الشارع المغاربي – تقرير: هل يدعم محمد بن سلمان تونس في محنتها المالية ؟

تقرير: هل يدعم محمد بن سلمان تونس في محنتها المالية ؟

قسم الأخبار

28 أكتوبر، 2021

لشارع المغاربي: غيّرت المملكة العربية السعودية توجهاتها على المستوى الاقتصادي وبشكل خاص في ما يهم التعاون المالي الدولي لعدة أسباب أبرزها إطلاق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للبلاد مؤخرا الاستراتيجية الوطنية للاستثمار 2030، من ناحية ومراجعة تقديرات معدلات نمو الاقتصاد السعودي لعام 2022 وكذلك على المدى المتوسط، الى 7.5% بسبب تحسن الميزان التجاري للبلاد من ناحية اخرى.

في جانب اخر وبالرجوع لدخول المملكة اطرا جديدة لدعم اقتصادات معينة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا فإنها تعمل اليوم على تنويع شراكاتها واستثماراتها بعيدا عن مراكز ثقلها التقليدية في المنطقة للاقتراب تدريجيا من شبه القارة الهندية ووضع موطأ قدم في افريقيا عبر احدى بواباتها الرئيسية وذلك انطلاقا من شمالها على وجه التحديد.

وفي هذا الإطار أعلنت المملكة العربية السعودية يوم أمس الأربعاء عن تقديم 4.2 مليارات دولار كمساعدات لباكستان التي يواجه اقتصادها ضغوطا شديدة في ظل تآكل احتياطاتها المالية وصعوبة توصلها لاتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي. ويأتي الدعم السعودي بعد يومين من زيارة أداها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى الرياض بمناسبة قمة “مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” التي رعاها الأمير بن سلمان. وقالت الحكومة الباكستانية الأربعاء إن السعودية ستودع 3 مليارات دولار في بنكها المركزي للمساعدة في تعزيز احتياطيات النقد الأجنبي المتقلصة في البلاد. وأوضح وزير المالية الباكستاني ان المملكة ستمول أيضا تجارة المشتقات النفطية في بلاده بقيمة 1.2 مليار دولار.

وتعد باكستان حليفا تقليديا للسعودية، لكن العلاقة بينهما توترت منذ أفريل 2015، حينما صوت البرلمان الباكستاني لصالح قرار يقضي بعدم التدخل في اليمن، في إطار تحالف عسكري أطلقته السعودية للتصدي للحوثيين.

نقاط التشابه بين مستجدات التعاون المالي المشار اليها بين المملكة وباكستان مع تطور علاقتها مع تونس متنوعة وعديدة. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة الى ان فتورا واضحا شاب علاقات المملكة بتونس منذ الفترة الأولى لتولي الترويكا الحكم في البلاد لعوامل كثيرة أبرزها محاولات ابراز دول الخليج في موقع الأنظمة الشمولية وكذلك تعويل الحكومات المتعاقبة على التمويل من المؤسسات متعددة الاطراف ومن الاتحاد الأوروبي في ظل اهمال تام للحضور التاريخي لبلدان الخليج العربي في الساحة المالية الوطنية منذ بداية ثمانينات القرن الماضي.

وفي هذا السياق، أعلن البنك المركزي التونسي يوم 16 أكتوبر الجاري عن وجود نقاشات “متقدمة جدا” مع السعودية والإمارات، من أجل الحصول على موارد مالية. وجاء ذلك على لسان المدير العام للتمويل والدفوعات الخارجية في البنك، عبد الكريم لسود، بعد ان غدا مؤكدا ان مواصلة المحادثات التقنية مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قرض جديد بنحو 4 مليارات دولار، أصبحت شبه مستحيلة لكي تفضي الى حل يمكن من ختم ميزانية العام الحالي وتعبئة موارد الاقتراض الخارجي التي حددتها ميزانية 2021 الى موفى السنة بـ 8.8 مليارات دينار أي ما يعادل 3.1 مليارات دولار.

ونفى لسود، التصريحات المتداولة حول عدم قدرة تونس على سداد ديونها الخارجية وبالتالي التوجه لـ”نادي باريس” لإعادة جدولة الديون. كما لم يذكر المسؤول اية تفاصيل حول النقاشات مع السعودية والإمارات، فيما لم يصدر تعليق فوري من البلدين.

في نفس الاتجاه، تم التطرق الى هذا الموضوع بشكل واضح محليا ودوليا لدى توجه نجلاء بودن رئيسة الحكومة الى المملكة العربية السعودية في أول زيارة خارجية لها، اعتبر محللون ان لها دلالات ورسائل بحكم انها قد تخلق واقعاً جديداً في الشرق الأوسط.

ووصلت نجلاء بودن إلى الرياض مساء الأحد الفارط للمشاركة في قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي استضافتها المملكة. وذكر مراقبون ان الزيارة تمثل في الواقع دليلاً على رغبة تونس في العودة للحضن العربي بعد سنوات من حكم حركة النهضة ذات العلاقة “المتوترة” بالسعودية والإمارات، ومصر، والبحرين. كما أبرزوا ان هذه الزيارة تأتي في سياق الرؤية التي يتبناها الرئيس قيس سعيد في السياسة الخارجية والتي تقوم على أولوية التعاون العربي – العربي قبل أي تفاعل آخر، سيما أن أول زيارة للرئيس كانت إلى الجزائر ثم مصر وليبيا، فضلاً عن التفاعل الإيجابي والمستمر مع القيادات الخليجية في السعودية والإمارات في ظل تعكر صفو العلاقات مع الجيران الأوروبيين بسبب التصريحات المسيئة للسيادة الوطنية التونسية، بما يدفع تونس إلى النظر لفضاء دولي آخر.

عموما ومهما كانت توجهات المحللين، فان صرف السعودية وديعة بنحو 3 مليارات دولار او تقديمها مساعدات تمويلية مباشرة لتونس بهذه القيمة يبدو أكثر من ممكن في الظرف الحالي باعتبار عدم أهمية المبلغ على مستوى التوازنات الاقتصادية للمملكة التي تعززت بفضل تحسن رصيدها التجاري في سياق الارتفاع الكبير لإنتاجها النفطي وصادراتها الطاقية فضلا عن مراهنتها على تحقيق مكاسب في احدى بوابات افريقيا الغربية وتعزيز تعاونها الاستراتيجي مع السلط التونسية على الصعيد الإقليمي.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING