الشارع المغاربي – «بُوخْشَمْ» و«شْوِرِّبْ» / بقلم: لطفي النجار

«بُوخْشَمْ» و«شْوِرِّبْ» / بقلم: لطفي النجار

25 مايو، 2018

الشارع المغاربي: حكم بن علي البلاد لأكثر من عقدين وفق منطقالفتوّةأوالبانديالذي أقفل كلّ إمكان للحريّة وسدّ منافذ الاختلاف. تصرّف كحاميحومةشعبية، ساهر على أمنها، حافظ لاستقرارها القائم على إرعاب النّاس الذين حوّلهم مع الوقت إلى رعايا يستبطن جزء منهمأخلاقهذاالبانديوقيمه التي أشيعت في البلاد. “دبّر راسك،أخطى راسي واضرب،شاشية هذا على راس لاخر“…وغيرها منالحكمالتي تفيض بكلّ أشكال الوصولية والانتهازية واللّصوصية والجشع والأنانية والمحسوبية والرشوة بالتوازي مع ازدراء ممنهج للعلم والتربية والثقافة والمعرفة هي قاعدة اشتغال النظام دون استثناء يذكر.

بن علي كانالرئيس البانديالذي يعلم العارفين تقاطع سيرته في الحياة مع رؤوس الجريمة والبانديةوعالمالفصايلوالخلايقفي نهاية الستينات والسبعينات خاصّة، حتى أطلق عليه لقببوخشمجريا على عرفالبانديةفي التنابز أو التفاخر بالألقاب، كولد  السبنيوريةوكلاياوشورّبوغيرهم. شاء مكر التاريخ أو لنقل  عبث الأقدار أن يحكم بن علي أوالباندي بوخشم  البلاد والعباد زمن الاستبداد فسجن ونفى ونكّل وحوّل تونس فعليا إلى سجن كبير، كما يفعل بالضبطالبانديةفي مناطق نفوذهم: تصرّف حينا كقاطع طريق مع معارضيه الأشدّاء فأشبعهم ضربا وركلا ورفسا، أو كسجّان رمى المئات في الأقبية فنكّل وعذّب وقتل، كما تصرّف أيضا كرؤوف أحيانا بالمسكين وبالفقير وبالمحتاج درءا من مخاطر اشتداد الجوع والحاجة وتحسّبا من تمرّد ممكن. لقد سار بن علي سيرةالبانديولم تكن تونس سوى رجع صدى في مخياله البسيط لحومةالمركاضالتي سكنها أو لبقيةالحوم، لا يمكن أن تحكم إلّا بعصا غليظة وبزمرة تابعة خاضعة للتعليمات والأوامر، أمّاالأصوات النشازمن معارضين وثقفوتوديمقراطيين وما لفّ لفّهم  ليسوا سوىخونةوّمناوئينلسلطانالبانديالأكبر علىحومتهالكبيرة.

اليوم وبعد أفول سلطانبوخشمالظاهر، يبدو أنّ الباطن بدأ في إفراز ما اعتمل داخل الوعي الجمعي من قيم سالبة زمن الاستبداد مفرزا أو لنقل معيدا إلى الذاكرةبانديآخر هوشورّب“. وهو لعمري اختزال مكثّف لهذاالانتقال الديمقراطيالذي طفا على سطحه كلّ أنواع الفساد والإفساد والعربدة والانحطاط.

شورّبليس صنفا من التأريخ الاجتماعي كما يسوّق بعض الواهمين، بل هو تفكيك بطيء وناعمللقاعدة القيمية التي تقوم عليها كلّ أمّة راغبة في الانطلاق والتقدّم، كالإيمان بالعمل وإجلال العلماء والحثّ على المعرفة بعيدا عن ترذيل المدرسة  كما شاهدنا في مشهد مخز من مسلسلشورّبعندما مجّد  صعلوك  تافه جهالته وأمّيته أمام طفل بريء.

منبوخشمإلىشورّبلم يتغيّر المشهد كثيرا سوى في بعض تفاصيله. لقد صبغالبانديالأوّلقيمهوسلوكياته جزءا غالبا للأسف من مخيال مجتمعنا وتمثّلاته ، فجعلالخليقةأوالفصالةأوالبانديهو عنوان النجاح الاجتماعي وهو النموذج المحتذى. أمّا معشورّبفإنّنا أمام ما يشبه النتيجة المنطقية، أيبضاعة” “بوخشمالتي روّجها لأكثر من عقدين قد عادت إلى أسواق التداول على شاشاتالانتقال الديمقراطي“..


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING