الشارع المغاربي – مافيا الأعلاف: عائلات نافذةُ تُحدّد أسعار وتوقيت البيع وتوزيع الحصص

مافيا الأعلاف: عائلات نافذةُ تُحدّد أسعار وتوقيت البيع وتوزيع الحصص

قسم الأخبار

14 أكتوبر، 2020

الشارع المغاربي -كريمة السعداوي : على مرأى ومسمع الجميع من سلطة واتحاد الفلاحة والصيد البحري وغيرهما من الهياكل المتدخلة في الشأن الفلاحي تتفاقم يوما بعد يوم ظاهرة استحواذ بعض الأطراف وهي تحديدا “عائلات” متنفذة على قطاع الأعلاف احتكارا وترويجا لتحدد أسعار البيع وتوقيته وتوزيع الحصص بما تسبب في إنهاك الفلاحين سيما الصغار منهم وخلق مضاربة مباشرة تهدد قوت المستهلك وديمومة قطاع تربية الماشية برمته.

وتفاقمت هذه الظاهرة خصوصا خلال السنوات الأخيرة بما أدى الى أزمة حادة في مجال الأعلاف في غياب أية إجراءات لتقنين وتنظيم عملية توزيعها على الفلاحين في مختلف الجهات. وتعددت الوقفات الاحتجاجية لمربيي الماشية والأبقار أمام الاتحادات الجهوية للفلاحة خاصة في الولايات التي يرتفع فيها عدد المربّين احتجاجًا على سوء توزيع العلف لاسيما مادة “السداري” وسط تأكيدات بوجود شبهات فساد في التصرف في العلف المدعم.

قطاع ينهكه الفساد

يطالب مربّو الماشية باستمرار بمزيد مراقبة عملية توزيع العلف التي تحوم حولها شبهات على غرار منحها بالمحاباة، مع الدعوة إلى ضرورة تقليص توريد العلف المركب ودعم قطاع إنتاج العلف المحلي بأقل تكلفة، على غرار توفير الذرة والبرسيم والفول والشعير وعباد الشمس وغيرها من الأعلاف التي كانت تستعمل في السابق قبل ظهور ما يعرف بتوريد العلف المركب من الخارج بكلفة باهظة تستنزف العملة الاجنبية.

وتستورد الدولة العلف المركب المتكون من قوالب اللفت السكري وقوالب “الفصة” والذرة والشعير و”الصوجا” عن طريق شركات خاصة في سياقات احتكارية بعد تخلي الديوان الوطني لتربية الماشية وتنمية المراعي عن القيام بهذا الدور لأسباب يحيط بها الكثير من اللبس والغموض.

ويؤكد العديد من منتجي الحليب واللحوم استغناء أغلب منتجي الأبقار عن قطعانهم نتيجة ارتفاع كلفة العلف المركب بالإضافة إلى عدم توزيعه بصفة عادلة على الفلاحين خاصة صغار مربيي الأبقار والمواشي سيما أنّ أغلب الفلاحين كانوا يعتمدون على العلف المنتج في تونس أو زراعة الأعلاف في أراضيهم، وأن جل مربيي الأبقار والماشية لا يملكون اليوم مراعي.

ويستوجب الوضع بداهة عودة الديوان الوطني لتربية الماشية لتوفير المرعى والعودة إلى سالف نشاطه وتشجيع مربيي الأبقار وكافة الفلاحين مثلما جرى العمل سابقًا، إلى جانب العمل على توسيع المساحات المخصصة لزراعة الذرة العلفية وبقية الأنواع المحلية للتقليص من استيراد العلف. ولكن أطرافا عديدة ونافذة تعرقل هذا التمشي وتستغل الازمة الحالية في قطاع الأعلاف لتحقيق ثروات طائلة.

ويتحدث الفلاحون عن شبهات فساد في توزيع الأعلاف في ظل الاستياء من طريقة التوزيع التي لا تعتمد، وفق تقديرهم، الطرق القانونية خاصة قاعدة بيانات تلقيح المواشي المتوفرة بخلايا الإرشاد الفلاحي بالجهات التي تعتبر المرجع الأساسي لتوزيع العلف على الفلاحين من مربيي المواشي.

ويشهد قطاع تربية الماشية والأبقار بشكل خاص في السنوات الأخيرة مشاكل عديدة في علاقة أساسًا بارتفاع كلفة الإنتاج وتحديدًا ارتفاع سعر العلف الذي يتفاقم من عام الى آخر لارتفاع الاداءات وهبوط الدينار، إضافة لصعوبة ترويج المنتوج، وهو ما أدى لتفاقم أزمة التسويق تبعا لارتفاع الأسعار وتراجع المخزونات التعديلية للسوق. وأدت هذه الصعوبات، التي لم تجد لها الجهات المتدخلة حلولا، إلى تراجع قطيع الأبقار بعد تقلص عدد صغار مربيي الأبقار الذين اضطروا إلى بيع قطعانهم دون أن يتمّ التجديد، أو تهريبها إلى الجزائر أو ذبحها وبيعها لحومًا.

الأمراض والتهريب يفتكان بقطيع الماشية

يشهد قطاع تربية الماشية وبشكل خاص في الاعوام الأخيرة تكاثر اصابة القطيع بعدة امراض أبرزها السل واكتشاف الاصابات عموما بعد ذبح الحيوانات وهو ما يزيد من مخاوف المستهلك علما أن نسبة التلقيح لا تتجاوز 10%.

ووفقا للتنسيقية الوطنية لبرنامج التأھیل الصحي لقطيع الأبقار بوزارة الفلاحة والموارد المائیة والصید البحري فإن التقديرات تثبت أّن أكثر من 30 % من قطيع الأبقار مصاب بمرض السل، علما أّنه يمكن بذلك اعتبار دخول المرض مرحلة الاستيطان في البلاد.

يذكر أن المناطق الكبرى لتربية الماشية بدأت في تسجيل تراجع القطعان اذ شهدت ولاية الكاف تراجعًا كبيرًا في عدد الأبقار الحلوب حسب بيانات أصدرتها مؤخرا دائرة الانتاج الحيواني بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بالجهة. وتراجع إنتاج الحليب إلى أقل من 55 مليون لتر لارتفاع كلفة الإنتاج إلى جانب ظاهرة تهريب الأبقار خصوصًا نحو الجزائر. كما تعرف ولاية صفاقس هي الأخرى تراجعًا ملحوظا في عدد الأبقار الحلوب بنسبة 20 % بسبب غلاء أسعار الأعلاف المركبة خاصة أنّها مستوردة ولا يتم انتاجها محليًا مع تذبذب سعر صرف الدينار إلى جانب بقاء سعر بيع الحليب على ما هو عليه ولم يتطوّر بتطور كلفة الإنتاج مما تسبب في اختلال في توازن منظومة الإنتاج.

ويجمع أغلب مربيي الأبقار على وجود سوء تصرّف في توزيع  “السداري” وهي العلف المدعم، وغياب المراقبة حول التصرّف في هذا النوع من العلف وضمان حسن توزيعه إلى مستحقيه من الفلاحين والمربين بطريقة أكثر تنظيمًا.

لا يختلف الأمر كثيرًا في ولايات الجنوب كولاية قابس، فقد انخفض عدد الأبقار المنتجة للحليب من قرابة 8 ألاف إلى النصف، وتراجع إنتاج الحليب من 37 إلى 20 مليون لتر وفق وحدة الإنتاج الفلاحي بالجهة أيضًا.

وبغض النظر عن الوضعية في هذه الجهات التي تراجع فيها عدد قطيع الأبقار من جملة جهات أخرى، فان وحدة الانتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري تشير إلى وجود نقص في عدد الأبقار على المستوى العام بلغ 50 ألف رأس مما سيؤدي إلى تراجع الإنتاج وغياب المخزونات التعديلية، كما سيدفع الدولة في كلّ مرّة إلى تعديل السوق عبر استيراد الحليب خاصة في المواسم الاستهلاكية الكبرى.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING