الشارع المغاربي – الصيد في مذكّراته: مجلس وزراء حكومة الجبالي كان أشبه بسوق عكاظ والقرارات الأمنية كانت تُصاغ في "مونبليزير"

الصيد في مذكّراته: مجلس وزراء حكومة الجبالي كان أشبه بسوق عكاظ والقرارات الأمنية كانت تُصاغ في “مونبليزير”

قسم الأخبار

14 نوفمبر، 2021

الشارع المغاربي -قسم الاخبار: شبّه رئيس الحكومة الاسبق الحبيب الصيد في كتابه الصادر منذ أيام بعنوان ” الحبيب الصيد في جديث الذاكرة” مجلس الوزراء خلال حكومة حمادي الجبالي بسوق عكاظ كاشفا عن فوضى كانت تعم أشغاله وعن عدم احترام كامل لا لتركيبة المجلس المخول لها الحضور ولا لتوقيت انعقاده مبرزا في سياق متصل في الجزء الذي خصصه لسرد فترة توليه خطة مستشار أمني لرئيس الحكومة حمادي الجبالي كيف كانت تصاغ القرارات الامنية وكيف رفض اقتراحا يقضي بإرساء ما يشبه وزارة داخلية موازية داخل القصبة .

وعن تجربته كمستشار امني بعد انتخابات 2011 ، قال الصيد في مذكراته انه فوجئ مع انطلاقه في مباشرة مهامه كوزير مستشار لدى رئيس الحكومة مكلفا بالشؤون الامنية بحمادي الجبالي يقدم له تصورا حول مهامه قال انه جعل البداية “مثيرة نوعا” ما وكتب مفسرا: “فاجأني رئيس الحكومة بتصوره لهذه الخطة والمتمثل في تكوين فريق عمل مهيكل يكون بمثابة وزارة داخلية ثانية لدى رئاسة الحكومة تتولى التسيير المباشر للهياكل الامنية والجماعات المحلية”.

وأضاف “رفضت هذا التصور واقنعت رئيس الحكومة بضرورة الاكتفاء بدوري المنحصر في تقديم الاراء والاستشارة في القضايا والتوجهات الكبرى دون الدخول في تفاصيل التسيير اليومي . واقترحت في هذا السياق انعقاد اجتماع أسبوعي كلّ يوم اربعاء لمجلس الامن باشراف رئيس الحكومة ويحضره وزراء العدل والداخلية والدفاع ورئيس هيئة الاركان بالجيش التونسي والمستشار السياسي وكان حينذاك السيد لطفي زيتون الى جانب حضوري طبعا كمستشار امني فضلا عن المدير العام للامن الوطني . ويتمّ خلال كل اجتماع النظر في جدول اعمال محدد لتقييم الوضع العام في البلاد واتخاذ الاجراءات المناسبة لمعالجته هذا دون اعتبار الحوصلة الدورية التي ترد صباح كل يوم على رئاسة الحكومة من هياكل وزارة الداخلية”.

وتابع ” وتمكنت بذلك من اقناع السيد حمادي الجبالي بوجاهة هذا الاقتراح وكذلك بضرورة وضع الثقة الكاملة في وزير الداخلية والتعامل معه على هذا الاساس سيما واني ساكون على ذمته في اي وقت لتقديم المشورة والنصيحة بحكم تجربتي ومعرفتي بدواليب العمل الامني وعلى صلة بالاطارات المشرفة للمتابعة”.

وواصل “وعندئذ تمّ العدول عن التصور الاول الذي كان يخالج ذهن رئيس الحكومة وشرعنا في العمل وفق التوجه الجديد الى جانب حضوري اشغال مجالس الوزراء وبعض الجلسات الوزارية المضيقة كلما اقتضى الامر ذلك وبالخصوص في ما يتصل بالشؤون الامنية “.

القرارات الامنية تصاغ في مونبليزير:

اعتبر الصيد أنّ تجربته كمستشار كانت فاشلة لأنّ القرارات الامنية لم تكن تصدر من رحم مداولات المجلس الاعلى للامن. وجاء في شهادته عن تلك الفترة ” كان في الحسبان ان المداولات التي تتم داخل المجلس الاعلى للامن ولاسيما القرارات الصادرة بشأنها ستأخذ طريقها الى التنفيذ مباشرة من قبل الهياكل المعنية في الحكومة وبقية أجهزة الدولة غير انه اتضح لي منذ البداية ان الطريق الذي تسلكه هذه القرارات غير ما ذهب اليه ظنّي بل تتجه مباشرة الى مونبليزير اي الى مقرّ حركة النهضة حيث تعرض هناك وتغربل وتطبخ على نار اخرى ثمّ يعود منها ما يتم الاتفاق عليه ليحال الى الانجاز في ما يسير الباقي الى سلة المهملات”.

