منها 74% راجعة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية من إجمالي العجز، مما استوجب تخصيص 200  مليون دينار من ميزانية الدولة للحد من هذا العجز.
ويعني ذلك أن الصندوقين هما بمثابة فخ سيولة باعتبار أنهما يستهلكان 119 % من المداخيل لتغطية تكاليف التسيير لا غير  وتجري في هذا الإطار “السريالي” محاسبيا تغطية نقص الأموال المستهلكة في سياق مثير للبس والغموض من قبل جباية دافعي الضريبة ومساهمات المخرطين في الصناديق من أجراء نشطين ومتقاعدين !
وواصل تقرير وزارة المالية تقديم معطيات ومؤشرات نشاط الصناديق “الغريبة” مشيرا إلى أن العجز الذي وصف  بـ “الهيكلي” لكل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية ادى لارتفاع قائم ديونها لدى الصندوق الوطني للتأمين على المرض بحوالي 4691 مليون دينار إلى موفى  2018 مما يعني أن التصرف في مالية الصناديق الاجتماعية ومؤشراتها لا يتجاوز تغطية العجز بالعجز وذلك بالاعتماد على عمليات محاسبية يصفها عموما المتخصصون بالعمليات البيضاء. التي لا طائل من وجودها سوى التمويه وإخفاء المعطيات الحقيقية للتعثر والإفلاس.
على ضوء هذه المعطيات، والتي تدل على الفشل الذريع في تسيير منظومة الضمان الاجتماعي في البلاد، تجدر الإشارة إلى أن النجاح لا يصنع بالفشل وأن التعيينات الجديدة على غرار التعيينات-الفضيحة التي سبقتها فيما يهم المستشارين لا يمكن أن تصلح حال منظومة آيلة للسقوط لان من عينوا هم منها وإليها وواكبوا الخيبة فيها، في ابرز تجلياتها.
ومن المؤكد أن دور المعينين، سيقتصر فحسب على إعداد تمرير قانون تمديد سن التقاعد إلى 62 عاما امتثالا لطلبات المؤسسات المالية الدولية التي أغرقت تونس مؤخرا بالديون بما يعادل 7 مليار دينار وهو مشروع قانون لا يمكن أن يكتب له النجاح – في بلد منهار اقتصاديا واجتماعيا –  لتكريس البطالة وإضعافه للاستثمار وهما آفتين تنخران تونس برمتها ويرفضه أصحاب المؤسسات، جملة وتفصيلا.
يذكر أن العديد من الخبراء يشيرون إلى أن عجز الصناديق الاجتماعية هو حاليا في حدود 3 مليار دينار بصفة فعلية وفي حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه في محور غياب الإصلاح وانعدام الأهلية لتجسيمه وهو أمر مفروغ منه، فإن التقديرات ترجح أن يبلغ العجز في صندوق الحيطة الاجتماعية نحو 6.4 مليار دينار، بينما سيصل العجز في صندوق الضمان الاجتماعي إلى نحو 5 مليار بحلول 2030.
وانعكس الركود وتباطؤ النمو في الكثير من القطاعات الإنتاجية التعويضات السخية التي منحت للمستفيدين من العفو التشريعي العام وهم في حدود 30 ألف مستفيد على الأقل على وضعيات الصناديق مما جعلها ترزح تحت مشاكل مالية مزمنة، إلى درجة أن الأوساط الاقتصادية المحلية و الدولية تتحدث عن دخولها في إفلاس غير معلن.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING