الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: نشرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا)إسكوا) نهاية الشهر الفارط التقرير العربي الثاني حول الفقر المتعدد الأبعاد وذلك بناء على اربعة ابعاد هي الصحة والتغذية والتعليم والسكن والحصول على الخدمات والأصول أي الممتلكات. وقدّم التقرير تحليلا مستفيضا لنطاق الفقر المتعدد الأبعاد في البلدان العربية متناولا بالدرس خصائصه وتطوّره عبر الزمن إضافة الى كشف الاتجاهات التي سادت في العقد الماضي على هذا الصعيد وتداعيات الأزمات المتعددة التي عرفتها المنطقة والتي اثرت على مستويات الفقر فيها.
واتسم التقرير باستناده إلى نسخة منقحة من إطار الدليل العربي للفقر المتعدد الأبعاد طبقها في ستة بلدان متوسطة الدخل (تونس والأردن والجزائر والعراق ومصر والمغرب) وفي دولة فلسطين لرصد المستويات المعتدلة لفقر الأسر.
وبالرجوع الى المعطيات الواردة في التقرير فقدتوقفت جهود تونس في الحد من الفقر المتعدّد الأبعاد على مدى العقد الماضيرغم ملاحظةتحسن في تغذية الأطفال قابلها تدهور في فرص التزويد بالمياه.
وحسب تقرير الاسكوا فإنه رغم انخفاض الفقر الشديد بغالبية الدول العربية لا يزال التعرض للفقر متعدد الأبعاد كبيرا، حيث يتجاوز 20 في المائة بجميع الدول، ولكنه يقترب أو يتجاوز 30 بالمائة في تونس والجزائر. كما ابرزت بيانات التقرير الاممي أنّ نسبة السكان المعرّضين للفقر في تونس استقرت بين سنتي 2011 و2018 في حدود 33 في المائة وأن نسبة الفقر متعدد الأبعاد انخفضت من 21.82 في المائة سنة 2011 إلى 14.91 في المائة سنة 2018.
ولفت التقرير، في جانب اخر، الانتباه إلى أنّ نسبة الأطفال الفقراء الذين يعانون من صعوبات في التغذية بلغت في تونس سنة 2018 نحو 22.5 بالمائة للشريحة العمرية من 0 إلى 4 سنوات وأن نسبة الأطفال الذين يواجهون صعوبات في النفاذ إلى التعليم تناهز 15.1 بالمائة للشريحة العمرية من 5 إلى 17 سنة. ويرتبط النفاذ للتعليم وفقا للإسكوا عموماً بعلاقة عكسية مع الفقر متعدِّد الأبعاد إذ كلما ارتفع مستوى التعليم، قل احتمال الفقر المتعدِّد الأبعاد وقد لوحظت آثار حادة لذلك في تونس.
وخلص التقرير إلى أنه في حين أن عدد الفقراء آخذ في الانخفاض بشكل عام، فإن عددا كبيرا من سكان الدول العربية المتوسطة الدخل مازالوا معرّضين لخطر الوقوع في براثن الفقر وهو ما يفرض بذل المزيد من الجهود لانتشالهم من هذه الآفة. كما جرت الإشارة الى انه من المؤكد أيضاً أن تكون جائحة كوفيد-19 قد تسببت في ارتفاع معدلات الفقر والتعرض للفقر غير ان المسوحات المستخدمة في التقرير لا تأخذ بعين الاعتبار هذا الأثر لأنها نفّذت في ما بين 2017 و2019.
ويختلف انتشار الفقر باختلاف المناطق والفئات الاجتماعية والاقتصادية حيث لا تزال المناطق الريفية أقل حظوة، باعتبار تعاني من مستويات حرمان أعلى. فعلى سبيل المثال فان نسبة تعرض سكان الريف في تونس للفقر متعدد الأبعاد تفوق أكثر من ثلاثة أضعاف نسب تعرض سكان المناطق الحضرية وذلك حسب معطيات التقرير.
ويشكّل الانقطاع عن التعليم في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء العامل الرئيسي في الوقوع في الفقر رغم أن مساهمات بعدي السكن والحصول على الخدمات في الفقر تميل إلى أن تكون أعلى في المناطق الريفية.
وخلص التقرير إلى أنّ اعتماد الدول العربية متوسطة الدخل إلى حدّ كبير على الصادرات وتحويلات العاملين في الخارج والسياحة شهد مصائر متباينة خلال جائحة كوفيد – 19 والأزمات المتداخلة الأخرى، إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 بنسبة 8.6 بالمائة بتونس على سبيل المثال بسبب انعدام الاستقرار الاقتصادي والسياسي السائد في البلاد. ورغم العبء الناجم عن تضخم نسبة الدين مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، فإنه من المتوقع وفقا لتقرير الاسكوا أن يستعيد النمو زخمه في تونس خلال سنة 2023 ثم .2024
*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 6 جوان 2023