الشارع المغاربي – اتّهامات الرياحي الخطيرة تُحوّل الأزمة السياسية إلى أزمة حكم - بقلم كوثر زنطور

اتّهامات الرياحي الخطيرة تُحوّل الأزمة السياسية إلى أزمة حكم – بقلم كوثر زنطور

28 نوفمبر، 2018

 الشارع المغاربي : مرة اخرى يعود الحديث عن تخطيط لانقلاب في تونس في قضية جديدة ينظر فيها القضاء العسكري ووُجهت فيها التهمة لمجموعة تتكون، حسب نص الشكاية التي رفعها أمين عام حزب نداء تونس سليم الرياحي، من 5 شخصيات كلها نافذة في السلطة التنفيذية وأبرزهم طبعا رئيس الحكومة يوسف الشاهد. أما الاختلاف المحوري بين كل الروايات السابقة عن انقلاب او مخططات الانقلاب فهو دخول رئاسة الجمهورية على الخط .

أكدت مصادر رفيعة المستوى لـ”الشارع المغاربي” ان رئيس الجمهورية يعتزم تكليف مبروك كورشيد وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية المعفى من مهامه في إطار التحوير الوزاري الأخير نيابته للقيام بحقه الشخصي في القضية التي كان قد رفعها أمين عام نداء تونس سليم الرياحي للمحكمة العسكرية بتاريخ 21 نوفمبر 2018 .
القضية دخلت اذن منحى جديدا بالتبني الضمني لمؤسسة رئاسة الجمهورية المعطيات المضمنة في شكاية الرياحي ، بما يعني ان الأمر لم يعد يتعلق بتهم
خطيرة وجهها امين عام النداء للخماسي الشاهد وسليم العزابي ولزهر العكرمي ومستشار لرئيس الحكومة ومدير عام الأمن الرئاسي ، بل بأزمة حكم غير
مسبوقة بين رأسي الجهاز التنفيذي.

القضية .. مسار كامل

عرفت الساحة السياسية انقساما بين قطبي الشاهد والباجي بخصوص شكاية الرياحي، قطب الشاهد بجناحيه حركة النهضة والائتلاف الوطني استنكر
التهمة واصفا اياها بالعبث السياسي وفق قول القيادي علي العريض فيما اعتبرها الصحبي بن فرج مهزلة مثيرة للضحك. اما قطب الباجي بمكونه الأساسي نداء تونس وحلفائه في الصراع مع الشاهد فقد تبنى اجمالا القضية داعيا المحكمة العسكرية للبت فيها .

ومنذ الاعلان عن تهمة التخطيط لانقلاب ، حاول قطب الشاهد تهميش القضية وتقديمها كغطاء يحاول الرياحي الاحتماء به ردا على قضية تبييض اموال يقول الاعلام القريب من القصبة ان الرياحي متهم فيها وانه سيحال على الايقاف ابان وصوله إلى تونس قادما من فرنسا بل وتستبعد حتى عودته مقابل تشبث قطب الباجي بجدية التهم مستندا في ذلك الى ما يقول انها مؤيدات تؤكد صدقيتها .
وقبل الخوض في تكتيك القطبين في التعاطي مع القضية ، من المهم العودة الى احداث سبقتها تمكن من كشف مكامن ضعف كل فريق ( الشاهد والباجي)
والمآلات الممكنة للقضية :
-حزب الاتحاد الوطني الحر يعود الى مشاورات وثيقة قرطاج 2 في جانفي 2018 بدعوة من رئيس الجمهورية رغم اعلان رئيسه سليم الرياحي في وقت
سابق تمزيقه الوثيقة وانسحابه منها.
-الوطني الحر يتمسك حتى يوم 16 ماي 2018 بتغيير كامل للحكومة يشمل رئيسها يوسف الشاهد .
– سليم الرياحي يستأنف في جويلية 2018 النشاط السياسي بعد قرار الاستقالة من رئاسة الوطني الحر الذي سبق ان اعلن عنه يوم 28 ديسمبر
2017 بعد تتالي القضايا المرفوعة عليه وتجميد أملاكه وتحجير السفر عليه.

-يوم 26 جويلية 2018 تقرر دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس رفع تحجير السفر على سليم الرياحي .
– يوم 28 جويلية 2018 نواب الاتحاد الوطني الحر منحوا الثقة لوزير الداخلية المقترح هشام الفوراتي ويعلنون مساندة الاستقرار الحكومي.
– يوم 25 اوت 2018 سليم الرياحي يعلن اعتزام نواب الوطني الحر الانخراط في كتلة الائتلاف الوطني التابعة ليوسف الشاهد بما شكل تغييرا جذريا في
موقف الحزب من رئيس الحكومة.
– يوم 27 اوت 2018 الباجي قائد السبسي يستقبل سليم الرياحي حول الانخراط في كتلة الشاهد والرياحي يتمسك بالتحالف الجديد ويحضر الندوة
الصحفية المخصصة للاعلان عن الكتلة الجديدة.
– يوم 30 اوت 2018 نواب الائتلاف الوطني يصفون سليم الرياحي ب”الصديق”.
– يوم 15 سبتمبر 2018 يعلن سليم الرياحي في تدوينة ان التحالف في اطار كتلة الائتلاف الوطني تم في اطار مشروع سياسي طويل الامد للحكم وان
الوطني الحر سيكون النواة الرئيسية لهذا المشروع .
– يوم 13 اكتوير 2018 سليم الرياحي يتهم يوسف الشاهد بقيادة انقلاب ناعم ويعلن انسحاب نواب حزبه من كتلة الائتلاف الوطني.
-يوم 14 اكتوبر 2018 سليم الرياحي يعلن انصهار حزبه في نداء تونس ونوابه في كتلة النداء ويُعين بعدها امينا عاما للحزب والائتلاف الوطني يستنكر تهمة الانقلاب الناعم ويستغرب التغير في موقف الرياحي.
-يوم 2 نوفمبر 2018 الباجي قائد السبسي يستقبل سليم الرياحي بصفته أمينا عاما لنداء تونس.
-يوم 6 نوفمبر 2018 نداء تونس يعلن رفضه التحوير الوزاري ويعتبره على لسان أمينه العام انقلابا على نتائج الانتخابات داعيا رئيس الجمهورية للتدخل.
– يوم الخميس 22 نوفمبر سليم الرياحي يرفع شكاية لدى المحكمة العسكرية على رئيس الحكومة يوسف الشاهد والمدير السابق للديوان الرئاسي سليم
العزابي والناشط السياسي لزهر العكرمي والمستشار الاعلامي لرئيس الحكومة مفدي المسدي والمدير العام للأمن الرئاسي.
قراءة في هذه الاحداث والتغييرات المتتالية في مواقف سليم الرياحي تؤكد شبهات وجود ترتيبات ما حتى لا نقول صفقة تمت بين ماي وجولية 2018 ، وراء تحديد موقف الرياحي من الحكومة وتحوله من خصم داع لرحيلها الى حليف يُقدم نفسه كمهندس للمشروع السياسي للشاهد ونواته الاساسية ، بما
يعني ان حجج فريق الشاهد بخصوص قضايا تُلاحق الرياحي فاقدة للمصداقية ولا يمكن القول ايضا ان موقف نداء تونس في الدفاع عن صدقية شكاية الوافد
الجديد على الحزب سليم الرياحي مبدئية.
فكيف يمكن لحزب أن يقبل بان يكون تحت قيادة شخص كان شاهدا على التخطيط للانقلاب على رئيسه الشرفي الباجي قائد السبسي وحافظ رغم ذلك
على الصمت طيلة اكثر من 3 اشهر ولم يبادر بالكشف عن خيوطه ، هذا ان جزمنا بصدق ما جاء في شكاية الرياحي ، الا بعد ورود قضايا تعود لفترة اشرافه
على النادي الافريقي ؟ وبأية مصداقية ستواجه كتلة الائتلاف الوطني سليم الرياحي وبأية حجج بعد ان كان عراب تأسيسها ويوصف بصديقها ؟

الاهم …

ضعف الحجج يلاحق اذن كتلة الائتلاف الوطني وحلفائها ونداء تونس وحلفائه ، ومحاولة توجيه القضية وافراغها من محتواها عبر التنديد ب”فساد” سليم الرياحي وكم القضايا التي تلاحقه أو التهكم والسخرية من اتهام رئيس الحكومة بالتخطيط لانقلاب وهو صاحب الصلاحيات الواسعة لا يستقيم ايضا ومن الحيل التي لا تنطلي الا على اصحاب المصالح.
الاهم ان ينظر القضاء العسكري في القضية بعيدا عن اي توظيف وان يتحمل كل مسؤوليته سواء سليم الرياحي او المتهمين في الشكاية ، وهنا تقول المعطيات المتوفرة انه أمن المؤيدات والتسجيلات التي بحوزته في بريطانيا كما تؤكد مصادر موثوق بها بان رئاسة الحكومة استهجنت قبول القضاء العسكري القضية.
وفي اروقة مجلس نواب الشعب لم يخف نواب من الائتلاف الوطني انتقاداتهم لوزير الدفاع الوطني باعتبار ان القضاء العسكري من المؤسسات الراجعة بالنظر لوزارته بسبب قبول القضية وان ذلك جاء بعد تنسيق من رئيس الجمهورية ، ويبدو ان الزبيدي كان حازما في هذا الشأن وبيّ بشكل قاطع أنه لا يتدخل البتة في سير القضاء العسكري.
بعيدا عن الانتقادات ومحاولة حشر وزيري الأمن القومي في لعبة الاصطفاء بين رأسي السلطة التنفيذية ، تلوح قضية الانقلاب كأهم معركة بين الباجي والشاهد ، الباجي الذي اشار الى تخطيط لعزله في ندوة صحفية عقدها ابان الاعلان عن التحوير الوزاري والشاهد الذي بات طموحه للبقاء في السلطة والمسك بكل خيوطها امرا باتا وليس بتهم تقدم جزافا.
وهذه المعركة ستزيد من تعميق الهوة بين رئيسي الجمهورية والحكومة ، وتدشن مرحلة ازمة حكم خطيرة وجدية ، وتفرض التطورات الحاصلة على الشاهد مراجعة محيطه المنتشي بالسلطة والذي بات جزء واسع منه لا يعرف حدودا في التخطيط لما بعد 2019 ويعتبر ان الاستمرار في القصبة يبيح له كل المحظورات.
وتؤكد مصادر متطابقة ان الرياحي التقى بجل الشخصيات المذكورة في الشكاية ، وان التخطيط السياسي للاستحواذ على السلطة اعدادا للانتخابات
القادمة طرح على لسان أكثر من طرف ، والخطير أن من كانوا في الصف الخامس لقيادة نداء تونس ووجدوا اليوم موقعا تحت الشمس في حكم الشاهد، اصابوا الدولة في مقتل وباتت تسجيلات لكبار المسؤولين تُتداول في المجالس والقعدات ومنها تسجيلات حتى للرئاسات الثلاث.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING