الشارع المغاربي – الطبوبي : "كورونا" أعاد للدولة التونسيّة إعتبارها

الطبوبي : "كورونا" أعاد للدولة التونسيّة إعتبارها

قسم الأخبار

1 مايو، 2020

الشارع المغاربي-قسم الأخبار: احتفال اتحاد الشغل باليوم العالمي لعيد الشغل الموافق لغرّة ماي من كلّ سنة، كان أستثنائيا ولاول مرة دون التجمهر والتجّمغ في ساحة محمد علي إذ إقتصر على خطاب للأمين العام للإتّحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، ثمّن من خلاله كلّ المجهودات المتكاتفة في ظلّ أزمة “كورونا” خاصّا بالذكر الإطار الطبّي وشبه الطبّي وعمّال النظافة والأمن والجيش، وتطرّق فيه الى الحديث عن جوانب كثيرة لإنعكاسات تفشي الوباء في تونس وفي العالم.
وإستهلّ الطبوبي خطابه الذي نُشر على الصفحة الرسميّة للإتحاد بموقع “فايسبوك” اليوم بالقول “أخواتي واخوتي في النضال حماة الاتحاد عاملات وعمال تونس بالفكر والساعد بنات وأبناء تونس الأحرار، ككلّ سنة في مثل هذا اليوم نحتفل بعيد العمّال العالمي ولكن إضطرتنا الظروف العالميّة والوطنية الى أن يكون إحتفالنا هذا العام استثنائيا نحييه معا ولكن كلّ في بيته حتى لا نفقد حرارة اللقاء والاجتماع وفرحة التضامن والتآزر، نحيي اليوم العالمي للعمّال تخليدا لذكرى عاملات وعمّال شيكاغو بالولايات المتحدّة الأمريكية الذين انتفضوا في مثل هذا اليوم سنة 1886 على قوى الإستغلال وغلات الإستبداد ورسموا بصمودهم وتضحياتهم طريق الحريّة والانعتاق وفتحوا لمن جاؤوا من بعدهم في الحركة العمالية العالمية الآفاق رحبة لمراكمة المكاسب والحقوق”.
وتابع “حماة الاتحاد بُنات الوطن، بنات وابناء تونس الاحرار يعود علينا عيد العمال العالمي هذه السنة وبلادنا كسائر بلدان العالم تعيش على وقع جائحة وبائية كشفت هشاشة العالم الرأسمالي وتفككه  وحطّمت جبروة أعتد الدول وأكثرها قوة ونفوذا” مضيفا ” لقد اصبح العالم بين عشيّة وضحاها أمام وباء “كورونا” الزاحف في حالة شلل شبه تام وباتت كلّ الأشطة في حالة عطالة كاملة وصار كل التقارب الإجتماعي ممنوعا والبعد الجسدي عن الأهل والأحباب واجبا مفروضا”.
وقال الطبوبي “يعود علينا عيد الشغل العالمي والعالم يحصي ضحاياه التي باتت تعد بالملايين من المصابين وبمئات الآلاف من الوفيات…الشكّ والريبة والخوف والقلق إستبدّ بالجميع الأغنياء كما الفقراء والكبار كما الصغار انتفت كلّ الفوارق ودُكّت كلّ الحصون والجدران التي بنتها قيم الرأسمالية والعولمة في وجه الإنسان حتى تخلت دول عن علاقاتها التي حاولت ترتيبها منذ عقود مع دول الجوار واستفرد الوباء ببلدان كثيرة كإيطاليا وإسبانيا اللتين لم تجدان العون والنجدة من دول التحالف الأوروبي القريب منهما”.
وتابع “اليوم صار كلّ كبير صغير أمام وباء كورونا وأصبح كلّ قوي ضعيف وبقدرة قادر أصبحنا جميعا متساوين وعلى نفس المسافة من العدوّ المشترك فأعاد لنا هذا العدوّ الوبائي وعينا لإنسانيتنا بعد أن مزّقتها الأطماع واغوتها غريزة التسلّط والإستبداد والتهافت على تحطيم الآخر وإذلاله وتركيعه بتعلّة التفوق المالي أو العسكري أو العددي أو الجسدي” مستدركا “لكنّ الحرب التي نخوضها اليوم مع بقيّة شعوب العالم ليست كبقيّة الحروب بل هي استثنائية فهي تختلف من حيث طبيعة العدو وتختلف من حيث وسائلها وعتادها والجيوش التي تقودها…فوسائل هذه الحرب هي العلم والمعرفة والوعي الجماعي، وعتادها المستشفيات ومخابر التحليل والمعامل المصنّعة للأدوية والكمامات والقفازات وخدمات النظافة والرقابة والأمن والوقاية، وجيوشها جحافل الأطبّاء واعوان التمريض والإسعاف والانعاش وأولوية التنظيف والتعقيم والأمن والجيش، وحزامها المتطوّعون من نشطاء المجتمع المدني والمواطنون ومصانع التمويل والخدمات وهم جميعهم من عمال الفكر والساعد” مقدّما تحيّة إكبار وإجلال لكلّ الإطار الطبي وشبه الطبّي وعمّال التنظيف وأعوان البريد والإتّصالات والكهرباء والمياه والغابات وتربية الماشية والفلاحة والنقل ومصانع المواد الحياتية من أدوية ومواد غذائية.
وتابع  ” احيي بهذه المناسبة كذلك الأمن والجيش والإعلاميين الشرفاء وكلّ شباب المجتمع المدني المتطوّع، على سخاء عطائهم وعلى روح التضحية التي لديهم وعلى نضج وعيهم بالمسؤولية رغم شحّ الإمكانات وخطورة المضاعفات..التقدير والإجلال أيضا لما أبداه ويبديه الشعب التونسي رغم بعض التسيّب في الإنضباط والالتزام ومن تضامن وتفهّم بين الأفراد لإنجاح قرار الحجر الصحّي العام الذي مكّن الصف الأوّل من الارتقاء بأدائه لإحتواء جائحة “كورونا” وإبقائها إلى حدّ الآن في مستويات معقولة ومقبولة”.
واضاف “نحن على يقين من أنّ الفيروس اللّعين مؤقّت ومآله الزوال ولكنّنا على يقين ايضا من أنه سيكون هناك حديث في المستقبل عمّا قبل كورونا وما بعدها…كلّ المؤشّرات تؤكّد أنّ العالم بسائر مجتمعاته مقبل على مراجعات جذرية في مستوى القيم والمفاهيم والتقديرات والمقاربات كما في امستوى العالاقات والسلوكات وعلينا في تونس أن نستعدّ لذلك”.
واعتبر الطبوبي أنّ أزمة كورونا فرضت مراجعة إجتماعية على العديد من المهن والقطاعات وانّها “مكّنت من إعلاء مهن وفئات إجتماعيّة عانت كثيرا  من الإقصاء والتهميش والتحقير وابرزت الدور الحيوي للإطار الطبّي وشبه الطبي ولعمّال وعاملات النظافة وللفلاحين وللأمنيين الشرفاء وغيرهم.. وقد وجب إعادة الإعتبار المعنوي اليهم والاعتراف بفضلهم وتثمين جهودهم وتضحياتهم وعطائهم”.
وإستدرك الطبوبي قائلا “ولكنّ الأزمة كشفت في نفس الوقت الدور التخريبي لشرائح من المحتكرين والمهربين والمتهربين والسماسرة والفاسدين الذين ظلّوا طوال حياتهم يقتاتون على المأسي ويستثمرون في الأزمات.. وجب ردعهم”.
وأضاف “كما سفهت الأزمة كذبة استعداء القطاع العمومي ومصادرة المرفق العام بإسم قانون السوق وحرية المبادرة الخاصّة” معتبرا إياها “مغالطة روّج لها بعض الساسة ورجال الأعمال..بيّنت جائحة كورونا أنّه لا معنى للفرد خارج إطار الجماعة وأنّ لا مستقبل للجماعة دون تماسك وتضامن الأفراد وأنّ القطاع العام هو الصمام الأمامي في وجه كل الأزمات وفي كلّ المجتمعات وأنّ لا معنى للدولة من دونه فهو السلاح الوحيد ليها لمقاومة الإحتكار وتعديل السوق ومقاومة منطق الربح والغنيمة وهو السند والداعم لكلّ عمق اجتماعي تبغى الدولة بلوغه”.
وشدّد الطبوبي على أنّ “ربّ ضرّة نافعة” مشيرا الى أنّ أزمة كورونا أعادت للدولة إعتبارها ووظيفتها كمايسترو يؤمّن تناغم الأوركسترا ذات الإيقاعات المختلفة والمتنوعة، متابعا “إعادة الاعتبار للمرفق العام ولمكانته ودوره الحيوي وطرحت التسريع بإنقاذ المؤسسات العمومية بمقاربة تشاركية تضمن عموميتها وديمومتها وقدرتها على إستعادة دورها الإقتصادي الريادي..كما زادت الأزمة من تعرية الخلل الإجتماعي الفاضح في بلادنا كما في بلدان العالم وأظهرت الهوّة العميقة بين فئات واسعة مُفقّرة ومُهمّشة ومقصاة ومعطّلة عن العمل مقابل فئات قليلة تحوز كلّ الإمتيازات”.
ولفت أمين عام الاتحاد إلى أنّ وباء كورونا أظهر “الحيف الذي سلّطته الأنظمة المتعاقبة على تلك الفئات الهشّة ممن وجدوا أنفسهم بلا ضمانات وبلا مداخيل وبلا مستقبل، مجبرين على العيش على الصدقات والهبات والمنح بدل العمل والإنتاج والعيش الكريم”.

وتابع” هناك ظلم مسلّط على فئات كثيرة من العمّال والموظّفين ممن أجبروا على القبول بأجور هزيلة وقي بغياب للحماية الاجتماعية وبعقود وأشكال انتداب مُهينة لا تضمن الحدّ الأدنى من العيش فضلا عن الكرامة وهم المتعاقدين في عديد القطاعات العمومية وعمّال الحضائر والأساتذة والمعلّمين النواب في إطار أشكال العمل الهش الذي وجب وضع حدّ له كما لم يعد مقبولا بتاتا أن تظلّ أجور عشرات الآلاف من العمّال أقلّ من الأجر الأدنى وأن تستمرّ معاناة عشرات الآلاف من المتقاعدين ممّن حرموا من حقوقهم وحازوا بعد سنين من البذل والعمل على جرايات أقلّ بكثير حتى من جرايات الشيخوخة رغم الاتفاق مع الحكومة السابقة على تسويتها”، مؤكّدا أنّه ” لن نقبل أن تنتهك كرامة العمّال وأن تنتهك حقوقهم في دولة دستورها يفرض احترام كرامة الإنسان ويضمن نفاذ القانون وسيادته”.

 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING