الشارع المغاربي – بعد إدراج عقلنة النفقات على رأس أولوياته: هل يوقف المشيشي نزيف السيارات الإدارية ؟

بعد إدراج عقلنة النفقات على رأس أولوياته: هل يوقف المشيشي نزيف السيارات الإدارية ؟

قسم الأخبار

11 أغسطس، 2020

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: كان مساء يوم أمس الاثنين 10 أوت 2020 هشام المشيشي عند وعده في النقطة الاعلامية التي خصصها للإعلان عن البرنامج الذي ستعمل على إنجازه حكومة الكفاءات التي يقترحها.
وبين المشيشي، في هذا الاطار، ان برنامج الحكومة القادمة يتمحور أساسا حول إيقاف نزيف المالية العمومية من خلال عقلنة النفقات والرفع من الموارد الذاتية للدولة وتعزيز مناخ الاستثمار والحد من تدهور القدرة الشرائية والاحاطة بالفئات الهشة اضافة الى تكريس علوية القانون.
ولعل وضع مسألة عقلنة النفقات على رأس التعهدات الممكن تجسيمها منهجيا في سياق التعويل على إطارات متمرسة على التعامل مع الملفات، امر ذو اهمية بالغة وذلك بالنظر للارتفاع الكبير للنفقات الجارية للتصرف الحكومي التي تقدر قيمتها بعنوان العام الحالي في حدود 20859 مليون دينار، منها 1828.6 مليون دينار نفقات تسيير أبرزها مخصصات لأسطول السيارات الادارية ومصاريف صيانة ومستلزمات استهلاك اخرى للإدارة.
ورغم الحجم الضخم لهذه النفقات التي تمثل على سبيل الذكر نحو 39% من عجز المؤسسات العمومية ووعود الحكومات المتعاقبة منذ 2011 بمعالجة هذا الجرح الغائر الذي يستنزف خزائن الدولة، لم يتم اتخاذ أي إجراء لحل ّهذه المعضلة الغامضة والمعقدة.
وبالنظر لعشرات الالاف من السيارات الإدارية التي تجوب الطرقات والتي يشبه بعضها الحطام أكثر من أي شيء آخر، تُطرح العديد من التساؤلات باستمرار حول كلفة التصرف في أسطول السيارات الإدارية والغاية من تضخمه في سياق وضعيات تجاوزات وإفلات من أي عقاب.
في جانب اخر، تشير عدة تقارير رقابية الى تنوّع التجاوزات في هذا الملف وتتراوح بين سرقة قطع الغيار واستخدام السيارات الإدارية لغايات شخصية حتى من قبل أفراد أسرة المنتفع ونقل البضائع والتجديد الدائم لأسطول السيارات حتى لو كانت جديدة والصيانة والتصرف في منح الوقود، إلخ.
وأكثر من ذلك يتمتع المنتفعون بالسيارات الإدارية الوظيفية بالتأمين والصيانة والوقود وقطع الغيار على حساب الدولة.
كما يذكر أنّه لم يتمّ إطلاق أي حوار حقيقي حول الجدوى الفعلية لمنح هذه المزايا لفئات معينة من موظفي الدولة رغم تكاليف التشغيل “الفلكية” التي ارتفعت خلال النصف الأول من هذا العام وحده وفقًا لبيانات وزارة المالية إلى 557 مليون دينار رغم شهرين من الحجر الصحي.
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه تم التطرق الى موضوع إدارة أسطول سيارات موظفي الدولة بالتفصيل في التقرير الحادي والثلاثين لدائرة المحاسبات، الذي نُشر في نهاية ديسمبر 2018.
وقد كشف التقرير أن عملية تتبع إدارية للسيارة أظهرت استهلاكًا زائدًا للوقود يصل إلى 25٪. وورد كذلك أنه في عام 2016، بلغ عدد السيارات الإدارية 37 ألفاً و710 سيارة بمعدّل 1628 سيارة إضافية يتم الحصول عليها سنوياً اعتباراً من عام 2009.
كما أشارت من ناحيتها الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية، في تقريرها السنوي الخامس والعشرين المقدم في شهر جوان 2019، إلى العديد من الإخلالات والمشاكل التي تتعلق بشكل أساسي بجرد أساطيل السيارات الادارية الحالية، وطريقة إسناد العربات وإجراءات التأمين وإعادة التأمين والتصرف في المشتريات الجديدة من العربات مما يجعلها حسب تقييمات العديد من المتابعين للشأن الاقتصادي والاداري الوطني ترتقي الى مستوى الفساد الموصوف واهدار المال العام وسوء التصرف الفادح .
وبالإضافة إلى ذلك، أشار خبراء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في إطار التعاون مع الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية إلى ضرورة خفض الإنفاق السنوي المخصص للسيارات الإدارية.
ومن المؤكد، على هذا الاساس، ان تحرك الحكومة المقبلة خصوصا ان حل هذه المعضلة يُخفض عجز الميزانية على الاقل بنسبة الثلث يشكل خطوة حاسمة للقطع مع التسيب وابتزاز السلطة في إطار وضع حد للاستغلال التعسفي للسيارات الإدارية الذي يقوم به عدد كبير من موظفي الدولة الذين زادت رواتبهم نهاية شهر جوان الماضي بنسبة 14 % لتصل إلى 9451 مليون دينار رغم الوضع الكارثي للمالية العمومية مع رسم سياسات للحد من تصرفات الجهات التي تهدر المال العام والقطع مع مناخ الإفلات من العقاب. لكن لسائل أن يتساءل: هل يبادر المشيشي بفتح هذا الملف “الشائك” ؟.
http://www.finances.gov.tn/sites/default/files/2019-10/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9%20%20%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9%202020_1.pdf?fbclid=IwAR2eKP6WwyVT_rdTLY8lt-qSyfctmGQszhK-uwFuGntJuCTF7mgpNvxhjEY
http://www.finances.gov.tn/sites/default/files/07-2020/R%C3%A9sultats%20provisoires%20de%20l’ex%C3%A9cution%20du%20Budget%20Juin%202020.pdf?fbclid=IwAR1Mf7k6qbsCbFljrIBpMTjuepmx4D2IVn9s6sZHcaWoLfJUjd925noVg6k
http://www.courdescomptes.nat.tn/upload/Rapport31/rapport31.pdf?fbclid=IwAR2-EAZO84mFsrdp97kQueeKwUMK3Uo4OCR3W3nZHJBgqtMC20llz_WHHVU
https://www.bct.gov.tn/bct/siteprod/actualites.jsp?id=744&fbclid=IwAR0VgCMgfuvKzY7OiQKPZW8ZPYRYcluz3ezXegTi-kXgD2tjjwUyBj_gjv4
 


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING