الشارع المغاربي – تقرير: المصحّات وكورونا أو سوق الموت

تقرير: المصحّات وكورونا أو سوق الموت

قسم الأخبار

30 أبريل، 2021

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: يوجد في البلاد التونسيّة أكثر من 100 مصحّة خاصّة، توفّر ما يزيد عن 6600 سرير اي بزيادة قدرها 20 بالمائة من الأسرّة عما يوجد بالقطاع العمومي. وتسدي هذه المصحات خدمات لـ 80 بالمائة من الأجانب. وتتمركز في ثلاث ولايات كبرى هي تونس العاصمة وصفاقس وسوسة نصفها في تونس العاصمة ولا يتردد عليهاسوى 20 بالمائة من التونسيين. ويرجع سبب “عزوف” التونسيين عن المصحّات الى تسعيرتها التي لا تقدر عليها إلّا الفئات الميسورة بشكل عام والثريّة فقط.

وقدّر رقم معاملات قطاع المصحّات وهو قطاع “مربح” للغاية وفق العديد من الاخصائيين بـ 870 مليون دينار سنة 2019، بينما تناهز المداخيل المباشرة أو غير المباشرة من صادرات الخدمات الصحيّة أكثر من 2.5 مليار دينار.

غير ان ازمة كوفيد-19 التي عرت انهيار القطاع الصحي على غرار سقوط جل القطاعات الحيوية نتيجة دخول البلاد في حالة تعثر مالي شامل اذ لا تتجاوز ميزانية وزارة الصحة 5.5 بالمائة من جملة نفقات الدولة في مخالفة صادمة للمعايير الدولية، كشفت كذلك وضع القطاع الخاص وحجم تجاوزاته.

وفي هذا الإطار، تحدث يوم أمس الخميس 29 أفريل 2021 رئيس لجنة الصحة في البرلمان عياشي زمال عن تقرير محكمة المحاسبات الذي كشف عن معطيات خطيرة جدا ومفزعة في المصحات حيث قدّم بعض هذه المعطيات على غرار أن 50 مصحة في تونس تعمل دون ترخيص. كما جاء في التقرير وفق عياشي زمال، أن خريطة المصحات تقتصر على الشريط الساحلي ولكن الأخطر من ذلك هو ما أبرزه رئيس اللجنة بخصوص كشف التقرير أن النفايات الطبية تُقدر بعشرات الاف من الاطنان نسبة هامة منها مصنفة نفايات خطيرة. وأشار إلى أن 80 بالمائة من النفايات الطبية المتأتية من مراكز نقل وتصفية الدم تعتبر خطيرة وان معالجتها لا تخضع للمعايير مبينا أن 53 بالمائة من هذه المراكز غير متعاقدة مع مراكز لنقل ومعالجة النفايات وانها تلقي بنفاياتها في حاويات الفضلات العمومية. كما تحدث التقرير حسب عياشي زمال عن عدم وجود رقابة على المعدات الطبية الثقيلة والمشعة بما يمكن ان يسبب الموت بامراض خبيثة كالسرطان وغيرها.

وأدى الكشف بداية جويلية من سنة 2016 عن تعمّد مصحات اعتماد لوالب منتهية الصلاحية في عمليات القسطرة لعدد من مرضى القلب إلى تركز الاهتمام العام على الفساد في القطاع علما أن المعهد الوطني للإحصاء بتونس كان قد أعلن في مطلع ذات السنة عن دراسة أكد فيها أن القطاع الصحي عموما هو أكثر القطاعات التي ينخرها الفساد.

وأبرز تقرير محكمة المحاسبات وجود العديد من الاخلالات الجسيمة التي تتعلق بمحدودية الرقابة عند إحداث المصحات وعند تركيز التجهيزات الثقيلة والمشعة بها، وبضعف الرقابة على حفظ الصحة ومقاومة التعفنات الاستشفائية وعلى الأدوية والمستلزمات الطبية بالمصحات.


وبينت المحكمة أن المصحات الخاصة تجاوزت بكثير المدة القصوى لاستغلال التجهيزات الثقيلة وانه لوحظ أن مدة استغلال 86 بالمائة من تجهيزات العلاج بالأشعة وكافة تجهيزات الطب النووي تجاوزت 10 سنوات وأن عمر 51 بالمائة من قاعات القسطرة القلبية و69 بالمائة من أجهزة المفراس تجاوز 5 سنوات. وفي ما يتعلق بالتجهيزات المشعة ساهم نقص الموارد البشرية المختصة بالمركز الوطني للحماية من الأشعة في عدم إخضاع 54 بالمائة من تراخيص اقتناء تلك التجهيزات للرقابة وهو ما لا يسمح بالتأكد من جودة التجهيزات المشعة ومدى مطابقتها معايير السلامة الإشعاعية.

في جانب آخر، بلغت نسب عدم المطابقة حول التصرف في نفايات الأنشطة الصحية 43 بالمائة بالنسبة للمصحات و50 بالمائة بالنسبة لمراكز تصفية الدم الخاصة. وحسب محكمة المحاسبات، فان رقابة وزارة الصحة على المصحات ومراكز تصفية الدم الخاصة ضعيفة جدا.


فبالرغم من أن 80 بالمائة من النفايات التي تفرزها مراكز تصفية الدم تصنف كنفايات خطيرة فأن 57 بالمائة من تلك المراكز لم تتعاقد مع شركات مرخص لها لنقل النفايات ومعالجتها مما يطرح تساؤلات خطيرة حول سلامة وإحكام التصرف في رفع هذه الفضلات الخطيرة.


وتبلغ كمية نفايات الأنشطة الصحية سنويا ما يعادل 18000 طن منها 8000 طن نفايات خطيرة، و30 بالمائة منها تفرزها المصحات ومراكز تصفية الدم الخاصة بسبب تزايد عدد المصحات (103 مصحات بطاقة استيعاب بـ6676 سريرا).

يذكر ان مجموعة من الجمعيات والمنظمات، كانت قد طالبت نهاية الأسبوع الفارط، مجلس نواب الشعب والحكومة باتخاذ التدابير القانونية الفورية لتسخير كل المصحات والمخابر الحائزة على التراخيص للقيام بتحاليل كوفيد 19، بكامل تراب البلاد لضمان إجبارية تعهدها بالقيام بالتحاليل والتكفل بالرعاية الصحية لكل المرضى حاملي الفيروس بنفس تعريفة قطاع الصحة العمومية.


ودعت الجمعيات والمنظمات المصحات والمخابر الخاصة إلى معاضدة قطاع الصحة العمومية في مواجهة الجائحة وتحمل المسؤولية في انقاذ حياة التونسيات والتونسيين، خاصة أن مرفق الصحة العمومية أصبح غير قادر على احتواء الأعداد المتزايدة للمرضى أو المحتاجين لإجراء التحاليل نتيجة التطورات الخطيرة وغير المسبوقة التي يشهدها الوضع الوبائي في تونس من ارتفاع هام في عدد الإصابات بالفيروس. ولفتت الى أن أسرة الانعاش امتلأت بالمصابين في المستشفيات العمومية، والى ان المواطنات والمواطنين وجدوا أنفسهم فريسة لمنطق السوق ومضاربات القطاع الخاص في مواجهة الجائحة والى ان حقهم في الصحة وفي الحياة اصبح مهددا أكثر من أي وقت مضى، والى ان ذلك دفع حوالي 13377 منهم إلى حدود يوم 18 أفريل 2021 للتوجه للقطاع الخاص أين تمّ إيواؤهم وما هو ما ترتّب عنه تعريفة مشطة تتجاوز أحيانا امكاناتهم.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING