الشارع المغاربي – خيانة يعاقب عليها القانون: وفشلت النهضة في الاستقواء بالخارج/ بقلم: أنس الشابي

خيانة يعاقب عليها القانون: وفشلت النهضة في الاستقواء بالخارج/ بقلم: أنس الشابي

قسم الأخبار

17 سبتمبر، 2021

الشارع المغاربي: بعد أن تيقّنت حركة النهضة منذ الساعات الأولى لصدور قرارات 25 جويلية أنها عاجزة عن تحريك الشارع أو تجييشه وحشده لصالحها لجأت إلى الاستقواء بالأجنبي علّه يساعدها على الرجوع إلى ما كان عليه الوضع من قبل. ولم تترك سبيلا في هذا الإطار إلا انتهجته بدءا بالحملات الصحفية المدفوعة الأجر إلى التدخل لدى الشخصيات الأجنبية حتى تتوسط لها لدى رئيس الجمهورية في إمكانية العودة إلى ما قبل 24 جويلية. وبصرف النظر عن البيانات التي صدرت في هذا الإطار يمكننا القول إن الحركات الإخوانية جميعها إن وجدت أن الرفض الشعبي لها أصبح حقيقة تلجأ إلى القوى الأجنبية طلبا للنجدة والحماية. ففي مصر بعد أن خرج الشعب في مليونية أنهت حكم المرشد تهافت قادة الإخوان هناك على نصح الأمريكان بقطع المعونة العسكرية ومحاصرة الحكام الجدد وغيرها من الأساليب التي تستهدف جميعها العودة إلى الحكم. وغاب عنهم أن من فشل والحكم بين يديه لن ينجح فيه وهو على قارعة الطريق ولو استقوى في ذلك بالقوى الأجنبية التي تبقى في ذاكرة الأمة ملتصقة بصورة المستعمر الذي تجب مقاومته. فعهد أجيالنا أجيالنا به وبمقاومته ما زال حيّا في ذاكرتهم وما زلنا لحدّ الآن نتغنى بأناشيد المقاومة ورموز النضال الوطني و”الخمسة اللي لحقوا بالجرة” حاضرون اليوم والبارحة في الفضاء الثقافي والسياسي للوطن ورموز الكفاح الوطني يعيشون بيننا بخطبهم المسموعة ونشاطاتهم المصوّرة فضلا عن مذكراتهم التي سجلوها في مختلف وسائل الاتصال. لهذا السبب قوبلت دعوة الحركة للأجانب بالتدخل في الشأن الداخلي بالرفض والإدانة من قبل المواطنين. وحتى الأحزاب المتحالفة معها لم تجرأ على مساندتها في ما ذهبت إليه. والذي لا يجب أن يغيب عن أذهاننا أن حركة النهضة لم تتورع عن ذلك في مختلف المحطات السياسية التي مرت بها. فخلال تسعينات القرن الماضي دعت إلى إجراء انتخابات تحت إشراف أممي وكأننا بلد مستعمر. وبعد 2011 ما إن ظهرت المعارضة الشعبية لحكم النهضة وانتشرت المظاهرات حتى خرج المستشار السياسي لرئيس الحركة في خطاب له يهدّدنا بحكم المرشد الذي لن يترك حكمهم يسقط وهو ما يعني أن مُعطى الشعور الوطني الذي هو رابط يجمع أبناء هذه الأرض صاغته تجربة تاريخية وآمال مستقبلية موحدة غائب لدى حركة النهضة، وإلا لما التجؤوا إلى من لا يؤمَن جانبه ومن كانت وما زالت لنا معه حسابات تاريخية لم تصفّ لحدّ الآن. هذا المعنى الذي تُقدَّم فيه مصلحة الجماعة على الوطن وتُؤثر فيه المنافع الحزبية على الحفاظ على الاستقلال الوطني نجده حاضرا في كل الحركات التي تخلط الدين بالسياسة ولأن الحركة الموجودة لدينا لم تقرأ تاريخ الوطن ولم تعرف الرفعة والسموّ والشعور الوطني الذي يتلبس نخبها لم تقرأ حسابا للعقاب الذي ينتظرها. ففي عشرينات القرن الماضي صدر قانون التجنيس الذي يتحصل بمقتضاه المتجنس على بعض المنافع المادية إلا أن الشعب عاقبه عقوبة لا تخطر على بال وهي الامتناع عن دفنه في مقابر المسلمين. وكأني بشعبنا يقول له لأنك ارتضيت لنفسك القبول بجنسية أخرى في حياتك وخرجت عن إجماع الأمة فإننا لا نملك إلا أن نمنع عنك شرف أن تدفن معنا في مقابرنا بعد موتك، ولعلي لا أجانب الصواب إن قلت إن ما أتته حركة النهضة هو أنكى وأشد لِما يلي:

1) التجنيس وقع والبلاد مستعمرة يحكمها المقيم العام. أما ما أتته الحركة من دعوة لقوى الاستعمار الجديد بالتدخل في الشأن الداخلي وتغيير المعادلات السياسية رغما عن الرغبة الشعبية فتم بعد أن قدمت البلاد الآلاف من الشهداء للحصول على الاستقلال وربت أجيالها الجديدة على العزة والكرامة الوطنية.

2) طالب التجنيس يتقدّم بصورة فردية للحصول على منافع التجنيس ولكن الحركة في استقوائها بالأجنبي على شعبها ونخبه تتقدم كتنظيم متحصل على الرخصة القانونية وهو ما يكسب خيانتها ثوب الشرعية والحال أن مجرّد التصريح بذلك كاف لمحاكمتها بتهمة الخيانة العظمى.

3) التجنس صفة تتلبس صاحبها فقط ولا يورّثها لأبنائه إلا إذا طلبوها بأنفسهم في حين تتحمل الأجيال الحالية والقادمة نتائج أي تدخل أجنبي في تحديد مصير البلاد ومن الواجب إيقاف أية محاولة للاستقواء بالأجنبي أيا كان صاحبها لأن استقلالية القرار الوطني أمانة ضحى أسلافنا من أجل الحصول عليها ولذلك يجب أن نسلمها كاملة لمن يأتي بعدنا من أبنائنا.

هكذا عاقب الشعب المتجنس في فترة كان فيها المستعمر صاحب السلطة ولم يكن الشعب أيامها قادرا إلا على المقاطعة . أمّا ما أتته حركة النهضة هذه الأيام والبلاد مستقلة فإن خطورته مضاعفة حيث يذهب الأستاذ في القانون الدستوري رابح الخرايفي إلى أن الطلب المباشر للتدخل الخارجي الذي صدر عن الحركة وعن بعض النواب يمثل جناية وتحريضا على الأمن الداخلي للوطن أدنى عقوبة فيها 5 سنوات.

ومما يدلّ على أن حركة النهضة أفلست في محاولاتها الاستقواء بالأجنبي أن الغنوشي لم يجد من بين نواب مجلسه من يمثله في البرلمان الأوروبي في النمسا سوى واحد من حزب القروي ليس له لا في العير ولا في النفير يتلعثم ويتهجى في قراءة رسالته باللغة العربية لأنها لو كانت بلغة من اللغات الأوروبية لكان أضحوكة الجلسة مثلما كانت حركة النهضة أضحوكة القوى الوطنية في ما هي عليه اليوم من حيص بيص.

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” بتاريخ الثلاثاء 17 سبتمبر 2021


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING