الشارع المغاربي-بقلم السيدة سالمية: سهام بن سدرين واحدة من الشخصيات المثيرة للجدل. ذلك أنه منذ أن تم تعيينها على رأس هيئة الحقيقة والكرامة استقال منها المناضل الحقوقي الكبير خميس الشماري وفي ذلك تقييم لا يخفى على لبيب لتتالى بعد ذلك الاستقالات ووصل الأمر إلى التشكي من تصرفها الإداري والمالي للمحاكم ولمجلس النواب ورغم أن الإجماع حاصل على فشلها في تسيير الهيئة وفي القيام بالمهام المناطة بعهدتها فإنها بقيت على رأسها لأنها تحظى بحماية رئيس حركة النهضة الذي جندت لصالحه أشغال الهيئة جميعها وهو ما سنأتي على البعض منه لاحقا. اللافت للنظر أن بن سدرين وفي مشاركة لها في ندوة وطنية عقدت يوم السبت 19 جوان 2021 حول تحركات التصعيد ضد الإفلات من العقاب اعتبرت في تصريح نقلته صحيفة «الشارع المغاربي» الألكترونية أن ما تشهد تونس من انتهاكات واعتداءات على الشباب وقتل وتعذيب هو نتيجة الإفلات من العقاب متهمة رئيس البرلمان راشد الغنوشي بـتكريس سياسة الإفلات من العقاب عبر اقتراح المصالحة الوطنية معتبرة انه يجب أن يكون أول من تتم محاسبتهم داعية إياه إلى مصارحة الشعب وإعلامه بأنه يريد تحصين مجموعة من المقربين منه من خلال قانون المصالحة.
ورغم أن هذا الاتهام صحيح في مجمله والأدلة على ذلك متوفرة فإنه يصبح غريبا لمّا يصدر عن سهام بن سدرين التي لم تتورع عن محاولة تزوير تاريخ الحركة الوطنية واختلاق أحداث ووقائع وهمية. فما الذي حدث وما الذي جرى حتى تشن هجومها الصاعق على الغنوشي وحركته؟، وهل يمكن أن نحمل على محمل الجدّ والصدق هذا الذي قالت؟ ألا يعتبر قولها هذا تفصّيا من مسؤوليتها في إشعال نار الضغينة بين التيارات السياسية ليصل الأمر إلى حد الاحتراب؟ ألا تعتبر هذه المحاولة منها محاولة للقفز من السفينة وقد شارفت على الغرق؟ ثم قولها بأن الغنوشي يقود البلاد إلى الاحتراب ألا يعد سخرية من عقولنا وذاكرتنا؟
فسهام لم تتوقف طوال السنوات الماضية عن النفخ في الخلافات الموجودة بين التيارات السياسية بل وصل بها الأمر إلى النبش في الذاكرة وإحياء ما اندرس من خلافات فتجدها تنتقل من الموقع إلى غيره بحثا عن بقايا العظام وفضيحتها في تطاوين بشهادة الطبيب المرافق لها موثقة حيث تسللت ليلا ووضعت بقايا عظام ادعت في ما بعد أنها ليوسفيين قتلوا في جبل اقري كما جوبهت دعوتها بإعادة كتابة تاريخ الوطن ببيان أمضاه أكثر من 60 مؤرخا من بين ما جاء فيه: «ومن باب الأمانة فإنه لم تصدر خلال الستين سنة الماضية أوامر أو توجيهات بكتابة التاريخ أو تدريسه بالجامعة التونسية في هذا الاتجاه أو ذاك أو بالتركيز على هذه الشخصية أو تلك أو على فترة دون أخرى» (جريدة المغرب بتاريخ 9 أفريل 2017 ص8). في نفس الهجمة على الغنوشي ذكرت أنه كرّس سياسة الإفلات من العقاب متناسية أنها هي ذاتها كرست الوجه الثاني من نفس العملة وهي الاستهانة بالعدالة وتدجينها وذلك بتكريسها سياسة معاقبة الأبرياء التي بقيت مصرّة عليها إلى الآن اذ جاء في تصريح لها في جريدة الصباح بتاريخ 17 سبتمبر 2014 قولها: «الأكيد أن الهيئة ستعيد ملفات وزراء بن علي الذين برّأهم القضاء»، وحتى تعطي لقولها شيئا من المصداقية والوجاهة ذكرت أن المصالحة الوطنية التي يدعو إليها الغنوشي تستهدف «تحصين مجموعة من المقربين منه»، وهو ما يعني اتهاما جليا وواضحا للمقربين من الغنوشي بالفساد. ولسائل أن يسأل هل أنها صحوة ضمير انتابتها أو أن هناك أشياء أخرى تتوقى منها مسبقا؟ الذي نخلص إليه أن ما جاء على لسان المذكورة في الندوة لا يمكن أن نحمله إلا على محمل الخوف ممّا هو آت مستقبلا فملف الفساد أصبح اليوم محلا للمقايضة السياسية والفاعلون السياسيون اليوم هم غيرهم قبل ستّ سنوات الأمر الذي أخلّ بالتوازنات التي كانت تستند إليها بن سدرين في ما صنعت بخلق الله في الهيئة لذا سارعت بتبرئة ذمتها لأنها تعلم علم اليقين أنها سوف تكون أوّل من ستتم التضحية به حماية لمن هم أقرب منها وترضية للرأي العام المناهض لها وامتصاصا لغضبه مما أتت طوال السنوات الماضية.