الشارع المغاربي -منى المساكني: سجلت تونس تراجعا غير مسبوق في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، لتحتل المركز 94 للسنة الحالية، بعد أن كانت في المرتبة 73 العام الماضي، بمعدل تراجع بلغ 21 نقطة. ، حسب ما كشفت شبكة ” مراسلون بلا حدود” في تقريرها السنوي الصادر اليوم الثلاثاء 3 ماي 2022 تزامنا مع احياء اليوم العالمي لحرية الصحافة .
وهذا التراحع يعتبر قياسيا منذ الثورة . وفي السنة المنقضية تراجعت تونس بنقطة واحدة اذ كانت في المرتبة 72 سنة 2020 وتراجعت الى المرتبة 73 سنة 2021. ووصفت نقابة الصحفيين هذا التراجع بالمؤشر الخطير
واحتلت تونس المرتبة 164 في سنة 2010 قبل سقوط نظام بن علي والمرتبة 133 في 2012 و126 في 2015، والمرتبة 96 في 2016، والمرتبة الـ 97 سنة 2016 وحافظت على نفس المرتبة سنتي 2017 و2018 وقفزت سنة 2019 الى المرتبة 72 وحافظت عليها وتراجعت بمرتبة سنة 2021.
وينشرالتصنيف العالمي لحرية الصحافة سنوياً منذ عام 2002 بمبادرة من منظمة مراسلون بلا حدود، اذ يتم على قياس حالة حرية الصحافة في 180 بلداً، انطلاقاً من تقييم مدى التعددية واستقلالية وسائل الإعلام واحترام سلامة الصحفيين وحريتهم،
وجاء في التقرير السنوي لـ”مراسلون بلا حدود” ،” شهدت تونس منذ ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس بن علي وأجبرته على الفرار من البلاد، انتقالاً ديمقراطياً مشوباً بالتقلبات والمطبات، علماً أن الوضع الاستثنائي الذي فرضهُ الرئيس قيس سعيّد في 25 جويلية 2021 أثار العديد من المخاوف بشأن تراجع حرية الصحافة في البلاد.”.
واضاف التقرير”اتسم المشهد الإعلامي التونسي بتنوع كبير منذ ثورة 2011. لكن الأزمة الاقتصادية جاءت لتقوض استقلالية العديد من وسائل الإعلام، التي تتحكم فيها المصالح السياسية أو الاقتصادية، مما تسبب في إضعاف هذه التعددية الناشئة. ويظل التلفزيون المنبر الأكثر شعبية في أوساط التونسيين، وخاصة القناتين الخاصتين الحوار التونسي والتاسعة. ثم تأتي الإذاعة في المرتبة الثانية، حيث تُعتبر موزاييك إف إم المحطة الرئيسية على أمواج الأثير التونسي. كما تحظى المنابر الإلكترونية بشعبية كبيرة، بينما تفقد الصحافة الورقية زخمها بوتيرة متسارعة.”
وتابع االتقرير” كانت هناك تداعيات للأزمة السياسية التي تهز البلاد وما أظهره قيس سعيّد من التزام غامض تجاه حرية الصحافة. فمنذ وصوله إلى سدة الرئاسة في 23 اكتوبر 2019، لم يعد قصر قرطاج يستقبل الصحفيين رغم الاحتجاجات التي رفعتها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. وبينما لا يفصح أي منبر إعلامي عن انتماءاته السياسية علانية فإن اختيارات الضيوف وكيفية التعامل مع مواضيع معينة غالباً ما تكشف النقاب عن توجهاتها السياسية. ويتجاهل العديد من مُلاك المؤسسات الإعلامية القاعدة التي تنص عليها الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري والقاضية بحظر الجمع بين المسؤوليات السياسية وامتلاك منبر إعلامي.”
وعن الاطار القانوني والتشريعيات ابرز التقرير ان ” حرية الصحافة تعد من مكتسبات الثورة التونسية بشكل لا جدال فيه، إذ بالإضافة إلى كونها مكفولة بموجب دستور 2014، فإنها مؤطَّرة قانوناً بمرسومين تم استصدارهما في عام 2011. ومع ذلك، لا يزال هذا الإطار التشريعي غير متكامل، إذ لا يوفر سوى الحد الأدنى من الحماية للصحفيين ووسائل الإعلام. وفي المقابل، يواصل القضاء التونسي إصدار أحكام على أساس النصوص الموروثة من عهد بن علي، بدلاً من الاستناد إلى تشريعات أكثر ملاءمة لحرية الصحافة والحق في الإعلام.”
وعن السياق الاقتصادي جاء في نفس التقرير” تعتمد وسائل الإعلام على عائدات الإعلانات من شركات القطاع الخاص، التي يمتلك بعضها أسهماً في رؤوس أموال المؤسسات الصحفية؛ وأحياناً قد تكون الجهات المالكة للمنابر الإعلامية مقربة من الدوائر السياسية – مما يوَلِّد سياقاً يهدد الاستقلالية التحريرية. كما تتوقف عائدات الإعلانات على معدلات الجمهور، التي عادة ما تكون صحتها موضع نزاع، علماً أن طريقة حسابها لا تخضع لقواعد منظمة. هذا وقد شهدت سوق الإعلانات في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة تطوراً كبيراً منذ عام 2014، مع زيادة الاستثمار في الإعلانات ذات المحتوى السياسي. أما النموذج الاقتصادي المعتمد في الصحافة المطبوعة، والقائم على الاشتراكات والإعلانات والمبيعات، فإنه آخذ في التقهقر بسبب تراجع المبيعات من جهة وتقلص سوق الإعلانات من جهة ثانية.”
ولفت التقرير الى ان” الأحزاب السياسية تستعمل منصات التواصل الاجتماعي بانتظام لإطلاق حملات تضليل وتشويه سمعة الصحافة وخلق مناخ انعدام الثقة والارتباك في أوساط الناخبين. وفي السنوات الأخيرة، ازدادت وتيرة الهجمات اللفظية العنيفة من قبل القادة السياسيين على الصحفيين ووسائل الإعلام.”
وشدد على ان “ترهيب الصحفيين اصبح أمراً شائعاً في الساحة التونسية،” مؤكدا “تعرض الفاعلين الإعلاميين لأعمال العنف على أيدي المتظاهرين. وفي هذا الصدد، سُجلت حصيلة قياسية جديدة في 14 يناير/كانون الثاني 2022، عندما تعرض المراسل ماتيو غالتييه، الذي يعمل مع العديد من وسائل الإعلام الدولية، للضرب بينما عُنِّف عشرات الصحفيين الآخرين أثناء تغطيتهم مظاهرة احتجاجية.