الشارع المغاربي – علي الكعلي- إصلاح المالية العمومية: أمان ستذهب أدراج الرياح...

علي الكعلي- إصلاح المالية العمومية: أمان ستذهب أدراج الرياح…

قسم الأخبار

2 فبراير، 2021

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: ليس غريبا على كثير من وزراء ما بعد سنة 2011 إطلاق الكلام على عواهنه بالوعود والتمنيّات وفي أحيان غير قليلة بأفكار تثير الدهشة. ووزير الاقتصاد والمالية علي الكعلي لم يشذ عن هذا التقليد الوزاري الجديد والمستغرب. فمنذ أن تقلد مسؤولية المالية والاقتصاد، كثيرة هي تصريحاته العجيبة طورا والبعيدة عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي التونسي أطوارا.

ودون العودة الى تصريحاته منذ شهر أي مباشرة بعد المصادقة على أول قانون مالية مختل والتي أكد فيها على ان التوازنات المالية للبلاد هي بخير وفي أحسن أحوالها في أوج الأزمة الاقتصادية الناتجة عن وباء كورونا، فقد كشف الكعلي يوم الأحد 31 جانفي 2021، أنه من المزمع الانطلاق في تجسيم مجموعة من “الإصلاحات” وهو مصطلح كثر استعماله منذ عقد كامل من الزمن لإنقاذ الاقتصاد او ما بقي منه ان صح التعبير، تتضمن التفويت في حصص الدولة ببعض المؤسسات والبنوك العمومية إضافة إلى إعادة النظر في كتلة الأجور وفي منظومة الدعم.

والملفت للانتباه أنّ الوزير نسي أنّ المؤسسات العمومية التي ينوي التفويت فيها أصبحت غير موجودة طبقا لمعايير المحاسبة باعتبار أنها استهلكت أموالها الذاتية بالكامل في خسائرها المتراكمة والتي بلغت حسب تقرير سابق لوزارته إلى 4755 مليون دينار في موفى 2018 في حين فاقت ديونها 6.5 مرات أموالها الذاتية المذكورة.

ولفت الوزير في ذات السياق إلى أنه سيتم الإعلان عن خطة لإعادة هيكلة المؤسسات العمومية التي يقتضي قانون الإجراءات الجماعية لسنة 1995 والمنقح في 2016 ضرورة إشهار إفلاس 31 مؤسسة منها على الاقل بحكم فقدانها بالكامل أصولها المالية وضياع رأس مالها.

كما أكد الوزير انه سيجري التحول الى الدعم الموجه خلال الأشهر القادمة علما أن هذا الدعم صار خارج سيطرة الدولة بالكامل سيما في ما يهم العديد من المواد الحساسة كالحبوب والزيت النباتي والسكر والاعلاف في ظل وجود مافيات ومجرمين يعبثون بقوت التونسيين أمام نظر ومسامع الجميع…

وعن كتلة الأجور، اعتبر الكعلي أن رواتب الموظفين وصلت إلى “الحد الأقصى” وذلك في تناقض تام مع مواقفه السابقة خاصة بعد موافقته على إدماج 32 ألف من عمال الحضائر في وظائف وهمية بالإدارة ومصادقته على زيادة رواتب مسؤولين بالإدارة بنحو 1432 دينارا الأسبوع الفارط. علما أنّ الترقيات في الوظيفة العمومية لم تتوقف خلال 2020 رغم منشور من رئيس الحكومة في هذا الشأن. والغريب في أمر الوزير أنه يتحدّث عن ضرورة التقشف في كتلة الأجور والحال أنها ارتفعت في 2020 وخلال مباشرته بـ12%.

الوزير أضاف قائلا أن مساعي جدية تبذل لدرس خيارات لاحتواء كتلة الأجور مثل تقليص محدود في أجور الراغبين في ساعات عمل أقل. وهو أمر يبيّن عدم معرفة تامة بمنظومة التأجير في القطاع العام اذ ان الموظفين لا يتقاضون أجورا حسب السلم الزمني وهو ما كان من الممكن ان يعرفه الوزير لو اطلع على القانون الأساسي الخاص بموظفي الدولة عدد 112 لسنة 1983.

وبين وزير المالية ان الدولة في حاجة إلى تمويل بقيمة 19 مليار دينار في سنة 2021، قال إنّ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي سيكون في حدود 5 أو 10 % من ذلك المبلغ رغم نفي الصندوق وجود أية مفاوضات في هذا الصدد في بداية شهر جانفي الفارط. وأمعن علي الكعلي في التفاؤل اذ أوضح أنه من المنتظر ان تخرج تونس للسوق المالية العالمية لتعبئة 3 مليارات دولار أي ما يعادل 8.1 مليار دينار مع ضمان أمريكي في حدود مليار دولار علما أن تونس لم تفتح بعد أية قناة دبلوماسية في هذا الخصوص سيما ان الرئيس الأمريكي الجديد بايدن مازال في الأيام الأولى لمباشرته لمنصبه.

من ناحية أخرى يؤكد العديد من الملاحظين أن وضعية تونس المزرية سياسيا واجتماعيا واقتصاديا لا تخول لها الحصول على أكثر من 300 مليون دولار أي 800 مليون دينار لدى السماسرة والمرابين بنسبة فائض لا تقل عن 11 بالمائة ولفترة تسديد لا تتجاوز 3 سنوات باعتبار تصنيف تونس من قبل كافة هيئات التقييم الائتماني كبلد عالي المخاطر للغاية (ب 2) مع آفاق سلبية.

وفي جميع الحالات فان اماني الوزير كغيره من سابقيه ستذهب بشكل محقق أدراج الرياح في خضم أزمة اقتصادية يسعى الجميع عن وعي او عن غير وعي لتكريسها وإغراق مجتمع كامل في أوحالها.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING