الشارع المغاربي – عودة مدرسية مرتهنة بنقابة "نقل تونس"

عودة مدرسية مرتهنة بنقابة “نقل تونس”

قسم الأخبار

11 سبتمبر، 2020

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: هي متاهة يصعب سبر أغوارها باعتبار انها مؤسسة عمومية تمسك بزمام النقل في تونس الكبرى وبها نقابة رئيسية ونقابات فرعية تخص كل منها سلكا معينا للأعوان العاملين فيها. المؤسسة هي شركة “نقل تونس” الشهيرة بمعاناة المواطنين من خدماتها وركوبهم الاهوال لقطع مسافات لا تزيد عن بضع كيلومترات واضراباتها الفجئية وسوء المعاملة وما الى ذلك من إشكاليات.

“نقل تونس” هي أيضا قلعة من “قلاع” نضال الاتحاد العام التونسي للشغل الذي حقق فيها لمنظوريه مكاسب ارتقت براتب ابسط عون فيها الى مستوى اجرة أستاذ جامعي محاضر حيث يصل متوسط الراتب الشهري لأكثر من 7.5 ألاف عون يعملون بها الى 2.790 دينار خام دون اعتبار الامتيازات العينية العديدة التي تهم المأكل والملبس والرحلات والقروض وسلفات الأعياد والهبات وغيرها.

“مكاسب” نقابية لا تحصى

غير أن ذلك لا يكفي، إذ اكدت اليوم الجمعة 11 سبتمبر 2020 نقابة الشركة أن أعوانها سيخوضون “ملحمة تاريخية” مع العودة المدرسية أي في الخامس عشر من هذا الشهر بالإضراب عن العمل ورهن مئات الالاف من التلاميذ والاولياء حتى تتحقق مطالبهم “المشروعة” وتتعلق هذه المرة بتحسين حالة الأسطول!

وتواترت، في المدة الأخيرة، وبنسق غير مسبوق الإضرابات العشوائية لأعوان الشركة في سياق مطالبات مستمرة بالزيادة في الأجور ومنح المردودية وإدماج أبناء الموظفين بانتدابهم صلبها وتحسين ظروف العمل وهي مطالب يتبناها نحو 20 هيكلا نقابيا تمثل أسلاكها الناشطة في الشبكة وقطاع الاستغلال وكذلك الهياكل الفنية والإدارية. وقد أثرت هذه الوضعية على نوعية الخدمة بهذا المرفق العمومي الحيوي خصوصا انه يتم باستمرار اتخاذ مستعمليه كرهائن بحكم أن الإضرابات تجري عموما بشكل مفاجئ مما يؤدي إلى إيقاف نقل الركاب دون سابق إعلام وتعطل مصالحهم.

وتشير آخر القائمات المالية المحينة والصادرة عن شركة “نقل تونس” إلى أنّها تشكو من عجز ماليّ يناهز 800 مليون دينار بما يعني أنها قد استهلكت أموالها الذاتية أربع مرات وهي التي تقدر بنحو 200 مليون دينار، حسب ذات القائمات علما أن دعم الدولة السنوي لقطاع النقل برمته لا يتجاوز 500 مليون دينار. ومن هذا المنطلق وحسب مقتضيات مجلة الشركات التجارية فانه من المفروض إعلان الشركة في حالة إفلاس باعتبار عجزها وانعدام ملاءتها المالية.

سقوط مستمر

ويعود العجز المالي الضخم أساسا حسب المعطيات المحاسبية للشركة إلى الترفيع المستمرّ في الأجور والأعباء المتصلة بها وتفاقم ديونها الى نحو 1219 مليون دينار وارتفاع مستحقات المزوّدين المحلّيين والأجانب لديها بما يقارب 15 مليون دينار. وتواصل “نقل تونس” نشاطها، بالأساس، عن طريق القروض البنكية بقيمة 624 مليون دينار والتي يوفرها بالأساس أحد البنوك العمومية الكبرى الى جانب الدعم الذي تمنحه لها الدولة وهو الأمر الذي لا يسمح لها بصرف الرواتب والمنح والامتيازات ومكافآت الساعات الإضافية، حسب نسق طلبات الأعوان المتزايدة، بحكم الضعف الحاد لمداخيل الشركة والتي لا تمكّن لوحدها من مواجهة هذه الأعباء.

وتؤكد شركة “نقل تونس” أنه ستتم إحالة 700 شخص على التقاعد المبكر في إطار إستراتيجية إصلاح وهيكلة الشركة وان ذلك سيشمل عددا من الأعوان الذين هم في حالة عدم مباشرة لوجودهم في عطل مرضية نتيجة العجز، علما أنه يوجد 140 عونا آخر لا يقومون بأي نشاط مهني حقيقي ولكنهم موجودون فيها بسبب عدم توفر مهمة واضحة يقومون بها حسب تقييم الشركة.

وفي سياق متصل، ما فتئ العديد من المتابعين لشؤون النقل العمومي في البلاد يؤكدون على مقاطعة العديد من المسافرين للشركة خصوصا في السنوات الأخيرة وتوجّههم إلى القطاع الخاصّ، وذلك أساسا جرّاء الاحتجاجات الاجتماعية المتواصلة بما يؤدي الى الاضطرابات المتكرّرة والمستمرة في مواعيد الرّحلات.

وطالبت مؤخرا نقابات الشركة بإسناد منحة الإلزام للإطارات الفنية وبتمكينهم من الساعات الإضافية وبتنظير الشهائد العلمية للأعوان بمختلف رتبهم وخططهم وإعادة تصنيفهم، وكذلك بتمكين الطرف النقابي بشكل دوري من الخطط والبرامج المحيّنة لإعادة هيكلة الشركة.

ونظم أواخر نوفمبر الفارط منتدى خير الدين وهو مجمع بحثي وأكاديمي مستقل ندوة حول ديناميكية النقل في تونس العاصمة ليتضح من خلال كافة المداخلات تقريبا أن الوضعية مزرية بعد أن بلغت مرحلة متقدمة من التعكر، في هذا المجال وعلى نحو خاص، بما يهدد استمرارية مرفق النقل العمومي فيها بعدم لعب دوره التاريخي وحتى تلاشيه تدريجيا، بمختلف وسائطه.

وتم التطرق باستفاضة إلى الوضعية المالية لمؤسسة “نقل تونس” والتي تم وصفها بالخانقة وكذلك إلى الإشكاليات التي تحول دون استكمال انجاز مشروع شبكة النقل الحديدي السريع على النحو الأمثل وطبقا للأهداف المحددة.  وجرت الإشارة إلى أن معدات المترو الخفيف قد استهلكت بالكامل والى ان طاقاتها التشغيلية استنزفت كما وقع التوضيح بأنه ومن جملة 1200 حافلة توجد 500 حافلة خارج الخدمة نهائيا.

https://www.transtu.tn/uploads/FCK_files/RA%20AR%202016.pdf?fbclid=IwAR0RACEGIML35_aelC8g-8L3vaibUUF7ZJAMKqMnH_B8VtJVh7foBRxpEwQ


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING