الشارع المغاربي – السلط المالية تتخبّط وتستعدّ للحصول على أضخم قرض بتاريخ تونس بمباركة وكالة "موديز"

السلط المالية تتخبّط وتستعدّ للحصول على أضخم قرض بتاريخ تونس بمباركة وكالة “موديز”

قسم الأخبار

19 فبراير، 2020

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي : اكد وزير المالية رضا شلغوم يوم امس في جلسة بلجنة المالية بالبرلمان وبكل ثقة في النفس ان التونسيين ونوابهم مدعوون لـ “الاطمئنان” باعتبار ان السلط المالية ستكون دائما قادرة على خلاص كل ديونها مهما كانت الوضعية السياسية في البلاد وان تونس لن تبلغ مرحلة جدولة ديونها مؤكدا ان الوضعية المالية ليست صعبة، كما كذب بجرأته المعهودة كل من يروج من معطيات منافية لتلك التي يشدد على اقناع الراي العام واساسا الخبراء بها.

وسبق شلغوم، في هذا الاتجاه، احد “سياسيي الصدفة” الذي كان قد بين نهاية الاسبوع المنصرم ان المديونية في انخفاض وان البلاد قد تجاوزت كل محنها الاقتصادية والمالية بفضل القيادة الـ “الحكيمة” لحكومة يوسف الشاهد علما ان مروان العباسي محافظ البنك المركزي كان قد صرح يوم الثلاثاء 7 جانفي المنقضي بخصوص تقييم هشاشة الوضع المالي لتونس ان خدمة الدين الخارجي ارتفعت بنسبة 38.5 %، موفى العام الماضي، لتصل الى 9.2 مليار دينار.

وتفيد، في ذات السياق، اخر معطيات تنفيذ ميزانية الدولة التي يسهر على تجسيمها شلغوم بنفسه مع مصالح عديدة في وزارة المالية ان قيمة الدين العمومي بلغت اواخر العام الماضي 82.9 مليار دينار – دون احتساب ديون المؤسسات العمومية – وهي متكونة من ديون خارجية بقيمة 59.4 مليار دينار لتمثل بذلك 76.8 % من الدخل الوطني مما يعني ان الجهد الاقتصادي استنزف بالكامل في انفاق الحكومة على سداد ديونها سيما وان الوضع مرشح للتفاقم في 2020.

وحسب ميزانية الدولة 2020 التي سهر كذلك شلغوم على حسن اعدادها، فانه من المنتظر ارتفاع خدمة الدين بنحو 1.8 مليار دينار أي 18.4% وهي مسالة مرتبطة بوجود دائنين مستعدين لمزيد اقراض الحكومة من خارج دائرة المضاربين وقناصة فرص اقراض الدول العاجزة بنسب فائدة تصل الى 42 % مثلما حصل سنة 2015 زمن خروج حكومة المهدي جمعة للسوق المالية الدولية. وعموما، تشير كافة هذه البيانات الى ان تونس اصطدمت فعليا بجدار التداين لانسداد الطريق في هذا المجال علما ان مدة سداد الديون تصل الى 58 عاما وان اعادة جدولتها اصبحت مسالة حتمية.

وتزداد الامور، في هذا الصدد، غرابة وصعوبة على مستوى فهمها وادراكها حتى من قبل المتخصصين والخبراء الاقتصاديين اذا علمنا انه وبعد الحصول على قرض من البنوك التونسية بالعملة الاجنبية مؤخرا – رفضت لجنة المالية والتخطيط والتنمية بمجلس نواب الشعب يوم الخميس 13 فيفري 2020 المصادقة عليه وقيمته 455 مليون أورو أي ما يفوق 1400 مليون دينار تونسي لمخالفته القانون الاساسي للبنك المركزي 35- 2016 – تستعد وزارة المالية بعد “توافق” مع وكالة موديز للتصنيف الائتماني على تحسين ترقيمها السيادي وتعديله في خصوص عدد من البنوك في سياق ترقيم تم بطلب من السلط المالية التونسية للخروج قريبا للسوق المالية الدولية للحصول على اضخم قرض رقاعي في تاريخ البلاد وهي سوق المضاربين والسماسرة بامتياز وذلك بقيمة 800 مليون دولار أي ما يعادل 2300 مليار من المليمات التونسية.

وتحصلت وزارة المالية على ترخيص للغرض من لجنة المالية والتخطيط والتنمية المنعقدة يوم 22 ماي 2019 ، لتعبئة قرض بالسوق المالية العالمية في صيغة اكتتاب للعموم أو اكتتاب خاص لدى المؤسسات المالية العالمية بما يعادل مبلغا أقصى قيمته 800 مليون دولار أمريكي وذلك بالدولار الأمريكي / أو بالأورو.

وتم تعليل هذا التمشي بتطبيق مقتضيات الفصل 32 من القانون عدد 35 لسنة 2016 المؤرخ في 25 أفريل 2016 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي والذي نصّ على أنه للوزير المكلف بالمالية أن يفوض للبنك المركزي في حدود ما تم إقراره بقانون المالية إصدار قروض رقاعية على الأسواق المالية الدولية باسم الدولة ولحسابها بعد أخذ رأي اللجنة المكلفة بالمالية بمجلس نواب الشعب في أجل أقصاه 10 أيام من تاريخ تقديم الطلب للمجلس.

وأفاد مجلس النواب بعد توضيحات رضا شلغوم آنذاك بأن هذا القرض يهدف إلى تمويل ميزانية الدولة  في إطار ما تم الترخيص فيه بقانون المالية مما يعني انه سيخصص للإنفاق العمومي الاعتيادي فحسب بعيدا عن التنمية إن لا زال لها وجود في البلاد التونسية، في ظل شبه فراغ متواصل لخزينة الدولة (528 مليون دينار) وضعف فادح للمداخيل الجبائية راجع الى التعثر المالي لنحو 30 الف مؤسسة في البلاد تردت الى مراكمة الخسائر وهي بالتالي لا تدفع للدولة أية ضرائب على مداخيلها بسبب شبه افلاسها.

والغريب في الامر ان خروج تونس المرتقب دون أي ضمان خارجي وبعد رفع ايادي المؤسسات المالية الدائنة عن سلطها المالية في مجال الاقراض تحديدا، سيكون بإصدار القرض بالسوق المالية العالمية على فترة تفوق فيها مدة السداد 5 سنوات مما يعني ان كلفة الفوائض ستكون جد مشطة مع امكانية تحصيله على أقساط بالأورو و / او بالدولار خشية عزوف بعض الاطراف على منح تونس أية اموال، والعمل على تسديد مبلغ القرض على أقساط سيما ان التسديد في اخر المدة تنجر عنه نسبة فائدة لا تقل عن 30 % وهو السيناريو الاقرب للحصول.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING