الشارع المغاربي: اعتبر جوهر بن مبارك منسق حملة “مواطنون ضد الانقلاب” اليوم الاثنين 20 ديسمبر 2021 ان تحصين رئيس الجمهورية قيس سعيد قراراته وأوامره ومراسيمه هو ضرب للشروط الديمقراطية للتدابير الاستثنائية مؤكدا ان ما وصفه بالانقلاب تم فعليا يوم 25 جويلية وان الامر 117 الصادر يوم 22 سبتمبر ماهو الا كتابة لما اعلن عنه سعيد يوم 25 جويلية شفاهيا.
وقال بن مبارك في مداخلة له خلال يوم دراسي حول” المنظومة القانونية والتدابير الاستثنائية” نظمته الجمعية العربية للعلوم السياسية والقانونية بالتعاون مع مخبر العلوم الإدارية والدستورية والمالية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس :” في الحقيقة ما قام به قيس سعيد ليلة 25 جويلية لم يبدا تلك الليلة …تفعيل الفصل 80 هو خاتمة لمسار وبداية لمسار آخر والعملية بدأت منذ اشهر طويلة وربما منذ سنتين… انطلقت عندما خرجت المبادرة من مجلس نواب الشعب في علاقة بتسمية المكلفين بتشكيل الحكومات وانطلقت مع محاولة الجملي ثم مع رئيس الحكومة الياس الفخفاخ وتواصلت مع حكومة المشيشي … وهذا اقوله على مسؤوليتي واتمنى الا يتم تزوير الذاكرة في ارشيف رئاسة الجمهورية لان بارشيف رئاسة الجمهورية ستظهر وثائق مهمة ستثبت ان رئيس الجمهورية فرض منذ البداية واراد ان يفرض على رؤساء الحكومات شروطا مخالفة تماما للدستور في علاقة بتشكيل الحكومة وفي علاقة بسياساتها اراد من خلالها ان يستأثر بسلطة القرار على حساب الصلاحيات الدستورية للحكومة في مسألة تشكيل الحكومات واختيار اعضاءها وكذلك في علاقة بالسياسات العامة للدولة. “
وأضاف “الخطيئة الكبرى والتي كانت في استعمال الفصل 80 كذريعة. أدت الى ارساء ما يمكن توصيفة الان في تونس بنظام الامر الواقع وسلطة الامر الواقع مقابل سلطة القانون وسلطة الدستور .”
واوضح “تسميته بالانقلاب ليست فقط تصنيفا سياسيا وانما ايضا تصنيفا قانونيا انقلب بمقتضاه رئيس الجمهورية الى سلطة امر واقع وانقلب فيه على الدستور الذي يشكل العقد الاجتماعي “.
واضاف “ما فعل رئيس السلطة القائمة هو انه فتح بالاعتماد على مفهوم التدابير الاستثنائية مجالين واتجاهين لضرب تحديد شروط الفصل 80 : اولا اعاد ترتيب السلطات الدستورية بمقتضى امر وهو الامر 117 يعني انه غيّر من الوضع الدستوري للسلطات عبر ابعاد المجلس التشريعي والاستئثار بالسلطتين التشريعية والتنفيذية عن طريق المراسيم يعني انه غيّر مضمون الدستور ووضع قواعد دستورية جديدة مخالفة ومتعارضة مع النصوص الدستورية ولكنه ايضا فتح في نفس الوقت عبر الامر 117 امكانية وضع دستور جديد انطلاقا من التدابير الاستثنائية يعني انه اتخذ اولا من التدابير التي من المفروض انها لا ترتقي الى مرتبة الدستور ذريعة لتغيير نصوص دستورية قائمة وثانيا كفرصة لفتح المجال لالغاء الدستور ووضع دستور جديد عبر لجنة يترأسها ويعين اعضاءها بنفسه ..”
وتابع “التدابير الاستثنائية اقل قيمة من النصوص التشريعية والسبب واضح وهو ان الفصل 80 لم يعطل العمل التشريعي ولم يعطل مجلس النواب بل بالعكس وضع مجلس النواب في حالة انعقاد دائم فكيف له ان يستحوذ انطلاقا من مفهوم التدابير الاستثنائية وبمقتضى الامر 117 على كامل مجال القانون العادي والقانون الاساسي مثلما نص عليه الفصل 65 من الدستور؟ “.
وواصل ” في اقصى الحالات يمكن لهذه التدابير ان تكون في مستوى التراتيب وهذا هو المستوى الاقصى المقبول للتدابير الاستثنائية باعتبارها تبقى خاضعة للتراتبية القانونية وللرقابة القضائية والتي هي مبدا عام خاصة في مجال تجاوز السلطة.وحتى ان جاء نص يقول انها غير قابلة للطعن فانها تبقى خاضعة للطعن بتجاوز السلطة وهي ايضا خاضعة لمفهوم الحالة الاستثنائية في نظام ديمقراطي ..وهذا ما اشار اليه رئيس لجنة البندقية عندما قال ان هذه الاجراءات لا تتلاءم مع حالة الاستثناء في النظام الديمقراطي …وهي تخضع ايضا حتى الى الفصل 49 الذي يتحدث عن تقييد الحريات بشروط ….يعني ان التدابير الاستثنائية ممكنة حتى في الانظمة الديمقراطة ولكنها تخضع لشروط تجعلها مقبولة وقابلة للرقابة في منظومة ديمقراطة وتحصين رئيس الجمهورية قراراته واوامره ومراسيمه هو ضرب لهذه الشروط الديمقراطية للتدابير الاستثنائية ” .
وحول مسألة الاستئثار بصلاحيات تاويل الدستور ورفض تاسيس المحكمة الدستورية اعتبر بن مبارك ان ” المسألة لا تتعلق برفض سعيد ختم القانون المعدل للمحكمة الدستورية وانما في التعليل الذي استعمله للرد حين قال في نصه ان القانون مخالف للدستور دون ان يطعن فيه امام الهيئة الوقتية”.
واضاف “كان اجدر به ان يستعمل حق الدفع بعدم الدستورية باعتبار انه اعترض على ختم القانون لوجود مخالفة في الدستور وهي انقضاء آجال تأسيس المحكمة الدستورية بمعنى انه قال انه لا يمكن ارساء المحكمة الدستورية قبل تعديل الدستور وفتح اجال جديدة لارساء المحكمة الدستورية والجميع يعلم ان تعديل الدستور يحتاج الى وجود المحكمة الدستورية بمعنى انه ادخلنا في منطق البيضة والدجاجة ومن سبق الاخرى وهكذا انقض على صلاحية تاويل الدستور …سواء كان فقهيا او رسميا هو انقض على سلطة امبراطورية لان نص القانون والنص الدستوري يحتاجان الى من ينطق بهما والغى امكانية ارساء المحكمة الدستورية …” .
واشار الى ان البلاد تعيش حالة استثناء مضاعفه ومزدوجة لوجودها بين الاجراءات الاستثنائية للفصل 80 وحالة الطوارىء معتبرا انها حالة غير طبيعية مذكرا بان رئيس الجمهورية جدد قبل 25 جويلية حالة الطوارىء لمدة 6 اشهر وبان التمديد كان يتم قبل ذلك بشهر.
وذكّر بأن سعيد كان يسميها كرة النار باعتبار ان الامر الصادر سنة 78 مخالف للدستور وبانه رفض حتى التجديد لافتا الى انه “لاول مرة وبشكل مفاجىء جدد لـ6 اشهر “معتبرا ان ذلك كان اعلانا عن بدء الانقلاب..” .
كما ذكّر بمسألة تأويل قيس سعيد قيادة القوات المسلحة المدنية والعسكرية معتبرا ذلك من ضمن “محطات اعداد لانقلاب على المسار الدستوري والقانون” وان سعيد” خطط للانقلاب” .
واوضح ان عنصر التخطيط عنصر اساسي في التعريف القانوني للانقلابات مؤكدا ان رد الفعل على حالة طارئة كخطر داهم لا يعدّ بالضرورة انقلابا.
وذكر بن مبارك أيضا بأن الفصل 80 وضع شروطا موضوعية وبأن الفلسفة العامة التي يقوم عليها هي فلسفة حماية كيان الوطن.
واكد انه تم ايضا الاعتداء على الشروط الشكلية التي وضعها الفصل وان اولها هو شرط الاستشارة لسلطتين على الاقل هما رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة معتبرا ان ما ما فعل رئيس الجمهورية هو وضع رئيس الحكومة قيد الاقامة الجبرية عوض استشارته معربا عن اعتقاده بأنه لم يستشر ايضا رئيس مجلس النواب بخصوص حل او تعليق اعماله وإن صرح بذلك” .
واعتبر ان الشروط الشكلية مجتمعة تعني انه في حالة الخطر الداهم وفي حالة توفر الشروط الموضوعية تتظافر جميع سلط الدولة من اجل المرور بالبلاد والعبور بها من حالة الخطر الى الحالة العادية.
واكد انه لذلك نص الفصل 80 من الدستور على بقاء البرلمان في حالة انعقاد دائم وعلى بقاء الحكومة قائمة والسلطات قائمة وعلى ان يكون ذلك تحت رقابة المحكمة الدستورية بعد مضي اجل شهر.
واشار بن مبارك الى ان سعيد ذهب الى حل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين رغم علمه بعدم وجود محكمة دستورية منتهيا الى القول بأن الفصل 80 ليس فصل تصفية صراعات على سلطة الدولة وبأنه فصل لتظافر سلط الدولة وجهودها للمرور من مرحلة الى أخرى “.