الشارع المغاربي – انشغال الجزائر/ بقلم: احمد بن مصطفى

انشغال الجزائر/ بقلم: احمد بن مصطفى

قسم الأخبار

8 يونيو، 2022

الشارع المغاربي: ما تزال عديد الأطراف السياسية والشعبية التونسية تتساءل عن اسباب غياب رد رسمي من تونس عن التصريحات المفاجئة والمثيرة للجدل الصادرة عن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حول الأوضاع في تونس اثناء زيارته الأخيرة لإيطاليا حيث أعرب في ندوة صحفية مع نظيره الإيطالي عن الاستعداد المشترك لمساعدة تونس على الخروج من   “المأزق” الذي تردت فيه والعودة الى المسار الديمقراطي. هذه التصريحات اثارت موجة كبيرة من الانتقادات في عديد الأوساط التونسية خاصة وان الرئيس تبون أشار في نفس السياق الى الأوضاع المتأزمة في ليبيا ما يؤكد ان الجزائر أضحت تعتبر تونس ضمن مصادر عدم الاستقرار المثيرة للانشغال في محيطها الأمني المباشر المضطرب، وهو ما دفعها الى توجيه نقد غير مباشر لسياسة الرئيس سعيد التي افضت الى الوضع الحالي المتفجر في تونس. كما حرص الرئيس تبون على الاعراب عن هذا الموقف في سياق تحركات الجزائر الإقليمية في خضم الضغوط المسلطة عليها أوروبيا لاستمالتها في إطار صراع المصالح والحرب الاقتصادية الدائرة بين الغرب وروسيا في أوكرانيا. 

حقيقة  الامر ان قلق الجزائر من الأوضاع في تونس والجوار الليبي ليس بجديد وهي لم تكن مرتاحة للصراع المتواصل على السلطة طيلة العشرية المنقضية وتحمل الطبقة الحاكمة مسؤولية هذا الوضع وتبعاته على امنها واستقرارها سيما وأنها تشعر بانها الطرف المحاصر من الأطراف الغربية المتربصة بها بسبب مواقفها الاستقلالية ورفضها الخضوع لإملاءاتهم على غرار بقية دول المنطقة المغاربية.  وقد راهنت الجزائر على الرئيس قيس سعيد وقدمت له الدعم السياسي والاقتصادي املا في انه سيعطي الأولوية الى انهاء الازمة السياسية والعودة السريعة بتونس الى إطار مؤسساتي جامع يكفل لها استعادة المسار الديمقراطي المعطل والعودة الى دائرة الامن والاستقرار.  وتعكس تصريحات الرئيس تبون في تقديري خيبة امل من انحراف الأوضاع بتونس نحو المجهول وانفتاحها على اسوء الاحتمالات نتيجة السياسات المتبعة من الرئيس قيس سعيد الذي لا شك انه منزعج من هذا التحول في الموقف الجزائري سيما وانه راهن منذ البداية على الدعم الجزائري والعربي غير المشروط، ولكنه يدرك اليوم ان المواقف العربية شديدة التأثر والارتباط بمواقف الأطراف الغربية التي عبرت أكثر من مرة عن انزعاجها من سياسات الرئيس سعيد و باتت تعتبرها مصدر تهديد لمصالحها مما دفعها للمطالبة لأول مرة من خلال بيان لجنة البندقة بتراجع الرئيس عن مواقفه و إعادة النظر في برنامجه.

وهذا ما يفسر الموقف الانفعالي الشديد الذي اتخذه الرئيس سعيد من بيان البندقية واشارته المبطنة في سياق هذا الرد الى مواقف الرئيس تبون بتأكيده القوي على التمسك بسيادة تونس إزاء كافة اشكال التدخل في شؤونها، وهذا الذي دفع الرئيس تبون الى محاولة التدارك بإعادة التذكير بمواقفه السابقة الداعمة لتونس واستعدادها «لمرافقتها” مع الإشارة الى ان هذه التصريحات تزامنت مع ابرام اتفاقيات تعاون تؤمن حاجيات تونس من الامدادات الغازية. كما تزامنت مع مواقف عكستها الصحافة الجزائرية مفادها عدم حصول تغيير في الموقف الجزائري إزاء تونس وهي تعتبر انه وقع إساءة فهم تصريحات الرئيس تبون مذكرة بانه يظل من اشد المدافعين على استقلالية القرار التونسي مثلما صرح بذلك في عديد المناسبات في معرض انتقاده للمواقف الأوروبية الغربية إزاء تطور الاحداث في تونس.

و لا شك الوضع المتعفن بتونس سيزيد من نزعة القوى  الغربية و العربية و الدولية للتدخل في شؤوننا سيما و انها   تعودت منذ اندلاع الثورة على استباحة الساحة التونسية لخدمة مصالحها و اجنداتها  والحال  ان السلطات الحاكمة المتعاقبة في تونس لم تفعل شيئا لإيقاف هذه الاختراقات بل تسعى لتوظيفها لصالحها في سياق صراع ازلي على السلطة أضحت المصالح الخارجية هي المحدد لمالاته ولن تغير المواقف الرئاسية الانفعالية من هذا الوضع و لن تؤخذ على محمل الجد الا اذا ترافقت فعلا بتغيير فعلي في جوهر السياسات و الأولويات بما يخدم  تطلعات  الشعب التونسي و يقي تونس من مخاطر الانزلاق الى ما لا يحمد عقباه.

افتتاحية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 7 جوان 2022


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING