الشارع المغاربي – بورتري "الرئيس": محسن مرزوق ..مُرشح "الأنا" المُتقلّبة

بورتري “الرئيس”: محسن مرزوق ..مُرشح “الأنا” المُتقلّبة

7 سبتمبر، 2019

الشارع المغاربي – بقلم لطفي النجار : “رئيس كفؤ، عصري، حامي الحمى، حكم في الصراعات، دافع نحو المستقبل وقريب من المواطنين” هي الجملة التي تذيّلت البيان الانتخابي للمترشّح للانتخابات الرئاسية محسن مرزوق والتي حشدت 6 خاصيات وميزات بالتمام والكمال يعتقد المترشّح وفريق حملته أنّها متوفّرة فيه. لم يتم الاكتفاء بصفة واحدة أو خاصّيتين اثنتين غالبتين تؤهّلان مرزوق لأن يكون رئيسا مقنعا للناخبين، كأن يكون مثلا “الأقدر” فحسب، أو “تونسي يشبهنا” أو “صوت العقل” دون إفاضة في الوصف والنعت.

جملة البيان الانتخابي الأخيرة تحيلنا (لو فكّكناها من زاوية التحليل النفسي) على تمثّلات الشخص المترشّح لفرديته وخصائص “الأنا” المحرّكة لمسارات مرزوق السياسية، فهو الكفؤ والحامي والحكم والدافع للمستقبل و”الفاهم” العارف بقضايا المواطنين وآلامهم بصفته “قريبا من المواطنين”.
غرق مضمون الجملة إذن في التوصيف الذاتي لقدرات المترشّح وخصاله، كما الشعار أيضا “نحميها..ونعلّيها” الذي ارتبط مباشرة بالشخص مرّة أخرى، فهو القادر هنا على فعلين آخرين : الحماية والإعلاء بما توفّر له طبعا من خصال ستّة أتينا عليها !.( للإشارة وتوضيح مقصد تحليلنا نضيف شيئا آخر وهو اختيار مكان انطلاق حملة مرزوق: رجيم معتوق من ولاية قبلي حيث السجن الذي أقام فيه مرزوق صحبة رفاقه في الثمانينات. كلّ شيء يدور حول محسن تقريبا !!).
تبرّر الجملة المذكورة كما الشعار لحملة مرزوق في تأويل بسيط ( بل وتفسّر أيضا) بعضا ممّا استقرّ في مخيال المتابعين للشأن السياسي وممّا استقر أيضا في أذهان الناس حول “صورة” مرزوق السياسية: اعتداد مبالغ فيه بالنفس إلى حدّ النرجسية، تضخّم في الأنا، تذبدب وتقلّب في المواقف والمواقع والتحالفات صبغت وأثّرت في سيرته السياسية وجعلته متسرّعا أحيانا بل “مزروبا” بالفعل، ومتوثّبا وشرها للحكم والسلطة وهو ما أخاف ويخيف خصومه وحتى حلفاءه أحيانا ويجعلهم في موقع الحيطة والتوجّس منه.
بدأت مقاربتنا لترشّح محسن مرزوق من زاوية التحليل البسيكولوجي لأنّنا نرى أنّ “النفسي” والذاتي هما الأنسب كمدخل في التعاطي مع مرزوق كشخصية سياسية باعتبار سيرة الرجل وثقافته وخصاله الظاهرة ( محاور شرس وخطيب مفوّه ). فالنفسي مدخل للفهم فحسب، ورافد للتحليل السياسي أيضا والتعريف بالرجل بصفته مترشّحا لانتخابات رئاسية سابقة لأوانها.

لنبدأ بعد مدخلنا الضروري بالبدايات : محسن مرزوق صاحب الـ54 عاما من مواليد المحرس من ولاية صفاقس متزوّج وأب لبنتين متحصّل على شهائد جامعية في علم الاجتماع السياسي والعلاقات الدولية، له تاريخ نضالي في الحركة التلمذية والطلابية كيساري وقيادي في فصيل “الوطنيون الديمقراطيون بالجامعة” المعروف بالـ”وطج”. لمرزوق خبرة في العمل الجمعياتي الوطني والدولي: مدير البرامج الإقليمية لمنظّمة العمل الدولية ( 2002 – 2003)، مدير البرامج العربية للمؤسّسة الدولية “فريدم هاوس” (2003 – 2007)، رئيس مركز الكواكبي للتحوّلات الديمقراطية وأمين عام المؤسّسة العربية للديمقراطية من 2008 إلى 2012 التي تترأس مجلس أمنائها “الشيخة” موزا بنت ناصر المسند زوجة أمير دولة قطر السّابق حمد بن خليفة آل ثاني.

بعد الثورة كانت لمرزوق محطّات نذكر منها خاصّة إدارته الحملة الرئاسية للباجي قائد السبسي وأمانته العامّة للنداء ثمّ خروجه منه ليؤسّس “حركة مشروع تونس”. تقلّد مرزوق منصب وزير مستشار مكلّف بالشؤون السياسية في 2015، ثمّ تقلّب في الموقف والتعاطي مع حكومة الشاهد من ناقد لاذع للأداء والنتائج إلى مشارك في الحكم مع النهضة و”تحيا تونس” دون حجج سياسية ومبدئية مقنعة ، وكذا الحل مع حركة النهضة التي باتت شريكة حزبه في الحكم ، شراكة لا تعني التحالف وفق مرزوق يحاول تبرير ما لا يُبرر .
يقول محسن مرزوق عن برنامجه أنّه “مستوحى من صلاحيات الرئيس الذي يتمثّل دوره الأساسي في حماية الوطن والقيام بدور تحكيمي. ويرتكز على ثلاث نقاط هي السيادة والكرامة والتقدّم”، مؤكّدا أنّه سيعمل على تحقيق الدبلوماسية في خدمة الاقتصاد وحلّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وسياسة دفاعية وأمنية. ويتركّز البرنامج حسب مرزوق تحديدا على العناية بالفئات الأكثر تهميشا والمستضعفة وحماية المرأة التونسية التي تعتبر عماد المجتمع إضافة إلى الاهتمام بالمبادرات التشريعية في ما يتعلّق خاصّة بنظام الحكم والمتقاعدين والعقوبات السجنية لمستهلكي “الزطلة”.مرزوق وعد أيضا ببعث وكالة استخبارات وسوق أورومتوسّطية مع إعادة الاعتبار للتوازن بين الجهات وتجميع آليات التضامن.
هذه أهمّ نقاط ومضامين برنامج المترشّح محسن مرزوق “وما عنّا فيها ما نقولو” نظريا فهي منتقاة ومدروسة بذكاء فعلا، وتعكس حقّا صلاحيات الرئيس مثلما يتصوّرها مرزوق ولكن المهم هو القدرة والكفاءة والصدق والواقعية أيضا في تحقيق هذا الكمّ من الوعود والأماني…المهمّ الفعل على الأرض وليس في الخطابة والقدرة على الحوار واستعراض “العضلات النظرية والفكرية”…المهمّ هو “الرزانة” وتقليل “التنقيز” خاصّة !


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING