الشارع المغاربي – المطارَد‭ ‬والمطرود‭ ‬محمد‭ ‬القوماني‭...‬/بقلم: أنس الشابي

المطارَد‭ ‬والمطرود‭ ‬محمد‭ ‬القوماني‭…‬/بقلم: أنس الشابي

قسم الأخبار

14 أبريل، 2023

الشارع المغاربي: بعد‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬لقاء‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬برئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬إثر‭ ‬غياب‭ ‬دام‭ ‬عشرة‭ ‬أيام‭ ‬انتشرت‭ ‬فيها‭ ‬الاشاعات‭ ‬حول‭ ‬صحّته‭ ‬ووصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬شغور‭ ‬دائم،‭ ‬خرج‭ ‬محمد‭ ‬القوماني‭ ‬ببيان‭ ‬يعلن‭ ‬فيه‭ ‬استقالته‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬لاحقا‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬صحفية‭ ‬له‭ ‬إلى‭ ‬تباين‭ ‬مع‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬العائد‭ ‬إليها‭ ‬سنة‭ ‬2016‭ ‬بعد‭ ‬رحلة‭ ‬انتقل‭ ‬منها‭ ‬أوّلا‭ ‬إلى‭ ‬جماعة‭ ‬اليسار‭ ‬الإسلامي‭ ‬ثم‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬التقدمي‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬وفيه‭ ‬حاول‭ ‬القوماني‭ ‬صحبة‭ ‬آخرين‭ ‬إحداث‭ ‬انشقاق‭ ‬داخله‭ ‬وإعادته‭ ‬إلى‭ ‬الحضيرة‭ ‬الوطنية‭ ‬بتحريض‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬ص‭ ‬46‭ ‬من‭ ‬تقرير‭ ‬هيئة‭ ‬بن‭ ‬سدرين‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬في‭ ‬الدوحة‭ ‬حضرته‭ ‬تسيبي‭ ‬ليفني‭ ‬وزيرة‭ ‬خارجية‭ ‬إسرائيل‭ ‬سابقا‭ ‬دون‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬طرده‭ ‬منه‭ ‬سنة‭ ‬2008‭. ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬2011‭ ‬أسّس‭ ‬حزبا‭ ‬خاصا‭ ‬به‭ ‬هو‭ ‬حزب‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتنمية‭ ‬وفي‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬لوّحت‭ ‬له‭ ‬النهضة‭ ‬بتعيينه‭ ‬وزيرا‭ ‬للتربية‭ ‬فأعلن‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬فرحا‭ ‬مسرورا‭ ‬ولكنها‭ ‬فضّلت‭ ‬عليه‭ ‬سالم‭ ‬الأبيض،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬رفضه‭ ‬حزبه‭ ‬الذي‭ ‬حلّ‭ ‬نفسه‭ ‬سنة‭ ‬2015‭ ‬ليبقي‭ ‬صديقنا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضياع‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التقطه‭ ‬الغنوشي‭ ‬سنة‭ ‬2016‭ ‬وعيّنه‭ ‬قياديا‭ ‬في‭ ‬مكتبه‭ ‬السياسي‭. ‬والجدير‭ ‬بالملاحظة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الرحلة‭ ‬الحزبية‭ ‬لم‭ ‬تخرج‭ ‬عن‭ ‬إطار‭ ‬الفضاء‭ ‬الإسلامي‭ ‬الذي‭ ‬يخلط‭ ‬الدين‭ ‬بالسياسة‭ ‬وحتى‭ ‬لمّا‭ ‬انتمى‭ ‬إلى‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬التقدمي‭ ‬فإنه‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬مع‭ ‬إخوانه‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬الحزب‭ ‬لأسباب‭ ‬متعدّدة‭ ‬أصبح‭ ‬الحديقة‭ ‬الخلفية‭ ‬لحركة‭ ‬النهضة‭ ‬التي‭ ‬استعملته‭ ‬غطاء‭ ‬ينشط‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬منظوريها‭ ‬وهم‭ ‬كُثر‭ ‬منهم‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬التجمع‭ ‬كحمزة‭ ‬حمزة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬كمحمد‭ ‬الحمروني‭ ‬وغيرهما‭.‬

بعد‭ ‬تعيينه‭ ‬قياديا‭ ‬في‭ ‬النهضة‭ ‬أصبح‭ ‬القوماني‭ ‬ضيفا‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬دفاعا‭ ‬عن‭ ‬الغنوشي‭ ‬وخياراته‭ ‬السياسية‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬فيه‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬صحبة‭ ‬رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬معلنا‭ ‬أن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الشغور‭ ‬وحث‭ ‬القوى‭ ‬الحاملة‭ ‬للسلاح‭ ‬على‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬المسألة‭ ‬تآمر‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬يقع‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬المساءلة‭ ‬القانونية‭. ‬عندها‭ ‬أعلن‭ ‬القوماني‭ ‬أنه‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬صفته‭ ‬القيادية‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬وهي‭ ‬صفة‭ ‬متّعه‭ ‬بها‭ ‬الغنوشي‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬سند‭ ‬واقعي‭ ‬أو‭ ‬قانوني‭ ‬إذ‭ ‬يعلم‭ ‬كلّ‭ ‬متابع‭ ‬للحياة‭ ‬السياسية‭ ‬أن‭ ‬المرء‭ ‬يكتسب‭ ‬صفة‭ ‬القيادة‭ ‬داخل‭ ‬التنظيمات‭ ‬الجماهيرية‭ ‬لمّا‭ ‬يتم‭ ‬انتخابه‭ ‬من‭ ‬المنتسبين‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬قانوني‭ ‬ويكون‭ ‬معبّرا‭ ‬عن‭ ‬تيار‭ ‬فكري‭ ‬أو‭ ‬سياسي‭ ‬ضمن‭ ‬الخطة‭ ‬العامّة‭ ‬للحزب‭. ‬والذي‭ ‬نعلمه‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لحركة‭ ‬النهضة‭ ‬بما‭ ‬ذكر‭. ‬فكلّ‭ ‬المواقع‭ ‬داخلها‭ ‬تخضع‭ ‬للتعيين‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬المرّة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬شُرِّكَ‭ ‬فيها‭ ‬المنتسبون‭ ‬عند‭ ‬إعداد‭ ‬قائمات‭ ‬المترشحين‭ ‬لمجلس‭ ‬نواب‭ ‬2019‭ ‬تدخل‭ ‬الغنوشي‭ ‬وتصرّف‭ ‬فيها‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬فإن‭ ‬وصف‭ ‬القوماني‭ ‬نفسه‭ ‬بأنه‭ ‬قيادي‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬إنما‭ ‬كان‭ ‬مِنّة‭ ‬وفضلا‭ ‬من‭ ‬زعيم‭ ‬الحركة‭ ‬وليس‭ ‬نتيجة‭ ‬لإشعاعه‭ ‬أو‭ ‬لتأثيره‭ ‬أو‭ ‬حضوره‭ ‬اللافت‭ ‬داخلها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬البقية‭ ‬ممّن‭ ‬ادّعوا‭ ‬الاستقالة‭ ‬من‭ ‬الحركة‭. ‬فحمادي‭ ‬الجبالي‭ ‬لمّا‭ ‬استقال‭ ‬من‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬لحركته‭ ‬خرج‭ ‬لوحده،‭ ‬فهل‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬يستقيل‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬حزب‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬ولا‭ ‬يأخذ‭ ‬معه‭ ‬كتلة‭ ‬أو‭ ‬مجموعة‭ ‬تكون‭ ‬مناصرة‭ ‬لقراره؟‭ ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬الجبالي‭ ‬عاد‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬العاشر‭ ‬ليتصدّر‭ ‬اللجان‭ ‬التي‭ ‬أعدّت‭ ‬اللوائح‭ ‬وغيرها‭ ‬ممّا‭ ‬لا‭ ‬يعتدّ‭ ‬به‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬في‭ ‬حركته‭ ‬وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬البيان‭ ‬نلاحظ‭ ‬أن‭ ‬القوماني‭:‬

1) ‬توجّه‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬الإعلاميين‭ ‬والصحفيّين‭ ‬وهو‭ ‬العنوان‭ ‬الخطأ‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتوجّه‭ ‬باستقالته‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬لِمن‭ ‬عيّنه‭ ‬فيها‭ ‬لأنها‭ ‬مسألة‭ ‬داخليّة‭ ‬طرفاها‭ ‬الغنوشي‭ ‬والقوماني‭ ‬إذ‭ ‬جرت‭ ‬العادة‭ ‬أن‭ ‬الوجهة‭ ‬الأساسيّة‭ ‬لهذه‭ ‬الوثائق‭ ‬هي‭ ‬المسؤول‭ ‬الأوّل‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬ينوبه‭ ‬حتى‭ ‬تكتسب‭ ‬صبغة‭ ‬رسمية‭ ‬ويعتدّ‭ ‬بها‭ ‬عند‭ ‬تقدير‭ ‬المواقف‭ ‬والتحالفات‭.‬

2) ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬له‭ ‬تباينا‭ ‬مع‭ ‬مواقف‭ ‬الحزب‭ ‬من‭ ‬حكم‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬الذي‭ ‬أظهر‭ ‬يُبسا‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬مخالفيه‭. ‬فرغم‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬مارستها‭ ‬حركة‭ ‬النهضة‭ ‬وتُبّعها‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يتزحزح‭ ‬قيد‭ ‬أنملة‭ ‬عن‭ ‬مواقفه‭ ‬السابقة‭ ‬وكانت‭ ‬تصريحات‭ ‬الجبهة‭ ‬النهضوية‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بالشغور‭ ‬واعتبار‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ذلك‭ ‬تآمرا‭ ‬القشة‭ ‬التي‭ ‬قسمت‭ ‬ظهر‭ ‬البعير‭ ‬ودفعت‭ ‬بالقوماني‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬ما‭ ‬أعلن‭ ‬عنه‭ ‬فارا‭ ‬بجلده‭ ‬ممّا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬به‭ ‬حوادث‭ ‬الأيام‭ ‬مستقبلا‭. ‬فهل‭ ‬سيتخلى‭ ‬تبعا‭ ‬لذلك‭ ‬عن‭ ‬اعتبار‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬انقلابا‭ ‬وقيس‭ ‬سعيد‭ ‬منقلبا‭ ‬ومستبدّا‭ ‬بالسلطة‭ ‬وهي‭ ‬المعاني‭ ‬التي‭ ‬روّج‭ ‬لها‭ ‬طوال‭ ‬السنتين‭ ‬الماضيتين‭ ‬في‭ ‬الوقفات‭ ‬وفي‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام؟

3) ‬بجانب‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬لتبرير‭ ‬رسالته‭ ‬أضاف‭ ‬القوماني‭ ‬الأوضاع‭ ‬الحزبية‭ ‬الداخلية‭. ‬والذي‭ ‬يعلمه‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬أوضاع‭ ‬النهضة‭ ‬الداخلية‭ ‬لم‭ ‬تتغير‭ ‬منذ‭ ‬التأسيس‭ ‬حيث‭ ‬يشرف‭ ‬الغنوشي‭ ‬على‭ ‬كلّ‭ ‬كبيرة‭ ‬وصغيرة‭ ‬ولم‭ ‬تفلح‭ ‬محاولات‭ ‬الانقلاب‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭. ‬ولعلّ‭ ‬القوماني‭ ‬يتذكر‭ ‬أنه‭ ‬صحبة‭ ‬احميدة‭ ‬النيفر‭ ‬وصلاح‭ ‬الدين‭ ‬الجورشي‭ ‬قاموا‭ ‬بمحاولة‭ ‬انقلابية‭ ‬لافتكاك‭ ‬العاصمة‭ ‬وهي‭ ‬أكبر‭ ‬وأهمّ‭ ‬مكتب‭ ‬في‭ ‬التنظيم‭ ‬أيامها‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الغنوشي‭ ‬تفطن‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فأطردهم‭ ‬جميعا‭. ‬

قال‭ ‬الجورشي‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ “‬حقائق‭” ‬العدد‭ ‬225‭ ‬بتاريخيْ‭ ‬8‭ ‬و14‭ ‬ديسمبر‭ ‬1989‭  ‬موجها‭ ‬خطابه‭ ‬إلى‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬مورو‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬المكلّفة‭ ‬بالنظر‭ ‬في‭ ‬مآل‭ ‬الانقلابيين‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتمّ‭ ‬أشغالها‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬ما‭ ‬يلي‭: “‬ولا‭ ‬أظنه‭ ‬قد‭ ‬نسي‭ ‬تلك‭ ‬الليلة‭ ‬المخزية‭ ‬التي‭ ‬وقع‭ ‬فيها‭ ‬حلّ‭ ‬مكتب‭ ‬العاصمة‭ ‬وتجميد‭ ‬عضوية‭ ‬المشرف‭ ‬عليها‭ ‬لا‭ ‬لشيء‭ ‬إلا‭ ‬لأن‭ ‬العاصمة‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬تقود‭ ‬حركة‭ ‬إصلاح‭ ‬ومراجعة‭ ‬وتجديد‭ ‬في‭ ‬جسم‭ ‬إخواني‭ ‬يختنق‭”. ‬في‭ ‬جواب‭ ‬له‭ ‬عن‭ ‬سؤال‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬جريدة‭ “‬الصريح‭” ‬بتاريخ‭ ‬17‭ ‬أكتوبر‭ ‬2016‭ ‬قال‭ ‬القوماني‭: “‬ان‭ ‬الانضمام‭ ‬لحركة‭ ‬النهضة‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوقيت‭ ‬تطبيقا‭ ‬لتوجهات‭ ‬مؤتمرها‭ ‬العاشر‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬منذ‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة‭”. ‬ويعلم‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬خلافات‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬حول‭ ‬بقاء‭ ‬راشد‭ ‬الغنوشي‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الحركة‭ ‬وهل‭ ‬يُقبل‭ ‬ترشحه‭ ‬في‭ ‬المؤتمر‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬ومسائل‭ ‬أخرى‭ ‬تستهدف‭ ‬إبعاد‭ ‬مؤسّس‭ ‬الحركة‭. ‬عندها‭ ‬عمل‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬تطعيم‭ ‬جناحه‭ ‬بأسماء‭ ‬كالقوماني‭ ‬وبلقاسم‭ ‬حسن‭ ‬إضعافا‭ ‬لحجة‭ ‬الآخرين‭. ‬وقد‭ ‬قام‭ ‬الاثنان‭ ‬بالدور‭ ‬الموكل‭ ‬اليهما‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬صاحب‭ ‬الفضل‭ ‬عليهما‭. ‬فادعاء‭ ‬القوماني‭ ‬أن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الحزبية‭ ‬غير‭ ‬مرضية‭ ‬تعلّة‭ ‬لتبرير‭ ‬الانسحاب‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬المساءلة‭ ‬لأن‭ ‬أوضاع‭ ‬الحركة‭ ‬آخذة‭ ‬في‭ ‬الانحدار‭ ‬منذ‭ ‬المؤتمر‭ ‬العاشر‭ ‬وتفاقم‭ ‬أمرها‭ ‬بعد‭ ‬انتخابات‭ ‬2019‭ ‬ورئاسة‭ ‬الغنوشي‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬التي‭ ‬عادت‭ ‬عليه‭ ‬وعلى‭ ‬حزبه‭ ‬بالوبال‭ ‬نتيجة‭ ‬المواقف‭ ‬المخزية‭ ‬التي‭ ‬استمات‭ ‬الحزب‭ ‬الدستوري‭ ‬الحر‭ ‬في‭ ‬مواجهتها‭ ‬منعا‭ ‬لجر‭ ‬البلاد‭ ‬إلى‭ ‬محاور‭ ‬قطرية‭ ‬تركية‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬مصلحتها‭. ‬أيامها‭ ‬كان‭ ‬القوماني‭ ‬صوت‭ ‬الغنوشي‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬باردو‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المدافع‭ ‬عنه‭ ‬وعن‭  ‬خياراته‭ ‬بحماس‭ ‬لا‭ ‬يحسد‭ ‬عليه‭.‬

والذي‭ ‬تهمنا‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬أن‭ ‬بيان‭ ‬القوماني‭ ‬المتجوّل‭ ‬والمتحوّل‭ ‬سياسيا‭ ‬يؤكد‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهمها‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬جيء‭ ‬بهم‭ ‬إلى‭ ‬حكم‭ ‬البلاد‭ ‬بعد‭ ‬سنة‭ ‬2011‭ ‬ودون‭ ‬استثناء‭ ‬اعتبروا‭ ‬الدولة‭ ‬غنيمة‭ ‬اقتسموها‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بينهم‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفسّر‭ ‬السياحة‭ ‬البرلمانية‭ ‬والحزبية‭ ‬المنفلتة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬عقال‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬ناظم‭ ‬ينظمها‭ ‬لأن‭ ‬هدفها‭ ‬هَبْرُ‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬المنافع‭. ‬ويفسّر‭ ‬كذلك‭ ‬تهم‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬من‭ ‬تصدّروا‭ ‬الفضاءات‭ ‬السياسية‭ ‬والإعلامية‭ ‬في‭ ‬العشرية‭ ‬الماضية‭ ‬وبدأت‭ ‬أخبار‭ ‬تجاوزاتهم‭ ‬تترى‭ ‬وملفاتهم‭ ‬تفتح‭ ‬والتحقيق‭ ‬فيها‭ ‬جار‭ ‬ونتمنى‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬نهاياته‭.‬

*نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 11 افريل 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING