الشارع المغاربي – بقلم محسن النويشي : تتسارع الخطوات نحو إنجاز الاستحقاق الانتخابي الرّابع في بلدنا مع الانطلاق في التسجيل من 10 أفريل إلى 22 ماي 2019 تزامنا مع تطورات مهمة في إقليم رماله متحركة والاستراتيجيات فيه متناقضة حدّ الاضداد والرهانات فيه كبيرة ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أهمية تموقعه الجيو استراتيجي وثرواته الطبيعية ووجود الكيان الصهيوني في قلبه النابض.
تحصل هذه التطورات في جوارنا المباشر ليبيا والجزائر ثم في السودان وان كان من السابق لأوانه الحديث عن موجة ثانية للربيع العربي تدعم وتعزز منجز الموجة الأولى فإن الحاصل الى الان يؤكد تطلع الشعوب العربية للديمقراطية كمدخل أساسي للاستقرارالسياسي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية كما يؤكد ذكاء الشعوب وقدرتها على استخلاص الدروس من تجاربها وتجارب غيرها ويؤكد ايضا بوادر فشل الاستراتيجيات الإقليمية المضادة للديمقراطية .
في الجزائر والسودان ثورة ديمقراطية تتجه نحو تغييرات جوهرية في طبيعة النظام السياسي وفي ليبيا صد لرغبة جامحة بدعم من بعض الأطراف الإقليمية والدولية لتغيير المعادلة في اتجاه الارباك والفوضى وإجهاض تطلعات الشعوب للديمقراطية.
ضمن هذا المحيط وفي هذه الظروف والتطورات ستجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية في بلادنا التي لا ضمانة فيها سوى الإرادة الوطنية للتونسيين للتقدم في البناء الديمقراطي والاستجابة العملية والفعلية للتحدي الاقتصادي والاجتماعي. وتتوزع المسؤولية في هذا الإطار على :
*المؤسسات العليا للدولة التي يجب أن تهيءكل الظروف لإنجاح الاستحقاق وان تلتزم الحياد وان يلتزم من له موقع فيها أيا كان بعدم توظيفها انتخابيا.
*الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كمسؤول أول واساسي على نجاح الاستحقاق وفق الإطار القانوني الوطني و المعايير الدولية فهي الحكم بين المنافسين والضامن لمنافسة نزيهة وشفافة.واذ نجحت الهيئة بتركيباتها المتعاقبة في إدارة الانتخابات رغم بعض التجاوزات والأخطاء الناتجة عن نقص الخبرة وصعوبات الانتقال الديمقراطي فإنها مطالبة اليوم بمضاعفة الجهد والانتباه للتجاوزات التي قد تخل بسلامة العملية الانتخابية في علاقة خاصة بالإدارة في الداخل والخارج وبالمؤسسات الإعلامية والمنظمات الدولية ذات الاهتمام بالانتخابات.و هي اليوم برئيسها وأعضائها ومجلسها وفروعها وموظفيها واعوانها هي الحارس الاول للديمقراطية المنوط بعهدته تمكين الناخب من التعبير عن ارادته في اختيار من يحكمه دون مؤثرات من اي جهة كانت .لهذا وجدت الهيئة وستبقى دعامة أساسية للديمقراطية.
*الأحزاب السياسية : المتنافسون عموما إضافة إلى بعض المستقلين فهم مطالبون بدعم الهيئة واسنادها ومساعدتها على قيامها بواجبها وذلك بالنصح والاقتراح والالتزام بالقانون والتوجه للناخبين لاقناعهم والمساهمة العملية في إيجاد مناخ انتخابي تنافسي سليم.
*المجتمع المدني : تتحدد أهميته في دوره الرقابي الضامن لسلامة العملية الانتخابية من بدايتها الى نهايتها وخاصة المجتمع المدني الوطني الذي يعتبر جزءا أساسيا من المنظومة الديمقراطية .وقد أثبت فاعلية في المحطات الانتخابية السابقة وهو مطالب بتوسيع قدراته والانتباه في كل المراحل وأولها مرحلة تسجيل الناخبين وإعداد السجل الذي يعتبر اساس العملية الانتخابية.
وبتظافر جهود كل الأطراف المعنية والمتدخلة على اساس النزاهة والشفافية واحترام القانون سينجز بلادنا استحقاقها الانتخابي في اتجاه الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي والرقي الاجتماعي.
وليعلم الجميع أن الاستحقاق الانتخابي على أهميته سيمر وسيبقى ما بعده التعامل الديمقراطي والعيش المشترك.