الشارع المغاربي – أكّد عجز أمنيّ عن استعمال سلاحه وسقوط آخر في المسبح: شهادة صادمة يكشفها الصيد عن التقصير الأمني في عمليتي أمبريال سوسة ومحمد الخامس الارهابيتين

أكّد عجز أمنيّ عن استعمال سلاحه وسقوط آخر في المسبح: شهادة صادمة يكشفها الصيد عن التقصير الأمني في عمليتي أمبريال سوسة ومحمد الخامس الارهابيتين

قسم الأخبار

9 نوفمبر، 2021

الشارع المغاربي -قسم الاخبار: قدم رئيس الحكومة الاسبق الحبيب الصيد في كتابه” الحبيب الصيد في حديث الذاكرة” شهادته حول خفايا عدد من العمليات الارهابية التي ضربت تونس خلال فترة اشرافه على الحكومة والتقصير الامني الذي كانت كلفته ثقيلة من حيث عدد الضحايا ومن حيث وقع تلك العمليات على الاقتصاد وفق ما ذهب اليه. وكشف الصيد انه فكر في الاستقالة عند وقوع عملية امبريال سوسة الارهابية.

وبخصوص عملية امبريال كتب الصيد” عندما حلّ شهر جوان 2015 كنّا على أبواب شهر رمضان واختتام الموسم الدراسي وانطلاق الموسم السياحي. وكانت الحكومة منشغله بالاستعداد لفترة الاستهلاك الاكبر من حيث تأمين انتظام تزويد البلاد بالمواد وتكوين المخزونات التعديلية وضمان صحة المستهلك من ناحية واحكام الاستعداد من ناحية اخرى لعودة الجالية التونسية في الخارج وانجاح دورة قدوم السياح بعد ان تمكنّا من تحفيز مهنيي القطاع على الانطلاق في تأمين المنشآت الفندقية وتعهّدها وصيانتها وتحسين خدماتها والتعاون معهم في اطار حملة ترويجية وتسويقية كبرى لاقناع الاشقاء والاصدقاء باستثمار المناخ الجديد الذي تعيشه بلادنا بفضل كسب رهان الانتقال الديمقراطي”.

وأضاف : “كنّا نعتبر عملية باردو الارهابية من قبيل رُبّ ضارّة نافعة ولكلّ جواد كبوة . وكان من واجبنا استخلاص العبرة فأذنت الحكومة بالعديد من الاجراءات التي من المفروض ان تنفذها الهياكل والمؤسسات السياحية لتعزيز الوقاية وضمان اكبر قدر ممكن من استباق المخاطر والتهديدات الارهابية والتهيء لها بما يكفي من وسائل الحيطة والحذر البشرية منها والتقنية”.

وتابع “غير ان تلك التعليمات والاجراءات لم تؤخذ بما يكفي من الاعتبار والجدية بينما في المقابل كان اخطبوط الارهاب واذرعه تقطر غدرا ولم يترك فرصة لنهوض البلاد دون كيل مزيد من الضربات للاقتصاد الوطني. فكان الهجوم الارهابي الفظيع والوحشي الذي استهدف يوم 26 جوان 2015 فندق “امبريال-مرحبا” في المنطقة السياحية بمدينة سوسة والذي خلف 40 قتيلا (بمن فيهم منفذ الهجوم) وكانت اغلبيتهم الساحقة من السياح البريطانيين (30) فضلا عن سقوط ما لا يقلّ عن 39 جريحا”.

وواصل “كانت هذه العملية قاسية جدا وبمثابة الكارثة على البلاد من حيث ملابساتها وخاصة من حيث عدم جدية ردّ الفعل الأمني والبطء الكبير الذي تمّ به التدخّل وعدم نجاعته في بادئ الامر على غرار ذلك العون الذي سقط في مسبح الفندق والاخر الذي لم يتمكن من استعمال سلاحه وفشل في اطلاق النار على الهدف وغير ذلك من نقاط الضعف التي لم نعهدها في وحداتنا الامنية ..هذا فضلا عمّا لوحظ من سوء الاستعداد لمثل هذه المخاطر والتي كنّا قد حذّرنا منها مباشرة بعد عملية باردو”.

وأضاف الصيّد “وقد كنت أشعر بحُنق شديد جرّاء ما حصل في سوسة الى درجة أنّي فكّرت آنذاك جدّيا في الاستقالة من رئاسة الحكومة . بل وأسررت بذلك الى بعض المقرّبين جدا.ولكن غلبت رصانة التفكير على اتخاذ قرار في هذا الاتجاه لأنّي كنت اعتقد ان عاقبة الاستقالة قد تكون اخطر من بقائي في المسؤولية وكنت اخشى على تونس من خطر الفراغ والفوضى والمشاكل السياسية التي قد تنجرّ عن ذلك سيما أنّي أعتبر مثل ذلك الموقف من قبيل الجُبن والتنصل من المسؤولية حيث انه من واجب القائد او الربان الحكيم أن يكون الأخير الذي يمكنه مغادرة السفينة أذا غرقت”.

وتابع “وكانت تونس بالفعل في تلك الفترة أمام عاصفة هوجاء بفعل تلك العملية الارهابية ولكني قررت ان أجعل من الضعف قوّة وأن نواجه مصير بلادنا بكلّ حكمة وتبصر وفكرت في تنحية وزير الداخلية محمد ناجم الغرسلي الذي اعتبرته في تلك الفترة ممن يتحملون عبء المسؤولية في التقصير الامني الكبير سواء في باردو او في سوسة مع العلم أنّي كنت من اكثر الحريصين على تسميته في تشكيلة الحكومة ولقيت العنت الكبير وذلك بسبب معارضة رئيس الجمهورية ورغبة حركة النهضة في الابقاء على سلفه لطفي بن جدو”.

وواصل “وقد كنت عينت الغرسلي قبل ذلك واليا على المهدية رغم صعوبة الوضع الاجتماعي في الجهة ونجح في مهمته. ولمّا كان مثل سلفه اصيل ولاية القصرين ، بما لهذه الجهة من وزن سياسي فقد رايت أنّه الرجل المناسب لتعويضه في وزارة الداخلية. ولكن حادثة سوسة غيرت المعطيات وقلبت الموازين ومع ذلك لم اكن ارغب في اقالته في تلك الفترة الحساسة بالذات حيث لم يمر على توليه المنصب سوى خمسة اشهر تجنبا لاثارة زوبعة سياسية جديدة في وقت لم تكن البلاد قادرة على تحمل مزيد من الضغوط والتجاذبات”.

وحول عملية محمد الخامس كتب الصّيد: ” عندما وقعت العملية الارهابية الثالثة يوم 24 نوفمبر 2015 وكانت هذه المرة على مسافة امتار من مقرّ وزارة الداخلية في شارع محمد الخامس لم يكن هناك تردد في اقالة وزير الداخلية ناجم الغرسلي ضمن تحوير وزاري موسّع سنعود اليه لاحقا . لقد وصل آنذاك الارهاب الى درجة متقدّمة جدّا من الخطورة من حيث تغلغله في قلب العاصمة مما انجرّ عنه استشهاد 12 عونا من الامن الرئاسي وجرح 20 آخرين من بينهم 4 مدنيين بعد أن اقدم الارهابي حسام العبدلي على استعمال حزام ناسف وتفجير نفسه في مدخل الحافلة المخصصة لنقل أعوان الامن الرئاسي من شارع محمد الخامس إلى مقرّ عملهم بقصر قرطاج. وقد تعهّد قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب بهذه القضية التي شملت 12 متهما…وصحيح ان خطة التوقي الشاملة التي وضعتها الوزارة مكنت من التصدي للعديد من العمليات الارهابية ومنها ما هو اخطر من الجريمة التي جدت في شارع محمد الخامس ولكن كان من الواضح ان هناك تقصيرا امنيا فادحا ادّى الى هذه العملية على غرار الحفاظ على المأوى نفسه لسنوات عدّة لركن الحافلة في موقع مكشوف دون حراسة جدية حيث كان المكلف بها مبتدئا من المنتدبين الجدد. ولمّا حصل المكروه لم يعد الرأي العام يحتمل مثل هذه العمليات البشعة ولم اعد اقبل الترقب اكثر لمجابهة الوضع سيما بعد ما تبين لي من اخلالات داخل الوزارة بصورة تمس من مناخ الثقة التي كانت تربطني بكلّ من وزير الداخلية وكاتب الدولة المكلف بالأمن”.

وأضاف ” وفي هذا السياق لاحظت لدى وزير الداخلية مع مرور الوقت اصابته بنوع من الغرور والتبجّح بفعل اتصالاته المكثفة بإحدى الدوائر الحزبية التي بدا له فيها ما يشبه الحصانة لشخصه واعتقاده بأنّه قد يستقوي بها يوما ما على رئاسة الحكومة فضلا عن اتصالاته ببعض الاشخاص غير الرسميين التابعين لبعض الدوائر العليا للدولة والتي كان من المفروض تجنبها بحكم منصبه الحساس. أمّا بالنسبة الى كاتب الدولة ورغم معارضة رئيس الجمهورية تسميته في البداية في ذلك المنصب فإنني تمسكت به ولكن اتضح لي في ما بعد عدم القدرة على مواصلة العمل معه في مناخ تنعدم فيه الثقة المطلقة والتواصل المحكم بين رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية. وكان من الضروري عندئذ اتخاذ القرار الحاسم والسريع الذي عزلت بموجبه يوم 1 ديسمبر 2015 كاتب الدولة المكلف بالامن من الخطة من الاساس وكذلك تعيين مديرين عامين جديدين على راس المصالح المختصة والمصالح الفنية وتسمية السيد عبد الرحمان الحاج علي في خطّة مدير عام للأمن الوطني”.

وواصل “وكان هذا القرار من قبيل الاجراء التقني العاجل قبل المرور الى الاجراء السياسي الآجل اي عزل وزير الداخلية في اطار التحوير الوزاري الجزئي الذي اعلنتُ عن نيتي القيام به يوم 28 نوفمبر 2015 أثناء مناقشة مشروع ميزانية الوزارة في مجلس النواب، وقد قلت للنواب آنذلك انه بعد مرور سنة على تشكيلة الحكومة جاء وقت التقييم والعزم على اجراء بعض التغييرات الجزئية بعد التشاور مع رئيس الجمهورية”.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING