الشارع المغاربي – تسبّبت‭ ‬في‭ ‬خلافات‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الموقوفين في قضية التآمر: "الشارع المغاربي" ينشر النص الكامل لـ"مبادرة" "‬ميثاق‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استرجاع‭ ‬وصيانة‭ ‬الديمقراطية‭"‬‭ ‬المعدّة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬7‭ ‬من‭ ‬الموقوفين/ بقلم: كوثر زنطور

تسبّبت‭ ‬في‭ ‬خلافات‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الموقوفين في قضية التآمر: “الشارع المغاربي” ينشر النص الكامل لـ”مبادرة” “‬ميثاق‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استرجاع‭ ‬وصيانة‭ ‬الديمقراطية‭”‬‭ ‬المعدّة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬7‭ ‬من‭ ‬الموقوفين/ بقلم: كوثر زنطور

قسم الأخبار

11 أبريل، 2023

الشارع المغاربي: كان‭ ‬من‭ ‬المنتظر‭ ‬ان‭ ‬تعقد‭ ‬هيئة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الموقوفين‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬بقضية‭ ‬التآمر‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬ندوة‭ ‬صحفية‭ ‬اليوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬11‭ ‬افريل‭ ‬2023‭ ‬بأحد‭ ‬النزل‭ ‬وسط‭ ‬العاصمة‭ ‬تونس‭. ‬تأجلت‭ ‬الندوة‭ ‬أو‭ ‬ألغيت‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬أكدت‭ ‬مصادر‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬الدفاع‭ ‬لـ‭”‬الشارع‭ ‬المغاربي‭” ‬بسبب‭ “‬رفض‭ ‬اغلبية‭ ‬أعضائها‭ ‬التداخل‭ ‬بين‭ ‬السياسي‭ ‬والقانوني‭” ‬وذلك‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬اعتزام‭ ‬إطلاق‭ ‬المبادرة‭ ‬التي‭ ‬كانت،‭ ‬وفق‭ ‬رواية‭ ‬الهيئة‭ ‬،‭ ‬وراء‭ ‬حملة‭ ‬الايقافات‭.‬

نشر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الموقوفين‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬التآمر‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭ ‬تدوينات‭ ‬تبرّؤوا‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬ندوة‭ ‬صحفية‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المزمع‭ ‬عقدها‭ ‬اليوم‭ ‬وكانت‭ ‬ستخصص‭ ‬للكشف‭ ” ‬لأول‭ ‬مرة‭” ‬عن‭ ‬فحوى‭ ‬مبادرة‭ ‬سياسية‭ ‬تحمل‭ ‬توقيع‭ ‬7‭ ‬من‭ ‬الموقوفين‭ . ‬ونشرت‭ ‬الاستاذة‭ ‬إسلام‭ ‬حمزة‭ ‬وهي‭ ‬عضوة‭ ‬بالهيئة‭ ‬تدوينة‭ ‬على‭ ‬صفحتها‭ ‬الرسمية‭ ‬بموقع‭ ‬فايسبوك‭ ‬تحمل‭ ‬عنوان‭ ” ‬توضيح‭ ‬الى‭ ‬السادة‭ ‬الصحفيين‭” ‬أكدت‭ ‬فيها‭ ‬أن‭” ‬الخبر‭ ‬المتداول‭ ‬حول‭ ‬تنظيم‭ ‬الهيئة‭ ‬ندوة‭ ‬صحفية‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭ ” ‬وان‭ ” ‬الهيئة‭ ‬لم‭ ‬تُبادر‭ ‬ولم‭ ‬تلغ‭ ‬أية‭ ‬ندوة‭” .‬

‭ ‬تكذيب‭ ‬المحامية‭ ‬اعتزام‭ ‬تنظيم‭ ‬ندوة‭ ‬كشف‭ ‬تسلل‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬الهيئة‭  ‬حول‭ ‬نقطتين‭ ‬تتعلق‭ ‬الأولى‭ ‬بقرار‭ ‬إطلاق‭ ‬المبادرة‭ ‬وهو‭ ‬قرار‭ ‬تلقاه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المحامين‭ ‬بتحفظ‭ ‬مرده‭ ‬رفض‭ ‬اي‭ ‬تداخل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬بين‭ ‬السياسي‭ ‬والقانوني‭. ‬اما‭ ‬النقطة‭ ‬الثانية‭ ‬فتتمحور‭ ‬حول‭ ‬نص‭ ‬المبادرة‭ ‬وهنا‭ ‬تشدد‭ ‬مصادر‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬على‭ ‬ان‭ “‬عددا‭ ‬ممن‭ ‬شاركوا‭ ‬في‭ ‬النقاشات‭ ‬اكدوا‭ ‬ان‭ ‬نص‭ ‬المبادرة‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬سينشر‭ ‬للعموم‭ ‬اليوم‭ ‬عرف‭ ‬بعض‭ ‬التغييرات‭ ‬مقارنة‭ ‬بالنص‭ ‬الاصلي‭ ‬الذي‭ ‬صاغه‭ ‬الامين‭ ‬العام‭ ‬السابق‭ ‬لحزب‭ ‬التيار‭ ‬الديمقراطي‭ ‬غازي‭ ‬الشواشي‭”.‬

المبادرة

تحمل‭ ‬المبادرة‭ ‬السياسية‭ ‬عنوان‭ ” ‬ميثاق‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬استرجاع‭ ‬وصيانة‭ ‬الديمقراطية‭” ‬ويعود‭ ‬تاريخها‭ ‬الى‭ ‬شهر‭ ‬جانفي‭ ‬2023‭ ‬وتحمل‭ ‬امضاءات‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬الامين‭ ‬العام‭ ‬السابق‭ ‬لحزب‭ ‬التيار‭ ‬الديمقراطي‭ ‬غازي‭ ‬الشواشي‭ ‬والناشط‭ ‬السياسي‭ ‬خيام‭ ‬التركي‭ ‬وعصام‭ ‬الشابي‭ ‬الامين‭ ‬العام‭ ‬للحزب‭ ‬الجمهوري‭ ‬وعضو‭ ‬جبهة‭ ‬الخلاص‭ ‬جوهر‭ ‬بن‭ ‬مبارك‭ ‬والعضوة‭ ‬بنفس‭ ‬الجبهة‭ ‬شيماء‭ ‬عيسى‭ ‬والقياديين‭ ‬السابقين‭ ‬المؤسسين‭ ‬لحزب‭ ‬نداء‭ ‬تونس‭ ‬رضا‭ ‬بلحاج‭  ‬ولزهر‭ ‬العكرمي‭.‬

المبادرة‭ ‬بمثابة‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬نقاط‭ ‬تضم‭ ‬رحيل‭ “‬منظومة‭ ‬الحكم‭ ‬الحالية‭” ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬والمرور‭ ‬لبناء‭ “‬منظومة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬بديلة‭” ‬وتفرض‭ ‬على‭ ‬القائمين‭ ‬عليها‭ ‬عدم‭ ‬الترشح‭ ‬للاستحقاقات‭ ‬الانتخابية‭ ‬القادمة‭. ‬كما‭ ‬تتضمن‭ ‬المبادرة‭ ‬تعديل‭ ‬دستور‭ ‬2014‭ ‬وتنظيم‭ ‬حوار‭ ‬وطني‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬مخرجاته‭ ‬تكليف‭ ‬رئيس‭ ‬حكومة‭ ‬انقاذ‭ ‬اقتصادي‭ ‬يتولى‭ ‬،‭ ‬وفق‭ ‬نص‭ ‬المبادرة‭ ( ‬انظر‭ ‬المؤطر‭) ‬وتشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬كفاءات‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المتحزبين‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬تحظى‭ ‬بأوسع‭ ‬دعم‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬أغلب‭ ‬الاطياف‭ ‬الوطنية‭ ‬وتكليف‭ ‬بتنفيذ‭ ‬برنامج‭ ‬اصلاحي‭  ‬شامل‭ ‬وادارة‭ ‬فترة‭ ‬انتقالية‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬ابرز‭ ‬محطاتها‭ ‬إعداد‭ ‬وتنظيم‭ ‬انتخابات‭ ‬تشريعية‭ ‬ورئاسية‭.‬

عن‭ ‬إدارة‭ ‬الفترة‭ ‬الانتقالية،‭ ‬فستكون‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬دستور‭ ‬2014‭ ‬الذي‭ ‬تصفه‭ ‬المبادرة‭  ‬بـ‭ “‬المرجعية‭ ‬الجامعة‭ ‬للساحة‭ ‬السياسية‭” ‬وتقوم‭ ‬على‭ ‬4‭ ‬محاور‭ ‬هي‭ ‬الاصلاح‭ ‬الاقتصادي‭ ‬عبر‭ “‬برنامج‭ ‬اصلاح‭ ‬شامل‭ ‬وعميق‭ ‬يحظى‭ ‬بدعم‭ ‬واسع‭ ‬وبالاستقرار‭ ‬اللازم‭” ‬والمرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ “‬مرحلة‭ ‬الاصلاح‭ ‬المؤسساتي‭” ‬وتحديدا‭ ‬اصلاح‭ ‬المؤسسة‭ ‬القضائية‭ ‬والمرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬عنوانها‭ “‬الاصلاح‭ ‬الدستوري‭” ‬عبر‭ ‬اقتراح‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التنقيحات‭ ‬على‭ ‬دستور‭ ‬2014‭ ‬استنادا‭ ‬الى‭ ‬التجارب‭ ‬المستقاة‭ ‬من‭ ‬الممارسة‭ ‬الدستورية‭ ‬من‭ ‬2014‭ ‬حتى‭ ‬سنة‭ ‬2021‭ ‬والمرحلة‭ ‬الاخيرة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الانتقالية‭ ‬هي‭ ‬مرحلة‭ ‬المسألة‭ ‬السياسية‭ ‬وتقوم‭ ‬على‭ “‬أخلقة‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭”  ‬عبر‭ ‬سن‭ “‬منظومة‭ ‬قانونية‭ ‬ضابطة‭” ‬وتعديل‭ ‬القانون‭ ‬الانتخابي‭  ‬ومراجعة‭ ‬قانون‭ ‬الهيئة‭ ‬المستقلة‭ ‬للانتخابات‭ ” ‬بما‭ “‬يضمن‭ ‬ترشيد‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬واستقراره‭ ‬وتنقيته‭ ‬مع‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬السياسي‭ ‬والفكري‭”.‬

كانت‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬محل‭ ‬نقاشات‭ ‬تواصلت‭ ‬أسابيع‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الناشطين‭ ‬السياسين‭. ‬ويقول‭ ‬اعضاء‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬انها‭ ‬كانت‭ ‬وراء‭ ‬حملة‭ ‬الايقافات‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬بايقاف‭ ‬خيام‭ ‬التركي‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬فيفري‭ ‬2023‭ ‬وان‭ ‬الاعلان‭ ‬عنها‭ ‬كان‭ ‬سيتم‭ ‬مع‭ ‬حلول‭ ‬ذكرى‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬دستور‭ ‬الجمهورية‭ ‬الثانية‭ (‬27‭ ‬جانفي‭ ‬2014‭ ) ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬يتم‭ ‬تأجيل‭ ‬الاعلان‭ ‬الى‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬فيفري‭ ‬لكن‭ ‬الايقافات‭ ‬حالت‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬ترى‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬النور‭ ‬وتحولت‭ ‬الى‭ ‬قضية‭ ‬تآمر‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭  ‬،‭ ‬وفق‭ ‬رواية‭ ‬محاميي‭ ‬الموقوفين‭ ‬والتي‭ ‬تصل‭ ‬الاحكام‭ ‬فيها‭ ‬الى‭ ‬المؤبد‭ ‬والاعدام‭ .‬

انقلاب

يبدو‭ ‬انه‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬بين‭ ‬اعضاء‭ ‬هيئة‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬عُقد‭ ‬نهاية‭ ‬الاسبوع‭ ‬المنقضي‭ ‬على‭ ‬تأجيل‭ ‬الندوة‭ ‬الصحفية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مقررة‭ ‬لليوم‭ ‬الثلاثاء‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يقول‭ ‬مصدر‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬لـ‭”‬الشارع‭ ‬المغاربي‭” ‬تم‭ ‬الانقلاب‭ ‬على‭ ‬الاتفاق‭ ‬الداخلي‭ ‬من‭ ‬خلال‭  ‬محاولة‭ ‬المرور‭ ‬الى‭ ‬سياسة‭ ‬الامر‭ ‬الواقع‭ ‬عبر‭ ‬تنظيم‭ ‬الندوة‭ ‬والتعلّل‭ ‬بأن‭ ‬تنظيمها‭ ‬اتخذ‭ ‬بقرار‭ ‬من‭ “‬المساجين‭” ‬وانها‭ ‬ستخصص‭ ‬لنشر‭ ‬رسالة‭ ‬موجهة‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وللكشف‭ ‬عن‭ ‬النص‭ ‬الكامل‭ ‬للمبادرة‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬اخرى‭.  ‬

خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬السبت‭ ‬المنقضي‭ ‬جرت‭ ‬نقاشات‭ ‬بين‭ ‬اعضاء‭ ‬الهيئة‭ ‬حول‭ ” ‬التبعات‭ ‬الممكنة‭ ‬لنشر‭ ‬نص‭ ‬المبادرة‭” ‬على‭ ‬وضعية‭ ‬منوبيهم‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬مروا‭ ‬به‭ ‬من‭ ” ‬هرسلة‭” ‬و‭” ‬سوء‭ ‬معاملة‭” ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬فترة‭ ‬الايقاف‭. ‬ووفق‭ ‬مصدر‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬فإن‭ ” ‬عائلات‭ ‬بعض‭ ‬الموقوفين‭ ‬رفضت‭ ‬قرار‭ ‬النشر‭ ” ‬و‭ ” ‬نفت‭ ‬وجود‭ ‬اي‭ ‬تنسيق‭ ‬معهم‭ ” ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬خلقت‭ ‬شرخا‭ ‬داخل‭ ‬الهيئة‭ ‬وقد‭ ‬تضرب‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬اعضائها‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬واعضاء‭ ‬منها‭ ‬وعائلات‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الموقوفين‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬اخرى‭.‬

ما‭ ‬حدث‭ ‬يوم‭ ‬امس‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬بعده‭ ‬داخل‭ ‬الهيئة‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتوجه‭ ‬نحو‭ ‬اعادة‭ ‬تشكل‭ ‬وان‭ ‬كانت‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭ ‬وتطوراتها‭ ‬المحتملة‭ ‬هي‭ ‬الأهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمحامين‭ ‬ولمنوبيهم‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬بالنظر‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬القضية‭ ‬قد‭ ‬تحال‭ ‬الى‭ ‬القضاء‭ ‬العسكري‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬توسّعت‭ ‬السماعات‭ ‬فيها‭ ‬لتشمل‭ ‬متهمين‭ ‬في‭ ‬قضية‭ “‬انستالينغو‭” ‬وايضا‭ ‬مجموعة‭ ‬الـ‭”‬25‭”  ‬المعروفة‭ ‬بقضية‭ ‬وليد‭ ‬البلطي‭ ‬والتي‭ ‬وُجّهت‭ ‬فيها‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬تهمة‭ ‬التآمر‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬الدولة‭.‬

وفي ما يلي نص “المبادرة”:

ميثاق‭ ‬تونس من‭ ‬أجل‭ ‬استرجاع‭ ‬وصيانة‭ ‬الديمقراطية

من‭ ‬أجل‭ ‬استرجاع‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وصيانتها‭ ‬وإنقاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية،‭ ‬تندرج‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المساعي‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬النخب‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬بديل‭ ‬سياسي‭ ‬لمنظومة‭ ‬الحكم‭ ‬الحالية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خرقت‭ ‬الوفاق‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬من‭ ‬خلاله،‭ ‬حيث‭ ‬انقلبت‭ ‬على‭ ‬الدستور‭ ‬وغيرت‭ ‬من‭ ‬شكل‭ ‬الدولة‭ ‬وخلقت‭ ‬أزمة‭ ‬سياسية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬فشلها‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬شؤون‭ ‬الدولة‭ ‬وعزل‭ ‬البلاد‭ ‬عن‭ ‬العالم‭.‬

المشاركون‭ ‬المقترحون‭ :‬

الأحزاب‭ ‬والحركات‭ ‬والجبهات‭ ‬السياسية‭ ‬والمنظمات‭ ‬الوطنية‭ ‬والهيئات‭ ‬المهنية‭ ‬الوطنية،‭ ‬وجمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬الحقوقية‭ ‬والنسوية‭ ‬والحركات‭ ‬الاحتجاجية،‭ ‬والشخصيات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والثقافية‭ ‬والإعلامية،‭ ‬الذين‭ ‬سيجتمعون‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬وطني‭ ‬للإنقاذ‭ ‬وصيانة‭ ‬الديمقراطية‭.‬

السياق‭ :‬

في‭ ‬البدء،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الوقوف‭ ‬عند‭ ‬الفرص‭ ‬الضائعة‭ ‬والاخفاقات‭ ‬والمآزق‭ ‬التي‭ ‬انتهى‭ ‬إليها‭ ‬مسار‭ ‬الانتقال‭ ‬الديمقراطي‭ ‬بما‭ ‬سهل‭ ‬على‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬الانقلاب‭ ‬عليه،‭ ‬مثل‭ ‬طول‭ ‬مسار‭ ‬الانتقال‭ ‬السياسي‭ ‬وتعثره‭ ‬وعدم‭ ‬اكتمال‭ ‬مؤسساته،‭ ‬وضعف‭ ‬المنجز‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والفشل‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬ظروف‭ ‬عيش‭ ‬المواطنات‭ ‬والمواطنين،‭ ‬وما‭ ‬أفضى‭ ‬إليه‭ ‬هذا‭ ‬الفشل‭ ‬المضاعف‭ ‬من‭ ‬خيبة‭ ‬أمل‭ ‬عامة‭ ‬في‭ ‬الثورة‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وتصاعد‭ ‬النزعات‭ ‬الشعبوية‭ ‬والفاشية‭ ‬والاستبدادية‭ ‬المناهضة‭ ‬للديمقراطية،‭ ‬والتي‭ ‬مثل‭ ‬انقلاب‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬تتويجا‭ ‬لها‭.‬

لقد‭ ‬قامت‭ ‬الثورة‭ ‬التونسية‭ ‬على‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬مطالب‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العادلة‭ ‬والتغيير‭ ‬السياسي‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬لكنها‭ ‬انتهت‭ ‬الى‭ ‬ديمقراطية‭ ‬ضعيفة‭ ‬ومتعثّرة‭ ‬وغير‭ ‬ناجعة،‭ ‬لم‭ ‬تقدر‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬حياة‭ ‬المواطنات‭ ‬والمواطنين‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الإقناع‭ ‬بحيويتها‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المغامرات‭ ‬الانفرادية‭ ‬والنزعات‭ ‬الشعبوية‭.‬

أدى‭ ‬طول‭ ‬وتعثر‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬وحدة‭ ‬الصراع‭ ‬السياسي‭-‬الأيديولوجي‭ ‬وعدم‭ ‬قدرة‭ ‬المكونات‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬التوافقات‭ ‬التاريخية‭ ‬الأساسية،‭ ‬إلى‭ ‬انقسام‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬وحوّل‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬إلى‭ ‬صراعات‭ ‬ومناورات‭ ‬دون‭ ‬مضمون‭ ‬وبرامج‭ ‬تراعي‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭.‬

إن‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬وهشاشة‭ ‬المنجز‭ ‬الديمقراطي‭ ‬وانفضاض‭ ‬عموم‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬حوله،‭ ‬سهل‭ ‬المهمة‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬عملوا‭ ‬على‭ ‬تبخيسه‭ ‬والانقضاض‭ ‬عليه‭. ‬ولقد‭ ‬انتهز‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬ليقوم‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬بالانقلاب‭ ‬على‭ ‬الدستور‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وليغتصب‭ ‬السلطة‭ ‬ويقوم‭ ‬بتدمير‭ ‬المؤسسات‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬تعفين‭ ‬الأوضاع،‭ ‬قبل‭ ‬توظيف‭ ‬متعسف‭ ‬للفصل‭ ‬80‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬أولا‭ ‬وفرض‭ ‬حالة‭ ‬الاستثناء‭ ‬آلية‭ ‬دائمة‭ ‬للحكم‭ ‬ثانيا‭.‬

المنطلقات‭ :‬

تأكيدا‭ ‬لإرادة‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬توطيد‭ ‬سيادة‭ ‬القانون‭ ‬وتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬والأمن‭ ‬لبلادنا،‭ ‬ولضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬وحماية‭ ‬وتوطيد‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والحكم‭ ‬الرشيد‭.‬

التزاما‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬دعائم‭ ‬الدولة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬العادلة‭ ‬المتضامنة‭ ‬وتعزيز‭ ‬القيم‭ ‬الكونية‭ ‬المتصلة‭ ‬بكرامة‭ ‬الانسان‭ ‬وحقوقه‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬العادلة‭ ‬والبيئة‭ ‬النظيفة‭.‬

إدراكا‭ ‬لخطورة‭ ‬الوضع‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬بلادنا‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأصعدة‭ ‬ومساهمة‭ ‬في‭ ‬تصور‭ ‬طريق‭ ‬خروج‭ ‬لبلادنا‭ ‬من‭ ‬أزمتها‭ ‬الخانقة‭.‬

يقينا‭ ‬بخطورة‭ ‬المغامرات‭ ‬والتغيير‭ ‬غير‭ ‬الدستوري‭ ‬لنظام‭ ‬الحكم‭ ‬وما‭ ‬يؤدي‭ ‬اليه‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬وتنازع‭ ‬شرعيات‭ ‬ومخاطر‭ ‬العنف،‭ ‬وحرصا‭ ‬على‭ ‬تجذير‭ ‬ثقافة‭ ‬الشرعية‭ ‬الدستورية‭ ‬والتداول‭ ‬السياسي‭ ‬السلمي‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الدستور‭ ‬وعبر‭ ‬الانتخابات‭ ‬الدورية‭ ‬الحرة‭ ‬الشفافة‭ ‬والنزيهة‭ ‬والخاضعة‭ ‬لإشراف‭ ‬الهيئات‭ ‬المختصة‭ ‬المستقلة‭ ‬ولرقابة‭ ‬سلطة‭ ‬القضاء‭ ‬والاعلام‭ ‬الحر‭ ‬والرأي‭ ‬العام‭.‬

تطلعا‭ ‬إلى‭ ‬القطع‭ ‬مع‭ ‬الاستبداد‭ ‬والتخلف‭ ‬والدفع‭ ‬ببلادنا‭ ‬نحو‭ ‬الحداثة‭ ‬السياسية‭ ‬والريادة‭ ‬والاشعاع‭ ‬الحضاري،‭ ‬وتصميما‭ ‬على‭ ‬توطيد‭ ‬آليات‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬ومأسسة‭ ‬الشفافية‭ ‬والمساءلة‭ ‬والمحاسبة‭ ‬والديمقراطية‭ ‬التشاركية‭.‬

فإننا‭ ‬نؤكّد‭ ‬على‭ ‬القيم‭ ‬والتوجهات‭ ‬المشتركة‭ :‬

الدولة‭ ‬–‭ ‬الوطن‭ ‬أو‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬المنظمة‭ ‬وفق‭ ‬مبدأ‭ ‬اللامركزية‭ ‬والجماعات‭ ‬العمومية‭ ‬المحلية‭ ‬الترابية‭.‬

مدنية‭ ‬الدولة،‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬في‭ ‬كونيّتها‭ ‬وترابطها‭ ‬في‭ ‬أجيالها‭ ‬الثلاثة،‭ ‬والحريات‭ ‬الفردية‭ ‬والعامة‭ ‬بلا‭ ‬تمييز‭.‬

دولة‭ ‬القانون‭ ‬والرقابة‭ ‬الدستورية‭ ‬على‭ ‬القوانين‭ ‬والمساواة‭ ‬والمواطنة‭ ‬غير‭ ‬القابلة‭ ‬للتجزئة،‭ ‬والفصل‭ ‬بين‭ ‬السلطات‭.‬

الديمقراطية‭ ‬التشاورية‭ ‬عبر‭ ‬التمثيلية‭ ‬والتشاركية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الأحزاب‭ ‬والتعددية‭ ‬والانتخابات‭ ‬والتي‭ ‬تحترم‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭.‬

الدولة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬العدالة،‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬بيئة‭ ‬نظيفة‭ ‬وصحية‭ ‬ومكافحة‭ ‬الهشاشة‭ ‬والفقر،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬فقر‭ ‬النساء‭.‬

مقدمات‭ ‬خارطة‭ ‬الطريق‭ ‬السياسية‭ :‬

تنطلق‭ ‬المبادرة‭ ‬من‭ ‬معاينة‭ ‬أن‭ ‬المشروع‭ ‬الأحادي‭ ‬الذي‭ ‬أطلقه‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬فشل‭ ‬وانتهى‭ ‬وهو‭ ‬ذاهب‭ ‬حتما‭ ‬إلى‭ ‬زوال،‭ ‬حيث‭ ‬يكفي‭ ‬استحضار‭ ‬فشل‭ ‬محطّاته‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬من‭ ‬استشارة‭ ‬الكترونية‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها‭ ‬500‭ ‬ألف‭ ‬مشارك،‭ ‬استفتاء‭ ‬قاطعه‭ ‬70‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الناخبين،‭ ‬وأخيرا‭ ‬انتخابات‭ ‬تشريعية‭ ‬لم‭ ‬تتجاوز‭ ‬نسبة‭ ‬المشاركة‭ ‬فيها‭ ‬11‭,‬26‭ ‬بالمائة‭ ‬كأضعف‭ ‬نسبة‭ ‬مشاركة‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

كان‭ ‬يفترض‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬استخلاص‭ ‬عواقب‭ ‬هذا‭ ‬العزوف‭ ‬الكبير‭ ‬والمقاطعة‭ ‬الواسعة‭ ‬لمشروعه،‭ ‬وان‭ ‬يعتذر‭ ‬ويستقيل،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تمادى‭ ‬–‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬دأبه‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬تسلّم‭ ‬السلطة‭ ‬–‭ ‬متفردا‭ ‬بالرأي،‭ ‬متجاهلا‭ ‬المجتمع،‭ ‬ومستهدفا‭ ‬كلّ‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الحديثة،‭ ‬معتمدا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬المؤسسية‭ ‬مواصلة‭ ‬التمسك‭ ‬بالسلطة‭ ‬وفق‭ ‬الصلاحيات‭ ‬المطلقة‭ ‬لحالة‭ ‬الاستثناء‭ ‬وفق‭ ‬الأمر‭ ‬117،‭ ‬والتي‭ ‬زادها‭ ‬تكريسا‭ ‬بالدستور‭ ‬الذي‭ ‬صاغه‭ ‬بنفسه‭ ‬ولنفسه،‭ ‬بحيث‭ ‬يمضي‭ ‬مشروعه‭ ‬إلى‭ ‬مأزق‭ ‬وترهن‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬أزمة‭ ‬خانقة‭.‬

أمام‭ ‬رفض‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الحوار‭ ‬أو‭ ‬العمل‭ ‬التشاركي،‭ ‬وتركيزه‭ ‬لنظام‭ ‬حكم‭ ‬جديد‭ ‬يكرّس‭ ‬ويؤسس‭ ‬لسلطة‭ ‬استبدادية‭ ‬ويخنق‭ ‬أصوات‭ ‬المعارضة‭ ‬ويركّع‭ ‬القضاء‭ ‬وهياكل‭ ‬الدولة‭ ‬لخدمة‭ ‬مشاريعه‭ ‬الطّوباوية‭ ‬ورؤاه‭ ‬الفوضوية،‭ ‬فإنه‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الواقعيّ‭ ‬تصوّر‭ ‬انخراطه‭ ‬أو‭ ‬إشراكه‭ ‬في‭ ‬أيّ‭ ‬مبادرة‭ ‬للإنقاذ‭ ‬والإصلاح‭. ‬لذا،‭ ‬فإن‭ ‬مشروع‭ ‬استعادة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الذي‭ ‬ندعو‭ ‬إليه‭ ‬ونعمل‭ ‬على‭ ‬إنفاذه‭ ‬يقتضي‭ ‬مغادرة‭ ‬منظومة‭ ‬الحكم‭ ‬الحالية‭ ‬السلطة‭ ‬بكل‭ ‬الطرق‭ ‬المدنية‭ ‬والسياسية‭ ‬السلمية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وفق‭ ‬مشروع‭ ‬بديل‭ ‬شامل‭ ‬وجاد‭ ‬ومسؤول‭ ‬يبني‭ ‬معالمه‭ ‬ومنهجه‭ ‬وأجندته‭ ‬وتفاصيله‭ ‬حوار‭ ‬وطني‭ ‬جامع‭ ‬وإدماجي‭ ‬لإنقاذ‭ ‬تونس‭.‬‮ ‬

إننا‭ ‬نقدّر‭ ‬بأنّ‭ ‬نظام‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬بات‭ ‬هو‭ ‬المشكل‭ ‬الأعظم‭ ‬والخطر‭ ‬الجاثم‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الحلّ‭.‬

يكمن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬أرضية‭ ‬تمكّن‭ ‬من‭ ‬الاستعداد‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الشرعية‭ ‬الدستورية‭ ‬وإلى‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬والمؤسسات‭ ‬دون‭ ‬استمرار‭ ‬وضعية‭/‬منظومة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬باعتبار‭ ‬إدراك‭ ‬نقائصها‭ ‬،‭ ‬وأعطابها،‭ ‬ومأزقها،‭ ‬وحدودها‭. ‬كما‭ ‬ترنو‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬إلى‭ ‬تحصين‭ ‬المستقبل‭ ‬وضمان‭ ‬ألا‭ ‬تتكرّر‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬مرّة‭ ‬أخرى‭.‬

لذلك،‭ ‬تحتاج‭ ‬بلادنا‭ ‬الى‭ ‬استقرار‭ ‬شامل،‭ ‬سياسي‭ ‬ومؤسساتي‭ ‬وأمني‭ ‬يمكّنها‭ ‬من‭ ‬إنجاز‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمالية‭ ‬المتوجّبة‭. ‬وللوصول‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬فإننا‭ ‬بحاجة‭ ‬ملحّة‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬انتقالية‭ ‬توافقيّة‭ ‬تدعم‭ ‬هذا‭ ‬الاستقرار‭ ‬المنشود‭ ‬وتثبّته‭.‬

تقوم‭ ‬المبادرة‭ ‬إذن‭ ‬على‭ ‬خيار‭ ‬رحيل‭ ‬منظومة‭ ‬الحكم‭ ‬الشعبوية‭ ‬عن‭ ‬السلطة‭ ‬وبناء‭ ‬منظومة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬بديلة‭ ‬يتوجّب‭ ‬على‭ ‬القائمين‭ ‬عليها‭ ‬عدم‭ ‬الترشّح‭ ‬للاستحقاقات‭ ‬الانتخابية‭ ‬المقبلة‭.‬

يكون‭ ‬من‭ ‬مخرجات‭ ‬الحوار‭ ‬الوطني‭ ‬تكليف‭ ‬رئيس‭ ‬حكومة‭ ‬إنقاذ‭ ‬اقتصادي‭ ‬يتولّى‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬كفاءات‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المتحزّبين،‭ ‬تحظى‭ ‬بأوسع‭ ‬دعم‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬أغلب‭ ‬الأطياف‭ ‬الوطنية،‭ ‬تقوم‭ ‬وفق‭ ‬برنامج‭ ‬إصلاحي‭ ‬شامل‭ ‬كما‭ ‬تتولّى‭ ‬إدارة‭ ‬الانتقال‭ ‬والإعداد‭ ‬للانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬والرئاسية‭ ‬مباشرة‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭.‬

تلحّ‭ ‬المبادرة‭ ‬على‭ ‬استخلاص‭ ‬الدروس‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة،‭ ‬حيث‭ ‬غلب‭ ‬السياسي‭ ‬على‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وفشلت‭ ‬التحولات‭ ‬السياسية،‭ ‬رغم‭ ‬المنجز‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬بالتغيير‭ ‬المنشود‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬التونسيين‭ ‬المعيش‭. ‬لذا،‭ ‬يجب‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬المسارات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاصلاحية،‭ ‬مع‭ ‬إيلاء‭ ‬المسألة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والإصلاحات‭ ‬المستوجبة‭ ‬الأولوية‭ ‬القصوى‭.‬

محاور‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ :‬

يعتبر‭ ‬أصحاب‭ ‬المبادرة‭ ‬والموقعون‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬دستور‭ ‬2014‭ ‬يبقى‭ ‬المرجعية‭ ‬الجامعة‭ ‬للساحة‭ ‬السياسية،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬وقعت‭ ‬صياغته‭ ‬بعد‭ ‬مشاركات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬قوى‭ ‬المجتمع‭ ‬الحيّة،‭ ‬وبتوافق‭ ‬يضمّ‭ ‬أغلب‭ ‬الفاعلين‭ ‬السياسيين،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬إدخال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإصلاحات‭ ‬والتعديلات‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النقاط‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬الممارسة‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مراجعتها‭ ‬وتطويرها‭.‬

ويتفق‭ ‬الموقّعون‭ ‬على‭ ‬كون‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬بمختلف‭ ‬مكوناتها،‭ ‬قد‭ ‬عرفت‭ ‬إنهاكا‭ ‬شديدا‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬مراجعات‭ ‬عميقة‭ ‬وإعادة‭ ‬بناء‭ ‬شاملة‭.‬

إن‭ ‬الوضعية‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التي‭ ‬بلغتها‭ ‬البلاد‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بالعودة‭ ‬الى‭ ‬السجالات‭ ‬والاستقطابات‭ ‬السياسية‭ ‬العقيمة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬البلاد‭ ‬ستحتاج‭ ‬الى‭ ‬فترة‭ ‬انتقالية،‭ ‬تتظافر‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬انقاذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬وإعادة‭ ‬تشغيل‭ ‬المحركات‭ ‬التنموية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إتمام‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الهيكلية‭ ‬والدستورية‭ ‬والمؤسساتية‭.‬

ستنكبّ‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬على‭ ‬أربعة‭ ‬محاور‭ ‬أساسية‭ :‬

الإصلاح‭ ‬الاقتصادي‭ : ‬يحتاج‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬الى‭ ‬برنامج‭ ‬اصلاح‭ ‬شامل‭ ‬وعميق‭ ‬يحظى‭ ‬بدعم‭ ‬واسع‭ ‬وبالاستقرار‭ ‬اللازم‭.‬

الإصلاح‭ ‬المؤسساتي‭ : ‬اصلاح‭ ‬المؤسسة‭ ‬القضائية‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬استقلاليتها‭ ‬ونجاعتها‭ ‬والمؤسسة‭ ‬الأمنية‭ ‬بما‭ ‬يدعم‭ ‬مهنيتها‭ ‬وحياديتها،‭ ‬واستكمال‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدستورية‭.‬

الإصلاح‭ ‬الدستوري‭ : ‬اقتراح‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التنقيحات‭ ‬على‭ ‬دستور‭ ‬2014‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الدروس‭ ‬والتجارب‭ ‬المستقاة‭ ‬من‭ ‬الممارسة‭ ‬الدستورية‭ ‬بين‭ ‬سنتي‭ ‬2014‭ ‬و2021‭ ‬وتعرض‭ ‬تلك‭ ‬التعديلات‭ ‬على‭ ‬الاستفتاء‭ ‬الشعبي‭ ‬بعد‭ ‬نقاش‭ ‬وطني‭ ‬مستفيض‭.‬

المسألة‭ ‬السياسية‭ : ‬ضرورة‭ ‬أخلقة‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬عبر‭ ‬سنّ‭ ‬منظومة‭ ‬قانونية‭ ‬ضابطة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬تعديل‭ ‬القانون‭ ‬الانتخابي‭ ‬ومراجعة‭ ‬قانون‭ ‬الهيئة‭ ‬المستقلة‭ ‬للانتخابات‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬ترشيد‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬واستقراره‭ ‬وتنقيته‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التنوع‭ ‬السياسي‭ ‬والفكري‭.‬

تونس،‭ ‬جانفي‭ ‬2023

غازي‭ ‬الشواشي- خيام‭ ‬التركي -عصام‭ ‬الشابي
جوهر‭ ‬بن‭ ‬مبارك- شيماء‭ ‬عيسى ‭  –  ‬رضا‭ ‬بلحاج الأزهر‭ ‬العكرمي

*نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ 11 افريل 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING