الشارع المغاربي: إعتبر وزير الصحّة عبد اللطيف المكّي اليوم الإثنين 27 أفريل 2020 أنّ تونس تواجه سيناريو مُعتدلا في مكافحة وباء “كورونا” المستجد، مؤكّدا أنّها مُستعدّة في الوقت نفسه للسيناريو الأسوأ.
وقال المكّي في حوار مع وكالة “الأناضول” التركية أنّّ هناك هدوءا في العدوى قال انه تم التأكد منه مع انطلاق أولى تجارب التحاليل السريعة الأسبوع الماضي ببعض المناطق، مثشيرا ألى أنّ البلاد سجّلت تراجعًا في عدد الإصابات بالفيروس منذ يوم اسبوع، مذكّرا بأنّ عدد الإصابات المسجلة مؤخّرا تتراوح يوميا بين إصابتين و17 إصابة.
واعتبر أنّ “الخطّة التّي رسمتها الوزارة آتت أُكُلها وأنّ الخطة التي رسمتها رئاسة الحكومة آتت أُكُلها كذلك”، مضيفا “الاستراتيجية الوطنية لمقاومة كورونا هي استراتيجية أفقية، صحيح ان وزارة الصحة تلعب دورًا مهمًا، لكن الكثير من الوزارات، بما فيها رئاسة الحكومة، لها دور في تنفيذ وإنجاح هذه الخطة.”
ولفت الى أنّ الوضع الحالي مطمئن من ناحية الإحصائيات حول عدد الإصابات بالمرض، مُستدركا “لكن هذا لا يجب أن يؤَوَل أو يفسر تفسيرًا خاطئًا، فالإجراءات التي قمنا بها وعمليات التقصي واكتشاف الحالات المريضة وعزلها ونقلها إلى النزل أو المستشفيات للتقليل من منسوب العدوى أعطت نتيجة” مشيرا إلى أنّ التصدي للفيروس “يشبه قيادة سيارة في طريق وعرة.. إمكانية الانزلاق واردة في أي لحظة” وألى أنّ هذه النتائج “مؤقتة ويمكن أن تصبح دائمة إذا ام الاستمرار في تنفيذ الاستراتيجية بالدقة والكفاءة اللازمتين.”
وبخصوص الحجر الصحي الموجه المُقرّر ليوم 4 ماي القادم، قال المكّي “أقرت تونس منذ 22 مارس الماضي حجرًا صحيًا شاملًا وتم إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية باستثناء رحلات إجلاء العالقين وقرر مجلس الأمن القومي الأسبوع الماضي اتباع سياسة الحجر الصحي الموجّه، أي السماح لبعض القطاعات بالعودة إلى النشاط الاقتصادي وتخفيف إجراءات الحجر”.
وأوضح أنّ “الحجر الصحي الموجّه سيكون في اتجاه القطاعات والفئات والجهات التي تأتي منها الخطورة بأن تبقى في الحجر” متابغا “لذلك نحن لم نقل سنرفع الحجر، بل قلنا الجحر الصحي الموجه، أي التركيز على تنفيذ الحجر على كل مصادر الخطر التي تجعل الوباء يعرف موجة ثانية.”
وأضاف “على الحكومة حُسن التخطيط بالدقة اللازمة وقد تشكلت لجنة تضم ممثلين عن عديد الوزارات للتخطيط لهذا التوجيه والمواطن عليه الالتزام الذكي والحازم بما سيُطرح عليه من التزامات وسلوكات ، فلا نريد أن نحمي الناس من الكورونا ونتركهم يموتون بالجوع أو بأسباب أخرى”.
وأشار الى أنّه لم يتمّ تحديد فترة الحجر الصحّي الموجّه الذي ينطلق يوم 4 ماي، قائلا ” يمكن مُراجعة الأمر ويعود حجرًا صارما إذا رأينا مؤشرات إخلال أو رجوع” داعيا إلى ” المحافظة على النتيجة التي تم تحقيقها إلى حد الآن، ولكن في نفس الوقت السماح للناس والبلاد بقضاء بعض مصالحهم”.
وأوضح أن “هناك شركات مهددة، فهي تصديرية وحرفاؤها يطلبون بضائع، وهناك سنة دراسية يجب أن ننقذ منها المناظرات مثل الباكالوريا وامتحان السنة التاسعة من التعليم الإعدادي والسنة السادسة من التعليم الابتدائي،وهناك سنة جامعية يجب أن تُنقذَ”.
وفي ما يتعلّق بالاستعداد لسيناريو أسوأ حول تفشي وباء “كورونا”، إعتبر وزير الصحّة أنّ تراجع مؤشرات انتشار الفيروس بتونس لم يجعل السلطات مطمئنة إلى انفراج نهائي، قائلا “منظمة الصحة العالمية ذكّرت الدول بأن مواجهة كورونا هي مسألة طويلة الأمد..الصين نفسها إلى حد الآن لم ترفع كل القيود لأنها تخشى موجة ارتدادية.. نحن في سباق مسافات طويلة مع كورونا.”
وشدّد على أنّ “أيّة دولة تحترم نفسها وتريد أن تبقي على المصداقية وتستثمر في الثقة بينها وبين شعبها، لابد أن تقرأ احتمالًا لأسوأ السيناريوهات حتى وإن كان واردًا بنسبة 1% ” متابعا “هكذا فعلنا رغم أننا نرجح السيناريو المعتدل لكن نستعد للسيناريو الأسوأ.. إن لم يحدث فلا مشكل، فالخسارة ستكون في المادة.. لكن لو قدر الله وتكون الصورة عكسية، لا نستعد ويحدث، تكون الخسارة في الأرواح والمعنويات”.
وفي سياق الاستعداد للسيناريو الأسوأ قال المكي “هناك لجنة بالوزارة لإقامة المستشفيات الميدانية، والمستشفى الميداني بقاعة الرياضة بالمنزه وهو من بواكير عملها، وستُنشئ مستشفيات أخرى استعدادًا للسيناريو الأسوأ، رغم ضعف نسبة وروده.”
وفي ما يتعلّق بإحتكار المواد الطبية، أفاد المكّي بأنّ العديد من المشتغلين بالقطاع الصحي، أعربوا عن مخاوفهم من عدم توفر المستلزمات الطبية لحماية الكوادر الصحية التي تتعامل مع مرضى “كورونا” مضيفا ” المخاوف زالت.. قمنا بالكثير من الاقتناءات وهي تصل تباعًا ولم يعد مطروحًا سوى حسن استعمالها وفق مقاييس طبية، لكي لا يقع تبديد أموال”.
وحول اجراءات الوزارة لمقاومة أية نزعة احتكارية محتملة قال المكي “تمّ احتكار السوق التونسية من هذه المنتجات لصالح الدولة ونقتنيها عبر الصيدلية المركزية، وتوزّع في مسالك رسمية عبر الوزارة، للقطاع العام والقطاع الخاص.”
وتابع ” الدولة سعت إلى عدم تحوّل مسألة مكافحة كورونا، وخاصة المستلزمات، إلى مادة تجارية ربحية، أولًا خشية على نجاعة استراتيجية المواجهة، فالاختبار السريع عندما لا يستعمل بطريقة طبية يمكن أن يعطي آمالًا زائفة للمواطن أنه محمي من الكورونا، في حين أن القراءة لم تكن دقيقة، وثانيًا للحيلولة دون الاستغلال.”
وأشار الوزير بخصوص النقائص بالخارطة الصحية إلى أنّ وزارة الصحّة تفكر في مسائل استراتيجية تهم نقائص المنظومة الصحية التونسية، وذلك بصورة موازية مع التصدي لـ”كورونا”، مؤكّدا أنّ هذا العمل “لم يأخذ الحجم الكافي من الإعلان عنه”.
وقال إنّ السلطات التونسية اضطرت إلى نقل مصابين بـ”كورونا” من مناطق داخلية عديدة لمئات الكيلومترات إلى مناطق شرقي البلد، لعدم توفر مؤسسات صحية قادرة على إيوائهم، مضيفا “هناك عمل لفتح الملفات الاستراتيجية في الوزارة بهدوء، ثم ستأخذ كل الاهتمام بعد إنجلاء موجة الكورونا، وإن كانت هذه الأزمة ستبقى وسنتعايش معها ونقاومها”.
وأوضح “سنعطي الملفات الإصلاحية الأخرى الأهمية، فمن مزايا جائحة كورونا أنها بينت أن قطاع الصحة هو قطاع استراتيجي يعاني، ولابد أن يجد الحظوة الكافية ليس فقط من حيث التمويل، بل من حيث الإصلاح وتطوير منظومات تقديم الخدمات الصحية، بل وحتى من حيث تطوير المفاهيم الصحية.”
يُشار إلى أنّ احصائيات وزارة الصحّة الصادرة في ساعة متأخّرة من ليلة أمس الأحد 26 أفريل 2020 كشفت عن تسجيل 10 إصابات جديدة بفيروس “كورونا” المستجد ليصبح العدد الجملي للمصابين بهذا الفيروس 949 اصابة مؤكدة من بين 20818 تحليلا إجماليا، مبرزة أنّ عدد الوفيات جرّاء الإصابة بالمرض بقي مستقرا منذ 19 أفريل الجاري وانه لم يتجاوز الـ38 وفاة.