وأضاف ” كلّما تمّ انعقاد اجتماع المجلس الاعلى للأمن كنت أترقب مآل القرارات التي اتخذت في الاجتماع السابق فيكون النقاش الجاري بين رئيس الحكومة والمستشار السياسي بمثابة المؤشر الذي يفهم من خلاله ما تمّ اقراره من قبل قيادة الحركة وما تم استبعاده او تأجيل النظر فيه “.

فوضى عارمة في اجتماعات مجلس الوزراء :

حول اجتماعات مجلس الوزراء لم يكن الصيد متحفظا وهو رجل الدولة والمخضرم في الادارة التونسية عند عرض تفاصيل مخجلة حول اجتماعات المجلس والحضور فيه الى درجة تشبيهه بسوق “عكاظ” وهنا كتب الصيد: ” لا بدّ من القول وبكلّ صراحة وهذا لا يفسد للودّ قضية بالنظر لعلاقتي الطيبة مع السيد حمادي الجبالي أنّ الفوضى العارمة كانت السمة الكبرى لظروف انعقاد دورات المجلس فمواعيد مجلس الوزراء لا يحترمها أحد والوقت هو الاخر لا يتمّ التفكير فيه..لا من حيث الانطلاق ولا من حيث الاختتام وعليه يمكن لموضوع معين لا يستحق في السابق أكثر من بضعة دقائق ان يتواصل الجدل حوله لمدة ساعات وليس من الغريب غياب عضو في الحكومة عن أشغال المجلس او قدومه متاخرا عن الموعد المحدد لبدايته بل وحتى خروجه قبل الاوان وحدّث ولا حرج عن البروتوكول الذي ينظم قائمة الحاضرين من الوزراء حيث لا يتورّع أحدهم عن القدوم الى المجلس برفقة عون او اطار من وزارته وقد لاحظت مرة وزيرة البيئة وقد جلست في موقعها بالمجلس والى جانبها امرأة لم أعرف هويتها ولمّا سألت قيل لي انها سيكرتيرة خاصة بالسيدة الوزيرة هذا فضلا عن حضور اجتماع المجلس كل مستشاري الحكومة مما يجعل منه اشبه بسوق عكاظ”.

وتابع “والحقيقة ان رئيس الحكومة بدا لي غير قادر على التحكم في هذه الفوضى التي تتسم بها أعمال المجلس وربما لطيبة نواياه وافتقاده الجرأة الكافية على ردع مخالفين الى جانب تساهله في تسيير النقاش وعدم السيطرة على المتدخلين الى درجة تبلغ أحيانا التسيب بانفلات خطابي لا يسمن ولا يغني من جوع ودون التوصل في نهاية المطاف الى قرارات تبت في المواضيع المدرجة على جدول الاعمال وكان دوري كمستشار تنبيهه الى هدا الانحراف بأعمال المجلس وتم ذلك بالفعل في مناسبتين ولمست خلالهما انه يتفهم ملاحظتي ويقدرها ويسايرني في ما ذهبت اليه غير انه على ما يبدو ظل عاجزا عن تفعيل منهجية اخرى كفيلة بالتحكم في مجلس الوزراء وضمان نجاعتها وكان ذلك بداية شعوري بالصعوبات التي يلاقيها السيد حمادي الجبالي في تسيير الحكومة.”

وأضاف” وحرصا مني على تبديد الشعور الذي يخالجني قررت رفع الامر الى رئيس الحركة نفسه الاستاذ راشد الغنوشي واديت له زيارة بعلم رئيس الحكومة حيث شرحت له موقفي مما يحدث واحتمال انعكاساته السليبة على سير العمل الحكومي ولكن رغم التفاعل الايجابي الذي قابلني به رئيس الحركة لم ار في ما بعد ومع مرور الاشهر تقدما او تحسنا يذكر “.

وواصل” رغم انني لم الاحظ طوال بقائي الى جانب رئيس الحكومة سوى مشاعر المودة والتفاهم بينه وبين راشد الغنوشي وكذلك مناخ التعاون والتكامل مع وزير داخليته علي العريض وما يتسم به العمل بينهما من احترام متبادل الا انني لا استبعد الان ان يكون فشل رئيس الحكومة في مهمته يعود اساسا الى ما كان يسلط عليه من ضعط متواصل من قبل قيادات الحركة وكثرة المستشارين برئاسة الحكومة الذين لا يحصى عددهم في تلك الفترة والى جانب ذلك تنامي اقتناعي بعدم الفائدة من الاستشارات التي اقدمها لرئيس الحكومة بل وفي بعض الاحيان لتهميشي وتغييب المعلومة عني بما يضعني خارج سلطة القرار تماما وقد كانت اجراءات تسليم البغداد يالمحمدودي الى السلطات الليبية من اولى الامثلة على ذلك”.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING