الشارع المغاربي : بعد ثلاثة أيام تحلّ الذكرى الثالثة لميلاد النسخة الورقية “من الشارع المغاربي“. ورغم أشواك الدرب في زمن عزّ الصدق وشرف المهنة تتشبث أسرة الجريدة بقدسية الحرف المضيء إيمانا منها بأن الكلمة المنيرة والملتزمة لا تقتلها ألف قذيفة. قامت صحيفة “الشارع المغاربي” على ثلاثة ثوابت : رهان ومجازفة وتحدّ.
رهان لأن إصدار جريدة ورقية في عالم الرقمنة يتطلب عزيمة ومثابرة ونفسا طويلا.
مجازفة في ظلّ ساحة تعجّ بمواقع الكترونية تحكم عالمها منافسة شرسة تعقّد فرص النجاح وربّما تجعله شبه مستحيل.
تحدّ باعتبار أن الصراع من أجل البقاء يتطلب موارد مادية فرض عُرف المهنة الاشهار مصدرا أساسيا لها بل واكسير حياتها.
ذلك أن الصحافة الملتزمة هي مهنة المتاعب ولم تكن يوما تجارة رابحة لأن النوم بين الأسلاك الشائكة أصعب من النوم بين أحضان أصحاب السلطة والمال والجاه. لكن أسرة “الشارع المغاربي” قبلت التحدّي
وراهنت على المصداقية والجدية والوطنية والتعددية غير المغشوشة. نجح التحدّي مهنيا وسياسيا وأخلاقيا والدليل بقاء الجريدة على قيد الحياة… لكنه فشل ماديا “بفعل فاعل” اذ حُرمت أسبوعية “الشارع المغاربي” طيلة ثلاث سنوات من الاشهار قصدا وعمدا رغم أن القانون يمنحها نصيبا من الاشهار العمومي…
كيف صمدت “الشارع المغاربي” اذن ؟
بفضل وقفة مسؤولة… صادقة… وطنية من تونسيين آمنوا ومازالوا بحق الشعب في اعلام حرّ ومسؤول وبحقّ تونس في نظام ديمقراطي أصيل. ان أكبر كارثة يمكن أن تحلّ بالسلطة الرابعة أن يقبل الصحفي العيش في حالة “إقامة جبرية“ ويُمنع أو يقبل بعدم ممارسة حقه في حرية الكلمة… وهذا منطق ترفضه أسرة “الشارع المغاربي“.
أن أصالة الحرف وجرأة الكلمة وقوة المصداقية سلعة لا تباع في المزاد العلني… والفرق واضح بين الموضوعية والغوغائية… بين الصدق والدمغجة ولذلك يلاحق الصحفي الصادق المؤمن بقضايا وطنه كما يلاحق الجذام ويصبح قلمه كابوسا يقضّ مضاجع الحكام ويصبح السعي إلى إسكاته -ترغيبا أو ترهيبا – قضية دولة…
ستواصل أسبوعية “الشارع المغاربي” على نفس الدرب وستثابر أسرتها على ما عاهدت عليه قراءها وطنيا ومهنيا وجرأة وصدقا وأمانة ووفاء.
بعد ثلاثة أيام تقتحم “الشارع المغاربي” أسوار عام رابع وكل أسرتها إصرار على مواصلة المشوار بنفس الروح والعطاء والالتزام. وكل عام و“الشارع المغاربي” بخير بعون الله.
عن أسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ 16 أكتوبر 2018.