الشارع المغاربي – تقرير: ميزانية 2021 .. الميزانية المستحيلة...

تقرير: ميزانية 2021 .. الميزانية المستحيلة…

قسم الأخبار

9 ديسمبر، 2020

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: يتجه نواب باردو الى المصادقة على قانون المالية وميزانية 2021 رغم تردي مجلسهم على خلفية ما يشهد من فوضى وتعطل لأعماله باستمرار. ويفسر العديد من المتابعين للشأن الاقتصادي الوطني ان النواب على اختلاف انتماءاتهم سيصادقون على الميزانية لخشيتهم من وضعيتين تتمثل الأولى في تعطل المصادقة والمرور بالتالي الى تطبيق أحكام الفصل 66 من الدستور والتي تقضي بوضع الموازنة قبضا وصرفا تحت اشراف رئيس الجمهورية في حين تتعلق الوضعية الثانية بإمكانية قطع الهيئات الدولية تعاملاتها مع تونس سيما في ما يهم القروض وإعلان إفلاس تونس بما يعني سقوط البلاد ومنظومتها السياسية في هوة دون قرار.

وفي هذا الإطار، تمت المصادقة على عجل، خلال جلسة عامة انعقدت مساء يوم أمس الثلاثاء 8 ديسمبر 2020، على 21 فصلا من مشروع قانون المالية لسنة 2021 بعد إدخال تعديلات على البعض منها.

وأبرز نائب رئيس لجنة المالية بالمجلس، عياض اللومي، في ختام الجلسة ان اللجنة أوشكت على استكمال النظر مشروع القانون المالية لسنة 2021 باستثناء الفصل 22 وان لجنة التوافقات تسعى لاستكمال بقية الفصول.

في جانب اخر، يؤكد العديد من الخبراء والمتخصصين في الشأن الاقتصادي الوطني أن المالية العمومية لم تشهد منذ سنة 1962 تاريخ إعداد أول ميزانية للدولة الوطنية الحديثة من قبل إطارات وزارة المالية فضيحة بحجم ما تشهد اليوم في سياق تقديم الحكومة ميزانية عرجاء ومخالفة لأبسط المعايير باعتبار أن عجزها يعادل تقريبا ثلاث اضعاف اعتمادات الاستثمار والتنمية فضلا عما عرف مشروع قانون المالية التي انبثقت عنه من أخذ ورد في إطار تغيير عدد كبير من فصوله الأمر الذي جعل منه ساقطا بالكامل من ناحية فنية بحتة.

ولكن هذه الفضيحة المالية كانت متوقعة من قبل جل المتابعين للشأن الاقتصادي الوطني بحكم تخلي وزير المالية علي الكعلي عن مشروع ميزانية 2021 للحكومة السابقة والذي تمت دراسته في ثلاث مجالس وزارية وإصراره على إعداد مشروع آخر في ظرف وجيز لم يتجاوز بضعة اسابيع لتصل الأمور إلى حد تعريض أحدي أهم أركان وجود الدولة وهي الجباية والإنفاق العام الى مخاطر كبرى في سياق تطبيقها واستمراريتها. وفي ظل هذه الفوضى العارمة، لوحت رئاسة الجمهورية بالمرور الى تطبيق الفصل 66 من الدستور الذي يخول لها تصريف شؤون الانفاق العام لمدة محددة بمقتضى مراسيم رئاسية.

ومن هنا يبين الخبراء انه وحتى في صورة المصادقة على مشروع قانون المالية وميزانية العام القادم فإن سقوطهما مع نهاية الربع الأول من 2021 يعتبر أمرا محتوما لاعتبارات فنية بحتة بحكم غياب فرضيات واقعية عند إعدادهما وعدم مطابقتهما منهجية توازنات المالية العمومية وما يتضمنان من عجز قياسي بما لا يمكن من تسيير المرفق العام في المستوى الادنى من خدماته فضلا عن تعويلهما المكثف على اقتراضات عالية لا يمكن الحصول عليها سيما من الهيئات المالية الدولية الدائنة وتعويلهما المطلق على تمويلات البنك المركزي التي لا يمكن أن تتجاوز 3 مليارات دينار وهو ما لا يكفي لتسديد رواتب الموظفين لأكثر من شهرين.

يذكر أنه وحسب معايير المحاسبة العمومية يشكّل البحث عن التوازن في الميزانيّة، ضمانا للصحّة المالية الجيّدة للهياكل العموميّة وهو ما عجزت الحكومة الحالية عن تحقيقه بالكامل على غرار كافة حكومات منظومة 2011 سيما أن المعايير الدولية وتلك التي يفرضها الاتحاد الأوروبي وهو الشريك المالي الأول لتونس تفرض عدم تجاوز العجز في الميزانية 3% من الناتج الداخلي الخام والعمل على عدم تخطي حجم الدين العمومي 45% من الناتج الداخلي الخام.

غير أن هذه النسب ترتفع على مستوى ميزانية العام القادم ليصل العجز إلى 11% والدين العمومي إلى 92 % من الناتج الداخلي الخام أي أنّ الدين العمومي هو ضعف الحدّ المعياري الأقصى. كما أن قائمه يساوي خمسة أضعاف مدخرات البلاد من العملة في حين تكاد نسبة العجز تكون في حدود أربعة أضعاف المعايير الدولية والأوروبية.

ومن المهم التأكيد على أنّ هذه الأرقام تتعلّق بمشروع الميزانية، وليس بما سيقع تنفيذه فعليّا، إذ أنّه لم يتم الى الآن غلق ميزانيات السنوات الثلاث الأخيرة مما يعني غياب أيّ فكرة عمّا إن كان قد تمّ تنفيذ الميزانيات مثلما تم الترخيص لها أو أنّ تجاوزات حدثت . وهذا الفارق الزمني الكبير بين المصادقة على الميزانية وغلقها ينبغي تداركه للتمكن من المراقبة الفعليّة للمصاريف العموميّة والتثبّت فعليّا في مستوى فارق التوازن مع الايرادات، وهو ما نبّه إليه المشرّع إذ ينصّ القانون الأساسي حول قوانين الماليّة أنّه لا يمكن المصادقة على ميزانية السنة اللاحقة ما لم يتمّ غلق ميزانية السنة السابقة.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING