الشارع المغاربي – بعد إفلاس البنك الفرنسي التونسي: البنك العربي لتونس مُهدّد بالانهيار

بعد إفلاس البنك الفرنسي التونسي: البنك العربي لتونس مُهدّد بالانهيار

قسم الأخبار

5 أبريل، 2022

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: حذرت هيئات دولية عديدة مما تعاني بعض البنوك صغيرة الحجم في تونس من صعوبات على مستوى الرسملة وارتفاع أعباء المخاطر والتكاليف التشغيلية، سيما في ما يتعلق بتضخم رواتب المسؤولين عنها وإمكانية تسبب ذلك في انهيارها وفقدان ملائتها المالية ورأسمالها. وكانت وكالة التصنيف الدولية “ستندارد اند بورز” من أكثر الوكالات اهتماما بوضعية القطاع البنكي التونسي وبالخصوص بتعثر بعض البنوك الصغرى التي يمثل وجودها أحد أبرز عوامل تجزؤه وضعفه.

ولئن تعلق افلاس البنك الفرنسي التونسي بنزاع قضائي وتحكيمي دام عقودا طوال، فإن الموضوع اثار إمكانية افلاس بنوك أخرى هشة حتى على المدى القصير باعتبار مشاكل حوكمتها وغياب كفاءة مسؤوليها رغم اجورهم القياسية وغير المبررة والتي تصل أحيانا الى معدل 3 الاف دينار في اليوم.

ابرزت القائمات المالية التي أصدرها مؤخرا البنك العربي لتونس بعنوان السنة المحاسبية المختومة في 31 ديسمبر 2021 تسجيله خسائر كبرى بقيمة 68.502 مليون دينار وهو ما يعادل 53.52 بالمائة من راس ماله رغم ضخ الشركة الام وهي البنك العربي 70 مليون دينار في أمواله الذاتية لإصلاح وضعية البنك استهلكت كلها في الخسائر. وترجع الخسائر المسجلة بالأساس الى تراجع مداخيل استغلال البنك من 619.528 مليون دينار أواخر ديسمبر 2020 الى 602.727 دينار نهاية العام 2021 الى جانب ارتفاع مخصصات المدخرات ونتيجة تصحيح قيم المستحقات والعناصر خارج الميزانية والخصوم بنسبة قياسية تعادل 79.04 بالمائة لتبلغ 107.730 مليون دينار وذلك بالخصوص بسبب تزايد المخاطر الناجمة على نشاط الإقراض والاحتمالات الكبرى لتخلف حرفاء البنك عن سداد الديون المتخلدة بذممهم.

في جانب اخر، ارتفعت أجور الموظفين بين ديسمبر 2020 وديسمبر2021 من 105.159 الى 115.991 مليون دينار مما يعادل زيادة قيمتها 10.832 ملايين دينار ونسبتها 10.30 بالمائة علما ان العبء السنوي الخام المترتب عن تأجير المدير العام ناهز سنة 2021 حسب الإيضاحات الملحقة بالقائمات المالية والمصادق عليها من قبل مراقبي الحسابات بلغ 1.245 مليون دينار مما يعني ان معدل الاجر الشهري للمدير العام يساوي 103.75 ألاف دينار وان الأعباء المتعلقة بمنح أعضاء مجلس الإدارة ورئيسه بلغت 375 ألف دينار.

وبالرجوع لميزانية البنك، فان قيمة ودائع واموال الحرفاء ناهزت نهاية السنة المنقضية 5902.342 مليون دينار في حين لم تتجاوز قيمة المستحقات على الحرفاء 5155.992 مليون دينار. ورغم ذلك تراجع رصيد السيولة من 536.909 الى 372.183 مليون دينار بين ديسمبر 2020 وديسمبر2021.

يذكر ان وكالة فيتش لتصنيف الائتماني، كانت قد خفضت نهاية مارس الفارط تصنيف البنك العربي لتونس من  B-الى CCC لتفصله بالتالي درجة واحدة عن التعثر التام وتخلفه عن سداد مستحقات المودعين والمساهمين. ويشكل الامر خطورة بالغة على حقوق الملكية لعشرات الاف من المتعاملين مع البنك واجرائه والبنوك التونسية والدولة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة تقي المنظومة المالية من وضعية حرجة تنهكها وتؤدي الى تدهورها.

كما خفضت الوكالة الدولية ترقيم البنك لمصدري العملة من B الى B – وازالت تصنيف دعم البنك العربي لتونس من “4” باعتبار انه لم تعد للمؤسسة المالية علاقة بالوكالة غداة نشر معايير التقييم المصرفية المحينة بتاريخ 12 نوفمبر الفارط. وقدرت فيتش مراجعة تصنيف المساهمين المرجعيين في خانة B – في سياق تقييم الدعم المحتمل للبنك العربي بصفتها الشركة الام لملكيتها حصة 64.2 بالمائة من راس المال.

وياتي ذلك في سياق تخفيض وكالة “فيتش” الدولية للتصنيف الائتماني، في 18 مارس المنقضي، لتصنيف تونس السيادي من مرتبة “B-” إلى  “CCC” مبرزة ان هذا التصنيف يعكس مخاطر السيولة المالية والخارجية المتزايدة في اطار المزيد من التأخير في الاتفاق على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي.

ونشرت وكالة التصنيف الدولية “ستاندرد آند بورز” يوم 9 سبتمبر الفارط تقريرًا حول “التحديات التي تواجه الدول والشركات والبنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في سياق ما بعد الجائحة”. وخصصت الوكالة قسما مهما من تقريرها لتحليل الأوضاع في تونس بشكل مستفيض، وأكدت، في هذا الصدد، ان بعض البنوك التونسية تواجه وضعية اقتصادية كلية وتشغيلية أكثر صعوبة مع دعائم مالية محدودة ومخاطر متنامية علاوة على إمكانية تراجع مداخيلها بصفة عامة سيما أنها تنشط في بيئة شديدة التنافسية وتتصف بالتجزؤ مع آفاق نمو متقلبة واحتمالات لتزايد الخسائر المرتبطة بنشاط الإقراض.

وتعتقد “ستاندرد آند بورز” أن هذه العوامل ستؤدي إلى زيادة تآكل مكونات الأموال الذاتية لهذه البنوك غير الكافية اصلا، خاصة فيما يتعلق بالبنوك صغيرة الحجم. ومن المرجح أن تحتفظ بعض البنوك بمخصصات عالية لتغطية الخسائر المحتملة فيما يهم نشاطها في منح القروض، نظرًا لإقراضها العالي لقطاعات تجابه صعوبات، وارتفاع اعبائها واجور اعوانها مما يؤثر في النهاية على ربحيتها ورسمالها.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING