الشارع المغاربي: لا جدال ان “التاريخ” هو المؤمّن لأكبر العوامل المكوّنة للمسار الحضاري للمجتمعات البشرية. ومن هذا المنطلق، فإنه لا شك في ان جميع أعضاء هذه الأمة يعتزّون بآلاف السنين من تاريخنا التي انجبت شخصيات فذّة وخارقة للعادة. فمن ينكر فضل حنّبعل وماسنيسا ويوغرطا وابن خلدون وخير الدين وابن الجزار وفاطمة الفهرية وعزيزة عثمانة وطارق ابن زياد والحبيب بورقيبة وخميس ترنان وجلال ابن عبد الله ومحمود المسعدي ومحمد الطالبي وغيرهم كثيرون ممن صنعوا هذه البلاد على مرّ العصور وصقلوا الشخصية التونسية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها …
وإن “الزمن” يعتبر حبل التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل. وعلى هذا الأساس، فإن حاضرنا يصنع مستقبلنا ويكوّن بصورة مطّردة الشخصية التونسية، وهو أيضا البوصلة الموجهة للحركية المجتمعية والدافع لزخمها ولتقدّمها.
وعلى أساس نفس التمشي الفكري يتشرّف واضع هذه الكلمات بصفتنا مجتمعا وطنيا يتطلّع الى مستقبل أفضل بالقيام بمبادرة ترمي الى تكريم الثروة الفكرية الهائلة التي تزخر بها هذه البلاد باعتبار ان الوعي بأهميتها سيساعدنا على النهوض بشعبنا وعلى الانفتاح على مستقبل أفضل لأبنائنا.
فلنعرّف بالشخصيات الفذّة التونسية ولنشحن ذاكرتنا الجماعية بأسماء تلك الأعلام التي عرّفت ببلادنا في مجالات عديدة كالعلوم والطب والجراحة والآداب والفنون الجميلة والعلوم الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها. فمن المؤسف ان تكون معظم الكفاءات التونسية محلّ اجلال واحتفاء خارج البلاد أكثر مما هي عليه بداخلها…
ولبلوغ هذا الهدف المتميز، لمَ لا نقتفي أثر ابن النديم وابن خلكان وابن أبي أصيبعة مثلا وأن نضع أسس “فهرس” يكرّم الذين كرّموا هذا البلد ورفعوا في شأنه بين الدول…
إن أملنا هو ان تحظى هذه المبادرة بالموافقة والمساندة والاقبال.
وعملا بهذا الاقتراح وعملا على إنجازه في أقرب الآجال وفي أحسن الظروف، فإننا سنقوم مع بعض الزملاء الأفاضل بتقديم مشروع نظام أساسي يرسم مبادئ هذه الفكرة في إطار الاجراءات القانونية المعمول بها في هذا الصدد.
*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 17 اكتوبر 2023