الشارع المغاربي – المشيشي والطبوبي يبحثان ترسيم 125 ألف من عمال الحضائر !

المشيشي والطبوبي يبحثان ترسيم 125 ألف من عمال الحضائر !

قسم الأخبار

15 سبتمبر، 2020
 الشاراع المغاربي-كريمة السعداوي: تعيش تونس هذه الأيام على وقع “حراك” فوضوي قل ما عرفته البلاد حيث يواصل “شباب” ملحمة الكامور في ولاية تطاوين تعطيل انتاج المحروقات دون أن يحرك أي طرف من السلطة ساكنا لتطبيق القانون عليهم رغم شبه تأكد مغادرة الشركات البترولية للجهة، وذلك بالتوازي مع بداية تحرك مجموعات من العاطلين عن العمل للمطالبة بالشغل بعد أن تم سن قانون يخول لهم وتحديدا لمن زادت بطالته على عشر سنوات الاحقية في العمل.
ولتكتمل صورة الوضع الاجتماعي المختل، فقد شرع عمال الحضائر في تنفيذ تجمعات هنا وهناك للمطالبة بترسيمهم والترفيع في اجورهم وهم آلاف مؤلفة علما ان أكثر من 15 ألف ممن سبقوهم في التحركات رُسّموا وذلك أساسا بشركات البيئة والغراسة والبستنة التي تسبب تأسيسها والحاقها بمؤسستي فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي في شبه إفلاسها.
 وضعية عبثية !
 استقبل رئيس الحكومة هشام مشيشي صباح يوم السبت 12 سبتمبر 2020 بقصر الحكومة بالقصبة، نور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وأكد رئيس الحكومة خلال هذا اللقاء أن رهان الحكومة يتمثل في تكريس مزيد من النجاعة على مستوى الإنفاق العمومي للحدّ من النزيف الاقتصادي، سعيا لإيجاد صيغة توافقية لتقاسم الأعباء في انتظار تحسّن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطن.
كما أشاد المشيشي بدور المركزية النقابية في تحقيق التوازن صلب المجتمع سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية. من جهته، بين الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل أن اللقاء مع رئيس الحكومة تناول عديد الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية وعاد على ملف عمال الحضائر الذي طال أكثر من اللازم حسب تعبيره.
وأتت إشارة الطبوبي لملف عمال الحضائر غداة تجمعهم ببطحاء محمد علي بالعاصمة يوم الخميس 10 سبتمبر الجاري للمطالبة بالترسيم والاعتذار وبجلسة فورية مع ممثليهم أو سحب الجنسية أو مغادرة البلاد الى القطر الجزائري، وذلك حسب تعبيرهم والشعارات العديدة التي رفعوها. كما ركزوا على ضرورة تنفيذ ما ورد في اتفاق 28 ديسمبر 2018 بين الطرفين النقابي والحكومي والمتعلق بتسوية وضعياتهم. بما في ذلك الترفيع في اجورهم الى مستويات تتجاوز الأجر الأدنى المضمون وأعلنوا في ذات السياق عن تتويج “نضالاتهم” بتحرك وطني يوم 13 أكتوبر 2020 بساحة الحكومة بالقصبة مشيرين الى الدور الهام الذي يلعبه الاتحاد لحل مشاكلهم.
ومن المعلوم ان تسوية وضعيات أكثر من 120 ألف من عمال الحضائر (أي ما يعادل 15% من عدد موظفي القطاع العام) يعتبر ضربا من ضروب الخيال سيما أن نسبة حجم الأجور تلامس حاليا 20% من قيمة ميزانية الدولة دون اعتبار الـ 200 مليون دينار وغيرها من الزيادات القطاعية التي يعمل الاتحاد على تجسيمها في إطار المفاوضات الاجتماعية الدورية.
مطالب سريالية
احتدت بشكل خاص احتجاجات عمال الحضائر في أواخر نوفمبر 2019 عقب ما شهدت آنذاك معتمدية جلمة من ولاية سيدي بوزيد من اضطرابات تطورت الى مواجهات مع قوات الأمن الوطني بعد غلق المحتجين الطريق الوطنية عدد 3 الرابطة بين تونس وقفصة باستعمال الحجارة والإطارات المطاطية تبعا لحادثة انتحار الشاب عبد الوهاب الحبلاني وهو عامل حضائر يطالب اسوة بزملائه بتسوية وضعيته وترسيمه.
ونفذ في وقت سابق وبالتحديد في منتصف نفس الشهر عمال حضائر اعتصاما في محيط القصر الرئاسي بقرطاج دام أياما وهددوا بالانتحار. وعمت آنذاك حالة من الفوضى والاحتقان المعتصمين حيث تمسكوا بتحقيق جملة من المطالب وتفعيلها بعد الاتفاق المبدئي بين اتحاد الشغل وسلط الاشراف.
وتمثل الاتفاق المبدئي المؤرخ في 28 ديسمبر 2018 لتسوية وضعية عمال حضائر في تمكين الفئة التي تبلغ سنّ الـ 60 سنة بصفة آلية من منحة تساوي منحة العائلات المعوزة. اما الشريحة التي تتراوح أعمار أفرادها بين 55 و59 سنة فستواصل الانتفاع بمنحة الحضائر التي تساوي الأجر الادنى المضمون وبطاقة العلاج المجاني وحين يبلغ افرادها سنّ الـ 60 سنة ينتقلون الى الفئة الاولى.
كما تضمّن الاتفاق تنصيصا على تسوية وضعيّة العملة المباشرين بأعمال فعليّة قبل تاريخ 3 جانفي 2018 والذين اثبتت الوزارات المعنيّة مباشرتهم الفعلية في مواقع العمل من خلال إسناد منحة مغادرة للراغبين في ذلك قيمتها المادية تضاهي 36 اجرة شهريّة مع تمكين الراغبين في بعث مشاريع من قرض عبر البنك التونسي للتضامن مع اعتبار منحة المغادرة أو جزء منها تمويلا ذاتيّا.
أما الباقين فسيقع اقتراح توزيعهم على مراكز عمل شاغرة في حدود المعتمديّة أو الولاية الراجعين لها بالنظر، لكن بقي الخلاف بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل منذ تاريخ 28 ديسمبر 2018 بخصوص موعد الشروع في التسوية والمراحل التي سيستغرقها تفعيل الإجراءات المتفق عليها، حيث كان مقترح الاتحاد الانطلاق الفوري في التسوية في حين اقترح الطرف الحكومي سنة 2021 الشروع في تسوية وضعية العمال، مما حال دون طيّ ملفّ عمال حضائر ما بعد 2011 نهائيّا.
هذا ويشتغل عمال الحضائر في مجالات مختلفة منها مشاريع البنية التحتية والحراسة والتنظيف وغيرها، وحسب دراسة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فقد تزايد عددهم بعد الفوضى التي عمت البلاد غداة أحداث جانفي 2011. وفاق عدد المنخرطين في هذه الآلية حاجز الـ 125 ألف شخص، مقارنة بنحو 62 ألف سنة 2010.
وتضاعفت المخصصات المالية التي تعتمدها الدولة لعمال الحضائر، لترتفع من نحو 82 مليارا عام 2010 إلى أكثر من 370 مليارا حاليا باحتساب أجور عمال شركات الغراسة والبستنة التي تصل الى 110 مليارات سنويا أي أنها تضاعفت أكثر من أربع مرات. علما ان 65% من العمال ينتمون إلى الحضائر الجهوية وأنّ بقية النسب تعود إلى الحضائر الفلاحية. ويتركز عمال الحضائر في عدد من الولايات، حسب الدراسة، إذ تحتكر 8 منها نحو 67% من هذه الشريحة.
واعتمدت الدولة التونسية على آلية عمل الحضائر كبديل لغياب مواطن شغل قارة وثابتة في اغلب الولايات الداخلية التي ترتفع فيها اليد العاملة غير المؤهلة، وقامت بفتح شركات مماثلة هي شركات البيئة والغراسات لاستيعاب عدد أكبر من طالبي الشغل في ست ولايات.
لكن هذه الشركات عرفت اشكالا في التصرف في عدد العاملين الذين تناهز اجورهم سنويا 110 مليارات، ناهيك عن انعدام المردودية الشغلية، وكون الأجور التي تم إقرارها كانت مرتفعة مقابل الممنوحة لعمال الحضائر التقليديين، والتي بلغت نحو 1100 دينار شهريا كمتوسط أجر للعامل.
 وتأتي هذه الوضعية في إطار صعوبات اقتصادية تشهدها المالية العمومية وتعيشها كذلك وبحدة بالغة المؤسسات العمومية (خسائر بقيمة 6200 مليار سنة 2018) والمطالبة، حسب توصيات البنك الدولي، بالتخفيض في كتلة الأجور وتجميد الانتداب، وهي كلها مؤشرات لا تدل على امكانية انفراج أزمة عمال الحضائر التي تهدد بشلّ جزء كبير من الهياكل العمومية وتقويضها.

اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING