الشارع المغاربي – اتحاد الشغل: تنقيحات مشروع الدستور ايجابية لكنها لم تعالج اخلالات اساسية تعيق بناء دولة القانون

اتحاد الشغل: تنقيحات مشروع الدستور ايجابية لكنها لم تعالج اخلالات اساسية تعيق بناء دولة القانون

قسم الأخبار

14 يوليو، 2022

الشارع المغاربي: اعتبر الاتحاد العام التونسي للشغل إن المراجعة التي قام بها رئيس الجمهورية قيس سعيد لمشروع الدستور الصادر يوم 30 جوان وما أدخل عبرها من تعديل على مضمون النص الدستوري المقترح للاستفتاء تمثّل اعترافا صريحا بمشروعية وصواب القراءة النقدية التي قام بها الاتحاد إلى جانب عديد الهيئات والشخصيات والخبراء من المجتمع المدني والسياسي والأكاديمي مؤكدا ان المراجعة لم تعالج في المقابل ما أسماه بنقائص وإخلالات كثيرة وجوهرية.

واكد الاتحاد في “ملاحظات بشأن مراجعة مشروع الدستور” نشرها اليوم الخميس 14 جويلية على موقعه الرسمي انه “يسجل بعد التأمل في مضمون التنقيحات المقرّرة وعلى ضوء ملاحظاته السابقة بشأن مشروع الدستور المقترح على الاستفتاء انها تضمنت تحسينات جزئية على مشروع الدستور” قال انها “مثلت مراجعة إيجابية من شأنها تلافي إخلالات ونقائص شابت بعض فصوله”.

واشار الى ان من اهم التنقيحات مراجعة الفصل 55 من مشروع الدستور بإدراج عبارة التناسب بدل الملاءمة وحذف عبارة الآداب العامّة التي قال انها تقيد الحقوق والحريات الدستورية ومراجعة الفصل71 بالتنصيص على أنّه يتمّ انتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب انتخابا عامّا حرّا مباشرا ومراجعة الفصل 90 بالتنصيص على أنّه لا يجوز تولّي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين متّصلتين أو منفصلتين ومراجعة الفصل 124 بالتنصيص على حقّ كلّ شخص في محاكمة عادلة في أجل معقول وعلى أنّ المتقاضين متساوون أمام القضاء وعلى أنّ حقّ التّقاضي وحقّ الدّفاع مضمونان ومراجعة الفصل125 بالتنصيص على تسمية أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التّعقيب وأقدم رؤساء الدوائر التّعقيبية أو الاستشارية بالمحكمة الادارية وأقدم أعضاء محكمة المحاسبات أعضاء بالمحكمة الدستورية.

واعتبر من جهة اخرى ان الاكتفاء بإصلاح بعض التعابير في التوطئة دون ادخال تعديلات جوهرية على منظومة القيم والمرجعيات هو إصرار على تغييب القيم الكونية لمنظومة حقوق الإنسان و”رغبة جامحة في إعادة كتابة مسار التاريخ من منظور ذاتي”.

كما اعتبر ان عبارة “في ظلّ نظام ديمقراطي ” المضافة إلى الفصل الخامس من المشروع الذي ينصّ على أنّ الدولة تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام وإلى الفصل 55 المتعلّق بضمانات تقييد الحقوق والحريات الدستورية “هي عبارة محايدة وفضفاضة وليس من شأنها تبديد المخاوف من جعل العامل الديني عنصرا من عناصر الحياة السياسية والقانونية للدولة وتوظيفه في البناء المجتمعي” مؤكدا ان ذلك “يمثل تهديدا جديا وخطيرا لسيادة القانون ولمنظومة الحقوق والحريات وللمواطنة والمساواة وللطابع الوضعي للنصوص التشريعية وتقليصا خطيرا من ضمانات حماية الحقوق والحريات الدستورية الناتج عن تغييب معايير ومقوّمات وضوابط الدولة المدنية”.

وسجل الاتحاد عدم مراجعة باب الحقوق والحريات لتكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تناسبا مع شعارات ثورة 17 ديسمبر- 14 جانفي مع تواصل إغفال القطاع التضامني والاجتماعي كقطاع واعد تتجسد فيه شروط التمكين الاقتصادي الشعبي الحقيقية وكذلك غياب التعديلات بخصوص الحقوق المكتسبة للمرأة بما يدعّم ضمانات المساواة والتناصف والتمكين.

واكد ان المراجعة المدخلة على مشروع الدستور المقترح لم تعالج الإخلالات الأساسية التي تعيق بناء دولة القانون والمؤسسات وإرساء نظام سياسي مدني ديمقراطي اجتماعي قائم على الفصل بين السّلط والتوازن بينها وحماية الحقوق والحرّيات وإنفاذها.

واشار الى ان من اهمها تواصل الإخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط بما هما أساس كلّ نظام وبناء ديمقراطي وليسا مجرّد إجراء شكلي كما يدّعي البعض والحفاظ على تحكّم رئيس الجمهورية في جميع السلطات وعلى مركزة جميع الصلاحيات بين يديه وجعله فوق كلّ محاسبة ومراقبة وتحصينه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية والإبقاء على حالة الاستثناء دون تسقيف زمني ودون رقابة من المحكمة الدستورية وجعلها سلطة من السلطات الواسعة لرئيس الجمهورية والإبقاء على صلاحية الالتجاء إلى الاستفتاء التشريعي والدستوري المباشرين بيد رئيس الجمهورية بما يسمح له بتجاوز السلطة التشريعية لمجلس نواب الشعب وحتّى السلطة التأسيسية والإبقاء على صلاحية تعيين رئيس الحكومة وتسمية أعضائها وإقالتها أو إقالة أحد أعضائها تلقائيا بمحض إرادة رئيس الجمهورية مع تحصينها فعليا ضد الرقابة التشريعية من خلال فرض أغلبية معزّزة من المجلسين لإمكان توجيه لائحة لوم والمصادقة عليها.

واضاف ان من الاخلالات ايضا اضعاف صلاحيات الدور الرقابي لمجلس نواب الشعب على عمل السلطة التنفيذية من خلال فرض شروط شبه مستحيلة لممارسته والتقليص إلى حدّ خطير من استقلالية هيئات الدولة ومؤسّساتها التي يُفترض توفّر شرط الاستقلالية فيها كالبرلمان والقضاء والجماعات المحلّية والهيئات الدستورية وتهميش دورها أو إلغاء وجودها أصلا واقصاء سائر الفئات والمهن القانونية الأخرى غير القضاء من عضوية المحكمة الدستورية وفي مقدمتها أساتذة التعليم العالي المختصّين في القانون والمحامون بما يغيّب التنوع الفكري والسياسي داخلها والتقليص من فاعلية عمل المحكمة الدستورية وإعاقة تأسيس فقه قضاء دستوري مستقر من خلال إسناد عضوية المحكمة لأقدم رؤساء الدوائر في محكمة التعقيب والمحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات والذين سيكونون في الغالبية الساحقة في  سنة عملهم الأخيرة قبل إحالتهم على التقاعد واغفال مفهوم المصلحة العامة ومبادئ الحوكمة الرشيدة وقيم الشفافية والنزاهة والحياد والجودة وغيرها في تمثّل الإدارة العمومية ووظيفتها وإحداث مجلس يمثّل الجهات والأقاليم يمهّد لطريقة التصعيد سبيلا للتمثيل فيه بما يؤسّس لما يسمّى بالبناء القاعدي ومقاسمته من حيث الدور والصلاحيات مع مجلس النوّاب وهو تساو يضعف مجلس النوّاب ويفقده صفته التمثيلية المترتّبة عن الانتخاب العام الحرّ والمباشر ويخلق تنازعا بين المجلسين ويعيد انتاج الأزمات والتعطيل .


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING