الشارع المغاربي كريمة السعداوي: أصدرت مؤسسة “اي ايتش اس ماركت” أمس الاثنين 8 فيفري 2021 المتخصصة في التحاليل الاقتصادية وإنجاز تقارير دورية حول أسواق المال في العالم تقريرا خصصت قسما مهما منه لدراسة وتقييم الإعلان الأخير لتونس اعتزامها الخروج للأسواق المالية العالمية لتعبئة موارد بقيمة 3 مليارات دولار (8.2 مليارات دينار) بغرض تغطية عجز ميزانية العام الحالي.
ووصف تقرير المؤسسة الذي نشرته على موقعها الرسمي اعلان تونس بأنه حدث مهم للسلط في البلاد وحتى على مستوى الساحة المالية العالمية في ظل اشتداد الضغوط المالية عليها وتحديدا تلك المتعلقة بالتداين الخارجي والتي ترى أن خلاصها من هذه الضغوط يرتبط بشكل وثيق بالتداين على المدى المتوسط وبإصدار سندات تداين بالدولار الأمريكي مهمة من حيث القيمة على المدى القريب. وحسب التقرير يتوقف نجاح العملية على موقف الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وضمانها .
وذكّرت “اي ايتش اس ماركت”، في هذا الإطار، بتصريح وزير الاقتصاد والمالية ودعم الاستثمار علي الكعلي الذي أدلى به يوم 1 فيفري الجاري لوكالة الأنباء العالمية “رويترز” والذي برر فيه توجه الدولة التونسية لاكتتاب قروض إضافية سيما من الصنف الرقاعي في أسواق مالية مختلفة بالعالم على غرار أسواق آسيا وأمريكا الشمالية بقيمة 3 مليارات دولار مع البحث عن ضمان امريكي في ما يتعلق بمليار دولار امريكي (2.7 مليار دينار) من اجمالي المبلغ المزمع تعبئته.
في جانب اخر، أبرز تقرير المؤسسة أن المؤشرات المتعلقة بمديونية تونس تؤكد أنها تحولت الى مديونية غير مستدامة وغير قابلة للتحمل باعتبار أن قائم الدين العمومي يمثل نسبة 90 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي وان عجز الميزانية المنتظر لسنة 2020 يناهز 11.5 بالمائة من ذات الناتج.
وأكدت أن الكعلي صرح كذلك بأن تونس تسعى للحصول على دعم أمريكي في شكل ضمان قيمته مليار دولار للحصول على السيولة المقابلة في سوق السندات الامريكية علما ان تونس كانت قد التجأت الى مثل هذا التمشي في السابق حيث جرت اخر عملية من هذا الصنف سنة 2016 على مدى خمس سنوات وبنسبة فائض تساوي 1.416 بالمائة وذلك بضمان الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وبعد الحصول على الضوء الأخضر من صندوق النقد الدولي غداة إتمام اتفاق يتعلق بقرض ائتماني مهم. وقبل ذلك تمكنت تونس في 2012 و2014 من الحصول على ضمانات أمريكية مماثلة.كما أوضحت المؤسسة أن لهيئات التصنيف الائتماني والسيادي تحفظات على مستوى استدامة مديونية تونس وقدرتها على الإيفاء بالتزاماتها مشيرة، في هذا الصدد، إلى أن وكالة “فيتش رايتينغ” الامريكية تعتبر أن ضغوط التداين على تونس كبيرة وان البلاد أصبحت مرتبطة بصفة مهمة بالتداين الخارجي مستشهدة بوصول نسبة الدين العام الى 73 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2019. وختم تقرير “اي ايتش اس ماركت” تقييمه للأوضاع المالية في تونس بالتركيز على أهمية الحاجات التمويلية الخارجية لميزانية 2021 والمقدرة بنحو 5 مليارات دولار (13.6 مليار دينار) مقابل مستحقات عالية للغاية لتسديد دين عمومي (داخلي وخارجي) قيمتها 6 مليارات دولار (16.3 مليار دينار) مما يجعل دعم صندوق النقد الدولي حاسما وفي غاية الأهمية.
وأوضح التقرير ان “فيتش رايتينغ” اكدت ان قيمة أقساط الديون الخارجية المستحقة على تونس لسنة 2021 تصل الى 2.2 مليار دينار (6 مليارات دينار) قال انها تتضمن سندين رقاعيين مضمونين من قبل الوكالة الامريكية للتنمية الدولية قيمة كل واحد منهما 500 مليون دولار (1360 مليون دينار) عجزت البلاد عن سداد أحدهما ورفض الجانب الأمريكي مطلب إعادة جدولة الدين لاعتباره أن البلاد التونسية لا تستجيب لشروط مثل هذه العمليات.
على مستوى الافاق، جرى التشديد على ان نفاذ تونس للأسواق المالية الدولية مرتبط بالدعم الأمريكي ولكنه وبالرجوع للمقومات الخاصة باقتصاد البلاد فإن تونس تمثل خطرا عاليا في مجال التصنيف السيادي للاقتراض. وذكّرت “اي ايتش اس ماركت” ان علي الكعلي كان قد صرح لـ “رويترز” بأن المساعي الرسمية متواصلة لإعادة التوازن للمالية العمومية رغم اقراره بصعوبة وضع تونس ولكن ذلك لا يعني، حسب تقديره، ان السلط عاجزة عن خلاص الأجور أو تسديد الدين العمومي.