الشارع المغاربي – افتتاحية "الشارع المغاربي": الإعصار قادم.../ بقلم خالد عبيد

افتتاحية “الشارع المغاربي”: الإعصار قادم…/ بقلم خالد عبيد

قسم الرياضة

18 ديسمبر، 2019

الشارع المغاربي: لا يُنكر أيٌّ كان أنّ الوضع دقيق جدّا في تونس، وأنّنا قادمون على عِشرية مَحْفوفة بكلّ الاحتمالات، وكأنّ التونسيين لم تكْفهم هذه العشرية التي نُودّعها قريبا، فقرّروا أن يواصلوا في..السقوط وهم يعيشون حالة انعدام وعي حقيقين وينظرون مَشدُوهين كيف سَيُسَاقون جَماعيا إلى ما ينتظرهم وكأنّ هذا هو قدرهم أو هو فعلا كذلك! .

سبق أن نبّهنا أكثر من مرّة ومنذ سنوات كما نبّه غيرنا، إلى المنزلق الذي انتهجناه وإلى ما ينتظرنا في الأثناء، لكن كَمَنْ أسمعت ميّتا…

سبق أن حذّرنا ومنذ سنتين بأنّ فوضى الجيّاع والعصابات تترصّدنا في الطريق إن لم يقع تدارك الأمر، لكن كَمَنْ أسمعت ميّتًا حيًّا…

والإعصار قادم…لكن أوْهام المُخَيّلة والزُهُوّ بما لديهم حَجَبت عنهم رُؤْية الرَمَاد المُضْطرم…

في الأثناء، اعتقد البعض بأنّهم لديهم “التفويض الربّاني” فباتوا يتراقصون خُيَلاءً على وقع الوعْد الحق بتحقيق المبتغى الأسمى وهو إنهاء ما سبق وبجرّة قلم…

هكذا هم الآن… وهكذا هم يتدبّرون ما سيفعلون…ولترسيخ التقويم السنوي الجديد هُم يستحثون الخُطى، فالسنة الصفر هي 2011، ما قبلها فهي الجاهلية الجهْلاء و…الفراغ…

لكنّهم لا يدرون أنّه بمجرّد محاولتهم تقويض ما سبق، سيُقتلعون…لأنّ البناية ستتهاوى على الكلّ، وستنهال عليهم مسؤولية ما حدث، بينما من حاولوا إعمال معاول الهدم فيه، إنّما هو الذي سيبقى…

هم عنوان للخراب أينما حلّوا وكيفما حلّوا، لكنّهم لا يدرون…

هم لا يفقهون كما لم يفقه جلّنا، أنّ المرحلة السابقة قد طويت وإلى الأبد، ونحن على أعتاب مرحلة أخرى…

إرهاصاتها بدت ظاهرة لمن يتعظ، بينما نحن لن نتعظ إلاّ من رحم ربّي…

عَمَهُنَا ينْحصر في عجْزنا عن استيعاب ما يدور حوالينا، ونظنّ أنّنا أفضل شعب أخرج للعالم، كما كنّا نظنّ من قبل وبعض العالم يشهد عمليات إرهابية متنامية أنّنا بمنأى عنها، لأنّنا، وكأنّنا فعلا في كوكب آخر، فإذا بنا أصبحنا في عُقًرِه..

ويزداد عَمَهُنا أكثر لمّا لم نستوعب بعد أنّ ما يُضطرم اقليميا ستكتوي به تونس، ينظر بعضنا إلى ما يُعْتمل في العراق ولبنان دون أن تكون لديه القدرة على استيعاب مدلولاته، بل والبعض الآخر لا يعير اهتماما لما يحدث، بينما الخطب هناك جَلَل وله ارتداد على تونس، فالمخاض سيجرف معه، إن آجلا أو عاجلا، نظام المحاصصة في كلّ تجلّياته سواء الطائفية في خلْطته البرلمانية على الطريقة اللبنانية أو المذهبية العرْقية في التوليفة البرلمانية على النهْج العراقي.

فالجميع أو يكاد قد ملّ ما مَلَلْنا نحن منذ مدّة، ولديه قَرَف من سياسييه كما لدينا نحن، ودعوا إلى استبعادهم كما يدعو بعضنا إلى ذلك، بينما بعضنا الآخر خلَق واقعًا مُوازيا لديه حتى ينسى، ولدى الجماهير التي خرجت في العراق الوعي كلّ الوعي بأنّه يجب إلغاء العمل بالدستور الذي أتى على دبّابة أمريكية وما استتبعه من فرض للنظام البرلماني وعماده العرقية المذهبية، ودعت هذه الجماهير إلى إقامة الانتخابات على أسس مغايرة لما سبق.

قد يقول بعض المتنطّعين إنّ ما يحدث حاليا هناك من باب “المؤامرة” وثمّة تورّط مخابراتي مَا من هذه الجهة او تلك، ولنفرض جدلا أنّ في ذلك بعض الوجاهة، فهذا لا ينفي أنّ هذه الجهات “المتآمرة” ما كانت لِتخْترقَ لوْ لم يكن الرماد يَضْطرم كما في تونس حاليا، وإن كنت أستبعد إلى حدّ كبير هذا “التورّط” المفترض، – ولا يسمح المجال هنا للإفاضة-.

أمّا السودان وليبيا والجزائر فتلك قصّة أخرى تزيد في لفْح السَعِير من زاوية أخرى قد تحشر من يتوهّم أنّها لا تعنيه في الزاوية.

وأخيرا، واهمٌ من يعتقد أنّه بإمكانه أن يَعِيَ حقيقة المتغيّرات في تونس ويستوعب ماهية ما يحدث على الأرض وحتى “تحت الأرض” بالاستغناء عن فهم المحيط الإقليمي لتونس واستقرائه جيّدا، من يُمَاري في هذا التوجّه فلن يستفيق إلاّ على وقع محتمل لـ:”أمواج التسونامي” التي قد تجرفه كما جرفت غيره دون أن يدري وإن كان صراخه سيتتطاير إلى السماء بكلمات تطفو  حول “نظرية المؤامرة” و”ليس العيب فيّ بل في غيري”…

في الأثناء، تستمرّ الحياة وبينها وبينهم بِيدًا، ودونها العَدم، وفي ثناياها تباشير مخاض جديد نرجو أن لا يكون عسيرا أو يحمل في طيّاته “مسيحا دجّالا” آخر….


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING