الشارع المغاربي – أزمة خانقة في جنوب الجزائر

أزمة خانقة في جنوب الجزائر

4 مايو، 2018

الشارع المغاربي – منير السويسي* : بعد أن جعلت أوروبا انطلاق قوارب المهاجرين غير الشرعيين من ليبيا وتونس باتجاه السواحل الجنوبية لـالقارة العجوز، أمرا أكثر صعوبة، أصبح جنوب جارتنا الشرقية، الجزائر، وجهة لعشرات الآلاف منالحارقينالقادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

حوالي 500 مهاجر غير شرعي من إفريقيا جنوب الصحراء، يتدفقون يوميا على جنوب الجزائر. رقم مفزع كشف عنه حسان قاسيمي رئيسالمركز العملياتي لتسيير الأزماتفي وزارة الداخلية الجزائرية ومدير الدراسات المكلف بالهجرة بالوزارة.

المسؤول قال (في تصريح أدلى به يوم 23 أفريل الماضي) للإذاعة الحكومية الجزائرية (ثم في ندوة صحفية عقدها يوم 26 من نفس الشهر)  إنالتدفق المستمر و المقدّر بحوالي 500 مهاجر/يوميا على الأقل نحو الجزائر يثير انشغال سلطات البلد على أعلى مستوى“.

وساعدت شبكات لتهريب البشر في تدفق أرقام قياسية من المهاجرين غير الشرعيين على ولايتيْأدراروتمنراست” (الجزائريتيْن) الحدوديتين مع النيجر ومالي، وفق قاسيمي.

وتعتبر مالي والنيجر البوابتان الرئيسيتان للمهاجرين غير الشرعيين باتجاه الجزائر التي ترتبط مع هذين البلديْن بحدود برية طولها 2500 كيلومتر.

وللجزائر حدود مترامية مع 6 دول هي ليبيا وتونس (شرقا) والنيجر (جنوب شرق) ومالي (جنوب غرب) والمغرب وموريتانيا (غربا).

عدد المهاجرين فاق عدد السكان في بلدية جزائرية

بحسب حسان قاسيمي، تدفق نحو 7 آلاف مهاجر غير شرعي، سنة 2016، على بلديةبرج الحواسبولاية إليزي الحدودية مع تونس والنيجر وليبيا.

وبذلك فاق عدد المهاجرين عدد السكان الأصليين في هذه البلدية التي يقطنها نحو 6 آلاف نسمة.

واعتبر المسؤول الجزائري أن توافد المهاجرين بهذا الحجميهدد النسيج الاجتماعي للبلادويندرج ضمنعمليات نقل سكان من دول أخرى لأهداف خطيرة لا يمكن القبول بهاويخفي مطامع للتدخل الأجنبيفي الجزائر الغنية بالنفط والغاز.

  ولاحظ أن الجزائر وجدت نفسها منذ نهاية 2014، في مواجهة تنقل جماعي للسكان من عدة بلدان إفريقية، هي على الخصوص: مالي والنيجر ونيجيريا وبوركينافاسو وغينيا وكوت ديفوار“.

وقدّر عدد المهاجرين الأفارقة المتواجدين في الجزائر حاليا بـعشرات الآلافدون أن يقدّم رقما محددا بشأنهم.

وتقول وسائل إعلام إن العدد 50 ألفا (من 10  جنسيات) إلا أنه متغيّر باستمرار بسبب التدفق المتواصل للمهاجرين وأيضا بسبب عمليات الترحيل التي تقوم بها السلطات الجزائرية. 

ونبه حسان قاسيمي من أن ولايات جنوب الجزائرلن تكون لامبدوزا إفريقيافي إشارة الى الجزيرة الإيطالية التي يقصدها المهاجرون غير الشرعيين من جنوب المتوسط.

وفي السنوات الأخيرة، قدمت أوروبا مساعدات كبيرة لكل من تونس وليبيا حتى تُحْكِما مراقبة سواحلهما التي تمثل نقطة انطلاق رئيسية لقوارب المهاجرين غير الشرعيين باتجاه جزيرةلامبدوزاالايطالية. وقد ساهم تشديد المراقبة في تراجع كبير لعددالحارقينانطلاقا من سواحل تونس وليبيا.

وفي 2016، وقع الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفاقا لغلق طريق بحري يؤدي إلى الجزر اليونانية وذلك بعد أن سلكه نحو مليون مهاجر غير شرعي دخلوا أوروبا سنة 2015.

وتوقع المسؤول الجزائري تدفقمئات الآلافمن المهاجرين الأفارقة على الجزائر في المستقبل بعد أن جعلت أوروبا الوصول إلى سواحلها أمرا أكثر صعوبة أمام المهاجرين غير الشرعيين من دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط.

وقال إن 700 ألف شخص علقوا في ليبيا بسبب عدم تمكنهم من بلوغ السواحل الأوروبية، يمكن أن يدخلوا التراب الجزائري، مضيفا أن نحو 15 مليون شخص في دول الساحل الافريقي مستعدون للتنقل شمالا وخصوصا باتجاه الجزائر.

وذكر أن الجزائراتخذت جميع التدابير حتى لا تتحول المناطق الحدودية بجنوب البلاد الى مركز حشد كبير للمهاجريندون الكشف عن هذه التدابير.

وأضاف أن الحكومة اتخذت إجراءات (لم يذكرها) ووفرت إمكانيات بشرية  لمحاولة تقليص التوافدالمستمروالجماعيللمهاجرينإلى مستوى يمكن تحمله“.

 ويفرّ المهاجرون من بلدانهم في منطقة الساحل الإفريقي لأسباب تتعلق اساسا بالفقر، والحرب وانعدام الأمن.

تسوّل، إجرام، وإرهاب

سجلت السلطات الجزائريةارتفاعمعدلاتالجنح و الجرائمالتي يرتكبها المهاجرون غير الشرعيين الأفارقة خصوصا القادمين من مالي والنيجر.

وقال حسان قاسيميخلال السنوات الخمسة الماضية سجلنا ادانة 56000 مهاجر من البلدان الواقعة جنوب الصحراء لارتكابهم جنحا وجرائم. و من بينهم نعدّ 30000 من مالي و 20000 من النيجر“.

وأضاف أن السلطاتأنقذت 14000 طفل وامرأةيحملون جنسيات إفريقية، كانوا يتسوّلون في الجزائر ويعملون لحسابجماعة إجراميةمن دولة النيجر، تنشط في الجزائر منذ ثلاث سنوات.

ولفت المسؤول الجزائري إلى سيطرةجماعات النهب والإرهاب والإجرام والتحريضعلى شبكات تسفير المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا جنوب الصحراء، إلى الجزائر.

وقدّر مداخيل شبكة تهريب المهاجرين غير الشرعيين في منطقةأغاديسبدولة النيجر باتجاه ليبيا و الجزائر بحوالي 140 مليون أورو شهريا (حوالي 420 مليار مليم تونسي).

وقال إن 7000 شخص في النيجر، يتوفرون على 14000 سيارة رباعية الدفع ويقومون بنقل المهاجرين نحو الجزائر.

  وأشار إلى أن أموال تهريب المهاجرينتعاد رسكلتها في نشاطات التهريب والإرهاب والتحريض“. 

وذكر أن السلطات حجزت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة في ولايات أدرار وتمنراست و إيليزي (الجزائرية) أموالا بقيمة 29 مليار سنتيم جزائري متأتية من نشاط تهريب البشر.

  الجزائر أنفقت على المهاجرين  20 مليون دولار في 3 سنوات

وخصصت الجزائر 20 مليون دولار في السنوات الثلاث الأخيرة للتعامل مع الوضع الذي فرضه تدفق عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة، وفق حسان قاسيمي الذي قال إن بلادهتعاملت بكل إنسانية مع الملف، من خلال تخصيص فضاءات استقبال، تتوفر على كل الظروف، وضمان الرعاية الطبية لجميع المهاجرين الأفارقة دون استثناء“.

وأضاف المسؤول الأمني أن بلاده تنفق من مواردها المالية الخاصة ولم تتلق أية مساعدة مالية خارجية.

وبدأت الجزائر، منذ منتصف عام 2014، في ترحيل المهاجرين غير الشرعيين خصوصا القادمين من النيجر ومالي، وذلك بالتنسيق مع سلطات هذين البلدين.

ووقعت الجزائر، في وقت سابق، اتفاقية مع النيجر تتكفل بموجبها الجزائر بتكاليف ترحيل مواطني هذا البلد حتى عمق 450 كيلومترا داخل النيجر، وفق حسان قاسيمي.

واستبعد المسؤول تسوية وضعية عمال أفارقة (يعملون خصوصا في حضائر البناء) لأنهم وصلوا إلى الجزائر ضمنانتقال جماعيخارج عن الأطر القانونية.

ومؤخرا، أعلن الوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى، أن بلاده ستواصل ترحيل المهاجرين غير الشرعيين بالتشاور مع دولهم الأصلية لاعتبارات تتعلق بـالأمن الوطنيوالنظام العامفي الجزائر.

ونهاية مارس 2018، أعلن وزير الداخلية، نور الدين بدوي، أن الجزائر رحّلت، منذ 2014، وعلى مراحل، نحو 27 ألف مهاجر إفريقي إلى بلدانهم.

مفاوضات مع 6 دول إفريقية

وتجري الجزائر حاليامفاوضاتمع 6 دول إفريقية قدم منها نحو 90 بالمائة من المهاجرين غير الشرعيين الموجودين في الجزائر هي مالي، النيجر، غينيا، ليبيريا، بوركينافاسو، والكاميرون.

وقال دبلوماسي جزائري في تصريح نشرته وكالة الأنباء التركية الأناضول (يوم 29 أفريل 2018) إن الهدف من هذه المفاوضات هو التوصل الى اتفاقيات لترحيل المهاجرين غير الشرعيين وتسليم المدانين منهم في قضايا جنائية في الجزائر إلى بلدانهم حتى يكملوا قضاء فترة العقوبة القانونية بها، وذلك مقابل مساعدات مالية تقدمها الجزائر للبلدان الستّ. لتسهيل عملية التكفل بالمرحّلين.

* رئيس «منتدى تونس للصحافة والنفاذ إلى المعلومات»


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING